الهلاك الكبير.. كورونا يفتك بشباب اليمن أيضا
الاربعاء 20 مايو 2020 - الساعة 02:22 صباحاً
سامي نعمان
مقالات للكاتب
توفي اثنان من اصدقائي بكورونا، لم ادرك إلا وصورهما قيد التداول في المجموعات وصفحات التواصل..
بندر وجمال القتر، من أبناء ريدة بعمران، شقيقان شابان اظن جمال دون الاربعين وبندر ازيد بعام الى عامين
هما تجار جملة للالكترونيات في شعوب، وهو من اكثر أسواق صنعاء ازدحاما خصوصا في رمضان، وقضيت زهاء خمس سنوات في محل مجاور لهما يخص أحد أقاربي خلال دراستي الجامعية..
ما هو مفزع ان كل المؤشرات التي عرفها العالم في أن هذا الفيروس الفتاك يطال كبار السن في العالم او ذوي الامراض المزمنة، يبدو أنه يضرب في اليمن بتوحش بالشباب ويقترب من الأطفال.. لا أحد سيكون بمنأى مضاعفاته الفتاكة في بلد اشتهر غالبية أبنائه في سجلات العالم الصحية بسوء التغذية وكباره، نحن، مخدرون بنفايات العالم من السموم الفتاكة التي تغذي القات، فيما تدخل بلا مواصفات ولا مسؤولية ولا رقابة، وارد دغسان أحمد دغسان من تجار الموت وأمثاله..
كورونا يقتل الشباب في اليمن، هنا لا دراسات ستجرى ولا معامل وستكون حالة استثنائية لن يأخذها العالم في الاعتبار.
ستظل تستجر الوباء والموت لسنوات وستتحول تجارة مربحة للمنظمات الاممية - ووكلائها المحليين- التي لم توفر لليمنيين لقاح بكتيريا الكوليرا، المرض البائد في معظم بلاد العالم منذ عقود، رغم أن اللقاح متوفر، مع بقاء العوامل الاخرى في ظل الحرب..
كورونا سيفتك بأغلب الشعب اليمني طالما نال الشباب وقضى عليهم، ربما خفض معاييره هنا مراعاة لمتوسط أعمال الناس، ربما سيتعامل مع ذوي العقد الثالث باعتبارهم كهول البلاد تبعا لمتوسط الاعمار العربية بما دون الثلاثين كما تشير تقارير واحصاءات سكانية.
ومع غياب اللقاح، والبنية الصحية المتدهورة، وحالة الحرب والتشظي الذي تعيشه البلاد، فلن يكون لليمنيين مهرب من مصيرهم المحتوم خصوصا في ظل الاستهتار والتساهل الذي أدرك أن أحد أهم أسبابه حالة الانكار والتعتيم الذي تمارسه الحوثية بحق هذا الوباء الفتاك الذي جاء ليشاركها مهمتها الأثيرة.. قتل اليمنيين.
على أنه حتى الان، اذا ما استثنينا حظوظ العالم في الخدمات الصحية، فإنه بإمكان اليمنيين ان يرتقوا الى مستوى العالم والدول المتحضرة التي تسبقهم مئات السنين، وتجاوز الهوة السحيقة في القدرات الطبية.
يمكن ذلك فقط في ان يلتزموا حجرا صحيا شاملا وقاسيا وصارما لاسابيع وربما لاشهر حتى يحصر الوباء وتتراجع العدوى إلى أضيق نطاق يمكن التعامل مع الحالات المصابة طبيا دون انهاك البنية الطبية المتهالكة.
لمرة واحدة على الاقل يمكن ان نكون بمصاف العالم في المسؤولية والالتزام، ليس لنكشف لهم أننا متحضرون، بل لنحافظ على أبنائنا ومن نحب قدر الامكان من الهلاك الكبير..
لا توجد لدينا دولة، ونحن بلد متشظي، ولن يلتفت لنا أحد بأكثر من استثمار الاوجاع، لكن الامر ليس مستحيلا ولا معجزا، ووضعنا وطبيعتنا اسهل لتنفيذ اجراءات الحظر والوقاية والتباعد والعمل في حدود آمنة أفضل من تلك الدول التي علقت اعتى اقتصاديات العالم بخسائر بعشرات المليارات يوميا جراء توقف عجلة الاقتصاد والانتاج والحركة حماية للبشرية..
#نحن_نستطيع بقليل من الالتزام والمسؤولية الواجبة إذ هي حفظ للحياة، وليست مزاحا.
رحمكما الله، بندر وجمال، أبناء ريدة الانسانيون التجار الذين لم نكن نعرف أن لهم مذهبا او عصبية..
تعازينا وحفظ الله اقاربكما الذين يواجه بعضهم مصيرا مشابها..
تعازينا لليمن..