قراءة في تقرير فريق الخبراء الأممي بشأن اليمن 2019

الاربعاء 12 فبراير 2020 - الساعة 02:35 صباحاً

 

التقرير الأخير للجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة والذي تضمن ثلاثة محاور رئيسة هي: المحور العسكري، والمحور السياسي، والمحور الاقتصادي والإنساني، جاء على شاكلة التقارير المتوالية للأعوام السابقة والتي تنطلق من التعامل مع الحوثي كطرف سياسي موازٍ للشرعية ويضع الشرعية والتحالف والمجلس الانتقالي كأطراف صراع، وفي هذا المنطلق تضليل وخدمة مجانية للمليشيات، وتعارض مع قرارات الأمم المتحدة التي صدرت سابقاً واعتبرت الحوثيين مليشيا انقلابية.

 

التقرير يصب جام غضبه على التحالف والانتقالي بصورة تبرر للانقلابيين أنهم أحد الأطراف وليسوا أس المشكلة اليمنية.

 

كما أن ضعف الشرعية الذي أشار إليه التقرير أرجع أسبابه لدولة الإمارات والتحالف عموماً.

 

يبدو توصيف المشكلة اليمنية، بهذا الشكل من هيئة أممية بهذا الحجم، مجحفاً، حيث يخلط الأوراق، ويضع مقدمات لحل قادم على أساس الأمر الواقع مهما كان مجحفاً للشعب اليمني الذي يقف في اصطفاف مقابل مليشيات صادرت حقه في الحياة والاستقرار وقوضت الدولة، وعبارة "قوضت" هذه استخدمها التقرير منسوبة للتحالف الذي قوض الشرعية بحسب التقرير!

 

بعيداً عن المعلومات التي وردت في التقرير والتي شملت انتهاكات حقوق الإنسان وتجنيد الأطفال والتهريب والاتجار بالمشتقات النفطية والعنف ضد المرأة وغيرها من انتهاكات الحوثيين والتي ليست بجديد، حيث سبقته بهذه المعلومات كل التقارير الصحفية ورصد المنظمات المحلية، وكأن اللجنة لخصت كل ما نشر خلال عام وأعادت صياغته بصورة أو بأخرى، حتى ما يتعلق بمصادر السلاح الحوثي وطرق التهريب البرية والبحرية التي تقوم بها إيران لصالح المليشيات لم يكن أمرا جديدا أو غائبا عن المتابعات.

 

إن تقريراً بهذه الشاكلة مفترضاً أنه أحد المصادر الهامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن لاتخاذ أي قرارات بشأن اليمن، يضع أسئلة كبيرة، عن آليات عمل اللجنة الأممية التي تعتمد على مصادر محلية منحازة غالبا وليس هذا بجديد، ففي العام الماضي كشفت تقارير صحفية فضيحة جورج خوري مدير مكتب المنسق العام للشؤون الإنسانية في اليمن، ورويدا الحاج مديرة الفريق التنفيذي للجنة الخبراء في اليمن المقربين من حزب الله في إعداد تقارير للجنة الخبراء في العام 2018 وبتنسيق وتعاون مع طاهر بوجلال أحد المقربين من الاستخبارات القطرية، فكيف يمكن الوثوق بهكذا تقارير لاحقة؟!

 

وعلى الرغم من إيراد التقرير لبعض المعلومات الصحيحة، فقد تم خلطها بمجموعة من الآراء والأحكام لخلط الأوراق.

 

يستعرض التقرير جرائم الحوثي أو بعضها ويضع بالمقابل أخطاء التحالف والشرعية والانتقالي ويحولها إلى خطايا وجرائم موازية لما تقوم به مليشيات الحوثي، وهو بذلك يسحب بساط الشرعية ومشروعية التحالف والانتقالي في الدفاع عن الدولة والشعب اليمني، وبلغة الشارع كأنها مضرابة وصدام وكل واحد يصلح سيارته وليس هناك أحد أفضل من أحد.

 

التقرير في مجمله حمال أوجه يجد فيه الجميع نقدا للجميع، ويمكن أن يستخدم جزء منه للهجوم على الآخر، وهو بذلك يفقد الموضوعية والمصداقية للجنة مهمتها الرئيسية مساندة قضية دولة وشعب، وكشف الطرف المغامر والعمل على توصيفه كجماعة إرهابية أو انقلابية على أقل تقدير.

 

ولعل تسمية عبدالملك الحوثي بقائد الثورة في تقرير للجنة في سنوات ماضية دليل إضافي على أن مثل هذه التقارير أصبحت تخدم المليشيا الانقلابية وتزيد من إضعاف أي خيارات للتعامل معها عسكريا أو سياسيا.

 

لم يقترح التقرير الأخير أي عقوبات على إيران أو الحوثيين كأقل تقدير رغم سرده للدور الإيراني، والعبث والفساد الحوثي وحجم الكارثة الإنسانية التي ارجع أسبابها لكل الأطراف.

 

واكتفى التقرير في بعض التوصيات تشمل الجانب الإنساني والاقتصادي بعضها موجه للحوثيين وبعضها للتحالف والشرعية.

 

ولم يأت بجديد ذي قيمة ربما سوى إشارته لتضخم العمل الأمني للحوثيين وتطوير وتكثيف أجهزته، بالإضافة لجهاز الزينبيات واستخدام الحوثي للعمل الأمني بصورة فجة.

 

وخلاصة القول: إن دور الأمم المتحدة على مستوى النصوص الصادرة منها وتقاريرها المختلفة وعلى مستوى فصوص الواقع أصبحت عاملا معيقا لا يخدم القضية العادلة لليمنيين ويسعى للوصول إلى نتائج كارثية في المستقبل، ونسج رؤية للحل تعتبر المليشيا الانقلابية قوة متماسكة وقوية، وهو حرفياً ما ورد في التقرير وتصل في النهاية إلى أن الرضا بهم كقوة سياسية وعسكرية أمر لا مناط منه للشروع في اتفاق نهائي، وهو ما يدعو الجهات المعنية في اليمن والتحالف العربي إلى الإسراع في الرد على التقرير وكشف زيفه وأدواته المحلية التي تقوم بالإعداد، ويكون دور الخبراء هو وضع البصمة والتوقيع والختم ليس إلا..!!

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس