دست الرويّش
الاربعاء 07 ابريل 2021 - الساعة 07:26 مساءً
أحمد سعيد الشرجبي
مقالات للكاتب
عندما كان للأرض وللخُضرة معنى وللحياة قيمة ، كانت السماء تُمطر بغزارة والأرض تعطي بسخاء وكثافة ، كنا أكثر صحة، أكثر أمل ، أكثر حب ، أكثر حرية ، عندما تنتج ما تأكل وتشرب تكون أكثر حرية وأكثر استقلالية ، وليس عبداً لدولة او تاجر.
في تلك الأيام الخُضر كانت بيوت القرية تحوي كل شيء ففيها تجد الدواجن و الأبقار والماعز، ويوجد حول كل بيت بستان صغير، ولا يحتاج الناس للسوق ، وكانت لا تخلو أي بيت من دست كبير ، كنا نسميه دست "الرويّش" ويجمع في هذا الدست كل بقايا الأكل( النفاتت) والماء الناتج من تنظيف الصحون ويقدم للأبقار، وانا استعيد ذاكرتي أجد ان قصة الدسوت والأبقار مع اختلاف الحالة والزمان والمكان تتكرر..
واجدني اسقط تلك الحالة في ذاك الزمن على حالة تعز المنكوبة اليوم ، ففي تعز يوجد دست كبير وحوله أبقار كثيرة لا تجيد الا الضفع و (الخُوار ) ، ففي مدينة تعز المنكوبة يعلن محافظها وبتوجيه من جماعة ( فك لي وانا افك لك ) النفير العام وأكبر مشفى بلا وقود وبلا أُكسوجين، وشوارع غارقة بالقمامة ، والكورونا والمكرفس والضنك والملاريا والتِفوئيد تقتل الناس..
يعلن النفير العام للدعم وجمع التبرعات والاقتطاعات من رواتب الموظفين لمواجهة ( المجوس)، في الاحكوم مش الحوبان ، هذا الأيام معنا مجوس نسينا اليهود والنصارى ، استجابة للبعاع العام يتسابق "نواني" الجماعة ببسط المشدات امام المساجد كالعادة ، وتتسابق النسوة ببيع الحلي ويتسابق الناس العاديين والتجار بنية صادقة لتقديم الدعم للبعاع العام الذي دعا له محافظ تعز ، وفي الأخير يُجمع كل ذلك في دست كبير يشبه دست "الرويّش" ، اما التباب والجبهات فهي لعيال البسطاء لكي يموتوا فيها.
ابقار قريتي ودستها الكبير كانت تمنح الناس الخير والصحة والعمر المديد، اما ابقار تعز ودستها الكبير فهي تمنح أبناء تعز الموت السريع اما مرضا بسبب الاوبئة او هلاك في التباب والأودية بسبب هزات وتقشواع دست "الرويّش" والتي لا علاقة لها بتحرير او نصر ، وهي فقط لملء الجيوب ونفخ الكروش..لتكون اخر اخبار معركة الاحكوم ارجع (ريوس).
القصة ببساطة (فك لي وانا افك لك) و ادخلي جنب اخوتك سمعني رنتك.. لاعزاء للاغبياء.