من عبدية الشدادي إلى جوبة بحيبح .. رسائل إذلال حوثية بدعم من شرعية الإخوان
الثلاثاء 12 أكتوبر 2021 - الساعة 09:06 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي
بإبتسامة خفيفة تعكس روح التشفي وقف مراسل قناة "المسيرة" التابعة لجماعة الحوثي متوسطاً عدداً من عناصر الحوثي يلتقط لنفسه صورة " من أمام منزل القيادي مفرح بحيبح في الجوبة" ، ويسارع بنشرها على حسابه الخاص في مواقع التواصل الإجتماعي.
لم تكن هذه الصورة مجرد اثبات على التقدمات التي حققتها مليشيات الحوثي خلال الساعات الماضية في مديرية الجوبة جنوبي مأرب ، بقدر مامثلت رسالة هامة حرصت جماعة الحوثي على ارسالها ،لتخدم مسيرتها نحو مدينة مأرب ونحو حلم عودتها إلى كل المناطق التي طردت منها منذ عام 2015م.
فالصورة تكسر القاعدة التي دأبت عليها الجماعة بعدم توثيق تقدماتها الأخيرة في الأرض ، منذ سقوط جبهات البيضاء كاملة بيدها مروراً بإسقاط مديريات بيحان الثلاث في شبوة والعبور منها إلى حريب ثم إلى الجوبة ، وهي مساحات واسعة وذات أهمية استراتيجية وبعضها كان يضم معسكرات ، الا أن الجماعة لم تكن تحرص على نشر ما يوثق سيطرتها.
ما يعكس أهمية مسارعة إعلامها إلى التقاط الصورة من أمام منزل قائد محور بيحان واللواء 26ميكا اللواء مفرح بحيبح ، لرمزية الرجل ودوره المحوري من زاويتين، الأولى كأهم القادة العسكريين في جيش الشرعية والثانية كرمز لمقاومة قبائل مراد ولمأرب ، وربما لليمن بشكل عام كأب قدم 4 من ابناءه شهداء في المعارك ضد الحوثي.
وعسكرياً كان الرجل قائداَ لتحرير كل المناطق التي سقطت مؤخراً بين الحوثي من حريب مأرب إلى مديريات بيحان شبوة وصولاً إلى مديريات ناطع ونعمان بالبيضاء ، خلال عامي 2016م-2017م ، وضلت صامدة إلى أن تم التآمر عليه وانتزاعها منه تدريجياً بعد رفضه المشاركة في قتال المجلس الإنتقالي وانشغاله لاحقاً بالدفاع عن مديريات مأرب الجنوبية، عقب تساقط جبهات الشرعية ابتداءً من جبهة قانية في البيضاء منتصف العام الماضي وصولها إلى حدود جبل مراد.
أي أن الرجل مثل عدواً مشتركاً بين جماعة الحوثي ومافيا الحرب داخل الشرعية وهي جماعة الإخوان والجنرال علي محسن الأحمر ، بسبب عدم انصياعه الكامل لرغباتهم وتشدده في مبدأ أن السلاح لا يمكن أن يوجه الا نحو الحوثي كمعركة مقدسة لليمنيين.
تحول الرجل إلى ما يشبه الإيقونة لدى قطاع عريض من اليمنيين الذين رأوا فيه رمزا لقائد سطر انتصارات عسكرية وهو في العقد الثامن من عمره وقدم أربعة شهداء من ابناءه، وبات نموذج يقارن بينه وبين قيادات الشرعية الرابضة في فنادق الرياض منذ سنوات وعلى رأسهم الجنرال علي محسن الأحمر.
وهنا تعود إلى الاذهان التصريحات النارية التي أدلى بها قائد مقاومة الجوف ومحافظها السابق القيادي الإخواني الحسن أبكر مؤخراً ، واتهم الأحمر صراحة بانه سبب الهزائم وكيف انه يعمل على محاربة أي قائد عسكري يسطع نجمه ويسعى بشكل جاد إلى التحرير والإنتصار.
حديث أبكر اثار فتح ملفات قديمة، وأحيا شكوكاً قديمة حول مقتل عدد من الضباط البارزين في جيش الشرعية في حوادث مختلفة ، وكان أولهم وابرزهم اللواء الركن / عبدالرب الشداد قائد المنطقة العسكرية السادسة الذي قتل في مواجهات مع مليشيات الحوثي في جبهة صرواح أكتوبر عام 2016م ، ورغم ذلك الا ان الشكوك أثيرت حينها حول كيفية تمكن مليشيات الحوثي من رصد تواجده.
كان الأحمر أحد المتهمين والذين دارت حولهم الشكوك بتورطه في تسهيل عملية استهداف الشدادي والتخلص منه رغم أنه يعد من احد رجالاته واحد قياداته العسكرية التي خدمت تحت قيادته قبل عام 2011م ، الا ان الاتهامات حينها رجحت بان بروز نجم الشدادي ودوره المحوري في إعادة تأسيس الجيش في مأرب بعد انطلاق عاصفة الحزم مارس 2015م ، دفعت بالأحمر الى التخلص منه.
الحديث عن الشدادي يقود إلى الحديث عن ما يعانيه حالياً مسقط رأسه وهي مديرية العبدية من حصار مطبق من قبل مليشيات الحوثي منذ اكثر من 20 يوماً ، وسط استماتات على اقتحامها ، وسط خذلان تام من قبل الشرعية التي ترفض تحريك قواتها لإنقاذها أو لمنع سقوط الجوبة بشكل كامل بيد مليشيات الحوثي.
سقوط الجوبة يهدد ايضاً خلق عبدية جديدة بتطويق المقاتلين في جبل مراد وهي الجبهة التي فشلت المليشيات منذ نحو عام على اختراقها والتقدم نحو الجوبة ومنها إلى مدينة مأرب ولجأت إلى الالتفاف عليها من البيضاء وبيحان إلى حريب ، بدون قتال من قبل قوات الشرعية الخاضعة لسيطرة الإخوان.
تواطؤ وخذلان من شرعية الإخوان سهل لجماعة الحوثي تحقيق أهدافها بالإنتقام من قبائل العبدية ومراد بعد أن مثلت لها كابوساً مرعباً سحق احلامها في السيطرة على مأرب منذ عام 2014م ، ورأت أن كسرها اليوم واذلالها سيفتح لها الطريق امام حقول النفط ، كما انه سيرسل رسائل قوية الى أي قبيلة أو منطقة قد تفكر في مقاومة مليشياتها مفاظها "أن الخذلان سيكون مصيرها المحتوم".