تمثل منطقة الحجرية العمق التاريخي والحضاري، ومنبع التنوير الفكري والثقافي لشبه الجزيرة العربية، كما أنها مسقط رأس أهم التجار الذين أثروا بنشاطهم التجاري على مستوى الجزيرة والخليج، وبالإضافة إلى ذلك فإن القادة السياسيين والوطنيين الذين كتبوا تاريخ الحركة الوطنية اليمنية في الشمال والجنوب ينحدرون من هذه المنطقة التي تربط شمال اليمن بجنوبه.

هذه الخصائص منحت منطقة الحجرية أهمية خاصة في صناعة حاضر ومستقبل اليمن، كما أن حالة الوعي الفكري والتعليمي، والحس القيادي الذي يمتاز به أبناء هذه المنطقة قد جعل المتربصين بها يعملون على استهدافها تخوفا من بروز قيادات من داخلها تقود المشروع الوطني الذي يطمح إليه كل اليمنيين.

في العام 78 قام علي عبدالله صالح والذي كان حينها قائدا للواء تعز باستهداف عدد من مشائخ محافظة تعز خلال ارسالهم للوساطة مع عبدالله عبدالعالم الذي تحصن في منطقة الحجرية مع عدد من أنصاره، وقام صالح برمي الجريمة على عبدالله عبدالعالم واتهامه بتصفية المشائخ، وهذا ما ظل سائدا في معتقد الكثيرين الذين حملوا عبدالعالم مسؤولية هذه الأحداث.

خلال ثورة 11 فبراير وخلال الأحداث العسكرية في منطقة الحصبة بصنعاء حاول صالح تكرار السيناريو حين أرسل عددا من المشائخ للوساطة إلى منزل الشيخ صادق الأحمر وقام بقصفهم، وفي هذه الأثناء قام علي محسن الأحمر الذي يعد اليد اليمنى لعلي صالح طوال مسيرته الاجرامية بالكشف عن حقيقة أحداث التربة 78 معترفا بوقوف علي صالح وراءها.

اعتراف علي محسن لا يعفيه من مسؤوليته في أحداث الحجرية والمشاركة فيها عبر استهدافها بالقصف في العام 78 ليعود علي محسن بعد 40 عاما من تلك الأحداث لاستهداف الحجرية مرة أخرى، عبر استهدافه للمشروع الوطني الذي يتخلق من داخلها ممثلا بنواة الجيش الوطني اللواء 35 مدرع وقائده العميد ركن عدنان الحمادي.

عمل علي محسن على اللعب بأوراقه عبر تحريك أدواته المتمثلة بحزب الاصلاح الموالي لقطر وتكليفها بنشر الفوضى والاقتتال الداخلي في منطقة الحجرية وتأسيس لواء عسكري جديد بقيادات اصلاحية ”اللواء الرابع مشاة” وارساله إلى مناطق اللواء 35 مدرع بهدف السيطرة عليها.

ومؤخرا طلب علي محسن الأحمر من رئيس هيئة الأركان توقيف العميد الركن عدنان الحمادي قائد اللواء 35 مدرع، لكن رئيس هيئة الأركان رد عليه بأن التوقيف غير ممكن قبل اجراء التحقيق الذي سيبين صحة ما نسب للحمادي من تهم أو عدم صحتها وعدم ثبوتها، وعلى الفور طلب الأحمر من رئيس هيئة الأركان التوجيه بتشكيل لجنة صورية  برئاسة ساعده الأيمن الاخواني عبدالله الحاضري رئيس القضاء العسكري وبقية أعضاء اللجنة الذين ينتمون لجماعة الاخوان المسلمين.

لم ياتي تشكيل اللجنة من أجل إجراء التحقيق لمعرفة الحقيقة في قضية الخلاف مع أبناء الصبيحة، بل لتلفيق تقرير وتقديمه لرئيس هيئة الأركان ليكون سندا ومبررا لتوقيف الحمادي والتخلص منه وازاحته من قيادة اللواء 35 مدرع وتعيين قائد للواء من جماعة الاخوان أو مقرب منهم يحركونه كما يشاؤون وينفذ لهم ما يريدون.

وبالفعل تم اخراج اللجنة بقرار نسب صدوره لقائد المنطقة الرابعة اللواء فضل حسن الذي يحركه الفريق علي محسن الأحمر كدميه وفي الاتجاه الذي يريده، فصدور القرار من قائد المنطقة مسرحية هزيلة ولعبة مكشوفة تفضحها الكثير من الاختلالات التي لازمت تشكيلها.

فقد ضمت اللجنة في تشكيلها رئيس ما يسمى بدائرة القضاء العسكري، وهو من حدد صفته في مذكرة الاستدعاء للعقيد في اللواء 35 مدرع فؤاد الشدادي بأنه المحامي العام للنيابات العسكرية وهي صفة قضائية أعلى من قائد المنطقة العسكرية الرابعة، ولا يخضع لسلطة قائد المنطقة الرابعة، والمعلوم أن الأدنى لايجوز له أن يكلف ويأمر من كان أعلى منه سلطة، فكيف يقبل من وصف نفسه بالمحامي العام للنيابات العسكرية التكليف ممن هو أدنى منه في المرتبة والسلطة !!

كما ضمت اللجنة في تشكيلها من هو متهم أصلا بحجز السيارات المحملة بالمشتقات الذي نهب في مقر قيادته ونعني بذلك العقيد جمال الشميري قائد الشرطة العسكرية بتعز، حيث اتهمت مذكرة صادرة عن محافظ لحج الشرطة العسكرية وقيادة المحور بعملية نهب المشتقات.

ولا بأس أن نذكر قائد المنطقة العسكرية الرابعة أنه لم يحرك ساكنا عندما تجاوز رئيس هيئة الأركان السابق صلاحياته وموقعه بإصدار توجيهات مباشرة لقائد محور تعز يحدد فيها مسرح عمليات للواء الرابع مشاة جبلي خلافا لمسرح عملياته المحدد من قائد المنطقة نفسه وبدون علمه وينقل كتائب من اللواء35 مدرع للواء الرابع دون أن يعلم قائد المنطقة الرابعة حيث مرت تلك الأوامر فوق رأسه لتحط رحالها مباشرة عند قائد محور تعز.

وبعد تذكيره لا بأس أن نستفسره كيف تحرك مؤخرا كدميه ليصدر قرارا بتشكيل هذه اللجنة، وهو الذي لم يتحرك لتشكيل لجنة للتحقيق مع من رفض تنفيذ أوامره العملياتية بإعادة اللواء الرابع مشاة إلى مسرح عملياته الذي حدد من قبله!! ولم يتخذ أي إجراء للتحقيق في شكاوى قائد اللواء35 مدرع ضد قيادة المحور لقيامها بنقل أفراد من قوة اللواء35 مدرع وإنزالها من كشوفات مرتبات اللواء وضمها على قوة ألوية أخرى لتفكيك اللواء وإضعافه وتشتيت قوته!! ولم يتخذ أي إجراء لمحاسبة قادة الألوية العسكرية الذين يتسترون ويغطون أفراد ألويتهم الذين نكلوا بأبناء المحافظة قتلا للأنفس ونهبا للممتلكات واستيلاء على الاموال والممتلكات العامة، ومن يعبثون بالأمن والسكينة!!

لا بأس أن نستفسره كيف حركته الآن أصابع سيده ليكون غطاء لتشكيل لجنة تلفق تقريرا سيستخدمه سيده للإساءة للواء 35 مدرع وقياداته وأفراده ومنتسبيه، وإزاحة العميد الحمادي القائد الذي لم يستطيعوا شراء ولائه بأموالهم واغراءاتهم، ولم يستطيعوا اخضاعه بترهيبهم، كما لم يستطيعوا تغييبه من الحياة بمؤامراتهم القذرة على حياته لأنه أخلص لدينه ووطنه فحمته عناية الله وحب أبناء تعز .

على أن سلوكيات علي محسن الأحمر وعبر أدواته في استهداف تعز وأبنائها تستدعي اليقظة والوقوف أمام مشروعه التدميري بحزم، فمشروعه لا يستهدف تعز الجغرافيا بقدر ما يستهدف المشروع الوطني الذي تمثله وتحمله تعز، وهو قبل ذلك يستهدف الرئيس عبدربه منصور هادي في اطار محاولات الاخوان للتخلص منه.

على الرئيس هادي أن يدرك ذلك، وأن يدرك أن جماعة الاخوان لا تحفظ له جميلا ولا معروفا بعد أن مكنهم من السيطرة والاستحواذ على مفاصل الدولة ومراكز صنع القرار، فهم - أي الاخوان - يسعون للسيطرة والعبث وممارسة الفساد وهم أيضا يسيئون للرئيس هادي ولمركزه عبر اقصاء القيادات الموالية والمخلصة له تمهيدا للانقلاب عليه وتجريده من سلطاته انتقاما منه لأنه - في نظرهم بحسبب ما رددته أبواقهم الإعلامية - تآمر على قتل القشيبي.

وعلى الرئيس هادي أن يتذكر كيف تآمر الاخوان عليه في مؤتمر حوار موفمبيك بالتوقيع مع الانقلابيين على مجلس رئاسة لازاحته من موقعه، وأن يتذكر قول اليدومي في موفمبيك بأنهم متماهون مع الحوثيين، وعلى الرئيس هادي أن يدرك أن علي محسن يسير في هذا المشروع التدميري ويريده أن يبدأ من تعز.