صراخ الهجري .. مزايدة إخوانية بمحاربة الفساد والفشل بعد صناعته ورعايته
الاحد 24 ابريل 2022 - الساعة 01:44 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي
رغم التفاؤل الذي ساد الأوساط السياسية بانتهاء قبضة الإخوان على القرار داخل مؤسسات الشرعية مع تشكيل مجلس القيادة الرئاسي ، الا أن المؤشرات لا تزال تؤكد بقاء تغلغلهم بشكل كبير في مفاصلها.
أخر هذه المؤشرات ما كشفه تغطية الإعلام الرسمي وتحديداً قناة "اليمن" الفضائية مع جلسة مجلس النواب لمنح الثقة للحكومة يوم الخميس الماضي في العاصمة المؤقتة عدن.
الجلسة التي شهدت مداخلات من معظم أعضاء المجلس وحملت انتقادات قوية لأداء الحكومة وللوضع بشكل عام ورد مطول من رئيس الوزراء عليها ، الا أن قناة اليمن المخول الوحيد بتغطية الجلسة تجاهلت بث كل ذلك ، واكتفت فقط بنشر مداخلة مطولة لنائب واحد فقط.
هذا النائب كان رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الإصلاح (الذراع السياسي لجماعة الإخوان في اليمن) عبدالرزاق الهجري، حيث نشرت قناة اليمن مداخلته خلال الجلسة على قناتها الرسمية على تطبيق "يوتيوب".
فضحت هذه الخطوة بشكل جلي مدى تحكم جماعة الإخوان على الإعلام الرسمي ، حيث لا يزال يدار من قبل عناصرها من العاصمة السعودية الرياض ، الذين حرصوا على اجتزاء مداخلة الهجري من بين كل ما دار في الجلسة بهدف الترويج لها بين نشطاء الجماعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
مداخلة الهجري المطولة ( 14 دقيقة ) ، حاولت من خلالها جماعة الإخوان الترويج السياسي لها بأنها اليوم تقود مواجهة الفساد والعبث الذي تعاني من مؤسسات الشرعية والذي انعكس على تدهور الوضع في المحافظات المحررة.
ما تفوه به الهجري في مداخلته ينطبق عليه توصيف " حقٌ يراد به باطل " ، والباطل هنا هو غسيل لجريمة جماعته (الإخوان) في كونها شريك ان لم تكن الراعي الأول لمشهد الفساد والعبث الذي تعاني منه مؤسسات الدولة والمناطق المحررة خلال الأعوام الماضية.
فالهجري الذي بدأ حديثه الى الحكومة حول ضبط الإيرادات وشكواه من أن المحافظات تحولت الى دول تأخذ الإيرادات بنفسها ، دون ان يحدد بالأسم هذه المحافظات وان على رأسها مأرب التي تخضع لنفوذ جماعته وترفض سلطتها منذ بداية الحرب توريد عائدات النفط والغاز ، في حين تسطوا مليشيات جماعته ايضا على كل موارد تعز.
الهجري فضح هدفه بالحديث عن الإيرادات حيث أشار الى " سيطرت جهات على موارد في محافظات تصل الى 20 مليار بالشهر" ، في إشارة الى تقرير تداوله إعلام الإخوان مؤخراً يزعم سيطرة المجلس الانتقالي على إيرادات في محافظات عدن ولحج والضالع بذات الرقم.
تعالت نبرة الهجري منتقداً فشل حكومات الشرعية في سحب إيرادات من يد الحوثي ومنها إيرادات رسوم عبور الأجواء التي تورد الى صنعاء وقال بأنها تصل الى 45 مليون دولار ، متناسياً الدور الذي لعبه وزير النقل السابق والمقرب من جماعته صالح الجبواني في بقاء الأمر بحسب ما كشفه مسؤول في الهيئة العامة للطيران المدني والإرصاد.
الا ان الهجري لم يتناسى التطرق الى أهم مزايدات الإخوان وهي ملف الجيش وانقطاع رواتبه للمزايدة باسمها وتوجيه الانتقادات الى الحكومة ، متجاهلاً الحديث عن انهيار جبهات الشرعية خلال السنوات الماضية جراء الفساد والعبث رغم الدعم المهول من قبل التحالف بما فيها رواتب الجيش والذي ينتهي مصيره الى جيوب جماعته وجنرالها علي محسن الأحمر خلال الفترة السابقة.
ولعلها مناسبة تذكير رئيس كتلة الإخوان بما كشفت صحيفة يمنية الشهر الماضي عن نهب الأحمر لدعم سعودي مقدم للجيش في مأرب بـمبلغ 600 مليون ريال سعودي ، بالإضافة الى نهب شهري لـ100 مليون ريال سعودي تقدمها السعودية رواتب لجيش الشرعية.
وسبق ذلك نهب الأحمر لمبلغ 30 مليون دولار صرفت بتوجيهات معين عبدالملك لعلاج الجرحى وانقاذهم من الإهانة التي يتحدث عنها اليوم الهجري جراء توقف مستحقات علاجهم.
كان لافتاً حديث الهجري وبشكل جرأة عن عبث التعيينات خلال الفترة الماضية في السلك الدبلوماسي بمئات القرارات وانها تحولت الى ترضيات وتحسين وضع مالي للمعينين فقط ، الا ان الهجري لم يكمل دور الشجاعة والبطولة الزائفة ليكشف عن الجهة التي ينتمي لها او يواليها أغلب هؤلاء المعينون ومن يقف خلف هذه القرارات.
الا أن اكثر ما اثار الاستغراب كان حديث الهجري عن "عدن الباسلة" وعن معاناة أهلها من تردي الوضع والخدمات ، بعد 7 سنوات من الحرب الشعواء التي شنتها جماعته ضد المدينة لفرض سيطرتها عليها ولم تبخل في سبيل ذلك باستخدام كل الأوراق بما فيها ملف الخدمات.
خطاب المزايدة الإخوانية وصل الى محطته الأهم وهي تعز ، ليصرخ الهجري على مسامع الحكومة والبرلمان حول الوضع المتدهور بالمحافظة بأنها "خارج الخدمة" ، صراخٌ لم يكن سوى نصف الحقيقة المرة التي زايد بها ، ونصفها الأخر هو ان جماعته عبر ادواتها ومليشياتها في تعز هي من صنعت وتصنع المأساة هناك منذ 7 سنوات.
يستدل الهجري في صراخه باسم تعز بأنها المحافظات المحررة الوحيدة التي لا توجد بها كهرباء حكومية ولا حصة لها من منحة المشتقات النفطية السعودية ، في حين ان الحقيقة بأن أدوات جماعته في تعز هي من تعيق أي محاولات لعودة الكهرباء الحكومية حفاظاً على ملايين الريالات التي تدرها شركاتهم الخاصة التي تقدم الكهرباء للمواطنين هناك وبالاسعار الخيالية.
محاولة من محاولات لتغطية على الارباك والعبث الذي احدثته جماعته في محافظة تعز ومحارباتها لكل من هم ليس منها وعلى راس هؤلاء المحافظ أمين محمود الذي بذل جهد كبير خلال اقل من عام في استعادة مؤسسات الدولة قبل اخراجهم للمسيرات الممولة وعزل الرجل من منصبه.
لعل أهم واصدق ما قاله الهجري في مداخلته وتستحق ان توجه كرسالة لجماعته :ولكل من رعى الفساد وتربح منه على حساب معاناة الناس "في هذا الوضع السيئ علينا ان نخجل من الله ومن الناس .. اما الذين عادهم واقعين في الفساد والبلاد تنهار تحل عليهم لعنة الله والناس اجمعين".