تحليل أمريكي يتحدث عن فرص السلام في اليمن.. ويتساءل ماهي علاقة مرض هادي بذلك؟
الاحد 09 ديسمبر 2018 - الساعة 04:51 صباحاً
المصدر : عدن الغد
في شهر سبتمبر/أيلول 2018، فشل مارتن غريفيث، مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، في إقناع الطرفين المتنازعين بالجلوس على طاولة المفاوضات بجنيف، بعد مشاحنات في اللحظة الأخيرة.
بيد أنَّه يأمل، هذه المرة، تحقيق نجاحٍ أفضل بعدما وصل الحوثيون إلى السويد في الرابع من ديسمبر/كانون الأول 2018، لتتبعه الحكومة المعترف بها دولياً في اليوم التالي.
وتُعَد المحادثات في السويد مشاوراتٍ أولية لتمهيد الطريق أمام المفاوضات النهائية. ويأمل غريفيث أن يوافق الجانبان على بعض تدابير بناء الثقة الأساسية، وضمن ذلك تبادل الأسرى، وإعادة فتح مطار صنعاء، وربما التوصُّل إلى اتفاقٍ لاستقرار مدينة الحديدة، فضلاً عن خارطة طريق واسعة للمحادثات المستقبلية.
ومن غير المقرر أن يلتقي الوفدان اليمنيان -المكوَّنان من ممثلين عن الحوثيين وحكومة عبد ربه منصور هادي- وجهاً لوجه في هذه الجولة.
بل ستتوسَّط الأمم المتحدة بينهما وتنقل مطالب كل طرف إلى الآخر. لكن بالنظر إلى انهيار جميع جولات المحادثات السابقة -ومن بينها آخر مفاوضاتٍ جادة جرت في الكويت منذ أكثر من عامين- فحتى هذه الأهداف المحدودة قد تكون صعبة المنال.
موقع Lobe Log الأميركي قدَّم قراءة للمشهد على أرض اليمن وفي السويد، وخرج بالتقرير التحليلي التالي:
أولاً: ما تغيَّر هو أنَّ العالم -على مرِّ الأشهر الثلاثة الماضية- صار أكثر إدراكاً للكوارث الجارية في اليمن وضرورة وقفها. بعض القادة في أوروبا والولايات المتحدة تحدثوا بوضوحٍ أكبر عن ضرورة إنهاء الحرب.
ثانياً: أدَّى مقتل الصحافي السعودي المُعارض جمال خاشقجي إلى تعزيز صفوف أعضاء الكونغرس الذين يحاولون فرض تغييرٍ في السياسة الأميركية تجاه اليمن، ما أثار نقاشاتٍ أوسع وأكثر علنيةً حول الحرب ودور الولايات المتحدة فيها.
وفي 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، صوَّت مجلس الشيوخ، بأغلبية 63 صوتاً مقابل 37 صوتاً، على تمرير قرارٍ يُلزِم إدارة الرئيس الأميركي ترامب «إخراج القوات المسلحة الأميركية من الأعمال العدائية في الجمهورية اليمنية أو التي تُلحق ضرراً بها». وينظر مجلس الشيوخ أيضاً في مشروع قانون ثانٍ، يهدف إلى تقليص الدعم الأميركي للسعودية.
يعد هذا المشروع بمثابة توبيخ للسعوديين على قتل خاشقجي، وتوبيخٍ لترامب أيضاً على إعطائه السعوديين دعماً غير مشروط. ويأتي هذا التحرك رغم جهود إدارة ترامب لدرء أي إجراءٍ قد يضر بعلاقات الولايات المتحدة بالمملكة السعودية.
وفي أعقاب شهادة مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أمام بعض أعضاء الكونغرس، في 4 ديسمبر/كانون الأول 2018، بشأن جريمة قتل خاشقجي والمسؤولية السعودية عنها- يبدو أنَّ العزم على إنهاء الدعم الأميركي للحرب يتزايد. وقال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الذي أصبح ناقداً صريحاً لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إنَّه سيعمل على حشد الدعم لمشروع قانون يهدف إلى قطع الدعم العسكري الأميركي للجهود الحربية السعودية في اليمن، رداً على عملية القتل.
وفي محاولةٍ لاستباق أي إجراءات قوية من جانب الكونغرس، دعا وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الشهر الماضي (نوفمبر/تشرين الثاني 2018)، إلى وقف الأعمال القتالية ومشاركة جميع الأطراف في محادثات السويد. وأعلنا لاحقاً إنهاء تزويد الطائرات السعودية العاملة في اليمن بالوقود الأميركي جواً. وأوقفت بعض الدول الأوروبية مبيعات الأسلحة إلى الرياض؛ احتجاجاً على الطريقة العشوائية التي تشن بها حربها الجوية في اليمن.
وقدَّمت المملكة المتحدة مشروع قرار إلى مجلس الأمن، لمعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن. لكنَّ موقف الولايات المتحدة ربما لم يتغيَّر بقدر ما قد يوحي به خطابها العام. ففي الوقت الذي دعت فيه إدارة ترامب علناً إلى إنهاء الحرب، دعمت سياسة السعودية في اليمن بصراحةٍ، وتناور سراً لإعاقة مشروع قرار المملكة المتحدة، ما يشير إلى أنَّ تصريحات المسؤولين الكبار الرسمية لم تكن صادقة.
ففي بيان صدر في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، كتب ترمب أنَّ إيران مسؤولة مسؤولية مباشرة عن حرب اليمن، في حين قال بومبيو، في 1 ديسمبر/كانون الأول 2018، إنَّ الولايات المتحدة «تعتزم مواصلة» الدعم العسكري للرياض.
إذن، ما مدى احتمالات النجاح؟
قد يتمكن غريفيث من تحقيق هدفه المحدود، المتمثل في إقناع الحوثيين وهادي بالموافقة على إجراءات بناء الثقة، والتوقيع على إطار أوسع للمفاوضات مع بعض التعديلات، وتحديد موعد محادثات السلام الجوهرية في المستقبل القريب.
ولكن مع الأسف، هناك احتماليةٌ كبيرة لانهيار المشاورات، وسط تبادل الاتهامات بين الطرفين، كما حدث في جميع الجولات السابقة. فضلاً عن أنَّ كلا الجانبين غير مستعدٍ لتقديم تنازلات.
إذ يعتقد التحالف وحكومة هادي أنَّ الوضع قد انقلب ضد الحوثيين على الأرض، ويرغبان في الانتظار لتحسين موقفهم.
ولكن، من المستبعد أن يُظهِر الحوثيون من جانبهم قدراً كبيراً من المرونة، بالإضافة إلى أنَّهم يعتبرون موجة الغضب الحالية في العواصم الغربية ضد المملكة العربية السعودية تحوُّلاً لمصلحتهم. وقد يعتبرون حتى معركة ميناء الحديدة والمجاعة التي نجمت عنها وسيلةً لتحويل السردية ضد التحالف والحكومة، وتعزيز موقفهم التفاوضي، في ظل زيادة ضغط الحكومات الغربية لإنهاء الحرب.
ميناء الحديدة نقطة فيصلية في المفاوضات
وعلى الرغم من هذه الديناميات السلبية، ينبغي لغريفيث أن يستخدم هذا الاجتماع لمحاولة بناء زخم خلف خطته الرامية إلى السلام والترتيب لمزيدٍ من المحادثات الجادة في عام 2019. وإذا استطاع إقناع الطرفين بالموافقة على إجراءات بناء الثقة على الأقل -ومتابعتها في الأسابيع والأشهر التي تلي المحادثات- فسيكون بإمكانه أن يدَّعي بموثوقيةٍ، أنَّ العملية التي تقودها الأمم المتحدة لها أهميةٌ جديدة.
والأهم من ذلك أنَّه يحتاج إلى الحصول على اتفاق بشأن الحديدة، من شأنه أن ينقذها من هجومٍ بقيادة قوات التحالف. وقال الحوثيون إنَّهم مستعدون لتسليم الميناء إلى الأمم المتحدة.
ولا شكَّ في أنَّ إقناع الحكومة اليمنية -ومن ثَمَّ قوات التحالف- بالموافقة على ذلك ثم اتخاذ خطواتٍ لتجريد المدينة من السلاح، سيكون نجاحاً كبيراً.
في الأشهر الثلاثة الماضية، ضيَّقت القوات اليمنية، بقيادةٍ إماراتية، الخناق على الحديدة، وقطعت الطريق الرئيسي إلى المرتفعات الشمالية حيث يقيم غالبية سكان اليمن. وهذا لا يترك أي طريق مفتوحٍ سوى الطريق الممتد على طول الساحل من شمال الحديدة، ويُطيل مسافة رحلة الإمدادات الحيوية التي يحتاج إليها ملايين من الناس.
وهذا يزيد تكلفة السلع على الأشخاص الذين يعانون الفقر بالفعل، لأنَّهم لم يتلقوا رواتبهم في القطاع العام منذ شهور. وعلاوة على ذلك، تقع منشأة الطحن الوحيدة، الموجودة شرق الحديدة، تحت سيطرة القوات المدعومة إماراتياً، والتي لم تسمح للأمم المتحدة بدخولها، ما يمنع طحن القمح.
وقد حذَّر مارك لوتوك، رئيس الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، من حدوث «مجاعة كبيرة» ستضرُّ 14 مليون شخص (نصف سكان البلاد) إذا لم يتوقف القتال فوراً.
وإذا اندلع قتالٌ داخل الميناء (فضلاًَ عن المدينة)، فمن المتوقع أن يشارك فيه الحوثيون بضراوة. وسيسفر القتال وانعدام الأمن في الميناء حتماً عن مُفاقمة تعطُّلِ آخِر خط استيراد متبقٍّ في الحديدة. ويمكن أن يدفع ذلك السكان اليائسين الجائعين في المرتفعات إلى مجاعةٍ صريحة.
تسعى الحملة المستمرة منذ نحو عامين والتي تقودها الإمارات على ساحل البحر الأحمر، إلى قطع وصول الحوثيين إلى البحر وإيرادات الجمارك من الميناء. إذ تعتقد الإمارات والسعودية أنَّ خسارة الأراضي والإيرادات ذات القيمة العالية ستجبر المتمردين على تقديم تنازلات كبيرة.
وربما تأملان أيضاً تحويل العبء الأخلاقي المتعلق بالكارثة الإنسانية إلى كاهل الحوثيين؛ إذ تقولان إنَّ التحالف، الذي تقوده السعودية، حالما يسيطر على الميناء، فإنَّ أي عائقٍ أمام وصول المساعدات الإنسانية سيكون نتيجةً لتصرفات الحوثيين، وليس تصرُّفاتهما. وتقول الإمارات إنَّ حملتها تهدف إلى إجبار الحوثيين على تبني موقف أكثر واقعيةً على طاولة المفاوضات.
لكن هناك مؤشراتٍ على أنها تعتزم الاستيلاء على ميناء الحديدة بغض النظر عن نتيجة المحادثات، وربما المدينة أيضاً، إذ تعتبر مثل هذا الاستيلاء خطوةً أساسية لا غنى عنها في تغيير نظرة الحوثيين وتوازن القوى العام. ويُعلن بعض صانعي السياسة في الإمارات العربية المتحدة صراحةً، أنهم يتوقَّعون فشل المحادثات، التي يزعمون أنها «الفرصة الأخيرة» للحوثيين قبل أن يدفعوا بقواتهم نحو ميناء الحديدة.
بيد أنَّ تاريخ الحوثيين المسلَّح، المستمر منذ 14 عاماً، يشير إلى أنَّ منطق التحالف خاطئ، لأنَّهم إن فقدوا الحديدة، فمن غير المرجح أن يستسلموا، ولن يُجرَّدوا بالكامل من مصادر الدخل؛ إذ يمكنهم فرض ضرائب على الشاحنات المارة من الحديدة إلى الشمال الغربي من اليمن.
وأخيراً، سيلقون باللوم على التحالف في الكارثة الإنسانية التي قد تنجم عن ذلك؛ نظراً إلى أنَّ قرار التحالف الاستيلاء على الميناء (على الرغم من موافقة الحوثيين من حيث المبدأ على تسليم الميناء إلى الأمم المتحدة) سيكون هو المتسبِّب في تلك المجاعة. وهم واثقون بأنَّ قطاعاً كبيراً من الرأي العام الدولي سيتفق مع ذلك.
ما التأثير الذي قد تُحدِثه المحادثات في الأزمة الإنسانية باليمن؟
بالنسبة للجهات الفاعلة الدولية، أصبح إيجاد طريقة لإنهاء الصراع ضرورةً مُلِحَّة على نحوٍ متزايد. إذ أسفرت الحرب عن أكبر أزمة إنسانية في العالم، على حد وصف الأمم المتحدة.
بينما يحتاج أكثر من 22 مليون شخص، من أصل 28 مليون نسمة، إلى أنواعٍ مختلفة من المساعدة. ويعاني نحو 14 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي بصورةٍ حادة، ويعيشون في ظروف «ما قبل المجاعة»، على حد قول الأمم المتحدة.
ويُصاب نحو 10 آلاف شخص بوباء الكوليرا أسبوعياً، وقد وصل إجمالي المُصابين به إلى أكثر من 1.2 مليون شخص، وتخطّى عدد الوفيات الناجمة عنه 2500 حالة وفاة، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
وتُقدِّر منظمة إنقاذ الطفولة عدد الأطفال الذين ربما يكونون قد ماتوا بالفعل بسبب الجوع والأمراض التي يمكن الوقاية منها، منذ تحوُّل الحرب الأهلية من صراع داخلي على السلطة إلى صراع دولي في أوائل عام 2015، بنحو 85 ألف طفل.
ويشهد الملايين من اليمنيين صدمةً اقتصادية بسبب الجوع، لكن ما زالت هناك فرصةٌ لمنع ما هو أسوأ. وقد تكون المشاورات في السويد خطوةً أولى مهمة لتحقيق هذه الغاية.
ما النقاط الشائكة الرئيسية المحتملة في هذه المحاولة الجديدة من المحادثات؟
سيصل الحوثيون وحكومة «هادي» إلى السويد؛ بحثاً عن إحراز تقدُّم في أجنداتهم الخاصة. ومن المحتمل أن يكون من الصعب إقناعهم بالاتفاق حتى على أبسط القضايا الأساسية.
صحيحٌ أنَّ الاتفاق الأخير بشأن تبادل الأسرى خطوةٌ جيدة إلى الأمام، لكنَّه شهد مفاوضات بوساطة الأمم المتحدة ومحادثات عبر قنواتٍ خلفية، على مرِّ عدة أشهر قبل هذه المحادثات. ومن المرجح أن تكون إعادة فتح مطار صنعاء أو التوصُّل إلى تسويةٍ في الحديدة أمراً أصعب، إذ لن يميل أيٌّ من الطرفين إلى التنازل عن أي شيء للطرف الآخر.
إذ ترى حكومة هادي أنَّها يجب ألا تُقدِّم أي تنازل على الإطلاق. وتعتقد أنَّها يجب أن تستعيد السلطة بموجب أحكام قرار مجلس الأمن رقم 2216، الذي يدعو الحوثيين إلى إلقاء أسلحتهم، وعودة «هادي» إلى العاصمة والإشراف على الانتهاء من العملية الانتقالية، التي استمرت من عام 2012 حتى سيطر الحوثيون على صنعاء في سبتمبر/أيلول من عام 2014.
ولا شكَّ في أنَّ الاستمرار في وضع إطار النقاش السائد وفقاً لهذا القرار يسمح للحكومة بالتعامل مع المفاوضات كما لو كانت تقرر شروط استسلام الحوثيين. وبينما قالت حكومة هادي إنَّها ستسمح للحوثيين بالمشاركة في الحكومات المستقبلية بطريقةٍ ما، فإنَّها تريد اتفاقاً مستقبلياً لتأكيد شرعيتها ومعاقبة الحوثيين على «الانقلاب».
وفي الوقت نفسه، يصف الحوثيون انقلابهم بأنَّه ثورة شعب، ويقولون إنَّ الحرب التي يخوضونها ليست ضد حكومة هادي، بل ضد السعوديين والإماراتيين (بالإضافة إلى تنظيمي القاعدة وداعش).
ولذلك، يقولون إنَّ الحرب بدأت في مارس/آذار من عام 2015، حين دخل التحالف بقيادة السعودية المعركة، وليس في سبتمبر/أيلول من العام السابق، عندما استولوا على العاصمة بالقوة. ومن ثَمَّ، يضعون المفاوضات في إطار اعتبارها فرصةً لوقف «العدوان» الذي تقوده السعودية، ويؤكدون أنَّ المحادثات ينبغي إجراؤها بينهم وبين الحكومة السعودية.
هادي مريض، ومجموعاته المسلحة تتخاصم فيما بينها
مع أنَّ حكومة هادي تُقدَّم على أنَّها طرفٌ رئيسي في النزاع، فإنَّ موقعها ضعيف نسبياً. إذ يُشرِف هادي عموماً على منظومةٍ كبيرة من المجموعات، توصف في العموم بأنها الجيش الوطني والمقاومة الوطنية.
ولكن في الواقع، تعاني الجماعات التي تقاتل الحوثيين على الأرض انقساماً شديداً، بل تتخاصم فيما بينها في أغلب الأحيان. ولا يقضي هادي الكثير من الوقت في مدينة عدن -التي أطلق عليها اسم العاصمة المؤقتة في عام 2015- لأنَّ العديد من مناطقها خاضعةٌ لسيطرة مقاتلين مدعومين إماراتياً، أصبحوا خصوماً للقوات الموالية لهادي.
وجديرٌ بالذكر أنَّ هادي موجودٌ حالياً في الولايات المتحدة لتلقي العلاج من مشكلةٍ بالقلب، ما أثار تكهُّنات حول ما قد يحدث -أو ما ينبغي أن يحدث- إذا أصبح عاجزاً أو مات. فمن جهةٍ، ليس من الممكن إجراء انتخابات، ومن جهةٍ أخرى، قد تؤدي عملية تعيين رئيس جديد إلى إجراء تعديلات وزارية وتغييرٍ في الاستراتيجية التفاوضية، بل يمكن أن تسفر أيضاً عن صراع جديد بين الجماعات المناهضة للحوثيين.
فعلى سبيل المثال، من المستبعد أن يقبل الجنوبيون سلطة نائب الرئيس الحالي، علي محسن الأحمر، الذي من المفترض -بموجب القواعد الدستورية- أن يحل محل هادي شهرين في حالة وفاته، وذلك بسبب دوره في حرب اليمن الأهلية عام 1994، والتي اندلعت بسبب محاولة الجنوب الانفصال.
والحوثيون مستنزَفون اقتصادياً ويخسرون مناطق نفوذ
أمَّا على الجانب الآخر، فالحوثيون أنفسهم ليسوا في موقفٍ قوي جداً. صحيحٌ أنَّهم عزَّزوا سيطرتهم بسرعة على محافظات شمال غربي اليمن بعد مقتل الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، في ديسمبر/كانون الأول 2017. لكنَّهم يتعرَّضون لضغوط اقتصادية ويفقدون الأراضي تدريجياً.
ومع ذلك، أظهروا مراراً قدرتهم على تحمُّل شدَّة رحى الحرب التي تحولت إلى حرب استنزاف. ويعرفون أنَّ أي مكاسب عسكرية مستقبلية من جانب الجماعات المدعومة من التحالف، من المرجح أن تُسفِر عن تكلفةٍ بشرية عالية يمكنها أن تضر التحالف وحكومة هادي.
لذا يعتزمون مواصلة الضغط على التحالف، بالهجوم على مراكز حضرية في السعودية والإمارات بطائرات من دون طيار وصواريخ باليستية. لذا فعندما يدخل الطرفان في محادثات، تبدو تلك المقولة القديمة صحيحة وفي مكانها: تمنَّ الأفضل، وخطِّط للأسوأ.