بلاد الشعارات وطوابير الجياع !
الثلاثاء 30 يونيو 2020 - الساعة 11:49 مساءً
علي عبدالملك الشيباني
مقالات للكاتب
في البلدان المتخلفة تحل الشعارات الجوفاء محل المشاريع الوطنية المفترض بها بناء الاوطان , على النحو الذي يستوعب حاجات الانسان وطموحه الذي لا يتوقف عند حدود , اسوة بالأنظمة الوطنية والديموقراطية ونظام المواطنة ,الذي نشاهد نماذجه في حياة من نريد لهم الموت والفناء بدافع الغيرة وفشل بلوغ ماصلوا له من التقدم والرقي في جميع مجالات الحياة الصناعية والانسانية ولو بحدها الأدنى.
باستثناء فترة حكم الشهيد الحمدي وجنوب ما قبل مايو 90 _ وتحديدا تجربته المدنية وحضور الدولة _ تأتي اليمن في مقدمة طابور هذه البلدان القابعة تحت حوافر الشعارات المبتذلة لحكام قادمون من بيئة ما قبل الدولة وكهوف السلالة والمذهب والعصبوية الطائفية.
مثل الحوثيون صورة فوتوغرافية على هذا الصعيد , من خلال الكم الهائل من الشعارات التي باتت _ والى جانب تلويثها لحواسنا السمعية والبصرية - تلوث البيئة العامة في المدن والقرى والجبال وجوانب الطرق الموصلة بين المدن , مضيفين اليها التوظيف المفرط للدين وبطريقة لم تشهد لها البلاد مثيلا من قبل , بدءا بالمسيرة القرآنية وانتهاء بالقران الناطق والهزاز , ناهيكم عن لونهم السلالي والمذهبي وانتماءهم للحضن الايراني.
كما يعمل الحوثيون جاهدين في ظل هكذا توجه على صنع اسماء وتجذيرها في الوعي العام كقيادات ثورية , اسوة ب " عيسى وفلاح وسقاف ومطير ورازقي وحمدي " الحركة الناصرية , و " عبد القادر وعبود وعنتر وشائع وفتاح " الحركة الاشتراكية., مع انهم لن يتجذروا في اذهاننا اكثر من قتلة ومشعلو حرائق اجتماعية ووطنية.
الاباء , العزة , الكرامة , الشرف , مصطلحات يجري حشرها في شعارات تلوث فضاءات المدن والجبال والارياف واينما تولي وجهك الشاحب , وأزاء هذا الافراط لنا ان نتساءل : ترى اين يكمن عز الانسان اليمني وشرفه , في توفير الحياة المعيشية السليمة وحفظ كرامته ام في هذا الكم من الشحاتين والنوم علي الارصفة !!؟
في توفير المسكن والمأكل والخدمات الصحية والاجتماعية , ام في هذا الجوع والحاجة والامراض والحالات النفسية المنتشرة في مدن وارياف البلاد.
اين يكمن اباء المواطن وعزته وشرفة في ايجاد الامن والاستقرار وتوفير لقمة العيش والعمل والخدمات التعليمة للناس , ام في الحروب الداخلية والخارجية وتهتك البنية الاجتماعية والدينية والوطنية , وهذا العدد من اطفال الشوارع الباحثين عن ما يسد رمق اسرهم بدلا عن تواجدهم على مقاعد الدراسة !!؟
اين تختبي الوطنية وحرية الانسان يا ترى , في القتل اليومي وحصار المدن والمهجرين والاعتقال والاخفاء وجرائم التعذيب للناشطين واصحاب الرأي , ام في احترام خيارات الناس ووجهات نظرهم ونتائج صناديق الاقتراع !!؟ وقبل ذلك كله الحفاظ على اللحمة والبناء الوطني والتعايش الاجتماعي والديني الذي عرف به اليمنيين وبات يتعرض للقصف الممنهج والمدروس خدمة لمشروع اقليمي , سنقاومه ما ظلينا نشعر بخطورته ونعي اهدافه ومآلاته الكارثية.