من اهم: صحة الرئيس؟ ام صحة الوطن؟
الاثنين 11 مايو 2020 - الساعة 05:47 صباحاً
مصطفى النعمان
مقالات للكاتب
بداية انا اتمنى صادقا الا يصيب الرئيس هادي اي مكروه رغم ان الأعمار بيد الله، وادعو له بالصحة مع أسرته في قصره المريح بالرياض، لكن المؤسف حقا ان الحديث الذي يتسرب عمداً عن تدهور صحة الرئيس لم يعد أمراً مهما لليمنيبن ولا يشكل همًا وطنيًا ولا انزعاجا، وهي حالة طبيعية لانهم لا يعرفونه ولا يرونه ولا يسمعونه الا عند قراءة او سماع اسمه مقرونًا بقرارات التعيينات وصرف المساعدات، وهو وضع مستقبل البلاد في كفة ومستقبله وأسرته في الكفة الثانية، وليس هذا مستغرب في الجمهوريات العربية التي تبدأ بياناتها الاولى بالحديث عن مساوئ الانظمة الوراثية، فينتهي الحكم فيها برئيس وأنجال وابناء قريته الأقربين.
ليس سرا في اليمن اليوم ان الحكم الحقيقي ومفاتيحه تم اختزالها في حلقة عائلية ومدير مكتب، اما نائب الرئيس ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب والوزراء فلا يختلفون في أدوارهم عن بقية الموظفين الا من حيث الراتب والتغطية الإعلامية والموكب الرسمي والأجنحة الفاخرة.. وقد يحاجج البعض ان هذا من مخلفات النظام السابق الذي كان الرئيس ونائبه ورئيس مجلس النواب من ضمنها، وهذا صحيح لكنه لا يعني التبرير والدفاع السطحي ولا ان نتغاضى ونصمت ونتجاوز.
الفارق الجوهري بين هادي وصالح هو ان الأخير مع كل أخطائه ومترتبات فساد حكمه كان حاضرا يقضا متابعا وقريبا من الناس، اما الاول فقد جاء صدفة الى سدة الحكم فخذل الناس وخذل نفسه، وغاب عن المشهد السياسي الا في فترات قصيرة نادرة لم يقدم فيها ما يذكره الناس به.
منذ بدايات وصوله المفاجئ للحكم لم يتصرف الرئيس هادي كمن سيترك منصبا قال هو عنه في اجتماع للمؤتمر الشعبي انه اكبر من قدراته وخاصة بعد صالح، لكن الامر سار على غير ما قال وربما تمنى، فاستهوته اضواء الرئاسة وأخرجته من الظل الذي عايشه منذ 1986 وانبهر بأن صار الرؤساء والملوك يستقبلونه ويأخذ الصور التذكارية معهم، ويوقع القرارات ويصدر التوجيهات ويصرف المساعدات، والأهم ان صارت أسرته، بعد عقود من التجاهل، مركز قوة ونفوذ كما فعلت أسرة صالح وابناء قريته.
لم ينتج حكم هادي الا مجموعة من الوثائق النظرية التي كان كثيرون يظنون انها ستشكل أساسا لتغيير إيجابي حقيقي، ولكن هؤلاء لم يفطنوا ان الأصل في الأحداث الكبرى هو وجود قائد مقنع للناس يتواجد معهم وبينهم ليسيرون خلفه، اما النظريات والدساتير فلا قيمة لها في حياة المواطنين بدون وجود سلطة قادرة نزيهة ومؤمنة بقضايا الوطن والمواطن تطبقها وتجاهد لتنفيذ نصوصها الجميلة.
استطاع هادي ان "يعجن" البلاد بكل مؤسساتها وصار موظفوه يسعون لاسترضائه حفاظا على لقمة العيش التي يلقيها لهم ويهددهم بحجبها، وحين يتحول الرئيس الى امين صندوق فمن اليقين ان موظفيه سيتجنبون إغضابه.
منذ احداث حجور وطرد الحكومة من عدن مرات عدة، ثم سقوط الجوف والاقتراب من مأرب، ثم اعلان الادارة الذاتية في عدن، لم يفعل الرئيس شيئا ولم يتحدث الى المواطنين ولم يظهر على الناس.. فكيف سيقتنع المواطنون بأنه موجود ويهتم بهم وينزعج للمآسي والكوارث التي حلت بالبلاد منذ صار رئيسا بسبب سوء ادارته.
كثيرا ما يطرح علي: ما هو الحل؟
وجوابي هو ان يجتمع كل كبار موظفي هادي على كلمة واحدة ليقفوا معترضين على تصرفات دائرته العائلية ومكتبه الذي اغتصب كل أعمال الدولة، وهذا كلام قلته للعديد من كبار الموظفين الذين تسببوا بهذا منذ اليوم الاول لحكم هادي حين قبلوا تصرفاته وقراراته دون نقاش وفعلوا ذلك لانهم كانوا يريدون فقط طي صفحة صالح على استعجال بغير نزاهة ولا حسابات متأنية ولا كفاءة حكم تعينهم.
والمشكلة ان هذا الطريق سيفقدهم مرتباتهم ومصالحهم ومناصبهم وطرد ابنائهم وأقاربهم من الوظائف التي وهبها لهم هادي دون حق، وهو خوف اصابهم بالعجز المهين أمامه فصاروا يخشون غضبه وهو ادرك ذلك فأذلهم.
صحة هادي تهم أسرته والمستفيدين منه ولا تهم المواطن، واذا ما راجع هادي وأسرته احداث التاريخ فلعلهم يدركون ان الوطن اهم منهم وأطول عمرا.
#من صفحة الكاتب على الفيسبوك