حاوره /عمار علي أحمد

عند الحديث عن الحرب في اليمن التي تقترب من عامها الثالث لا يمكن أغفال الدور المحور الذي لعبته تعز في هذه الحرب منذ اليوم الأول.

فكما كانت تعز الشرارة الأولى لثورة 11 فبراير ، كان لتعز شرف الطلقة الأولى للمقاومة في هذه الحرب ، وجسد ذلك اللواء 35 مدرع الذي كان التشكيل العسكري الوحيد في الجمهورية الذي اعلن ولاءه للشرعية في الوقت الذي فتحت كل معسكرات الجيش ابوابها للمليشيات.

ليبث هذا الاعلان الروح في جسد المقاومة في اليمن ضد المليشيات ، وتشتعل الخارطة اليمنية نارا ضد الانقلاب.

ومن هذه الرمزية حاولنا في " الرصيف برس " توثيق ذلك ، بحوار مطول مع قائد اللواء 35 مدرع العميد ركن / عدنان الحمادي قائد اللواء 35 مدرع توثق ملحمة المقاومة التي سطرها هذا اللواء .

وايضا نسلط الضوء على الأدوار التي لعبها عدنان الحمادي خلال هذه الحرب منذ اليوم الأول ، من خلال هذا الحوار الذي سينشر على خمس حلقات.

ونود ان ننوه الحوار اجري مع العميد ركن / عدنان الحمادي في وقت سابق ، ولم يتطرق الى مجريات الاحداث في الفترة الأخيرة لكون غرض اللقاء كان توثيقيا للتاريخ.

 

الحلقة الأولى من الحوار :

- خطة الصبيحي لإنقاذ صنعاء قبل 21 سبتمبر ودور اللواء 35 فيها

- قصة حضور الصبيحي للاعلان الدستوري

- معرفة الصبيحي بوجود عاصفة الحزم قبل وقوعها بأيام

- الأيام الأخيرة لوزير الدفاع محمود الصبيحي قبل اعتقاله

- تفاصيل سقوط معسكر لبوزة بلحج خط الدفاع الأول للجنوب بيد المليشيات

- تهديد زكريا الشامي المعين نائب رئيس هيئة الأركان للحمادي

- خروج الحمادي من معسكر لبوزة بعد سقوط بيد المليشيات الى تعز

 

 

- اولا نشكركم عميد عدنان الحمادي قائد اللواء 35 مدرع بتعز على إتاحة لنا هذه الفرصة لإجراء هذه المقابلة معكم والتي حرصنا على أن تكون توثيقية للأحداث التي شهدتها اليمن وتعز خلال العامين الماضين من خلال الأدوار العسكرية التي قمتم بها خلال هذه الفترة.

عميد عدنان نود ان نبدأ بسرد الأحداث منذ بداية الانقلاب العسكري الذي نفذته جماعة الحوثي وصالح ضد الرئيس هادي في فبراير 2015 والذي انتهى باجتياح المحافظات الجنوبية ودخول عدن وانتقال الرئيس هادي الى الرياض.

في هذه الفترة كنتم قائد لمعسكر لبوزة في محافظة لحج والذي سقط بيد جماعة الحوثي وحليفها صالح كباقي المعسكرات في الجمهورية ، هل لنا ان تشرح لنا ما حدث ؟

-  بسم الله الرحمن الرحيم ، في البداية نرحب بكم أجمل ترحيب وسعداء بلقائنا بكم ، وفي البداية يوم 21 فبراير أو ما قبل 21 فبراير كنت قائد لمعسكر لبوزة وقائد الكتيبة 64 دبابات اللواء 35 مدرع  وكانت توجد في معسكر لبوزة كتيبتين دبابات ، و كتيبة مدفعية ، وسرية مشا معززة بهونات وعربات مدرعة واطقم مسلحة برشاشات دشكا و14.5  وبطارية دفاع جوي.

 

- متى تم تعيينكم قائد لمعسكر لبوزة؟

 - انا تعينت في 2012م  قائد الكتيبة 64 دبابات حين كان اللواء 35 مدرع متواجد في محافظة الضالع ، حيث تم التبادل ما بين اللواء 33 مدرع الذي كان مرابط في معسكر لبوزة وتعز ومعسكر خالد والمخاء ، انتقلنا في شهر 12/2012م  الى معسكر لبوزة (الكتيبة 64 دبابات، والكتيبة 61 دبابات ،والمدفعية والدفاع الجوي ) وبقية وحدات اللواء 35 منتشرة في تعز ومعسكر خالد والمخاء ، وبعدها بحوالي 3 أشهر تعينت قائدا لمعسكر لبوزة في بداية عام 2013م.

ومنذ ذلك التاريخ تابعنا الاحداث التي شهدتها اليمن ، تابعنا مؤتمر الحوار الوطني ، وتابعنا النقاشات التي تمت فيه وايضا المخرجات التي خرج بها مؤتمر الحوار ، وفي هذه الفترة استقدمنا دكاترة من جامعة تعز ليحاضروا أفراد المعسكر ومعهم فريق من التوجيه المعنوي للواء  عن مخرجات الحوار وعن الاتفاق الذي توصلت له كل الأطراف السياسية ، وكان الناس مرحبين في هذا الشي ومنتظرين ان يأتي الفرج وان تخرج اليمن بحسب المخرجات بقيام دولة اتحادية وتنفيذ كل ما ورد في مخرجات الحوار وكل الناس اجمعوا عليه.

لكن لاحظنا بعدها مباشرة الحوثي بدأ يتحرك من صعدة إلى دماج إلى عمران حتى الانقلاب في 21 سبتمبر2013م  ودخول صنعاء.

 

- لحظتها كنتم في معسكر لبوزة ، كيف عايشتم اللحظة ، لحظة سقوط صنعاء ؟

- الناس كانوا متذمرين ، بالذات في معسكر لبوزة التابع للواء 35 مدرع ، لأن اللواء 35 مدرع كان من الألوية العسكرية التي أيدت ثورة 11 فبراير واسقطت القيادات التي كانت تتبع المخلوع صالح في اللواء ،واستبدلت بقيادات وطنية.

فكان الناس متذمرين وفي هذا اليوم بالذات كنا جهزنا 500 فرد من افراد اللواء 35 مدرع الذي كان قائده العميد / يوسف الشراجي حيث تم تجميعهم من معسكر خالد ومعسكر المطار في تعز ومن معسكر لبوزة ، وكان ذلك بتوجيه من قائد المنطقة الرابعة حينها اللواء الركن / محمود الصبيحي على ان يتم ارسال هؤلاء الافراد سريعا الى صنعاء لإنقاذ الموقف من الوضع الذي كانت تعيشه العاصمة حيث كنا نشاهد انهيار الوحدات العسكرية وتسليمها للحوثي.

 

- هل كانت هذه مبادرة ذاتية الصبيحي؟

-  كانت بأمر من اللواء محمود الصبيحي وبحسب طلب وزارة الدفاع ، وبعد الانقلاب واسقاط العاصمة صنعاء وتشكيل حكومة بحاح تم اختيار اللواء الركن محمود الصبيحي وزيرا للدفاع.

 

- هذا الطلب هل اعد له في يوم 21 سبتمبر أم قبل ذلك ؟

- لا كان قبل 21 سبتمبر كانت مليشيات الحوثي لا تزال في ظلاع همدان ، اخذت انا المجموعة التي جاءت من معسكر خالد وانا كنت في تعز طلعت اليها على أساس استلام المجموعة وأخذها إلى معسكر لبوزة ،ومن لبوزة مع الافراد المحددين منه تم التحرك إلى قاعدة العند ليتم نقلهم جوا إلى صنعاء على ان تلحق المجموعة المحددة من الافراد من معسكر المطار لإرسالهم كدفعة ثانية الى صنعاء، وبعد وصولنا لقاعدة العند الجوية اتصل لي قائد اللواء ، وقال لي اعد الافراد كلٍ الى معسكره هناك مستجدات جديدة.

 

- هذا قبل يوم 21 سبتمبر ؟

- نعم ..

 

- وهل كان توجيه الشراجي من ذاته ام أنها تعليمات من القيادة ؟

- لا ، وصلت له تعليمات من قائد المنطقة.

 

- وتم ابلاغك بها عن طريقه؟

- نعم لأنه كان هناك عدة ألوية تابعة للمنطقة سترسل مجموعات من أفرادها إلى صنعاء وليس اللواء 35 فقط ، لأننا شاهدنا الوحدات العسكرية حول صنعاء تسلم بكل برود الأسلحة والمعسكرات قبل وصول الحوثيين إلى صنعاء.

لكن الوقت كان غير مناسب ، والأمور قد تسارعت ، بعد ذلك انا رجعت إلى معسكر لبوزة وبقى الناس في حالة من الصدمة وترقب للواقع بعد مشهد سقوط العاصمة ، ما الذي سيحصل ؟ كانت الأمور غامضة ، المليشيات تتقدم ولا يوجد شيء يقف في طريقها ولا أحد في العالم يسألها إلى أين ذاهبة.

بعد ذلك حصل متغيرات في صنعاء ، وتشكلت حكومة بحاح لم يكن الانقلاب قد اكتمل وصدر قرار لبحاح بتشكيل الحكومة ، لكن قبل ذلك قائد المنطقة العسكرية الرابعة الأخ محمود الصبيحي كان في زيارة الى تعز وكان عليه ضغوط بتغير قيادات في تعز لا ادري هل هي من محافظ تعز أم بضغط من الانقلابيين أو من القيادة في صنعاء ، بحيث أنه اذا اردتم ان تبعدوا تعز من دخول المليشيات اليها عليكم تغيير يوسف الشراجي قائد اللواء 35 والشخص الأخر أعتقد انه مدير الأمن السياسي.

فتم استبعاد يوسف الشراجي ، وتعيين العميد منصور معيجر قائد للواء 35 مدرع بدلاً عنه ، وكان الصبيحي يعتبره من الشخصيات الوطنية والعسكرية القوية في تلك الفترة.

انا تحركت من معسكر لبوزة وذهبت الى يوسف الشراجي سألته عن هذا القرار ايش اللي يحصل ؟ الحوثه يحشدوا وقد اسقطوا صنعاء وسلمت لهم المعسكرات ونحن لا نريد ان تسقط تعز بأيديهم.

قال لي هذا أمر صدر وقد ازاحوا جبل من فوق ضهري وأنا أحترم الصبيحي وان شاء الله يكون خير.

كنا في اللواء 35 مدرع الجميع نعرف ان اهم اسلحة وكتائب اللواء تتواجد في معسكر الشهيد لبوزة ،وهي أهم قوة للواء وكنا نتمنى لو كانت هذه القوة في تعز رغم ذلك كنا في معسكر لبوزة نخطط على أساس انه لو تقدمت المليشيات الى تعز نتحرك نحن من لبوزة ببعض المعدات الى منطقة الجند لمنع دخول المليشيات لكن تغيير يوسف الشراجي الغى كل هذه التخطيطات بسبب مجيئ قيادة جديدة لا نعرف توجهها وكان يتظاهر على أنه وطني وانه مع الوطن ومع تعز ولا يمكن ان يسمح بدخول المليشيات لها.

استمرينا فترة والأخ قائد المنطقة العسكرية طلع الى صنعاء معين وزير دفاع وتم تعيين آخر بديلا عنه قائدا للمنطقة العسكرية الرابعة الى فترة الانقلاب الذي حصل وتم محاصرة الرئيس ووضعوه تحت الاقامة الجبرية ورئيس الحكومة كذلك وأغلب الوزراء ومن بينهم وزير الدفاع محمود الصبيحي ، وجاء يوم إعلانهم لما يسمى بالإعلان الدستوري.

 

- يقال بأنه أجبر على ذلك ؟

 - نعم أجبر فيه الصبيحي على الحضور وانا جلست معه عقب خروجه من صنعاء حيث اكد ذلك وظل عندنا في معسكر لبوزة مدة تزيد عن اسبوع حتى يوم دخول الانقلابيين لحج...

 

- هل حكى لكم ما حصل يومها ؟

- نعم حكى لنا ذلك..

 

- ممكن ان نعرف؟

- سنتطرق لها في وقت لاحق ، نريد ان نبقى في سرد الأحداث .

تسارعت الأمور كما قلنا ، وبدأت المليشيات بالتمدد خارج صنعاء نحو المحافظات ، وصلت إلى إب وما بعد إب ، حتى في تعز وجدت قبل أسبوعين من تفجر الأحداث أن الحوثيين قد كان اصبح لديهم مشرف في تعز واصبحوا يديروا الأمور ويتابعوا القضايا فلان هذا يقبض وهذا قتل واحد منهم وبدأوا ينشروا الصور في الجدران والشعارات حقهم في بعض الأماكن، طلعت لتعز من معسكر لبوزة في تلك الفترة ،واعتقد يمكن كان في مجموعة من الشباب مات احد القيادات لديهم اسمه المنصوري فكانت الشعارات تملئ الشوارع في تعز استغلوها استغلال كامل وكذلك كانت مناسبة المولد النبوي.

انا تحركت من لبوزة في طقم وكان مجموعة من الشباب معي وكان في مجموعة من الشباب الناشطين يزيلوا هذه الصور وقمنا بإزالة الكثير من هذه الصور كان في معانا سلم فوق الطقم وعدنا إلى لبوزة ، واتصلي قائد المحور وقائد اللواء معيجر في المساء ويسألونا: الطقم حقك في تعز ..؟!

 

- من كان قائد المحور يومها ؟

- كان يومها العميد ركن / علي مسعد ، قال لي قائد المحور :" الطقم حقك في تعز ويقوم بإزالة الملصقات التي رفعوها الحوثه بمناسبة المولد النبوي ، مافيش داعي لأي احتكاك او اشكاليات " ، قلت له : طقمي في لبوزة لم يتحرك ، قال : "بلغونا كذا "، اتصلي قائد اللواء بعدها وقال لي : " انت في لبوزة وطقمك في لبوزة ؟ ، رديت عليه : أيوة ، قال لي : مالك منهم ، فاخبرته باتصال قائد المحور لي ، فأكد لي بانه قد أبلغ  قائد المحور بأن الطقم ليس تابع لي ، وقال لي : " مالك منهم " ، رغم انه كان طقمي في الحقيقة.

بعدها بدأ الحوثه بالتحرك وصلوا للأمن المركزي في تعز اما عن الطريق البري او كان يتم ايصالهم بالجو من مطار صنعاء الى مطار تعز وتم تجميعهم في معسكر الأمن المركزي في تعز ، وكنا نتابع في لبوزة هذه الأحداث عن كثب هذه الأحداث التي تدور ، فكان لنا موقف بدافع ذاتي ، حيث تواصلت مع معيجر وحصل ان مجموعة اختطفت دينا تتبع أحد التجار وأخذها مع حمولتها في كرش ورحنا بالقوة واستعدنا الدينا ، وقاموا بخطف أحد أفرادنا ونحن قبضنا على شخص من الذين تقطعوا للدينا وكان محبوس عندنا ، على أساس يتم التبادل وبقوا يفاوضونا على هذا الأساس .

بلغت معيجر بانه تم اختطاف احد أفراد المعسكر والان يريدون يقايضونا ونحن رفضنا ، وانا قد جهزت ثلاث دبابات إلى كرش وكنت ارغب في ان تتواجد هذه الدبابات في كرش لتكون خط الدفاع الأول في حالة تقدم المليشيات ....

 

- يعني كانت الحادثة ذريعة لكم للانتشار في كرش ؟

- نعم ، حتى انه اطلق الجندي الذي كان في قبض هذه الجماعة المسلحة في المساء وقد كانت الدبابات وصلت كرش وعززت بدبابة رابعة وخامسة ، وانتشرنا في هذه المنطقة للتأمين ، طبعا معيجر كان له هدف ونحن كان هدفنا الدفاع...

 

- الدفاع عن تعز؟

- لا ، كان الهدف الدفاع عن عدن تأمين خط عدن ومنع الحوثه من دخول لحج ..

 

- في هذه الفترة قد كان الرئيس هادي انتقل إلى عدن ؟

- نعم ، والصبيحي ايضا قد كان وصل إلى عدن ، تحديدا حينما حركنا الدبابات الى كرش وصل الصبيحي في اليوم التالي مباشرة إلى عدن بعد ان نجح في مغادرة صنعاء عن طريق الجوف – مأرب - البيضاء – يافع – بلاده" الصبيحة "، وبدأ اول اتصال بينا .

وبدأت عملية نقل قوات الأمن المركزي وبدأنا نلاحظ في صنعاء انهم يغيروا الأطقم حق الحرس والأطقم التي تتبع النجدة وكل الأطقم بلون أطقم أمن مركزي ويتم الباس العسكريين التابعين للحرس الجمهوري لباس أمن مركزي وايضا الشباب الذي تم تجنيدهم حديثا ، تم الباسهم زي الأمن المركزي وكان معروف بأن الأمن المركزي اصبح بيد الحوثه.

الأخ قائد المحور اتصل بي وقال بأن الدبابات التي في كرش وقوات المعسكر تكون حذرة من ان تقع بيد احد وطلب مننا حماية الأسلحة والمعدات ، وقلي هل ممكن سحبها إلى تعز ؟ اخبرته بأن هذا صعب ويمكن تقطع خط الإمدادات علينا ، وقلت له أنه حتى الغذاء الذي يأتي منكم قطع على المعسكر ، وانا اظن – والله أعلم - انه كان يقصد تقع بيد الحراك والقوات التي ستتصدى للمليشيات ليسهل دخول المليشيات ونحن كان هدفنا منع ذلك ، رغم ان معسكر لبوزة أغلب من فيه مؤيدين للشرعية وكانوا مستعدين للتضحية من اجل منع دخول المليشيات للمناطق الجنوبية.

في هذه الفترة بالضبط بدأت الألوية تتساقط قبل وصول المليشيات الى العند وتنهب باستثناء معسكر لبوزة استمر متماسك بأفراده بضباطه وفي هذه الفترة بدأوا بتحريك قوات الأمن المركزي في تعز باتجاه الدمنة – الراهدة على مراحل، كل يوم يتقدموا في مكان ، حصل طبعا كما تابع الجميع استشهاد مجموعة كبيرة من الشباب الذين واجهوا بصدورهم العارية هذه المليشيات في المدينة ، وفي نفس هذه اللحظة وصل الأخ / محمود الصبيحي وزير الدفاع إلى باب معسكر لبوزة وكنت انا في استقباله ، وقد كان بيننا معرفة سابقة انا تعينت قائد معسكر لبوزة وهو كان يشغل منصبين قائد لمحور العند وقائد اللواء 201 في العند ، وبعدها تعين قائد للمنطقة الرابعة وبقينا على تواصل وكان كل المهام التي يسندها لمعسكر لبوزة تنفذ وكان يشيد بمعسكر لبوزة رغم ان معسكر وليس لواء كامل ، وكان رغم ذلك افضل من الوحدات العسكرية الكاملة.

اخذني الصبيحي على انفراد وقال لي  : شوف كل المعسكرات تتساقط وتتهاوى ما عدى لبوزة ...

 

- هل تتذكر اليوم الذي حصل في هذا اللقاء؟

- اعتقد انه تم قبل ان تدخل المليشيات عدن بأسبوع ، اعتقد تحركوا في 18 مارس ، واعتقد ان اللقاء كان بتاريخ 10 مارس 2015م .

 

- ما الذي دار بالحديث بينكم؟

- قال لي الصبيحي : انا واثق كامل الثقة بأن معسكر لبوزة وطني ومع الشرعية رغم ما يحصل ، قلت له 70 الى 80 % من أفراد معسكر لبوزة مع الشرعية وسيقفون ضد المليشيات واخبرته بأني حركت تحت ذريعة الحادثة حق الدينا 5 دبابات الى كرش وانها ستكون مقدمة حتى لا يستطيع العدو الاختراق والاندفاع بسرعة نحو العند ولحج ، قال لي : ممتاز.

دخلت انا وهو المعسكر وتغدينا في المعسكر وخزنا ، وجلست معه لوحدنا واخبرني بان لديه حوالي 2000 فرد من العسكرين العائدين والمنقطعين من عام 94 م ضباط وأفراد في البيوت...

 

- من الذين تم تسريحه بعد حرب 1994م ؟

- نعم ، أخبرني بأنه سيتم تجميعهم عندي في المعسكر وتسليحهم لتغطية العجز في كتيبة الدبابات وقال : سأعتمد عليك أنت الذي ستقود المعركة ، كان لدينا عجز في قيادات الدبابات الموجودة في المعسكر يعني يوجد دبابات ولا يوجد أطقم (أفراد) لتشغيلها ، لم تكن ايضا القوة البشرية في المعسكر كافية لان كان لدينا سرية موجودة في المخا ، اخذت من المعسكر كما قلت سابقا على أساس يتم تعزيزهم لاحقا بالدبابات ، وهذه كانت خطة القائد محمود الصبيحي حين كان قائد للمنطقة العسكرية الرابعة لكن حين تم تعيينه وزيرا للدفاع الغيت هذه الخطة.

قلنا له على الرحب والسعة انت وزير دفاع وهذا قائد المحور(قائد محور العند) العميد الركن/ مرزوق الصيادي (الذي كان حاضر الاجتماع) ، وقائد اللواء سأبلغه الآن بالنسبة لنا نحن في لبوزة مستعدين لقتال المليشيات ، قال لي : انا واثق فيكم.

تواصلت مع قائد اللواء معيجر واخبرته بوجود الصبيحي وبأنه يشيد فيه ، حيث كان الصبيحي يشيده به ويعتبره وطنيا وكان له معرفة به سابقا في معسكر ذباب وهو من رشحه رئيس أركان اللواء 39 بمعسكر بدر في عدن وثم رشحه قائدا للواء 35 مدرع بتعز وكان يعتبره قائدا وطنيا.

قلت له :" شوف يا فندم محمود نحن واخذين عليك نقطة واحدة اتيت إلى وقت الله الله وقمت بتغيير يوسف الشراجي من قيادة اللواء 35 مدرع بشخص لا ندري عن توجهه " ، قال لي : " أعتقد ... " رديت عليه : لا تعتقد الأيام القادمة ستبين لك من هو منصور معيجر.

 

- يعني كانت لديكم شكوك قوية حول الرجل؟

- نعم ، من خلال تصرفاته ، حين وصلت المليشيات الى المخا بدأ يصرف لهم الغذاء .

بعد ذلك اكدنا للصبيحي على اتفاقنا ، بدأت الذخائر تصل والأسلحة وبدأنا نشكل كتائب من العائدين الذين قال عنهم الصبيحي وصلوا مجموعات 500 شخص وثم وصلوا 1000 حتى اكتمل العدد 2000 خلال يومين.

تم تسليحهم بالكامل حسب أمر وزير الدفاع الصبيحي مع وجود قائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء د/ الطاهري ، و العميد / جواس والعديد من القادة الجنوبيين وتم توزيعهم  لتغطية العجز الذي كان لدينا في قيادة الدبابات ، سلمنا لهم بعض الدبابات وأريناهم كيف يستخدموها وزعناهم حسب تخصصاتهم ، مدفعية ، مشاة ، دفاع جوي ، كذلك الى جانب أفرادنا.

عندما تقدمت المليشيات الانقلابية إلى الراهدة ، كان الصبيحي  شبة مقيم لدينا بالمعسكر 24 ساعة كان يخرج لمهام محددة ويعود الى معسكر لبوزة لأكثر من 8 أيام وبقى أشبه بمقر رسمي له.

حين تقدمت المليشيات الى الراهدة اخبرنا الصبيحي بوجود تحركات للمليشيات من المخا باتجاه خط الساحل وباب المندب وصولوا إلى هناك وتم تسليمهم المعسكر الموجود هناك ...

 

- تقصد معسكر العمري ..

- معسكر العمري والمعسكر الموجود في ذباب والموجود بالقرب من باب المندب ، تم تسليمها من قبل قائد اللواء 17 آنذاك ، وبدأوا يتحركوا بالخط الساحلي باتجاه راس العارة وصولا إلى راس عمران المدخل الغربي لمدينة عدن.

قام الصبيحي بدري وقال: ياحمادي انا سأذهب في مهمة عاجلة وسأعود لك استكملوا الترتيب والاستعداد انشروا وجهزوا ..، قلت له : الحوثه وصلوا الان الى الراهدة، قال أنا عارف.

بعد تحرك الصبيحي من المعسكر تفاجأنا بما يسمى الحراك الجنوبي - ولا اعتقد أنهم الحراك الجنوبي-  بل هم الناس المحسوبين على علي عبدالله صالح وأحمد علي وناس مرتبطين ولهم علاقات بهم من أبناء منطقة المسيمير ومن أبناء منطقة كرش ولهم ارتباطات بالمليشيات الانقلابية هاجموا علينا كل النقاط التي نشرها معسكر لبوزة .

كانت النقطة التي فيها 15 فرد تهاجم بـ 100 فرد ،بدأت البلاغ تصل لنا ، أمرتهم بعدم الاشتباك معهم ولا تقاتلوهم هؤلاء نحن نقاتل معهم الحوثة  ، أنا كنت اظن الأمر طبيعي ، رغم اننا سمعنا بعض الألفاظ السيئة انتم " دحابيش " ، " انتم خونة " ، "انتم باتدخلوا الحوثي ".

جردوا بعض أفراد النقاط التابعة للمعسكر من الأسلحة من قبل هذه المجاميع وطردوهم وغادروا ، حين جاء الظهر كان غير قادرين على توصيل الغذاء والشرب لكل النقاط بعد قطع الطرقات من قبل هذه المجاميع.

تواصلنا مع الفندم محمود الصبيحي ، رد عليا يمكن حوالي الساعة الواحدة بعد الظهر ، قلت له الغداء للأن ما استطعنا أن نوصله لأفرادنا بالنقاط هناك ، الإخوة في مناطق كرش والمسيمير هاجموا النقاط واستولوا على الأسلحة ما عدى الدبابات والعربات أطقمها ما يزالوا داخلها ورفضوا التسليم لهم ، واستطعنا حتى الأن منع أي كارثة بالاشتباك معهم ، أما النقاط التي فيها أفراد عاديين فقد أخذوها ما يسموا أنفسهم بالحراك.

قال لي : " لا تصدق أبتهم هؤلاء مش حراك" ، عاد الصبيحي وحاول ان يدفع بأفراد من الذين جمعهم بالمعسكر الى هذه النقاط وذهب فورا الى كرش وشاهدته بأم عيني وهو يصرخ فوق هؤلاء المجاميع والدموع في عينه ويقول لهم : " أنتم حقراء ، أنتم جبناء هؤلاء كانوا بايقاتلوا عنكم ، أنتم الآن تخدمون علي صالح والحوثي أو تتبعوه مباشرة " .

الدبابات نزلوا منها الأفراد الذين كانوا بداخلها وسلموا المفاتيح إلى الأخ وزير الدفاع وأخبروه بأنهم كانت لديهم النية للقتال لكن الأن لم يعودوا قادرين على البقاء ، رجع أمنهم بسيارات ليغادروا بأسلحتهم الشخصية هؤلاء الذين بقوا في الدبابات والمدرعات أما من كانوا في النقاط فقد نهبت أسلحتهم.

عادنا  إلى المعسكر وقلت له أنا سأسلم لك المعسكر بكل أسلحته بدباباته وبمخازنه وكتائبه وعين بدلا عني قال: من نائبك ،قلت : أركان المعسكر وهو من أبناء الضالع العقيد / فيصل المعكر فعينه ، وهناك قائد كتيبة دبابات من أبناء الشعيب ويسكن في عقان العقيد / جلال احمد علي ، لأنه بعد ما حصل هناك استياء كبير من أفراد المعسكر ورفضوا أن يبقوا للقتال ، قالوا لي  : يمكن تحصل لنا خيانة ونحن نقاتل الحوثيين  ، يمكن أن نُقتل قبل أن نقاتل الحوثيين.

وقتها اتصل بي زكريا الشامي نائب رئيس هيئة الأركان ليهددني وقال لي : " بانعلق رقبتك في باب اليمن ، تسلم المعسكر للصبيحي لشوية مخربين ؟ تسلم لهم دبابات ؟ " , رديت عليه واخبرته بأني سلمت المعسكر لوزير دفاع ، وقلت له : " أذهب وحاسب من سلموا ألوية بأكملها للمليشيات – رغم اني كنت أعلم انه محسوب على الحوثيين – قد نهبو دولة بمعسكراتها وأنت تأتي لتتخاطب معي بهذا الأسلوب ! " ، واغلقت الهاتف في وجهه.

بقي معي انا حوالي 17 فرد في الكتيبة 64 ومجموعة أفراد في الكتيبة 61 ، حتى أنه دخل للمعسكر مدنيين وتمت عملية نهب واسعة للمعسكر ، هذا حصل في نفس اليوم الذي اخترق فيه الحوثيين كرش وتقدموا منها في الصباح ووصلوا إلى لبوزة بعد العصر الساعة 3 دون ان تحصل أي معركة او مواجهة ولم يعترض طريقهم أحد سوى -  وهذه شهادة اذكرها – رشاش في منطقة الهوائيات بالقرب من مدرسة البدو الرحل سلمناه لأربعة أفراد من ردفان ، وكذا مجموعة الشيخ العطري هؤلاء فقط من قاتلوا وعرقلوا تقدم الحوثيين لساعة أو ساعتين تقريبا وبقية من تم تسليحهم فروا ..

 

- برشاش واحد ..؟

- نعم برشاش واحد 23 ولم يقتلوا الا غدرا من قبل أناس من المنطقة محسوبين على صالح حددوا لهم الطريق الى موقعهم ، وابلغت لاحقا بأنهم عثروا على جثث 3 منهم بجوار الرشاش.

استمر الحوثيين بالتقدم ودخلوا معسكر لبوزة ، فقد كان المعسكر محاصر من تلك المجاميع التي اشرنا له وادعوا بأنها حراك وهم يتبعون صالح ، قاموا بحصارنا في سرية معينة من كتيبة 64 في لبوزة ، في حين كان من تبقى من أفراد الكتيبة 61 بمكان أسفل منا ، ذهبت الى من تبقى معي من أفراد وقلت لهم خلاص المعركة حسمت وقد تم الغدر بنا وضرب علينا نار بكثافة من تلك المجاميع المسلحة ، لدرجة أن وقتها وقبل دخول الحوثيين دخلت مجموعة الى مسجد المعسكر ليتحدثوا لنا من ميكرفون المسجد يقولوا بأنهم قاعدة ويطالبوا مننا طرد المدنيين من داخل المعسكر ويقصدوا العناصر التي استقدمها الصبيحي ، وهددوا باذا لم نفعل ذلك سيذبحوننا كما ذبحوا الجنود في لحج ، واعتقد انهم يتبعون صالح لأن من أدخلهم هي نفس المجاميع التي حاصرت المعسكر.

ايضا كان هناك عربة مدرعة تابعة للبوزة عادت الى البوابة وعند عودتها وجدت سرب من السيارات كانت قادمة كتعزيزات من اللواء 19 مشاه وكان قائده العميد / فيصل رجب – فك الله أسره – تم ضربها عند البوابة ، ونزل منها أفرادها ، كانوا يظنون أن أصحابهم يقاتلون في لبوزة ، لكن للأسف أصحابهم الذين كانوا عائدين استلموا السلاح ونهبوا ولم يقاتلوا ...

 

- تقصد الـ 2000 فرد الذين أحضرهم الصبيحي ؟

- نعم ، أغلبهم غادر بعد استلام السلاح ، ومن تبقى انسحبوا حين حصل الاختراق في كرش والقيادات الباقية انشغلت بنهب المعسكر قبل دخول الحوثيين ، وأي حركة لنا نحن الذين بقينا يطلق علينا النار.

حتى أن الأخ / محمود الصبيحي اتصل بي وقال لي : يمكن بعض الأفراد أخذوا " الإبر " من الدبابات لذلك تعطلت ، اخبرته بأن هذا غير صحيح وأنها تعمل وطلبت منه ان يرسل أي شخص يجرب أي دبابة ويطلق منها النار ، حتى أني ذهبت وفتحت 4 دبابات شخصيا احداها في عقان ، وكان معي شخص من طرفه واخبره بأن " الإبر " موجودة وأن الدبابات تعمل، رد الصبيحي : " اذا اصحابنا جبناء فلتوا وهربوا".

للأمانة انا اعتقد انه ربما لم يعرفوا استخدام الدبابات لأنها كان تحتوي على أنظمة حديثة (تم تحديثها بعد عام 1994م )وليست قديمة كالتي تدربوا عليها ، ايضا يمكن الدعايات والإشاعات والتهويل بأن الحوثي يفعل ويفعل ، أثرت على البعض وجعلتهم يتراجعون والبعض انشغل بالنهب والفيد.

بعد ذلك عاود الصبيحي الاتصال بي ، ليسألني عن افراد المعسكر ، لأني كنت طلبت بعد الهجوم عليهم في النقاط مجموعة من الباصات تنقلهم إلى تعز ، ووفرنا لهم عدد من الباصات لأنهم لم يرغبوا بالقتال بعد ما حصل.

ايضا قبل أن يصل الحوثيين الى المعسكر اتصل بي الصبيحي يسألني عن مكان تواجدي ، اخبرته بأني داخل " شِعب " في داخل معسكر لبوزة وتبقى معي عدد قليل من الأفراد ، سألني : هل تستطيع أن تحركهم بالدبابات ؟ ، قلت له بأني لا استطيع لأن أي تحرك لنا يطلق علينا النار من المجاميع المسلحة التي سيطرت عليه ،  واخبرته بأن ما تبقى من الدبابات 5 فقط احداهن للدفاع عن النفس وقد كنت لحظتها اشاهد الحوثيين في التباب المحيطة بالمعسكر ، لم يكن لدينا القدرة على أن نواجههم.

كما قلت سابقا تحركت الى العناصر التي تبقت من الكتيبة 61 مع من تبقى معي من أفراد واخبرته بأنه تم الغدر بنا من كل الجهات ، حتى ادخلوا لنا من يقولوا بأنهم قاعدة - وهم من مخابرات علي صالح -ويهددونا بالذبح اذا لم نخرج من احضرهم الصبيحي .

دخل الحوثيين المعسكر وبدأت مجموعة منهم تسأل : أين قائد المعسكر ؟ ، فقد كنت مطلوب لهم بتهمة تسليم المعسكر للصبيحي ...

 

-  بعد تهديد زكريا الشامي ؟

- نعم .. وكان معي ضابطان من منطقتين شماليتين – نتحفظ بأسمائهم لأنهم حاليا يعيشون في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين -  وكان قائد الحوثيين الذين دخلوا يدعى بأبوشهيد ، لكني كنت أعلم بأن هناك القائد الحقيقي للهجوم هو عميد من ألوية الحرس الجمهوري التابعة لصالح غير ظاهر ، والظاهر هو ابو شهيد وهو مراهق حوثي ، لأن هذا العميد قال لهم : طالما أن المجموعة الباقية مع الحمادي لم تقاوم ، اتركوهم ، فقط امنعوهم من التحرك و الخروج.

جاءت مجموعة منهم تريد اخذ الطقم ، فخرج لهم هذان الضابطان –الذين هم من المناطق الشمالية كما اشرت _ واقنعوهم بالعودة ، ظلينا في المعسكر حوالي 4 أيام .

في اليوم الثالث جاء للمعسكر قائد اللواء معيجر يريد يحقق في نهب السلاح ، ويسألني : كيف تسلم للصبيحي ؟ لماذا لم تحموا المعسكر ؟ ، قلت له : خير ، ولم ارد عليه ، اخبرني بأنه سيذهب الى تعز وسيحرك كتيبة " لدعمنا ، واتحركوا معاهم بالدبابات " ..يقصد مع الحوثة !!

هنا اريد ان اشير إلى أن حاولت اكثر من مرة ان اكشف ولاءه للحوثيين امام الصبيحي الذي كان يظن أنه قائد وطني، جرى بيننا اتصال بوجود الصبيحي ، واخبرته بتحرك المليشيات وقتها الى الراهدة ، وقلت له : اخبرك اصحابك – على اساس انه مع المليشيات - .. ، رد بسرعة : انا لا اعرفهم انا مع الوطن انا كذا ... ، وقام الصبيحي يحادثه : " ايش جابهم الى الراهدة ؟ وايش حركهم من المخا ؟ هم يغامرون ويرتكبون حماقة .. "، رد له : انا لا علاقة لي بهم.

في اليوم الثاني اتصلت لمعيجر في وجود الصبيحي دون ان يعلم ، اخبرته بان الحوثيين قد وصلوا الشريجة وبان المعسكر بات محاصر منهم وبأني سأسلم كل شيء للصبيحي ونغادر ، صاح في وجهي : " ممنوع ، وسأحملك المسئولية اذا غادرت ، ابقى ، لا تسلم للصبيحي سلم لأنصار الله ، ياحمادي انا اقول لك ان أمورك كلها باتسبر ، تعاون مع أنصار الله " ، بهذا الكلام يخاطبني وانا فاتح ميكرفون الهاتف ...

 

- من اجل ان يسمع الصبيحي .؟

- نعم ، وحين سمع ذلك ، قال : " آخر شيء كنت اتوقعه ان هذا الشخص يكون مع المليشيات " ، تفاجأ بذلك وقال لي " إذا الأمور مش سابرة ".

الحوثيين طبعا وضعوا بعض الأفراد بعد ان سيطروا على لبوزة ووصلوا إلى العند وبدأت معارك العند في ذات اليوم ، بدأ لنا الأمر غريبا وبقينا في حالة ذهول من هذا التقدم السريع.

بخصوص الكتيبة التي قال قائد اللواء معيجر بأنه سيحركها إلينا ، صباح اليوم التالي حركها باتجاه التربة لإسقاطها واستشهد ثلاث من الشباب من ابناء التربة الذين تصدوا لها ، كان من ضمن هذه الكتيبة أفراد من معسكر لبوزة الذي تم إرسالهم الى المخا كما أشرت سابقا ليتم تعزيزهم لاحقا بالدبابات بحسب الاتفاق مع الصبيحي.

تواصلت بهم ، وقلت لهم : على أي اساس تحركتم ؟ حتى بلادنا تحركتم اليها لتسقطوها بيد المليشيات ..؟؟!!

ردوا علي مباشرة : " وفر لنا يافندم سيارات ترجعنا إلى معسكر المطار ، ونحن نعدك ان معيجر لن يدخل المعسكر إطلاقا  " ، فسألتهم هل اعطي لهم ذخيرة ، اجابوا : لا ، قلت لهم : ارهنوا قطعة سلاح واستأجروا سيارات وعودوا الى تعز.

وفعلا انسحبت الكتيبة التي كانت بالتربة بالكامل وعادت الى مقر اللواء في المطار القديم ، وعندما عاد معيجر وبعض المؤيدين للمليشيات وارادوا دخول اللواء منعوا من ذلك ، وكان هناك موقف رسمي من اللواء بإعلان تأييده للشرعية وقد تابع الناس ذلك عبر الإعلام.

في نفس هذا اللحظة كنت ما زلت في معسكر لبوزة ، وبعدها بيوم طبعا بدأت عاصفة الحزم ..

 

- قبل ان نتحدث عن لحظة بدء عاصفة الحزم ، نريد ان نتحدث عن اللواء محمود الصبيحي وزير الدفاع واللحظات الأخيرة له قبل سقوط العند والقبض عليه ، نريد ان نعرف أخر تواصل تم بينكم؟

- بالنسبة للصبيحي كان قد دفع بأطقم من الشرطة العسكرية لحظة سقوط معسكر لبوزة لتعمل على اخراجي منه لأنه كان يدري بأن المليشيات تبحث عني ، لكن تم مواجهتها من قبل أفرادنا الذين كانوا يضنوا بأنها عملية التفات من الخلف ولم يكن لنا علم بأنها مرسلة من الصبيحي وعادت الأطقم ، بعد ذلك تواصل معي الصبيحي يسألني عن مكان تواجدي ، أخبرته بأني موجود في عقان ، سألني : هل تقدر ان تتحرك من مكانك ، أخبرته بأن المليشيات دخلت المعسكر وتبحث عني وقد ارسلت مجموعة من الضباط تتفاهم معها ، رد : خلاص ، اذا استطعت أن تخرج من عندك مر إلى منطقة كذا ، وسيأتوا بك الينا عبر طريق كذا.

لكن تقدم المليشيات كان سريعا ووصلت إلى باب العند حتى الطريق التي حددها الصبيحي طريقا للهرب عبر الصبيحة الى تعز أو عدن قطعت، كان لا يزال يعتقد ان هناك خطوط دفاعية يكمن ان توقف تقدم المليشيات.

في اليوم التالي كنت في لبوزة وتفاجأت بأحد الأخوة من أبناء الصبيحة وكان مقرب من اللواء محمود الصبيحي يخبرني بأن قد تم القبض عليه من قبل المليشيات (يقصد اللواء محمود الصبيحي) هو وفيصل رجب وشقيق الرئيس هادي ، سألته باستغراب : كيف ؟ّ!! ، قال لي : ظروف غامضة ما نعرف إلا أن كل واحد منهم كان في منطقة كذا وتم أخذهم .. لا ندري كيف ؟هل هي خيانة أو لا؟.

وانا اعتقد أنها خيانة وقوات خاصة تم اعدادها لمهمة القبض عليهم بعد رصد دقيق واعتقد أن المجيدي الذي كان محافظ لحج آنذاك لعب دورا رئيسيا سواء في مهاجمة النقاط التابعة لمعسكر لبوزة أو في القبض على الصبيحي وفيصل رجب وشقيق الرئيس الأخ / ناصر منصور هادي مسئول الأمن السياسي في محافظات لحج وعدن وأبين ، بعدها كما يعلم الجميع بدأت الضربات الجوية في اليوم التالي .

 

- عفوا .. سيادة العميد سابقا قلت أنك ستتحدث عن الأيام التي قضاها الصبيحي في صنعاء واللغط الذي دار حول حضوره لما يسمى بالإعلان الدستوري الذي اعلنته جماعة الحوثي ، وخروجه من صنعاء؟

- انا جلست مع الصبيحي كما قلت لك أسبوع كامل قبل دخول المليشيات للعند ، أخبرني بأنه خرج من صنعاء بسيارة مع مجموعة من مشائخ الجوف أحدهم ظل يرافقه حتى لحظتها ونحن في لبوزة ، وأخبرني بأن التحركات التي كان يقوم بها في صنعاء ومن ضمنها حضوره  لما يسمى بالإعلان الدستوري الذي اعلنته جماعة الحوثي " بسبب ضغوطات وبحكم أني وزير دفاع على أساس لو نقدر نعمل شيء ونحن في هذا المنصب وكان اي طرف يطلب حضورنا نوافق ولا نمانع " ، بحسب كلامه ...

 

- يعني كان يتجنب الصدام معهم ..؟

- نعم ، حتى أنه أخبرني بأنه زار مأرب والتقى هناك بقيادات مدنية وعسكرية وقبلية ، وطلبت منه ان لا يعود الى صنعاء وهذا قبل الاعلان الدستوري ، كان يفكر بأن وجوده على رأس القوات المسلحة سيمكنه من العمل على تحييدها وعدم انضمامها للمليشيات، لكنه قال لي انه تفاجأ بان " علي صالح وخبثه قد وصل الى كل شيء واصبحت القيادات العسكرية جاهزة للتسليم وقد الأمور جاهزة" ، كما قال.

وأؤكد ان الصبيحي كانت لدية نية صادقة لموجهة الحوثيين رغم التشكيك الذي كان يوجه له والاتهامات له بأنه سهل دخول الحوثيين ، الصبيحي كانت لدية نية صادقة وخطة واضحة لقتال الحوثيين وزع الأسلحة والقوات وجهز معسكر لبوزة لكن الخيانات التي واجهها الصبيحي والمهمة التي كان يقوم بها كانت أكبر ، ثم ان الفترة منذ خروجه من صنعاء حتى لحظة سقوط العند كانت قصيرة جدا.

هنا أود ان اذكر حادثة هامة ، قبل دخول المليشيات الى معسكر لبوزة سمعت صوت طائرات حربية تحلق في السماء ليلا وكنت اعتقد أنها تتبع صنعاء ، اتصلت بالصبيحي وقتها ، وقلت له : هناك اختراق في الجو لا بد ان تغادر المكان الذي انت فيه وممكن اجهز لك مكان آمن ، رد لي : لا عليك ، لا تخاف .. أن شاء الله خير هذه أمور طيبة ".

في اليوم التالي حين قابلته ، سالته : " يا فندم امس اقلك الطيران يحلق فوقنا , قلت لي لا عليك ! كيف لا عليك ؟ وقد ضربوا الرئيس في عدن ؟ رد لي : " هذا طيران صديق يراقب للأشقاء ، هذا طيران استطلاع " ، دار هذا الحديث بيننا قبل بدء عاصفة الحزم بثلاثة أيام.

بعد دخول الحوثيين العند وأسر الصبيحي وقبل بدء عاصفة الحزم ، اتصل بي شخص من المنطقة العسكرية الرابعة و طلب مني أن ابتعد عن مخازن السلاح داخل معسكر لبوزة وان اكون في مكان آمن وبعيد ، واتصل بي بعدها شخص مدني.

 

- من هو هذا الشخص ؟

- اعتقد انه من الاصلاح ، واما الاتصال من الشخص في المنطقة الرابعة قال بأنه مكلف بإبلاغي حتى لا اتضرر انا ومن معي، بعد هذا الاتصال جاءني اتصال من قائد المنطقة العسكرية الرابعة كان الدكتور ناصر عبدربه الطاهري – بعد القبض على الصبيحي - أراد ابلاغي ببدء عاصفة الحزم لأنه يعرف موقفي لكن بحكم ان المعسكر بات تحت سيطرة المليشيات وانا محتجز داخله ، قال لي قائد المنطقة : يا حمادي ستبدأ عملية كبيرة اذا كنت لا تزال في لبوزة حاول تخرج.

انا كنت اقدر اتحرك لكن داخل المعسكر فقط ، طلب مني قائد المنطقة ان اكون بعيد من مخازن السلاح أو الدبابات ، لان الليلة ستبداء عاصفة الحزم.

 

- اي ان اتصال قائد المنطقة لم يحدد لك توقيت بدء الغارات؟

- لا ، لم يحدد لي الموعد ، بعد الاتصال بساعتين بدأت أسمع انفجارات قوية في العند تواصلت مع زملاء لي فأخبروني بأن الضربات الجوية بدأت.

في صباح اليوم الثاني تكلمت مع الضابطين الذين بقوا معي من المناطق الشمالية ، طلبت منهم ان يذهبوا للحديث مع مشرف الحوثيين داخل المعسكر ، وأن يخبروه بأنهم سيذهبون بالطقم الذي كان معنا لشراء القات ، كان معي في الطقم معدل شيكي وأر بي جي خلف المقعد وكنت اريد ان يكونوا معنا حتى نصل الى تعز.

قلت لهم : "اذهبوا اليه وقولوا له خلاص القات علينا ، وتحركوا وخذوا قات ولكن لا تعودوا للمعسكر وابقوا في منطقة معينة وانتم اخبر كيف تختفوا ".

ذهبوا وتكلموا مع مشرف الحوثيين وسمح لهم بالمغادرة ، بقيت انا و4 مرافقين كنا في مكان معين في المعسكر ، جاء لي احد أفراد الحوثيين من الأمن المركزي عرضت عليه ان نذهب لشراء ماء بارد من عقان ، وافق واخذني معه بالطقم.

وصلنا إلى هناك واخبرته بأني سأذهب الى بقالة قريبة لشراء كرت اتصال ، واذا كان مستعجل فليذهب وانا سأتبعه ، فذهب.

بعد حوالي ربع ساعة اتى الطقم التابع لي الى المنطقة المتفق عليها ، وارسلت القات لمشرف الحوثيين واخبرت احد الضباط التابعين له بان يخبروه بأننا سنمكث قليلا للتخزين في هذا المكان وسنعود.

غادرنا بالطقم كان السواق أحد الضباط من أبناء احدى المناطق الشمالية وجلست بجواره وبجواري الضابط الآخر ، وغادرنا المنطقة.

حين كان يتم ايقافنا في النقاط التابعة للحوثيين من عقان حتى وصولنا لمنطقة الحوبان في تعز ، كنا نخبرهم بأن الطقم يتبع " أبو شهيد " -المشرف الذي وضعه الحوثيين على رأس القوة من كرش حتى لحج- بذلك استطعنا ان نمر دون اعتراض.

في المعسكر بدأوا بالبحث عنا حوالي الساعة الخامسة ، ونحن قد وصلنا الى الحوبان ومكثنا عند أحد الزملاء الى منتصف الليل ، وبالذات الأشخاص الذي كانوا معي تحركنا باتجاه مدينة تعز ، سألنا عن أسم مشرف الحوثيين في المنطقة لنقول بأن الطقم تابع له لنتمكن من المرور من نقاط الحوثيين الى داخل المدينة.

استطعنا ان ندخل المدينة وواصلت طريقي حتى وصلت الى البلاد " بني حماد " ، وعاد الضابطان اللذان رافقني ثم عادا لاحقا الى المطار القديم.

 

- يعني انكم لم تبقوا في المدينة ، بل وصلتم مباشرة الى بني حماد ؟

- نعم انتقلت الى الريف ، ودخلت في اليوم الثالث مدينة تعز ، طبعا اود ان اذكر اني لحظة تسليم معسكر لبوزة للصبيحي وكان الطاهري لا يزال قائد المنطقة العسكرية الرابعة ، قلت لهم بعد ما حصل لأفراد المعسكر في النقاط ، انا أسلم لكم معسكر لبوزة ، وأنتم ان شاء الله تدعمونا في تعز للدفاع عن بلادنا من الحوثيين بما تستطيعوا ، نحن تركنا كل السلاح لم نأخذ طلقة ، أخذنا سلاحنا الشخصي فقط ، حتى سلاح " الاجازات " سأسلمه ، سأسلم المعسكر بمخازنه وهذا كشف بكل الأسلحة الذي فيه.

عدت الى معسكر المطار القديم وقد تم طرد معيجر وحاولنا ان نلتقي بأركان اللواء ...

 

- هذا قبل صدور قرار بتعيينك قائد للواء ..؟

- نعم قبل القرار ، قابلت أركان اللواء وتواصل بي الضباط الموجودين في المطار المؤيدين للشرعية ، وكان هناك ايضا ضباط وأفراد مؤيدين للمليشيات ،لكن المؤيدين للشرعية كانوا قلة في مقر اللواء وكانت القوة لمعسكر المطار لا تتجاوز 600 فرد ولم يكونوا موجودين بالكامل.

التقينا بالعقيد/ حسين عبد الحق الذي كان يشغل أركان اللواء، قلت له : يا أخي الناس طردوا معيجر وانت الان تعتبر قائد اللواء ، أعلن التأييد للشرعية وأمنع الدفاعات الجوية من الضرب على طائرات التحالف وأعتبره طيران صديق ..

انا اعتقد انه قد كان له تواصل معهم ، رد لي : " هؤلاء إخواننا ، أنتم تشتوا نعمل لنا مشكلة هنا في تعز ، الجمهورية كلها والمعسكرات والألوية والدولة سقطت بأيديهم ونحن في تعز نقوم نواجههم ؟! ، أيش قدرتنا ؟ نضحي ليش ؟  لنتشارك معهم  ".

انتهى النقاش ، وعدت الى البيت تقريبا الساعة الثالثة عصرا ، والتقيت مع مجموعة من الشباب من أبناء القرية اتوا معي من الطريق ، وفجأة وانا أقرا في الشريط الإخباري في التلفاز " قرار جمهوري بتعيين العميد عدنان الحمادي قائدا للواء 35 مدرع بتعز"..

 

... يتبع في الحلقة الثانية

 

............................................................................

 

لمتابعة قناة الرصيف برس على تيلجرام

https://telegram.me/alraseefpress