حوار خاص مع قائد اللواء 35 مدرع بتعز عدنان الحمادي .. قصة المعركة الأولى بتعز و18 يوما من الصمود الكبير (3- 5)
الاحد 24 ديسمبر 2017 - الساعة 01:22 صباحاً
المصدر : خاص
حاوره /عمار علي أحمد
عند الحديث عن الحرب في اليمن التي تقترب من عامها الثالث لا يمكن أغفال الدور المحور الذي لعبته تعز في هذه الحرب منذ اليوم الأول.
فكما كانت تعز الشرارة الأولى لثورة 11 فبراير ، كان لتعز شرف الطلقة الأولى للمقاومة في هذه الحرب ، وجسد ذلك اللواء 35 مدرع الذي كان التشكيل العسكري الوحيد في الجمهورية الذي اعلن ولاءه للشرعية في الوقت الذي فتحت كل معسكرات الجيش ابوابها للمليشيات.
ليبث هذا الاعلان الروح في جسد المقاومة في اليمن ضد المليشيات ، وتشتعل الخارطة اليمنية نارا ضد الانقلاب.
ومن هذه الرمزية حاولنا في " الرصيف برس " توثيق ذلك ، بحوار مطول مع قائد اللواء 35 مدرع العميد ركن / عدنان الحمادي قائد اللواء 35 مدرع توثق ملحمة المقاومة التي سطرها هذا اللواء .
وايضا نسلط الضوء على الأدوار التي لعبها عدنان الحمادي خلال هذه الحرب منذ اليوم الأول ، من خلال هذه الحوار الذي سينشر على خمس حلقات.
ونود ان ننوه الحوار اجري مع العميد ركن / عدنان الحمادي في وقت سابق ، ولم يتطرق الى مجريات الاحداث في الفترة الأخيرة لكون غرض اللقاء كان توثيقيا للتاريخ.
--
في الحلقة الثالثة يسرد العميد / عدنان الحمادي قصة المعركة الأولى بين قوات اللواء وبين المليشيات والتي استمرت 18 يوما حول مقر اللواء في المطار القديم.
ابرز عناوين الحلقة الثانية:
- خطة الانتشار التي نفذها اللواء داخل المدينة للسيطرة على أهم المواقع.
- تفاصيل المعركة بين المليشيات وقوات اللواء 35 مدرع حول مقره بالمطار القديم.
- اللحظات الأخيرة قبل سقوط مقر اللواء بيد المليشيات.
- تفاصيل الانسحاب من مقر اللواء وكيف تمكن العميد / عدنان الحمادي من الافلات من قبضة المليشيات.
- الانتقال الى المدينة وترتيبات اعلان المجلس العسكري بتعز.
- لنعد الى معارك الأيام الـ 18،متى بدأ الحصار يطبق تماما على مقر اللواء ؟
- تقريبا في تاريخ 14 أبريل ..
- اي من ذلك اليوم لم تغادروا مقر اللواء حتى سقوطه ؟
- من قبل هذا التاريخ لم أغادر معسكر المطار كنا نتحرك بصعوبة ، مثلا كانت تأتي سيارة اسعاف أحيانا باليومين يسمح لها وأحيانا تضرب في الطرقات في شارع الثلاثين لأني دخلت اللواء وشارع الثلاثين سُلم للعدو في اليوم الثاني ، وكذلك نقطة مفرق شرعب سُلم لهم كما أشرت سابقا.
بدأت المليشيات تنتشر في الخمسين ، الستين ، مدينة النور والحارة القديم السلاح مكدس داخلها ، لم تدخل أسلحة جديدة لهم ، حركنا دبابة ضربا بالبوابة بصاروخ واحنا خارجين الى الحارة واحترقت مع الطاقم الذي يقودها الى اليوم ما يزالوا يعانوا من الإصابة.
- أشتد الحصار عليكم وبدأت معركة اسقاط مقر اللواء ، كيف واجهتم ذلك ، ابرز الاحداث خلال معارك المقر؟
- دارت اعنف المعارك ، كانت الوحدات المتواجدة باتجاه الاستاد الرياضي وباتجاه الضباب والخزان او البوابات تقاوم بشدة ، كانت أخطر الأماكن داخل اللواء هي الشئون الفنية التابعة للمحور، والشرطة التي كانت باتجاه البوابة وقطاع الكتيبة 62 ومدخل الحارة وايضا الاستاد الرياضي والاتجاه الشرقي الضباب ، هذه الأماكن كانت المعارك احيانا تستمر 8 ساعات متواصلة .
المعركة الأخيرة والتي انتهت بسقوط مقر اللواء استمرت 18 ساعة ، لم ينام فيها افرادنا .. لم يأكلوا .. لم يشربوا .. ، هذه المعركة بدأت فجرا وانتهت فجرا اليوم الثاني ومن شدتها استبدل العدو قواته المهاجمة أكثر من مرة بسبب الاجهاد..
- من قوة الهجوم ..؟؟
- نعم ، من شدة وقوة الهجوم كان العدو يبدل قواته المهاجمة أكثر من مرة ، كانوا يرهقون ويستبدلون عناصرهم المهاجمة بأخرى ، في حين كانت دفاعاتنا صامدة ومستميتة.
- ابرز ما عانيتموه داخل مقر اللواء خلال هذه المواجهات ؟
ابرز ما عانيناه ان المنافذ كلها كانت قد أغلقت ، انا دخلت اللواء وقد أغلقت كل المنافذ حتى الضباب قد كان فيه نقطة للأمن المركزي في الهنجر (الضباب) ، ايضا لم تكن المقاومة جاهزة في تعز حتى تؤمن لنا خطوط امداد.
حتى انه في أحد الأيام حاولت مجموعة بقيادة الشيخ حمود ويوسف الشراجي التقدم بدبابة من اللي نشرتها في جبل جرة وافراد بحيث يمروا بها من الزنقل بيرباشا ويصلوا الى مقر اللواء ، ولكن وصلوا الى الزنقل ولم يستطيعوا التقدم وحدثت اشتباكات عنيفة بينهم وبين المليشيات.
عانينا كثيرا من نقص الأكل والشرب ، عانينا من عجزنا عن اسعاف الجرحى خارج اللواء ، عانينا بأن الشهداء كانت جثثهم تظل يومين داخل مقر اللواء دون ان نتمكن من اخراجها ، وكنا احيانا نخرجها بالبطانيات تهريب.
- كم خسر اللواء من عناصره خلال هذه المعركة؟
- حوالي 38 شهيد 18 منهم في اليوم الأخير ، والجرحى كانوا حوالي الـ70 جريح.
- وكم كان عدد المقاتلين داخل مقر اللواء الى اليوم الأخير؟
- الى أخر يوم لا استطيع ان احصر لك العدد بالضبط...
- تقريبا
- تقريبا بقينا حوالي 250 أو 200 فرد داخل مقر اللواء ..
- اي ان قرابة النصف ممن كان يقاتل داخل اللواء سقطوا بين جريح وشهيد ؟
- تقريبا ، حوالي 100 شهيد وجريح سقطوا في هذه المعركة ، واغلبهم من بقي معانا هم من الذين تم استدعائهم وتطوعوا للقتال مع اللواء ، المعركة الأخيرة التي استمرت 18 ساعة والشهداء الذي قدرنا نجمعهم حوالي 12 شهيد والباقي في الخنادق اكثر من ستة شهداء ، في هذه الساعات الأخيرة كان موجود معنا الأستاذ أحمد الوافي والاستاذ وليد الحميري دخلوا مقر اللواء في المغرب وهربوا لنا " قليلا من الماء والاكل وعلاج " ..
- بما أننا وصلنا للمعركة الأخيرة ... نريد ان نسرد بالتفاصيل قصة المعركة الأخير والتي انتهت بسقوط مقر اللواء بيد المليشيات.
- في هذه المعركة وقع ثلاثة اختراقات ولاحظنا كثرة الشهداء والاختراقات ولم نعد قادرين على التعامل معها ، كنت أنا والشهيد العوني رحمة الله عليه، الاختراق الأول وقع في الساعة الثانية فجرا في قطاع الكتيبة 62 التي يقودها العوني وهذا القطاع كان مهما ، واختراق في القطاع الشرقي باتجاه مقر القيادة مباشرة ، صمدوا وخسرنا شهداء وجرحى لم نستطيع نقلهم في الخنادق الأمامية وكان العدو في الخندق الثاني ، حوالي الساعة الثالثة فجرا حدث الاختراق الثالث في التأمين الفني الذي يتبع المحور بجوار البوابة ، كان فيه 15 فرد حوالي 7- 8 استشهدوا والباقي سقطوا جرحى ولم يسلم منه احد ولم يفر منهم أحد رغم قوة الهجوم ، هذه من المواقف التي حدثت في هذه المعركة قد يعتبرها البعض خيالا ، هناك مقطع فيديو قصير مدته دقيقتان وتم بثه في تلك الفترة يوضح كيف كانت تتصادم طلقات الرصاص في الجو من كثافة النيران ومن قوة الهجوم والدفاع.
- أبرز موقف أو اصعب لحظة مرت عليكم في معركة المطار القديم؟
- اصعب موقف كان لحظة وجدت 12 شهيدا من المقاتلين ينقلون خلال ساعتين الى إحدى الغرف وحوالي 6 شهداء لم نستطيع الوصول اليهم واخراجهم بقوا في الخنادق ، كان موقف صعب جدا والاستمرار كان انتحارا ، فكان القرار ...
- اسمح سيادة العميد قبل ان نأتي الى هذه النقطة ، هناك سؤال يطرح ، لماذا لم يستطيع الحاضن الشعبي الكبير في تعز المؤيد للشرعية وللواء والقيادات والواجهات في تعز من عمل اي شيء لمنع سقوط مقر اللواء ، ربما من خلال الدفع بمجاميع مسلحة بأسلحة خفيفة لتشتيت العدو ومحاولة فك الحصار عنه ، هل كان ذلك مستحيلا ؟
- كما اخبرتك سابقا بأن ذلك تأخر ، وحتى حين جرت محاولة للوصول الى مقر اللواء سقط 3 شهداء ما بين جولة المرور والزنقل وكان العميد يوسف الشراجي معهم ،لم تكن العملية منظمة ولم يخطط لها بشكل صحيح ، ربما لو بدأت مثل هذه التحركات من البداية ولم يسمح للمليشيات بالانتشار والتحرك ...
- اي كان هناك تساهل ؟
- كان هناك تخدير لهم بأن هناك مفاوضات وان الحوثي لا يريد دخول تعز ، حتى ترك يتحرك بحرية وكان يردد بأن اي اعتراض له سيفجر الحرب هذا الصوت كان قويا.
لكن من ناحية التقييم لما دار في المطار القديم من أفراد اللواء 35 يعتبر بطولة كبيرة ،خاضها بالكتيبة التي تبقت في المطار القديم ، وهذا صنع مقاومة حقيقة منعت سقوط تعز بالكامل بيد المليشيات وحافظ على أجزاء كبيرة من المدينة ومن ريفها ، لان الحوثي وصالح وجدوا بأنهم وقعوا في مستنقع لا يمكنهم الخروج منه ، واصبحوا مدركين بأن جبهة تعز استنزفتهم بشكل كبير ، استنزفت قواتهم واسلحتهم ، أغلب خسائرهم في تعز ، يكفي فقط ان تشاهد صور قتلاهم على السيارات واغلبها تقول بأنهم قتلوا في تعز.
- بصفتك القائد لهذه المعركة ، هل ترى بان شيء ما او عاملا ما لو توفر كان سيمنع سقوط اللواء ؟
- لا اعتقد ذلك ، العوامل التي دخلت فيها اللواء وهي موجودة وما حصل لا يترك مجالا لكلام مثل هذا بأنه لو عملنا كذا كان بيحصل كذا ، أهم ما عملناه وأهم قرار للتاريخ سيتحدث الناس عنه هو قرار الانتشار داخل المدينة ، حتى أن خبير عسكري اردني اشاد بذلك ، واكد من خلال دراسته لمعركة المطار وحجم القوة التي دافعت والتي هاجمت ، قالت بأن اللواء حين قرر الانتشار داخل المدينة استطاع ان يحافظ على المدينة من السقوط بيد المليشيات..
- ما أهمية هذه المواقع ؟
- مثلا جبل جرة...
- ما هي اهميته؟
- تجربة 2011 اوضحت اهميته عندما كان بيد ثوار فبراير لم يستطيع نظام صالح ان يخترق الساحة وان يحرقها ، لكن عندما خدعوا من قبل لجنة وهمية وسلموا الجبل سيطر عليه ضبعان ومنه استطاع صالح فرض سيطرته على المدينة ...
- من تولى مهمة الانتشار ؟
- قائد اللواء اصدر الأمر ، وضباط نتحفظ عن ذكر اسماءهم لأنهم يعيشون حاليا في مناطق خاضعة لسيطرة المليشيات ، هم من نفذوا هذا القرار ، قادة وحدات وضباط نفذوا قرار الانتشار، كان هذا الانتشار خطوة استباقية جاء مردودها بعد سقوط مقر اللواء على تعز بالكامل.
- هل حصلت مواجهات خلال الانتشار؟
- بالتأكيد
- في جبل جرة ؟
- نعم ومن اللحظة الأولى مع المليشيات
- اقصد خلال الانتشار ، جبل جرة كان يومها مع الشرطة العسكرية ، هل حصلت مواجهة معها ؟
- لا ...انا كنت متواصل مع القائد المكلف بالاستيلاء على جبل جرة ووصل الى البوابة ، ولم يفتحوا لهم في البداية ، بعد ذلك خرج لهم قائد الشرطة العسكرية المكلف بالموقع ، فتواصل بي القائد المكلف من اللواء واخبرني بأنهم وجودوا قوة من الشرطة العسكرية هناك ، فقلت له : هؤلاء زملائكم يبقوا معكم في الموقع تأكلوا وتشربوا معا وتدافعوا عن تعز سويا .
بعدها ابلغني بأن افراد الشرطة العسكرية يريدون الانسحاب ، سعدت بذلك لأني كنت اخشى ان تحصل خيانة منهم ، فأمرته بان يسمحوا لهم بالانسحاب ، والحمدلله لم تحصل مواجهة مع الشرطة العسكرية ، وبدأت المواجهات مع المليشيات من اليوم التالي.
- نود ان نعود الى اللحظات الأخيرة التي قررتم فيها الانسحاب من مقر اللواء ؟
- أخر اللحظات التقيت فيها بالشهيد محمد العوني ، فذهب هو على متن عربة مدرعة وانا ذهبت بإحدى الدبابات كتعزيز لأحدى القطاعات تحت الفرن داخل المعسكر والتي حصل فيها اختراق من قبل المليشيات ، لأن الشهيد العوني كان قد قال لي :" ربما افرادي قد اختلفوا وقدهم يتقاتلوا الذي بالأمام مع اللي بالخلف ....
- وهل حصل هذا فعلا ..؟
- انا قلت له بأن أفراده لم يتقاتلوا ، بل حصل اختراق من قبل العدو واحتل الخندق الثاني واصبح يطلق النار على من تبقى في الخندق الأول وهذا ما جعل الشهيد العوني يظن بأن أفراده يتقاتلون.
كما قلت تحركت انا والشهيد العوني الى الموقع وكان يقوده الشهيد المقدم أمين علي سعيد من أبناء الجعاشن يقود الخط الأمامي بالكامل وكان رجل شجاع والمجموعة التي معه كانت كذلك.
وجدنا أحد الأفراد قد استشهد ، ومجموعة من الأفراد لم نستطيع الوصول اليهم بسبب كثرة القذائف تساقطت عليهم الأتربة ودفنوا في الخندق ولم نعلم حتى مكانهم بالتحديد ولحظتها كنا نتوقع أنهم ربما قد اسروا ، لكن مع حلول الفجر تأكدنا من احد الافراد بأنهم قد استشهدوا ، وكانت المليشيات تقترب من مقر القيادة.
في الساعة الخامسة فجرا ذهبت الى الشئون الادارية وكانت داخل عنبر كبير ، شاهدت ان لدينا حوالي 12 شهيد والجرحى بالعشرات تنزف .. تأن .. لحظتها احترقت الم في داخلي ...
- كانت لحظة صعبة لكم ؟
- هذا كان أصعب موقف واجهته ، لم أتأثر حتى في اللحظة التي ضربت علي قذائف الى المكتب الذي كنت متواجد فيه وندير منه العمليات ونجوت بأعجوبة لكني لم أتأثر كما تأثرت لحظتها وأنا أشاهد منظر الشهداء والجرحى ، وايضا ذهبت بعد ذلك الى التأمين الفني ولم يعد فيه أحد يقاتل كل الأفراد الذي كانوا يقاتلون هناك سقطوا ما بين شهيد وجريح ، شاهدت مقدم وقد امتلأت ملابسه بالدماء من حمله للشهداء واسعافه للجرحى ، كان موقفا صعبا للغاية ، كنت اشاهد الأفراد يستبسلوا ، يضحو ، يستشهدوا بثبات ،متمسكين بالمواقع بعزيمة واصرار .. لكن المعركة كانت قوية جدا حشد لها العدو أفضل ما عنده بل كان يستبدل المهاجمين نوبتين أو أكثر ونحن مستميتين حتى أصيب الأفراد بالإرهاق .
تبقى الشهيد العوني وعدد من الزملاء – لم أعد اتذكرهم بالتحديد - ، حتى أني لم اكن اتجول بمرافقين كنت اتحرك بمفردي ، لأن أي تجمع يشك في ذلك العدو أن القائد موجود فكنت اتحرك بمفردي كأي فرد ويلحقنا فردين الى ثلاثة أفراد، ذهبت الى الشهيد العوني وكان يقاتل في القطاع المتبقي داخل المقر ...
- كم كانت المساحة المتبقية من المعسكر في هذه اللحظات الأخيرة ؟
- حتى صباح اليوم الأخير كانت مساحة المقر كامل ما عدا القطاعات الخارجية ، الخندق الأول ، الخندق الثاني ...
- بنسبة كم من مساحة المقر ؟
- في آخر ليلة كانت المساحة المتبقية لنا حوالي الثلثين ، مع صباح اليوم الأخير اصبحت حوالي النصف حتى البوابات صمدت الى اللحظات الأخيرة .
لكن حصل اختراق في التعليم الفني أسفل البوابة بمعنى سيفصلها عنا ، وقاتلوا فيها افراد اللواء بشراسة واستشهد منهم الكثير ولم تصل جثثهم لنا ، كما قلت كان لدينا 18 شهيد أو اكثر يمكن ، لأنه كان هناك أفراد فقدناهم وكنا نعتبرهم أسرى وهم من ضمن الشهداء.
التقيت بالعوني ورأيت أن استمرار القتال بعد سقوط التأمين الفني ، وقطاع كتيبة العوني والاختراق من جهة البوابة والاستاد الرياضي اصبح صعب ، العربات التي كانت تعمل معنا ضربت ولم يعد لدينا حتى اطارات لتغييرها ، تبقى لدينا طقمين فورد فقط احدهم عند البوابة والأخر عند القيادة ولم نعد قادرين على التحرك بهما الى أي جهة ، ولم يعد لدينا حتى قوة بشرية ندفع بها لتحرير المواقع التي اخترقها العدو في مواقع الكتيبة التي يقودها الشهيد العوني او في التأمين الفني.
قلت للعوني لحظتها : " دورنا قد تم ".
تفاجأت بأن مجاميع قد بدأت بالانسحاب من جهة الاستاد الرياضي ، من جهة القيادة وقد اصحبت مواقعها فاضية ، والعدو باقٍ في مواقعه ولم يتوغل ، كان لديه مجاميع دخلت باتجاه ميدان الرماية.
قلت للشهيد العوني : تواصل مع القادة وانسحبوا بترتيب منظم بحيث لا يشعر العدو بأنكم تنسحبون ، اي تقاتل مجموعة وأخرى تنحسب فلا نريد ان نخسر المزيد بعد هذه اللحظة ، والحمدلله تم ذلك وحصلت بعض الإصابات فقط.
لحظتها كانت بطارية هاتفي على وشك النفاذ والأخرى قد نفذت مع 3 بطاريات احتياط كنا نشحنها من بطاريات دراجات نارية ، ولم نكن قادرين على العودة الى المكان الذي كنا نشحن فيه هواتفنا.
كان آخر تواصل لي مع الشهيد العوني الساعة السابعة صباحا وانا غادرت المعسكر حوالي السابعة والنصف ولم أكن اعلم هل غادر قبلي او انني سبقته بالخروج.
اردت ان اتواصل معه لان أحد الضباط كان مع المجموعة التي كانت تنسحب باتجاة غراب ابلغني بان صلاح نجل العوني مصاب إصابة خطرة وانه ينزف بشدة ، فسالته : كيف ستعمل معه ؟ ، رد علي : سنحاول نجد احد الأشخاص ليسعفه ، بعدها بقليل اخبرني بأنه تم اسعافه .
بعدها تواصل مع العوني لأسأله عن مكان تواجده ، فأخبرني بأنه متواجد مع مجموعة في موقع الشرطة ، وسألني ايضا عن مكاني فقلت له بأني متواجد في سرية المهندسين ومعي مجموعة من 30 فرد.
لحظتها جاء الي مجموعة منهم حوالي الساعة السابعة و20 دقيقة ، وامسكوني بالقوة ، وقالوا لي : " شوف ، أحنا قاتلنا ورفعنا رأسك ولم نستسلم ولم نخضع ، والآن بقاءك في هذا المكان انتحار ، سيأتي العدو ليقتلك او يأسرك وهذه هزيمة كبيرة لنا ، يجب أن تخرج الآن وأنت حي وبدون تأخير".
رفضت ذلك وقلت لهم بأني لن أغادر الا بعد أن أتأكد من انسحاب كل الأفراد الموجودين ، لم أكمل حديثي حتى قام أحدهم ومزق القميص العسكري الذي كنت ارتديه وآخران قاما وأمسكا بيدي ( ما يزالوا لليوم يقاتلون معنا في اللواء وهم الاثنان من أبناء يريم) ، خلسوا البدلة الميري الذي كنت أرتديه وأحضروا لي شميز ومعوز وصندل وكان مقاسهم صغيرا ، تحركت فتحرك معي السواق ومجموعة فقلت لهم لا اريد ان يرافقني احد سأخرج بمفردي وبمسدسي الخاص – كان لدي قناصة سلمتها لأحد الزملاء – اخبرتهم بأني سأتحرك من موقع ( كذا ) ولكن بمفردي وشرط بأن ينسحب الجميع على دفعتين دفعة تغطي وتطلق النار والأخرى تنسحب وهكذا واذا لم يكن هناك أطلاق نار من العدو انسحبوا فورا.
تبقى لدينا مجموعات بسيطة عند البوابة منهم العقيد / علي النقيب ، وفي موقع آخر ، أفراد منهم من فقد الاتصال معهم ومنهم من لم يعلم بما حصل فبعضهم غادر مقر اللواء الساعة التاسعة صباحا..
- يوم سقوط اللواء ..
- نعم صباح يوم 21 أبريل سقط مقر اللواء ، تواصلت مرة أخرى بالشهيد العوني وأخبرته بأن ولده أصيب وقد تم اسعافه واخبرني بأنه متواجد في حارة بالقرب من مقر اللواء ، وحين سألني عن مكاني أخبرته بأني متواجد في ( عُبار سيل ) قناة لتصريف مياه الأمطار...
- قبل هذا أنتم تعرضت لإصابة كما نعلم أثناء انسحابكم من اللواء ؟
- الإصابة تعرضت لها بسبب القفز من جدار مرتفع ، وكان معي مسدسي الشخصي وفرد واحد فقط من أبناء جبل حبشي ، وحين قفزت من ذلك الجدار كانت المسافة مرتفعة يمكن حوالي طابقين ، كان هناك طريق يمكن العبور منه بسهولة ولكن كانت النيران تصل اليه والعدو مركز عليها ويطلق نحوها النيران بكثافة من العمارات المجاورة لمقر اللواء ، كان هناك رف صغير على الجدار تقفز منه قفزتان الى الأرض ، لكني قفزت المسافة قفزة واحدة الى الرصيف وشعرت لحظتها بألم شديد في قدمي وكنت امشي بها بصعوبة جدا ..
- كم كان الوقت بالتحديد ..؟
- ما بين السابعة والنصف والثامنة صباحا ، رافقني كما أخبرتك أحد الأفراد من جبل حبشي كان يدعى الحراني وكان احد العاملين في أرشيف اللواء في شئون الأفراد ، طبعا كان هناك مجموعة من الأفراد تريد ان ترافقني فرفضت وأمرتهم بأن لا يمشوا بعدي ، مشيت انا والحراني نزلت من الأسفلت الى وادي ومشينا فيه ، كنت امشي قليلا واتوقف بسبب الإصابة في قدمي حيث اصبت بشرخ في العظم وتمزق في الأعصاب، وما زلت أعاني من هذه الإصابة حتى الآن ...
- حتى الآن ..؟
- نعم ، تعالجت من شرخ العظم لكن تمزق الأعصاب ما زالت اعاني منه الى اليوم ، واصلت السير انا والحراني الى ما قبل نقطة الثلاثين بحوالي 150 متر ، اخبرني بأننا على مقربة من منزل عمه وقد كان ممسكا بي لأني كنت أسير بصعوبة ، وصلنا للمنزل ودخل ليحضر الماء فقلت له بأني لن أبقى هنا ، " بكى وهو يقول لي : الى أين ستذهب ؟ سيمسكوا بك ؟ سيقتلوك " ، قلت له بأني لا يمكن أن أبقى ، فمشيت وقطعت شارع الثلاثين وكان هناك مجموعة من البنايات منفصلة ولا يوجد شارع ، مسافة 200 متر الى النقطة التي كانت شارع الثلاثين ، وجدت أرض زراعية وفيها مسقى لمياه الأمطار ( عُبار ) وكان محفورا بعمق.
قبل ذلك كنت قد صادفته منزل لأحد الزملاء على الطريق ، طرقت باب المنزل ولم يجبني أحد ، لحق بي الحراني الذي كان يرافقني وحين شاهدني اطرق الباب أطمئن وظن بأني وصلت الى مكان آمن، فعاد فقد أمرته الا يرافقني ، حين لم اجد أحدا في المنزل عدت الى عُبار السيل وبقيت فيه ..
- كم مكثت فيه ... ؟
- من الصباح حوالي الساعة التاسعة وكنت اشاهد الناس يمرون من أمامي دون ان يلاحظني احد ، بقيت في هذا المكان وأجريت أتصالا في حوالي الساعة العاشرة والنصف الى أسرتي لأطمئنهم علي وقلت لهم بأن بخير ولا يصدقوا اي خبر يمكن أن يسمعوا عن قتلي او اعتقالي واني في مكان آمن ، نفذ علي بطارية الهاتف مباشرة ، وبقي لي هاتف آخر بطاريته على وشك النفاد فاحتفظت ببطاريته واطفأته.
غفوت قليلا في مكاني لبعض الوقت ، وكنت جائعا لأنه طلية اليوم السابق لم نأكل فيه حتى الماء تبقى لدينا حوالي 3 كراتين وزعناها للخطوط الأمامية صباح اليوم الأخير ...
- يعني ظللتم يومان دون أكل ..؟
- أكل بسيط جدا في اليوم السابق ، حين استطاع أحمد الوافي أن يدخل الى اللواء قبل سقوطه بيوم في المغرب أدخل معه ماء معدني موز وعلاج ، واليوم الذي قبله أكلنا فيه دجاج مع رز طبخناه بماء من المسبح وقد كان لونه أخضر ( متعفن) ، وقلت للطباخ بأن يغليه ويستخدمه في الطبخ دون أن يعلم أحد واعطيته مبلغ من المال حتى لا يعلم أحد كي لا يغادروا ، فقد حوصرنا بالماء وحين دخل احمد الوافي احضر معه كرتون ماء احتفظنا به للخطوط الأمامية ، كنا نتقاسم قارورة الماء واحيانا نشربها بالغطاء ..!!.
بقيت في مكاني داخل العبار ، عاودت الاتصال بالشهيد العوني بعد الاتصال الأول بخصوص موضوع أبنه ، فأخبرته بمكاني ، وقال بأنه في مكان قريب من اللواء وسيأتي هو ومجموعة معه الي ، فقلت له بأن لا يأتي وبأنني سأكون في أمان هنا ، وانطفا هاتفي ، قمت بتشغيله مرة أخرى واجريت أخر اتصال مع أسرتي كما ذكرت في العاشرة صباحا وانطفأ هاتفي وبقى معي هاتف آخر على وشك ان تنفذ بطاريته احتفظت به للتواصل مع الأخ يوسف الشراجي.
حوالي الساعة الثانية ظهرا مر من أمامي طفل وشاهدني فوقف ينظر إلى ، أمرته بالانصراف فغادر ، بعدها بقليل جاء شخص وكان من لهجته يبدوا بأنه كان مغترب ، بعد أن اخبره ذلك الطفل بأننا موجود.
أتى ذلك الشخص وسألني مباشرة : " أنت الحمادي ؟! " ، أجبته على الفور : " لا .. أنا اليوسفي " ، فقال لي : " قلدك الله ؟!! " ، فحلفت له مضطرا " لا والله انا اليوسفي نائب الحمادي " ، سألني : طيب ، وين هو الحمادي ؟ " ، أخبرته بأني شاهدته يمر من هنا هو وأصحابه ، فسألني : " يعني ما فيه شيء ؟" ، طمأنته بأنه بخير ، فسألني ان كنت احتاج شيء ، فشكرته وقلت له بأني قد اكلت وشربت وسوف امكث قليلا واغادر ، كنت اشاهد جنود الأمن المركزي يمرون من أمامي ذهابا وايابا...
- يمرون من أمامك مباشرة ؟
- نعم .. كانت المسافة تقريبا 150 متر فقط ، كنت اشاهدهم يمرون على الاسفلت منهم من كان يذهب لمشاهدة مقر اللواء بعد سقوطه ومنهم من كان يذهب للفود ونهب اي شيء من المقر ..
- الم تخشى وقتها بان يلتفت أحدهم ويراك ؟
- نعم .. لكني كنت أقول اذا أتوا ليقبضوا علي ، فأنا لدي مسدسي الشخصي سأدافع به حتى آخر طلقة ، لم يكن تفكيري منشغل هل سأقتل أو سيتم أسري.
وذلك الشخص حين رأى أن ملابسي والصندل الذي ارتديه صغيرة علي فقد كانت لعسكري صغير الحجم ، ذهب ذلك الشخص وعاد الى بعد حوالي ساعة وقد أحضر لي ( معوز وقميص وشال وصندل وعلبة ماء ) ، عرض علي أن أذهب معه الى منزله فرفضت وشكرته وقلت له بأني سأجلس قليلا وسأذهب ، طبعا كانت قدمي قد تورمت من الاصابة.
الى قبل آذان المغرب بقليل اتصلت بيوسف الشراجي من الهاتف الذي احتفظت بقليل من بطاريته ، سألني مباشرة : " أين انت ؟" ، قلت له بأني في مكان قريب من اللواء ، فسألني اين مكاني بالتحديد ، أخبرته بأني في عٌبار سيل خلف شارع الثلاثين.
قال لي : " اطلع الى جوار محطة الظافري التي بجوار نقطة الحوثه " (نقطة الثلاثين) ، فأخبرته بأني لم اعد قادرا على المشي ، فقال لي : " لو ارسلت اشخاص الى مكانك ليساعدوك ، ربما يشتبه بهم لأنهم يبحثون عنك في كل مكان ، حاول ان تمشي " ، اكدت له بأني لم اعد قادر على المشي ، ورغم ذلك سأحاول المشي الى أقرب مكان وسأخبره.
فأخبرني يوسف بأنه يوجد خلف تلك المحطة عمارة فيها شقة جاهزة ، وستأتي سيارة لتأخذني الى هناك ، قلت له حسنا ولكن طلبت منه بأن يرسلهم بعد ان يحل الظلام بالكامل على المنطقة وليس الان – كان لا يزال وقت المغرب -.
- كم كانت المسافة التي طلب منكم الشراجي قطعها ؟
- المسافة كانت تقريبا 200 الى 300 متر تقريبا .
- الم تكن قادرا على قطع هذه المسافة ؟
- مشيتها لاحقا ولكن بأذرعي وكنت أسحب قدمي المكسورة سحباً ، وأخذت لي عصا " مَكنس " من منزل الحراني ، لأن التي كانت معي قصيرة ولم استطيع اتوكأ عليها ، وبعدها وجدت عصا من شجرة " علب " طويلة أخذتها لأستطيع السير.
بعد ذلك بفترة فكرت في أن أعود الى ذلك المنزل الذي لم أجد فيه أحد سابقا ، طرقت الباب وفتح لي الباب صديق لي لم يتعرف علي في البداية بسبب الحالة التي كنت فيها ، أدخلني الى ديوان منزله وطلبت منه طعام واحضر لي طعام ، ثم شحنت هاتفي وتواصلت مع الأهل مرة أخرى وتواصلت مع الشراجي واخبرته بأني ذهبت الى هذا المنزل ، واعطيته رقم صاحب المنزل ليتواصل مع الأفراد الذين سيرسلهم لإحضاري حتى لا أمكث في ذلك المنزل كثيرا ، بعد قليل جاء احدهم يدق باب المنزل يسأل عني : الفندم موجود ؟ ، فانكر صاحب المنزل وجودي لكن الرجل ألح عليه واخبره بانه صديق لي ويعرفني وكان يبكي ، فعاد صاحب المنزل لي فطلبت منه ان يدخله ، فكان هذا الرجل هو الحراني من رافقني عند مغادرتي للواء وامرته لاحقا ان يبتعد عني وذهبت لأمكث في عبار السيل.
كان الرجل يبكي ، سألته : مالك؟ ، فقال : لو كنت صدقت كلامي الصباح وجلست عندي بالمنزل كان الحوثه قبضوا عليك ، سألته باستغراب: كيف ؟ فقال لي : حين طلبت مني ان اتركك وأعود لمنزلي ، مشيت بعدك وحين رأيتك واقف عند باب هذا المنزل تطمنت وعدت الى منزلي فوجدت الحوثه قد اقتحموا بيتي وبيوت الجيران يبحثوا عنك ، لا ادري من ابلغهم بأنك دخلت الحارة التي اسكن فيها ، لم يتعرفوا عليا وإلا كنت سأعتقل ، كانوا يقولوا بان الحمادي موجود هنا ، لا أدري من باعك.
طمأنته بأني بخير وطلبت منه ان يغادر فورا حتى لا اتسبب له او لصاحب البيت بأي مشكلة ، والحوثيين كانوا متواجدين بالقرب من المنزل ، فغادر .
احضر لي صاحب المنزل قات ، واتصل بي يوسف الشراجي وطلب مني ان اغادر فورا واتحرك من المنزل الى منطقة قبل المحطة وسأجد سيارة أجرة وشخص واقف أمامها وشخص آخر بجوار السائق، واعطاني اسماءهم ، بعدها بلحظات اتصل الشراجي وابلغني بأن السيارة لن تأتي ، وقال لي أخرج من البيت وأمشي قليلا وحدد لي عمارة أذهب لها ، أخبرته بأني غير قادر على السير بسبب الإصابة ولا استطيع أن أطلب من صاحب المنزل مساعدتي حتى لا يعلم إلى أين اذهب خوفا عليه اذا تم اعتقاله من الحوثيين قد يتعرض للتعذيب.
قال لي الشراجي : اتحرك ضروري وأنا سأجعلهم يقربون المسافة إليك ، خرجت بالعصا وصاحب المنزل جاب لي، عكازة خاصة بالمعاقين ، اخذت ابنه الصغير ليرافقني واخذت إلى مكان قريب ثم طلبت منه العودة ومثلت بأني سأمكث وأنتظر ، وصلت إلى مكان حدده الشراجي ولقيت شخص فسألته : أنت الزغروري ( الاسم الذي أخبرني به الشراجي ) ، قال لي : لا أنا صديقه ، أنت الذي أرسله الشراجي ؟ قلت له نعم ، فسألني عن إصابتي ثم ساعدني في المشي إلى أن وصلنا إلى باب العمارة وهناك وجدت اشخاص حملوني إلى شقة في الدور السادس وكان غير مكتمل وتحت التشطيب.
جلست فوق سرير بإحدى الغرف ونظرت من نافذه الغرفة فشاهدت وجود نقطة للحوثي تحتي مباشرة ، قلت : إذا حلو " يضحك ".
احضروا لي عشاء وقات دون أن يعرفوا من أنا وكنت قد تعشيت من قبل ، لأن الشراجي اخبرهم بأني أحد قادة الكتائب في المطار وطلب منهم ان يحضروني إلى الشقة لأمكث فيها إلى الصباح.
بعدها جلست ارسل الاحداثيات إلى طيران التحالف بأهم الأماكن داخل مقر اللواء والمخازن التي تبقت فيها ذخائر كما قلت سابقا.
- اي انك اعدت تشغيل هاتفك للتواصل مع الناس؟
- نعم لأن صاحب الشقة شغل لي الماطور وشحنت هواتفي .
- اول الاتصالات التي تلقيتها ؟
- اول اتصال كان من الاستاذ عبدالله نعمان وبعدها اتصال من الاستاذ الشهيد احمد الصبري ومن بعدها اتصال من احمد سعيد الوافي ووجدت رسائل واتصالات كثيرة تتطمأن علي من الدكتور/ ياسين القباطي ومن الشيخ حمود سعيد ووجدت مكالمات من الرياض.
- اي ان الشراجي كان قد أبلغهم بأن بخير؟
- نعم ، تقريبا ابلغهم بذلك في المغرب واعتقد ابلغ اطار محدود لأن اغلب من كنت اعرفهم لم يكن يعرفهم الشراجي حتى الشرعية لم يكن لها تواصل معه لأنه لم يكن له حينها أي تواصل معهم.
كما قلت تواصل بي الأستاذ عبدالله نعمان وأحمد الوافي ومحمد عبدالعزيز والاستاذ رئيف اليوسفي والاستاذة عائدة العبسي ، وقيادات حزبية وزملاء كثيرين ، ووجدت مكالمات ورسائل من السعودية تطلب مني الاحداثيات داخل اللواء لضربها ، يمكن نصف ساعة وبدأ ضرب الطيران على مقر اللواء وكنت اشاهد ذلك من مكاني ، كنت اشاهد الصواريخ تنزل وهي تضرب مقر اللواء.
تواصلت بعدها مع الناشطين والأطباء والمستشفيات لمعرفة مصير أفراد اللواء وتواصلت مع بعض الجرحى الذين كنت أعلم بإصابتهم ، حاولت أسأل عن كل أفراد اللواء الذين علمت بأنهم جرحى ، تواصلت مع الشهيد العوني وأعطاني أسماء كل القادة الذين خرجوا لأتواصل معهم وأعرف مصيرهم. .
من خلال البحث عرفت بأن عدد من أفراد اللواء تم أسرهم من قبل المتحوثين بالحارات المحيطة بمقر اللواء وبلغ عددهم 12 فرد.
- بشكل عام هل وصلتم لصورة شاملة عن مصير من كان داخل مقر اللواء؟
- عملنا حصر وطلبنا من كل قائد كتيبة يحضر أسماء الكتيبة من هم الشهداء ، الجرحى ، الأسرى ، من غادر بأمان ، فحاولنا أن نحصي أكبر قدر وبعدها بفترة حصلنا على احصائية كاملة عن كل شهيد وجريح ، أما الأسرى الـ 12 فقد أطلق سراحهم .
- في اليوم التالي إلى أين انتقلتم ؟
- في اليوم التالي اتصل بي يوسف الشراجي وقال لي بأن الذين كانوا سيأتون يوم امس سيأتون إلي ، أحدهم اسمه عادل اليوسفي وهذا كنت اعرفه من قبل وشخص آخر أسمه أحمد حسان اعتقد بأنه من الإصلاح ، وقال لي بأنه سيرسلهم إلي بسيارة أجرة.
انا تواصلت مع فردين من أفراد اللواء كانا من سكان بيرباشا ، أحدهم كان يمتلك دراجة نارية وطلبت منهم ان يستطلعوا الطريق لتأمينه قبل أن نتحرك ، بالنسبة للشخصان اللذان أرسلهم الشراجي ظلا في المكان المتفق عليه من الصباح حتى وقت صلاة الجمعة، لان يوم سقوط اللواء كان يوم خميس واليوم التالي جمعة ، وقت صلاة الجمعة اتوا لإخراجي من الشقة.
أنزلنا بكتفه صاحب الشقة الى تحت فقد كانت قدمي متورمة بشكل كبير جدا ولم أكن قادرا حتى أن اضعها على الأرض ، ركبت في السيارة بالوسط وتحركنا من الحارة الى قبل نادي الصقر والتفينا بالطريق الى بريد بيرباشا لتفادي نقطة للحوثيين بجولة نادي الصقر ، وبعدها كانت أمامنا نقطة للحوثيين في الحصب فدخلنا شوارع فرعية لتجاوزها ، لكن تبقت لدينا نقطة الزنقل لم نقدر على تجاوزها ، فوصلنا اليها وكان يسبقنا دراجتان ناريتان عليهما اشخاص مسلحون بمسدسات ولم أكن أدري هل هم تبعنا ام لا ، وصلنا الى النقطة سألنا مسلح حوثي : محملين شيء بالخانة ؟ فرد عليه السائق : هل افتحها لك ؟، فرد عليه : خلاص تحرك.
بالمصادفة شاهدت شخص من الذين قاتل مع الحوثين وكان من أفراد اللواء شاهدته مخزن مع الحوثيين في هذه النقطة بالزنقل.
- الم ينتبه لك ويتعرف عليك ؟
- لا ، لأني كنت جالس وسط السيارة بالمعقد الخلفي وكنت مغطي على وجهي بالشال ، وهو كان يعرفني من فترة ، فأخبرت الذين كانوا معي بذلك.
مشينا من وادي القاضي ووصلنا المسبح ثم الى التحرير الى فندق الرياض ، وبالمناسبة عادل اليوسفي صورته في البطاقة الشخصية فيها شبة كبير مني لذلك طلبت منه ان يصور لي صورة طبق الأصل من بطاقته الشخصية حتى اسجل في الفندق باسمه ( عادل اليوسفي ) ، فقال لي : البطاقة خليها معك ، وسلمتها للفندق ، بعدها زارني أحد قيادات الإصلاح اعتقد ابلغه من أحضرني اليه ، زارني واحضر معه غداء وقات.
ظلت قدمي متورمة وتواصلت مع إدارة الفندق وقلت لهم بأن قدمي تعرضت لحادث دراجة نارية وطلب منهم رباط ومرهم ومهدئ لتخفيف الألم ، للعلم بأني بقيت على هذه الحالة حوالي 5 أيام ولم يأخذني أحد الى أي مستشفى لعلاج قدمي وذلك احتياط امني .
أتى الى شخص اسمه الاستاذ/ أحمد الصبري _وهو قد استشهد في معركة الشقب _ كان يأتي الينا للواء زارني للفندق وظل معي قليلا ثم غادر .
أتى الي في اليوم التالي الأستاذ رشاد الأكحلي وكيل المحافظة واعتقد بأن أحمد الوافي أبلغه ، اتى ومعه أمين شرف وعبدالرقيب المشولي وشخص اسمه الاستاذ / رزاز الشرعبي من الإصلاح .
في اليوم الخامس من سقوط اللواء جاءت الى الاستاذة عائدة العبسي ومجموعة من الناشطات فأخبرتهم بأن الزيارة لي ليست ضرورية ، وقمت بتغيير الفندق ...
- لماذا هذه المخاوف، رغم ان المنطقة تحت سيطرة المقاومة؟
- لكن الحوثي كان له عناصر في كل مكان ، كنت اصعد للباص وأجد ناس مؤيدين بحماس للحوثين ، كنت انتقل داخل أماكن سيطرة المقاومة بالعكاز وانا متنكر بزي ونظارة حتى لا يعرفني احد ، كنت أحيانا أجد ناس أعرفهم بل ومن أقاربي لم يتعرفوا علي ،فكان الحوثي لديه خلايا في كل مكان داخل المدينة.
- ربما قساوة معركة المقر أثرت عليكم ودفعتكم الى هذه الدرجة من الحيطة؟
- نعم ، وهم أصلا كانوا يبحثون عني ، مثلا هم علموا بأني مصاب وكانوا يمرون على مشافي المدينة للسؤال عني ، وهذا اوجد الشك لدى الأطباء الذي معروف بأنهم مؤيدون للمقاومة ويحملون قضية بعد وصول اشاعة بانه تم اسعافي الى مستشفى الثورة تحركوا للتأكد منذ ذلك وإبلاغ زملاءهم بالاهتمام بي وحمايتي .
تواصلت مع أحمد الوافي وقال لي بأنه عاد الى القرية ، وذلك بعد أن غادر اللواء بعد أن اخرجته منه فجر اليوم الذي سقط فيه المقر الى منطقة معينة ، ذلك اليوم وجدت أفراد من اللواء تفاجأوا بأني ما زلت موجود حينها داخل المقر لان الشائعات كانت قد وصلت لهم بأني انسحبت من اللواء وكنت أطلب منهم ان لا يصدقوا مثل هذه الكلام وأن يصمدوا ، وكنت انتقل بين مواقع اللواء لان كل لحظة كانت تصل شائعات بأني انسحبت من مقر اللواء.
- اي أنكم واجهتم حرب شائعات في الساعات الأخيرة؟
- نعم وبشكل كبير جدا حتى أنه أول انسحاب لعناصر اللواء حدث من الاستاد الرياضي ، كان بسبب أنه نقل لهم بأني انسحبت وأني قد غادرت لأني أمرت المرافقين التابعين لي بالبقاء وان لا يتحركوا معي حتى لا نستهدف ، وهذا ما سبب الشائعات بأني انسحبت ، في الصباح حين بدأ الأفراد يشاهدوني انتقل بالمواقع صمدت هذه المواقع حتى استطعنا ان ننفذ خطة الانسحاب كما اشرت سابقا، حتى أن آخر مجموعة انسحبت لم يعلم الحوثي بذلك حتى وقت متأخر.
يتبع ...
للاشتراك في قناة " الرصيف برس " على التلجرام.
إضغط على اشتراك بعد فتح الرابط