المطوعي وإصبع صاحبي
الخميس 29 ابريل 2021 - الساعة 02:03 صباحاً
أحمد سعيد الشرجبي
مقالات للكاتب
حكي لي صديق وقال عندما كنت في السابعة عشرة من عمري كانت تسكن في جوارنا جارة شابة وجار متدين ( مطوعي)، كان هذا الجار يمر ليلا ويرمي بالحجارة على نافذة جارتنا وكان والد الجارة لايشك باحد الا بي كوني كنت (روفلي) قليلا، فيأتي يشكي لابي، وابي لا يقصر في ضربي تكررت الشكاوي، وذات مرة ضربني ابي بقسوة فانكسرت اصبع السبابة في يدي اليمنى..
سببت لي هذه الحادثة عقدة نفسية واعاقة في الكتابة لدرجة ان رداءة خطي بسبب الحادثة اثرث على درجاتي في الاختبارات، احتجت وقت وجهد كبير للتعود وتقبل الامر لكنني كلما صليت وعند التشهيد اتذكر ذاك المطوعي واتذكر ابي واتذكر جارنا اللذيّن خدعتهما مطوعة ذاك الشاب واتذكر كيف يغلف هولاء الناس مظهرهم العام و اعمالهم القبيحة بغلاف الدين.
يستمر صديقي بسرد حكايته بألم شديد، ويقول سافرت القرية ذات مرة ولكن رمي الحجار على نافذة جارتنا استمر ، اتي جارنا كعادته يشكي الى ابي، قال له ابي ابني في القرية، بعد مراقبة تبين الفاعل .
هذه قصة حقيقية لكنها تعكس حقيقة الواقع وتحاكيه تماما ، فقد ظل اخوان اليمن في ظل منظومة عفاش العسقبلية، يلبسون ثوب النزاهة والتقوى، وهم الفاعل والمفتي لافعال عفاش هم دولته العميقة ، هم الوسواس الذي براسه ، هذه الافعال اصابت اجساد اطفالنا بالتقزم والضعف والوهن، لكن الاكثر سوء انها اصابت عقول أجيال متعاقبة بالاعاقة الذهنية والمعرفية بفعل احتكارهم لكل شي بداية بمعاهدهم (العلمية) لا ادري ما العلمية واين العلم فيها ؟!!
مرورا بالمدراس والجامعات والمساجد والكليات الدينية الخاصة بهم ثم انتهاء بجامعة ( الايمان) ابرز منجز (علمي) لهم في طريق الاعاقة لكل عقل نقدي وجدلي وطموح ، كفروا الاجمل فينا، كفروا الدكتور المقالح والدكتور حمود العودي والروائي وجدي الاهدل ، قتلوا جار الله في مؤتمرهم ، وتأمروا على الانقى والاصدق فينا، تأمروا على الحمادي ورضوان العديني وابو الصدوق ، والنتيجة ان ثلاثتهم تم اغتيالهم والجميع يعرف من المستفيد من ذلك..
حاربوا كل جميل في هذا البلد، جامعتهم تلك كل مخرجاتها جيل شاب يقعد داخلها اكثر من عشر سنوات ثم يخرج بلقب شيخ او شيخة ، هذا المكان ينقلك وانت بداخله كأنك في طورا بورا شكلا ومضمونا، يخرج الشاب من هذا المكان معبأ العقل والقلب والحواس بمفاهيم ماضوية متطرفة لا علاقة لها باللحظة والمستقبل، اعتقد بعد الان لم يعد مقبولا او منطقيا اعادة الحياة لمثل هذه الجامعة..
سنوات من عمر اجيال متعاقبة وهم يصدعون رؤوسنا باحاديث الزهدوالتقوى ، ولم نرى التقوى الا قصور تشيد وفلل وعمارات تُبنى، وذات يوم قال لنا سحرتهم ان عفاش خليفة راشد وفي يوم لاحق قالوا عن راشدهم ( بلطجي )، ومن يقرأ ويتتبع اربعين عاما مضت سيدرك وبلا شك او تردد ان هم اس واساس ومتوالية الفساد لعفاش ونظام..
تلك هي مرحلتهم الذهبية هم اكثر من استفاد واقل من أفاد، هم اكثر من ربح واقل من خسر ، الواقع يقول ويثبت الان انهم هم دوله عفاش العميقة، بقوا هم وتلاشى الاخرون ، ومع ذلك انقلبوا عليه ، احرقوه في مسجده ، هولاء جماعة لا وفاء ولا أمان لها، لكن هل من مدّكر؟.
جماعة تريد التهام كل شيء ، انظروا واقع مدينة تعز ، ومارب من الحاكم والمسيطر، انهما اشبه بفاتيكان خاص بهم، وكلما قابلت صديقي هذا او تذكرته تذكرت مقولة ابن رشد الخالدة : ( تغليف كل باطل بغلاف ديني تجارة رابحة في المجتمع الجاهل ) .
وتذكرت مقولة ابن رشد الخالدة ايضا :(اذا رأيت الخطيب يحثُّ الفقراءَ على الزهد دون الحديث عن سارقي قوتهم؛ فاعلم أنّه لصٌ بملابس واعظ) وهذا ما يفعلون.
هم ملكوا المشافي والمدارس الخاصة والبحار وابار النفط ربحوا كل شي، وعند الحرب غادروا تجاه اسطنبول والدوحة والرياض ، وتركوا الناس يواجهون الموت اما حربا او مرضا مع الملاريا والكوليرا وحمى الضنك والكورونا ، والنتيجة اثنان لا ثالث لهما اما الموت، واما العيش في مواجهة دائمة مع الفقر والجوع والخوف والمرض ، في هذا الوطن المقطّع والمبرقع والمرقع.