فرسان "التفاهة" في مواجهة "مخبازة" تعز
الاثنين 20 ابريل 2020 - الساعة 09:54 مساءً
سامي نعمان
مقالات للكاتب
تتخذ حملات التشهير برئيس الوزراء معين عبدالملك طابعا خاويا من المعنى والقيمة مشبعا بالبعد المناطقي المقيت لتعكس مستوى الاسفاف الذي تحركه دوافع لا علاقة لها بنقد موظف عام ولا بأداء وظيفته بقدر ما يحركها دوافع نفعية مستغلّة ارتفاع نبرة الابتذال لدى كثير من محركات هاشتاجات الحملات القذرة.
بالنسبة لمن يحتفظ بنزر يسير من الأخلاق والقيم والمعايير المقترنة باحترام الذات والوظيفة فبإمكانك ان تبرز ما لديك من معلومات وبيانات ووثائق وقصص موثوقة للحديث عن فساد او تقصير موظف عام كمعين عبدالملك في مهامه او نهبه للمال العام أو قضايا فساد، دونما حاجة للاسفاف - في سياق الإهانة والتحقير طبعا- بإطلاق وصف "مخبازة" التي هي اشرف الف مرة من شغل الحملات الممولة ببخار البترول الذي يتكاثف من عرق البسطاء.
إنها بوصلة "التفاهة"، إذ تحدد اتجاهات فرسانها، حين تنحرف لتستهدف، بطريقة مبتذلة، موظفا عاما أعزلا من أي عصبيات حزبية او قبلية أو فئوية تحميه وتدافع عنه، على أمل تشويهه وضعضعة سمعته دونما نقد مجد ذي ارتباط بأداء وظيفته.
منذ فترة طويلة؛ تحضر الحملات الممنهجة ضد رئيس الوزراء وتهم الفساد كإنشاء مسف لا يعززه أي حضور لقصة او وثيقة تبرر ذلك الاسفاف على الاقل.
لا يعدو الامر مجرد تعليق عابر على صورة لرئيس وزراء حاول أن يحضر في الأماكن والمطاعم الشعبية مستضيفا صحفيين أجانب في محاولة لتطبيع مظاهر الحياة العامة في أسوأ فترات اليمن انقساما وتشظيا وانفلاتا وتأزما، في حين لم يحضر رئيس حكومة بين الناس في أكثر فترات البلاد استقرارا منذ 1990، بل تتعداها لتصبغ هذه الحملة الممنهجة ببعد مناطقي المنطلق والمستقر..
فالسخرية من "المخبازة" لا يستهدف رئيس الوزراء تبعا لصورة، بقدر ما تبطن لدى عديمي المنطق والحجة، كما الأخلاق؛ سخرية وانتقاصا من محافظة لطالما كافح أبناؤها في مختلف محافظات اليمن وخارجها في المخابز والمطاعم والمدارس والبوفيات والورش والبسطات والصحف والشركات وفي الطب والجامعات ومختلف المهن من البنشر إلى منصب رئيس الوزراء، ولا حرج من أي مهنة على الأطلاق..
وأبناء تعز واليمن عموما، الأسوياء منهم جميعا بالتأكيد، يفخرون بمهن الكادحين التي يعمل بها غالبيتهم أكثر من وظائف الدولة العليا.
يفخرون باليد العاملة التي لا تشكل عبئا على أحد، بالعرق المتقاطر من الجباه السمراء، بالأيادي الخشنة من قسوة العمل، بالسواعد المغبرة بأسباب الرزق، بثياب العمل المهترئة، بالكفاح من أجل لقمة العيش بأقسى وأحر المهن، لأبناء تعز وكل عمال الجمهورية كذلك كما لو كانت تعز..
زادت الحملة ضد معين انتفاشا بعد توقيفه الوزير الذي اشتهر بتصريح الاستمتاع بالاغتصاب والتصريحات الابعد ما تكون عن وظيفته، فيما ينخر الفساد خزائن وزارته، وتعج الصحف ووسائل الاعلام بفضائح فساده من نهب عائدات المنافذ إلى التواطؤ مع سماسرة النفط على حساب مصلحة المواطن إلى العقم عن إخراج اتخاذ إجراءات عن نقل مراكز مؤسسات النقل من تحت سيطرة الميليشيات الحوثية.
مشكلة معين عبدالملك الأساسية، عوضا عن نظافة يده التي لم يجدوا حتى الان سوى لغة "البذاءة" لتشويهها، أنه جاء من خارج التوليفة المعتادة، وأكثر من ذلك؛ أنه صرح ب"لا" في وجه مافيا الفساد التي اصبحت تتخذ من مكتب الرئاسة مترسا فولاذيا لفسادها وتمرير صفقاتها، ممثلة برجل الأعمال الاقطاعي أحمد العيسى، وكتلته الوزارية وتلك البرلمانية التي ينفق حاليا بسخاء لتأليبها على رئيس الحكومة.
وفيما يوغل هؤلاء في ابتذالهم، يحضر معين عبدالملك متخففا من أي عصبية مناطقية أو حزبية أو فئوية..
كعادتهم لا يشكل أبناء تعز اي عصبية ولا يمتلكون أي حساسية إلا ضد بعضهم، وربما يتحرجون من مساندة رئيس الوزراء لأنه من تعز، رغم أن الحملات المضادة اتسمت بطابع مناطقي انطلاقا من ضواحي مركز القرار القائم في البلاد.
هذه دعوة لاصطفاف وطني لأبناء اليمن مع بقايا مصالح المواطن التي تجسدها في هذه المرحلة حكومة معين عبدالملك والتي توشك أن تقع في شراك مافيا فساد قبيحة تتمترس بكرسي السلطة الشرعية ووصلت إلى مستويات خيالية من الجرأة حتى أن بعض التسريبات تتحدث عن صفقات لشراء النفط الإيراني وبيعه لليمنيين ودفع ثمنه لميليشيات الحوثي الارهابية التي تقتل اليمنيين.
ختاما؛ لطالما كان انحيازنا الدائم للمواطن في مواجهة الحكومات المتعاقبة في مختلف المراحل، لكن في زمن كهذا الأغبر غدى فيه تاجر يدير شركاته من مكتب رئاسة الجمهورية، زمن نقاتل فيه لاستعادة الدولة الوطنية واستعادة قيم المواطنة، والحفاظ على مصلحة المواطن؛ وحين تصبح المواجهة بين مافيا الفساد وتجار الحروب، وبين حكومة تمثل جذوة أمل اليمنيين في الدولة فلن نجد غضاضة في الدفاع عنها والانحياز لها انحيازا لخيار الدولة والمواطنة والمصلحة العامة البعيدة عن الفئوية والاقطاعية والنخب النفعية.
سنجرؤ على اتخاذ موقف مغاير؛ ولن تمنعنا تلك الأصوات المتعالية من مواجهة حملاتها وكبحها بخطاب وطني أبعد ما يكون عن مجاراة حملات التفاهة الرخيصة التي يغذيها الفساد المهول الممول ببخار البترول المتطاير شررا يحرق أمل اليمنيين ودولتهم ومستقبلهم.