بين يوم وآخر , وبين ساعة واخرى نسمع ونقراء عن حوادث قتل واطلاق للنار لأبسط الاسباب , هكذا صار التعاطي مع البندق في كامل محافظة تعز.

نعلم سلفا مايترتب على غياب الدولة وما يلازم اوضاع الحروب الداخلية من انفلات عام وبروز لثقافات جديدة , بحيث يصبح البندق هو سيد الموقف وسيد اللحظة الزمنية .

نعلم ايضا وفي ظل اوضاع منفلتة كالتي نعيشها, كيف تغدو البندقية مصدر لتعويض حالات الشعور بالنقص لدى بعض الشباب, مايدفع بهم نفسيا الى محاولات تجاوز هذا الشعور من الناحية النفسية , عبر تمنطق السلاح واستخدامه في وجه الاخر لاتفه الاسباب , ظنا منه بتسجيل حضور يلفت الانظار ويجلب الاهتمام. 

نعم , نعلم عن هذه الحالات, لكن مايحدث في تعز تحديدا يتجاوز مايجري في محافظات اخرى .

قد لانستوعب الامر حتى في اطار ماذكر انفا , بالنظر الى كون تعز تجذرت في اذهان الناس كمحافظة مدنية, يتمتع اهلها بثقافة مدنية طاغية وعرفوا بسعيهم الجاد عن دولة نظام وقانون , وهو السلوك المفترض ان يتحلى به الجميع في عصر الايفون وثورة الاتصالات.

الملفت في الامر , ان الحال انقلب رأس على عقب, وطغت ثقافة السلاح على ابناء المحافظة بشكل مخيف ولافت,  بحيث صار اطلاق النار والقتل متوقعا لاتفه الاسباب, وكيف غدا هذا السلوك المشين بحقهم شيء معيب بكل المقاييس وإساءة حقيقية لتاريخ الناس, فقد عرف عنهم حمل السلاح في الدفاع عن الثورة و مقاومة الظلم لااكثر,.

في الازمان السابقة لهذه الاوضاع كان كل من يحمل السلاح في الاعراس والمناسبات عموما , يتعرض للسخرية والغمز واللمز وحتى الاستخفاف به , ولذا كنا نرى ندرة من يحمل السلاح برغم توفره في كل منزل , كما انه لم يحضر في خلافات الناس البينية ومشاكلهم لأي سبب كان.

اليوم تخشى ان تختلف مع اي كان خوفا من تعرضك للقتل , لافرق في ذلك بين المدينة والريف وبين المتعلم والجاهل والكبير والصغير.

تشعرك الاحوال عموما في تعز على هذا الصعيد, وكأن الناس فيها حرموا من نعمة الفوضى وتنمنطق الاسلحة,  وبالتالي فهم يقومون الان بتعويض هذا الحرمان والالتحاق بثقافة مجتمعات محلية اخرى , بعد اكتشافهم خطأ التحلي بالثقافة المدنية طوال المراحل السابقة.

لو تدرون كم هي مؤسفة اوضاع تعز على هذا الصعيد.. كيف يتفاخر الشباب بحمل السلاح وتمنطقة بطرق " ميكلية " مختلفة, وبتباه لاتصدق معه انك تتواجد في محافظة تعز العلم والثقافة والمدنية والانتماء للمهنة.