ابن دغر والسلام
الثلاثاء 23 يونيو 2020 - الساعة 12:11 صباحاً
صلاح السقلدي
مقالات للكاتب
دعوة الدكتور/ أحمد عبيد بن دغر لوقف الحرب والشروع بتسوية سياسية هي دعوة طيبة وتستحق التوقف عندها، خصوصا وأنها تأتي من شخصية تشغل موقع مستشار رئيس -ولو افتراضيا-، برغم ما شابها من تناقض ومن تغييب للقضية الجنوبية، وشروط مسبقة.
فهذه المرة لم يذكر ابن دغر مرجعيات الحل الثلاث المزعومة، ولم يشر إلى دولة الستة الأقاليم ولا لمخرجات الحوار، واكتفى بالإشارة إلى دولة اتحادية، وهذا تغير ملموس في مواقفه المتصلبة السابقة، مع أننا لا نركن على ثبات مواقفه التي عودنا أن تكون انتهازية ومتغيرة بحسب رياح المصالح الذاتية.
فوقف الحرب والشروع بتسوية سياسية حقيقية سقفها السماء هي ضرورة ومصلحة لكل الأطراف بما فيها الطرف الجنوبي.
قال ابن دغر، (الحرب أنهكت كل الأطراف بما في ذاك التحالف العربي الذي وقف مع الحق ومع الشرعية، وحاول استعادة الدولة، فاستنزفت إمكانياته المادية والمعنوية، ولم يسلم من التآمر.. لم يعد الخيار العسكري لدى كل الأطراف متاحاً.. سيتطلب الأمر قرارات شجاعة وصادقة ورغبة حقيقية في السلام من طرفين رئيسين هما الحوثيون والمجلس الانتقالي، قرارات متحررة من كل قيد).
ابن دغر هنا يقر صراحة بفشل هدف استعادة سلطته في صنعاء وفشل التحالف في مهمته، بل ويتضح حالة القنوط التي تتملكه -ربما للأحداث الأخيرة في سقطرى شأن بارتفاع منسوب اليأس لديه، وهي من حثته على إطلاق دعوة وقف الحرب-، مع أنه قبل يومين كان في قمة الانتشاء ويدعو لاستمرار الحرب ويضرم نيرانيها، بقوله: (العدو يُهزَم في مأرب والجوف والبيضاء، معاركنا هناك هي معارك الصمود والبطولة، هي خط المواجهة الحاسم دفاعاً عن اليمن كل اليمن، كل الدعم للجيش الوطني في مأرب والجوف والمقاومة الوطنية في البيضاء، والضالع وكل الجبهات..)، إلا أنه تهرب في دعوته لوقف الحرب والشروع بالسلام من الإشارة الى تسمية الجهة التي افشلت التحالف، وعمد الى مطالبة الانتقالي والحوثيين بقرارات شجاعة وبرغبة بالسلام.
هو نفسه، أي ابن دغر وسلطته، يفتقران لهذه الشجاعة وللرغبة لسلام حقيقي، وتحاشى كذلك الإشارة إلى أن سلطته لا تمتلك أمرها ولا قرارها وبأنها مسلوبة الإرادة في فنادق الرياض، فضلا عن عدم رغبتها بسلام حقيقي شامل وبإشراك كل القوى الفاعلة بأية مفاوضات وبالذات الطرف الجنوبي لأن مثل هكذا سلام سيعني لها أو بالأحرى للقوى النفعية الماسكة بتلابيبها والتي تثري باضطراد من هذه الحرب وترى في وقفها وقفا لمساربها المالية والمادية وانتزاعا لمناصبها ووجاهتها ومكاسبها.
فهذه السلطة ترى في أي تسوية سياسية نهاية حقيقية لها ولمستقبلها، وبالتالي لم يكن لدعوتها بوقف الحرب والسلام أي معنى إن لم تغير من سلوكها التواق لاستمرار الحرب وإبقاء طفيلياتها النفعية تقتات على أشلاء الضحايا.
فالذي يقدّم نفسه كشرعية مطلقة بالداخل والخارج هو المعني قبل غيره في إثبات رغبته بوقف الحرب وبجديّـه بالتوجه إلى طاولة السلام، كما أنه المطالب بأن يكون قدوة في ذلك وليس كابحا لها أو مدعي سلام زائف.
وعلى كل حال تظل دعوة ابن دغر ولو شكليا دعوة طيبة وومض أمل في عودة الوعي من تغريبته الطويلة في العواصم الدسمة والفنادق الوثيرة.
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك