القائد الحمادي وخصوصية الوعي العسكري والوطني في اللواء 35 مدرع

الخميس 05 نوفمبر 2020 - الساعة 08:06 مساءً

 

 

أشرنا سابقاً إلى بعض السمات الخاصة التي يتسم بها اللواء 35 مدرع من حيث التأسيس، فقلت إن النواة الأولى لتأسيسه ‏تتمثل بالكتيبة الثانية مدرع التي تأسست عقب ثورة 26 سبتمبر، ومنها تأسس اللواء الثاني مدرع مستقل، وإن بقية الأفراد ‏باللواء يمثل الغالبية العظمى منهم من محافظة إب، وإن كثيراً من هؤلاء إما من المناطق الوسطى الذين كانوا من عناصر ‏الجبهة الوطنية، أو على قرب منهم، أو من أبناء أسر يسحقها الفقر.‏

 

أشرت أيضاً إلى أنه تم دمج لوائين عسكريين بعد حرب 1994 هما لواء شلال مدرع، وكان يتبع جمهورية اليمن ‏الديمقراطية، مع اللواء الثاني مدرع مستقل الذي يتبع الجمهورية العربية اليمنية، وأطلق على اللواء الجديد اسم اللواء 35 مدرع.‏

 

هذا التغيير في بنية اللواء 35 مدرع جعله يحتوي على ضباط وأفراد قدامى، كانوا ذات يوم من أشبال ثورتي ‏‏26 سبتمبر، و14 أكتوبر، ومن عناصر الجبهة الوطنية، ومن أبناء الفقراء من أغلب المحافظات وخاصة من محافظة إب ‏التي يقارب عدد أبنائها في اللواء الألف فرد.‏

 

هذا التنوع في الأفراد، والتاريخ سواءً النضالي للضباط وكثير من الجنود، أو الوطني جنوبيين، وشماليين تعد من العوامل الأساسية التي خلقت إلى حد كبير نوعاً من الوعي الوطني المسؤول عند ضباط، وأفراد اللواء على نحو يكاد أن يكون غير موجود عند بقية ضباط، وأفراد الألوية العسكرية الأخرى.‏

 

والشواهد على هذا الطرح واضحة كل الوضوح كالتالي:‏

 

الشاهد الأول: في الانتخابات المحلية عام 2001، والبرلمانية عام 2003، والرئاسية والمحلية عام 2006 جاء الفوز حليف ‏معظم مرشحي المعارضة بجميع المراكز القريبة من معسكرات ومواقع اللواء 35 مدرع بمحافظتي لحج، والضالع.‏

 

(ومثلما كانت كثير من الألوية العسكرية التي اعتاد نظام علي عبد الله صالح أن يدفع بأفرادها لانتخاب أعضاء مرشحي حزبه ‏في أغلب المحافظات ومراكز الانتخابات الأمر الذي جعله يفوز دوما بأريحية على أحزاب المعارضة).

 

كان في المقابل أغلب ‏أفراد وضباط اللواء 35 مدرع ينتخبون في مراكز مديريات الضالع مرشحي المعارضة خاصة مرشحي الحزب الاشتراكي ‏اليمني.‏

 

وعلى هذا الطرح أكد القائد الشهيد عدنان الحمادي، وعلي النقيب، وغيرهما من الضباط بالقول "كنا نوعي الأفراد فنسألهم: كيف تسمح قيادة اللواء بمحاضرات أو خطابات مرشحي المؤتمر الشعبي داخل اللواء، ولا تسمح لمرشحي ‏المعارضة بالمثل...؟ لهذا لا تنتخبوهم أو احرقوا كروت الانتخابات".‏

 

الشاهد الثاني: في عام 2005 أقدم عدد من الضباط في مقدمتهم الضابط على النقيب على صياغة بيان تناول فساد قيادة اللواء ‏‏35 مدرع، وتلاعبها بالتموين الغذائي، وبالتموين العسكري من مشتقات النفط المختلفة، وتم طباعة البيان بأكثر من مدينة بعيداً ‏عن العيون، وتم إدخاله للواء سراً، واختار علي النقيب مجموعة من الضباط لتوزيعه في قطاعات معسكر الشهيد عبود بالضالع ‏مقر قيادة اللواء، كان بينهم الضابط عدنان الحمادي.‏

 

وفعلاً تم توزيع البيان بمعسكر عبود على الأفراد.

 

وسافر الذين وزعوا البيان عقب توزيعه تحت حجة إجازات، ومن ضمنهم عدنان الحمادي الذي سافر إلى القرية، وكان حينها قد أقلع عن تعاطي التدخين كما ‏قال زميل عمره علي النقيب.‏

 

عند اعتقال بعض الذين وزعوا البيان استطاعوا اختلاق مبررات توهت قيادة اللواء عن معرفة الضباط الذين كانوا يقفون خلف ‏عملية صياغة البيان وتوزيعه.‏

 

الحمادي عندما اتصل بعلي النقيب ليطمئن عليه، رد عليه الأخير أنه في الشرطة ففهم بأنه قد اعتقل، الأمر الذي ‏جعله يفكر كثيراً في نتيجة التهمة التي ستطال كل من قام بهذا العمل، وهي تهمة التحريض، والتخوين للذين قاموا بتوزيع البيان ‏داخل المعسكر، وتحت طائلة التفكير بالمشكلة عاد ثانية إلى تعاطي التدخين كما قال علي النقيب.‏

 

الشاهد الثالث: (قيام عدد من الضباط وفي مقدمتهم علي النقيب عام 2011 بطرد قائد اللواء 35 مدرع أحمد حيدر الذي ينتمي ‏لقرية الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح، وكان أول لواء عسكري يطرد قائده، ويؤيد ثورة الشباب حينها، وكان الحمادي من ‏الضباط المباركين لعملية طرد قائد اللواء حيدر).

 

الشاهد الرابع: أن ضباط اللواء، وأفراده قاموا باعتصامات، واحتجاجات ضد تعيين العميد ركن علوي الميدمة قائداً للواء خلفاً ‏للعميد حيدر، وكان مبررهم في ذلك أن الميدمة قد تم طرده أثناء الثورة الشبابية من لواء المجد بصعدة كما طردوا هم حيدر من ‏اللواء 35 مدرع، وعليه فمن غير المنطق أن يعاد تدوير قائد مطرود من لواء آخر، على قيادة لواء طرد قائده للغرض نفسه...!

 

وهذا الشاهد يمثل بحد ذاته تأكيداً على خصوصية الوعي العسكري، والوطني لدى ضباط وأفراد اللواء 35 مدرع الذين يعد ‏الحمادي واحداً منهم.‏

 

الشاهد الخامس: أن اللواء 35 مدرع كان أول لواء عسكري يعلن وقوفه في صف الشرعية، ويعلن خوض الحرب ضد ‏المليشيات الانقلابية.‏

 

والجوهري في هذا الشاهد ليس إلا نتيجة للشواهد الأخرى السابقة التي أشرنا إليها.‏

 

إن جل تلك شواهد في حين أنها سمة تميز اللواء 35 مدرع عن غيره، هي أيضاً دالة تدل بكل وضوح على خصوصية الوعي الذي يعتد به أغلب ضباط وأفراد اللواء الذين يعد القائد عدنان الحمادي واحداً منهم.

 

منح العقيد عدنان الحمادي عام 2006 إجازة دراسية لنيل درجة الماجستير بكلية القيادة والأركان، بعد محاولتين باءتا ‏بالفشل، كان كلما ترشح، وقدم ملفه لدراسة الماجستير يتفاجأ بنفاد المقاعد المخصصة للمتقدمين للالتحاق بكلية القيادة ‏والأركان.‏

 

في المحاولة الأخيرة قال لي عندما سألته:‏

 

ـــ كيف استطعت أخذ شارة الأركان مع أنها كانت محصورة على الضباط من المحافظات الشمالية فقط...؟‏

 

فقال لي: إنه قصد قائد الفرقة الأولى مدرع اللواء علي محسن حينها، وشرح له الأمر، ومن أنه رشح، وتقدم مرتين لكلية ‏القيادة وفي كل مرة كان يتفاجأ باستثنائه، فوعده الأخير بأن يعتبر أمره محسوماً، فطالب منه أن يشخط على وجهه كي ‏يطمئن قلبه، فشخط علي محسن على وجهه بأنه سوف يضمن له الالتحاق بالكلية، وهو ما تحقق، فلم تنقض بضع أسابيع ‏حتى وصلته إفادة بالموافقة على التحاقه بكلية القيادة والأركان، وتدعوه بسرعة الوصول للانضمام للدفعة بالكلية. ‏

 

وكي يبقى مطمئناً في دراسته الأكاديمية العسكرية، غير مشتت البال بين الدراسة بالكلية، وبين أسرته في القرية أقدم على استئجار شقة بالعاصمة نقل إليها أفراد أسرته ‏الزوجة، والأربعة الأبناء.‏

 

يلتحق بذلك العام 2006 بالأكاديمية العسكرية العليا كلية القيادة والأركان ــ الدورة الحادية عشرة ‏قيادة وأركان تخصص (عام) ‏للفترة من 23 يناير 2006 إلى 19 مايو 2007 ومنح درجة ‏دراسة الماجستير في العلوم العسكرية بتقدير جيد جداً عن ‏بحثه الموسوم بعنوان "أنسب أسلوب ‏لرفع حالة الاستعداد القتالي للواء المدرع في ظل العدائيات المختلفة" مع مثال تطبيقي ‏‏(‏ ‏). ‏

 

‏على إثر نيله درجة الماجستير في العلوم العسكرية ــ المعروفة بمرتبة ركن حرب ــ عين نائبا لرئيس مركز التدريب باللواء ‏‏35 مدرع عام ‏‎2007‎، واستمر يشغل هذا المنصب ‏القيادي حتى عام 2009.‏

 

وجهت عديد انتقادات من بعض الضباط لقيادة اللواء أنه من غير اللائق أن يبقى عقيد ركن نائباً لرئيس مركز تدريبي لكونه ‏يستحق منصباً أهم يليق برتبته، ودرجته العسكرية، وهنا تم استدعاؤه إلى كتيبته السابقة التي بقي فيها حتى بداية عام 2011 ‏حيث عين مديراً للمركز التدريبي باللواء.‏

 

(خلال ثورة الشباب 2011 يلتحق مع عدد من الضباط بساحة الحرية بتعز، ويصدرون بياناً بذلك، وتزامن مع صدور بيان الانضمام للثورة الشبابية بتعز أن ولدت له ابنة طلق عليها اسم "بيان" كتخليد لموقفه وزملائه بالانضمام للثورة كما أخبرني بذلك).

 

انصرمت بضع شهور لم يستطع خلالها العميد ركن الميدمة القائد الجديد للواء 35 مدرع الدخول إلى اللواء.

 

لم يصل الميدمة للواء إلا في شهر يونيو 2012، وعند وصوله أصدر تواً قراراً قضى بتعين ‏الحمادي ‏مديراً لمكتبه.‏

 

استمر مديراً لمكتب قائد اللواء 35 مدرع إلى أن بدأت القيادة السياسية بإعادة هيكلة الجيش كمطلب من مطالب ثورة الشباب، ‏ومحور من محاور وثيقة مؤتمر الحوار الوطني الشامل.

 

في ضوء هيكلة الجيش حينها تم نقل اللواء 35 مدرع إلى محافظة تعز، وبالمقابل تم نقل ‏اللواء 33 مدرع من تعز إلى المواقع السابقة للواء 35 مدرع بمحافظتي لحج والضالع، ونقل الأخير إلى المواقع السابقة للواء ‏‏33، وهي معسكر المطار غرب مدينة تعز، ومعسكر خالد بن الوليد بالمخا، ومعسكر لبوزة بلحج.‏

 

أثناء ذلك تم تعيين العميد ركن يوسف الشراجي قائداً للواء 35 مدرع، وبدوره أصدر الأخير قراراً للعقيد ركن عدنان ‏الحمادي بتعيينه في منصبين معاً الأول قائداً للكتيبة 64 (‏دبابات)، والثاني قائداً لمعسكر الشهيد لبوزة علماً أن الحمادي كان أقدم من الشراجي في التخرج من الكلية الحربية، ولكن المعايير السياسية في هذا البلد لا تعترف بالأقدمية، ولا بالتراتبية العسكرية والوظيفية.

....يتبع

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس