حين يتحول الرئيس إماما!

الاربعاء 15 ابريل 2020 - الساعة 08:07 مساءً

 

كان الخطأ الفاضح في صياغة المبادرة الخليجية (وآليتها التنفيذية) هو انها جعلت الرئيس فوق الدستور ومنحت قراراته حصانة غير قانونية.

قد يتحجج البعض بأن الظرف كان استثنائيًا ومؤقتًا، وهو في نظري تبرير ساذج متكرر في كل المراحل السياسية التي مرت بها اليمن منذ 1962، هكذا استمرت قوة العادة السياسية حتى جعلت الرئيس إماما.

وللتذكير في هذا المقام، فإن الحكومة الدستورية الوحيدة في عهد الرئيس هادي هي الحكومة التي شكلها خالد بحاح وحصل بموجبها على الثقة من مجلس النواب الذي لم يكن له خيار غير الانصياع بحسب المبادرة الخليجية، لكن الرئيس لم يكن يوما حريصا على حماية الدستور والقانون بل على استمرار سلطانه دون اعتراض ولا تحفظ من مستشاريه الموظفين ولا من السياسيين الذين اصبح يمتلك حاضرهم ومستقبلهم بالمال والمنصب او الإفقار والأبعاد.

لقد اثبتت الطبقة السياسية الحالية انها الأكثر انتهازية في تاريخ اليمن فلم نعد نشعر منها حرصها على كرامتها ولا مقاومة خجولة لما يصدر عن الرئيس وحكوماته من عبث بكل مادة في الدستور والقوانين، بل انهم يبررون ويتصدون لكل معترض لأنهم يحققون بصمتهم المذل ضمان مرتباتهم ومواقعهم ووظائف ابنائهم فتحول الرئيس الى إمام مكتمل الأركان لا يجرؤ أحد على انتقاد او تناول تصرفاته وافعاله المخالفة للدستور والقوانين والتقاليد.

ما يزيد الأوضاع رداءة هو غياب الرئيس عن المشهد وعدم ظهوره على الناس في احلك الظروف، وتحول إلى ما يشبه (الإمام الغائب) وانتقلت صلاحياته كاملة الى نجليه ومدير مكتبه وعدد من الموظفين مهتهم الوحيدة هي طباعة قرارات التعيين والطرد والإحالة الى التحقيق ومذكرات التحويلات المالية ولا شئ عدا ذلك.

كيف يمكن تفسير ان يتغيب رئيس دولة وحكوماته عن وطن في حالة حرب منذ خمس سنوات؟ أين موقف الرئيس في ظل خلافات بين وزراء حكومته ونشر غسيلهم القذر في المواقع الإلكترونية؟ كيف يجرؤ ان يتحدث كل هؤلاء عن (استعادة دولة)؟ كيف يقبل اخلاقيا أن يعيش برفاهية مع حكومة مهلهلة بينما المواطن لا يحصل على وجبة طعام؟ كيف لا يتألم على الموظف الذي لا يستلم مرتبه منذ 5 سنوات؟ هل تخلى الرئيس عن الوطن والمواطنين؟


المدافعون عن تصرفات هادي اليوم هم من كانوا اقسي منتقدي صالح بحجة مخالفته للقواعد الدستورية وتدخلات وفساد عدد من أفراد أسرته، رغم انه كان يستعين بعدد من "ترزية" القانون والسياسيين للتغطية على ذلك، اما اليوم فلا احد من السياسيين الموظفين عند هادي ونجليه ومكتبه يفكر للحظة في انتقاد هادي اوانجاله او مدير مكتبه، فقد صاروا يعرفون ان نوبة الغضب عند الرئيس ستكلفهم مرتباتهم ووظيفتهم ووظائف ابنائهم التي حصلوا عليها مقابل الخنوع والصمت والذل، وهي أمور في نظرهم اهم من كرامتهم ومن وطنهم.

والله المستعان.

ملاحظة: لم أتناول اي دور لمجلس النواب لأنه في مقام من النزاهة والحرص على الدستور والقسم واليقظة بما لا يسمح بالحديث عنه.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس