للتاريخ .. رحلة حول الجبل الاسود

الاحد 06 سبتمبر 2020 - الساعة 10:49 مساءً

 

 

كنا ثلاثة والصمت رابعنا يترقب وكانت الساعة تشير الى الخامسة عصرا من يوم الخميس الموافق 20/8/2015م نظرنا الى بعضنا نظرات تذكير بالمهمة انتفضنا بصمت منطلقين بعد ان حملنا بنادقنا على الاكتاف وجعبنا على الصدور واعدينا ارجلنا للمسير فالرحلة شاقة والطريق وعر وطويل والهدف صعب ومرتفع. 

شددنا الرحال انا وديع حامد الشدادي برفقة العقيد /طه عون القدسي اركان حرب كتائب الشهيد عبدالرقيب عبدالوهاب قائد قطاع الضباب وابنه ثائر من مقر القيادة مدرسة خالد بن الوليد في الضباب عازمين الطواف حول الجبل الاسود لتفقد احوال المقاتلين هناك بعزيمة فولاذية وخطوات واثقة ومتسارعة انطلقنا في مهمة رسمية وبتكليف من العميد/عبدالرحمن الشمساني قائد اللواء 17 آنذاك واحد ابرز قادة جبهة الضباب لحصر القوة الحقيقة للمقاتلين في جبهة الضباب وتفقد احوالهم وشحذ هممهم.

فكانت اول محطة لنا في الطريق الى الجبل  موقع تبة الخزان وبعدها تبة الناصرة القينا التحايا على المقاتلين في الموقع وتفقدنا احوالهم بعجاله من امرنا كان الوقت قبل المغرب والظلام بداء يسدل ستارة مشينا بذات الخطوات مررنا بقرية الناصرة حيث التقينا هناك عن طريق الصدفة فريق الامداد الخاص بالجبل الاسود يُحملون الجمال بالذخيرة والاكل اللازم لوجبة العشاء للأبطال في المواقع مرينا بتحية عليهم وانطلقنا نزولا الى السائلة حيث بداية الصعود الى الجبل.

بداءنا بالصعود وبدأت انفاسنا تتصاعد زفير وشهيق متسارع وصلنا الى اول وموقع يدعى موقع المصلوب كان حينها بقيادة الفندم /حامد الشدادي وصلنا منهكين التقطنا انفاسنا وبداء الحديث مع المقاتلين ذو العزيمة والإرادة التي لا تقهر. 

قاربت الساعة من الحادية عشر ليلا بداءنا بالصعود الى المحطة التالية وعند الساعة الواحد ليلا استقرينا في موقع الميدان والذي كان بقيادة فاروق السبئي ومجموعة اخرى اتت حديثا تعزيز من اللواء 35 بقيادة شخص يدعى حزام الحمادي سلمنا على المقاتلين وتفقدنا احوالهم وشحذنا همتهم الذي لا تقارن.

اتذكر ليلتها كانت اول يوم لي اشاهد قصف مباشر لطيران التحالف ولكن بعدها كان الضرب عنيفا على هذا الموقع كنا نزحف ع الأيدي عندما كنا نمر بين المتارس للسلام على الابطال من شدة ضرب النار من عربة BMB ما زالت حتى اللحظة محتفظ بالطلقة التي حلت بجانبي تلك الليلة. 

قررنا المبيت هناك لنغفو حتى مطلع الفجر ونواصل رحلتنا ما ان بداء النعاس يداعبنا من شدة الانهاك بزغ نور الفجر لننطلق منهكين دون نوم لتفقد بقية المواقع منها موقع القلة وبعض المواقع التي لا اتذكر اسمائها جيدا.

عند الظهيرة من يوم الجمعة وصلنا محطتنا الاخيرة موقع نجد الطير المطل على كلية الطب جامعة تعز والذي كان يتمركز فيه افراد تابعين للشهيد /عرفات دماج تغشاه الرحمة والمغفرة.

كم اخذتنى الدهشة حينها ورأيت آفق الخلاص من هناك.

استقبلنا الافراد هناك بحفاوة وكرم وعانقنا الابطال بشغف افرحتهم زيارتنا والتي كانت بمثابة دافع لهم لمواصلة الكفاح اغتسلنا هناك اخذنا ماء الاغتسال من سقاية القرية (مكان لجمع مياه الأمطار) لأداء صلاة الظهر وتناولنا وجبة الغداء بعدها لنستريح قليلا ونبدأ رحلة العودة الى حيث القيادة في طريق العودة مررنا بقرى صبر الابية والجميلة  لا اتذكر اسماء القرى سوى  قرية تدعى "ادود" صبر التي أعلنت موكب التحرير واشعلت شرارته فكانت مشرعة وحدنان اول من داست على المليشيات الحوثية وطرتها خائبة واسقتها كأس الهزيمة على مضض.

عند الساعة الرابعة والنصف عصرا من يوم الجمعة انتهت رحلتنا كانت رحلة شاقة ومتعبه لكنك تجد فيها المتعة ما إن تعانق الأبطال تنسى كل التعب وتشعر تلقائيا بالراحة النفسية والبدنية لكنها أصبحت ذكرى جميلة رغم قساوتها.

سجلوها في صفحات التاريخ الحقيقي لا تاريخهم المزور والمغلوط فهم محترفي تزوير ودعاة الثورة والمقاومة واصحاب الفخامة والزعامة من كنا نسهر الليالي تحت اشجار وفوق احجار وبين انهار قراهم وفوق اسطح منازلهم لحمايتهم من كانوا يلفظون انفاسهم بخوف لا يغادرون ابواب منازلهم مرعوبين ونحن دروع لهم نتلقى الضربات بصدر رحب على آمل الخلاص وبعد التحرير استخدموا مجادفهم على ظهورنا وسبحوا في مركبهم على نهر دمائنا ليحكمونا ويصنفونا خارجين عن قانونهم ومتمردون عن شرعيتهم.

يتطاولون علينا ويقتحمون منازلنا وينهبوها بكل وقاحة اصبحنا في نظرهم متمردين وخائنين يجب الخلاص منا.  يالحقارتهم ووقاحتهم.!

 

قصص المقاومة وحكايتها مع المقاومين الحقيقيين كثيرة تحتاج الى مؤلفات لحفظها وارشفتها وكل مقاوم منا فردا كان ام قائد له قصته الخاصة وحكايته البطولية التي سطرها بالدم  لكن التاريخ لا يدونه الا المغتصب  من جاء اليها على حساب تضحياتنا ليكون لهم الفخر والعزة بكل وقاحة. 

 

الجريح /وديع حامد الشدادي

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس