خبر زلج : فبراير .. تحقيق الأهداف والانتصار لدماء الشهداء
الخميس 11 فبراير 2021 - الساعة 06:00 مساءً
علي عبدالملك الشيباني
مقالات للكاتب
لو تعاطينا مع انتفاضة 11 فبراير من زاوية خلع علي عفاش من كرسي الحكم فقط , لكان ذلك كافيا لأن نطلق عليها ثورة شعبية بكل مقاييس ومضامين هذا الوصف, بل ثورة مرادفة لثورة 26 سبتمبر , من حيث كون الثورتين افضتا الى اسقاط نظامين متشابهين في منهج الحكم القائم على الاسرية والمنتفعين من حولها, وما ترتب على ذلك من اتباع لسياسات التجهيل الممنهجة وضرب العملية التعليمة, الى جانب افتعال الصراعات البينية والحروب وسياسات الغلبة , اضف الى ذلك ماكان يجري من توظيف لامكانات الدولة التنفيذية والامنية والمالية , وبما يقود في النهاية الى ضمان استمرار الحكم وترسيخ ثقافة الفرد , مع فارق الديكورات السياسية والدينية التي ظهرا عليها.
يحرص البعض في تقييمه لثورة فبراير مقرونة باستحضار النظام السابق ومقارنته بما يعتمل اليوم من حرب سلالية عنصرية, وما يترتب عليها من انقسامات اجتماعية وبروز للثقافات المناطقية والانفصالية, ناهيكم عن مظاهر الفقر والجوع وحالات البؤس والقهر والتعب الذي طال الجميع, في محاولة بائسة لتعميم وتجذير ثقافة " سلام الله على عفاش " .
لاشك بأن الماضي افضل من الحاضر بالمفهوم العام السطحي وثقافة رجل الشارع , غير ان المقارنة تمثل اعفاء للنظام السابق من تبعات مسؤلياته في ايصالنا الى مانحن عليه من اوضاع, بالنظر الى كونها تمثل نتاج طبيعي لطريقة ومضمون حكمه البعيد كليا عن وظيفة الدولة الحقيقية, والقائمة على تنظيم العلاقة بين افراد المجتمع وفقا لمنظومة القوانين والدستور , وعلى النحو الذي نشاهده في مجتمعات " الملاعين اولاد الملاعين " بما يعنية من نظام المواطنة وانفاذ للقانون واحترام لخيارات الناس عبر عملية ديموقراطية شفافة .
فلو ان النظام السابق مع غيره من انظمة الحكم العربية اتبع هذا النهج, هل كنا سنصل الى مانحن عليه منذ ست سنوات , بما في ذلك ما يجري في ليبيا وسوريا والعراق , وقادم الانهيارات المحتملة في اكثر من قطر عربي.
علينا ان نأخذ بإعتبارنا ايضا وقبل اي شيء مسألة مهمة جدا , وهي ان القوى الدولية كانت ومازالت حاضرة في المشهد العام اليمني وبقية الاوضاع العربية المشابهة لنا, اذ لايمكن لهذه القوى وبحكم مصالحها ان تسمح لثورات الربيع العربي من بلوغ اهدافها الوطنية, بإعتبار ان ذلك سيقود الى خلق انظمة وطنية تتعارض توجهاتها مع مصالح هذه القوى, ولنا في تعاطيها مع ثورة عبد الناصر ونهجه القومي في مصر خير دليل على مانطرحه في هذا الاطار.
من هذا المنطلق , فقد عملت القوى الدولية بكل امكاناتها على افشال ثورات الربيع العربي , مستخدمة في هذا الاتجاه جميع القوى النافذة الاقليمية والمحلية المحلقة في سماءها, وموظفة لمعطيات وخصوصية واسباب الفرقة القائمة في كل مجتمع على حدة, وفي مقدمتها توظيف الاوراق الطائفية والمذهبية والقبلية والعرقية والمناطقية , وبما يقود في النهاية الى خلق المقدمات القادرة على صنع النتائج المرجوة منها وفي مقدمتها ايجاد شرق اوسط جديد , وبعد ان تكون المجتمعات العربية المتصارعة قد بلغت من الدماء والفقر والفرقة والجوع , مايدفع بها ويضطرها لقبول مايقدم لها من الحلول بغض النظر عن مآلاتها وما يمكن لها ان تنتج من اوضاع , يصعب بلوغها في ظل حالة وطنية قادرة على ان توحد الناس تحت سقفها.
كما لانغفل ان التنسيق بين هذه القوى والنظام الايراني, قد لعب دورا مهما وكبيرا في صنع هذه المقدمات, بالنظر لحاجتها لايران كطرف في صراع يعد من اوسخ واعقد الصراعات في المجتمعات العربية , واقصد به الصراع المذهبي بصورة مانعيشه ونشاهده في العراق ولبنان وسوريا واليمن كمرحلة اولى , وفي سلسلة صراعات وحروب قادمة ستشمل كامل الجغرافية العربية بما في ذلك المملكة السعودية , مالم تجيد التعاطي مع راهن الاوضاع وتغيير نهجها التقليدي في التعاطي مع الجار اليمني.
ولا نغفل ايضا, بأن ضعف وغياب دور القوى الوطنية عن الساحة وفي مقدمتها اليسارية والقومية , قد شكل عامل مهم وفتح الابواب على مصراعيها امام تمرير السياسات الدولية المباشرة او تلك التي تنفذ عبر وكلاءها الاقليميين والمحليين, بالنظر الى دورها المفترض من حيث كونها معنية بتشكيل الوعي العام للناس وقيادتهم صوب بلوغ الدولة الوطنية.
وعلى العموم. , نأمل ان نتجاوز التعاطي التقليدي مع مناسبة 11 فبراير , في ان ننطلق من المهرجانات والخطب والقاء القصائد , الى النظر له بإعتباره التزام اخلاقي ووطني , علينا الوفاء بتحقيق اهدافه والانتصار لدماء شهداءه.