ما أرخص الإنسان في وطني
الاثنين 22 مايو 2017 - الساعة 03:06 صباحاً
د. عبدالله فارع العزعزي
مقالات للكاتب
إلى الولد العزيز صامد السامعي، الذي رفضت المستشفيات استقباله لمعالجة زوجته من وباء الكوليرا
يحتفل شعبنا اليمني العظيم بحلول الذكرى السابعة والعشرين على مرور إعادة تحقيق الوحدة المباركة في 22مايو 1990م، وهو يعيش واحدة من أسوأ مراحله التاريخية، شتاتا وتشاكسا، واحتراب وعدوان، وفرقة وتشظي في نسيجه الاجتماعي وثقافته وإعلامه، ولم يجد دولة تحتضنه أو تهتم به.
إن البلدان التي تحترم نفسها، وتقدر مواطنيها وأبنائها، تعتبر الإنسان أغلى شيء لديها، فهو هدف التنمية ووسيلتها، وتسخر كل إمكانياتها للاهتمام والعناية به، وهو في بطن أمه جنينا، وأحيانا تذهب إلى ما قبل الزواج والارتباط المقدس، وتستمر العناية بتربيته وتنشئته في جميع المراحل - الطفولة المبكرة، والطفولة، وسن المراهقة - وصولا إلى تخرجه من المؤسسات التي أعدت لإعداده مواطنا صالحا، وانسانا فاعلا في شتى جوانب الحياة، ليتفاعل مع مجتمعه ومع الأخر في غير وطنه بإيجابية عالية وتفاعل مثمر، ويكون محصلة ذلك، أن وطنه هو الاغلى والأسمى.
أما في بلادنا، يعد الأنسان أرخص شيء لدى السلطات الحاكمة. فهو أما ان يذهب إلى الجبهات ليقاتل بغير هدف سوى حماية من يحكمه، فيقتل اليمني – اليمني بغير ثمن، أو يقع في الأسر أو يقتاد إلى السجون والمعتقلات، أو يقتل بنيران الأخوة والأصدقاء بثمن يقبضه البعض. أو يحمل إلى المستشفيات مصابا بالأمراض والأوبئة بما فيها "الكوليرا"، ولا يجد من يستقبله أو يعالجه فيكون مصيره الموت.
وإذا لم يذهب إلى جبهات القتال ولم يحمل إلى المستشفيات، يذهب إلى بعض المحلات التجارية، ليجد نفسه يساوي نصف راتبه ويعود حاملا لسلع غذائية بذلك، فيصبح مقسوما إلى نصفين، نصفه سلع والنصف الأخر في علم الغيب.. اما لدى السلطات الشرعية فهو لا يساوي شيئا (لا سلعا ولا نقدا).
والفئة الرابعة، التي ليس لديها راتب تعيش على قارعة الطريق.. تدعو ربها وتنتظر الفرج.
وتبقى قلة قليلة هي التي تتحكم بمقاليد الأمور هنا وهناك.
نقول لكم غادروا حالة الغي والتيه والغرور والاستكبار، وعودوا إلى رشدكم وانسانيتكم، وغلبوا مصلحة الوطن والشعب اليمني العظيم الذي صبر عليكم وما زال، فهو الباقي والخالد، أما السلطات التي تقتات وتتاجر بقوت شعوبها فستزول.
خذوا العظة والعبرة من مناسبة الوحدة المباركة، وشهر رمضان الكريم، الذي يحمل معه للإنسان الرحمة والمغفرة والعتق من النار، ووفروا للشعب الأمن والأمان والاستقرار لكي يؤدي فريضة الصيام باطمئنان ومودة وتأخ وتراحم وسلام.
علينا جميعا أن نكون دعاة محبة واخاء وسلم وسلام وتسامح ووئام ... ألم يقل رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: الإيمان يمان والحكمة يمانية.
اتقوا الله في الشعب والوطن، والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل.