في مجتمع مثل اليمن , يمكنك ان تلمس مظاهر التخلف في كل شيء وفي كل مكان , بما في ذلك التخلف في الشعار السياسي ومضمونه وما يمكن ان يترتب عليه في احايين كثيرة من الدماء والتشرذم والانقسامات المجتمعية بمختلف صورها ومضامينها.

اكثر مايمكن مشاهدته على هذا الصعيد , ان ترى مجموعة من المسلحين وهم يقفون بتباه وملوحين بأسلحتهم في الهواء بجانب عدد من جثث لقتلى من ذات البيئة والمعتقد الديني او يقفون على اطلال منازل مهدمة على ساكنيها, وهم يرددون شعارا عن الموت لامريكا واسرائيل واللعنة عليهم.

هكذا يكون الامر وهكذا تتجلى صور المجتمع المتخلف في ابهى جهلها وانصع تأخرها عن عالم الايفون وثورة الاتصالات وحكم مخرجات صناديق الاقتراع.

شاهدت الان مقطعا لمجموعة من المسلحين, وهم يسيرون على اقدامهم بين مخلفات عدد من الابنية المهدمة بفعل الحرب, ويقومون بترديد شعار لايعني شيء في عالم عابرات القارات والازرة النووية, وفجأة تنهال على اجسادهم زخات من رصاص الدوشكا ليسقطوا قتلى , هكذا بكل بساطة وغمضة عين من اجل الانتصار لاي قضية .. لاندري! .

برغم كل شيء, منظر اشعرني بألم شديد ووجع هيمن على كل مشاعري واحاسيسي بالشفقة تجاه شباب يقضون حياتهم بهذه البساطة, بغض النظر عن دوافعهم ومواقفهم وطبيعة علاقتهم بالقضية الوطنية من عدمها.

إنه الجهل وغياب مشروع الدولة .. غياب الهدف والقوى المعنية بتشكيل وعي الناس وقيادتهم صوب الاهداف الوطنية, والى الحد الذي سمح بظهور المشاريع الصغيرة وطغيانها, وبما قدم البلاد ساحة لمن هب ودب وتفديمها على ماهي عليه من الاقتتال والتشرذم والجوع , الامر الذي يضعنا امام الحاجة لعدد السنوات المطلوبة لتجاوز آثار ومترتبات ماسيعلق بأذهان جيل كامل من الوعي المشوه والثقافة الهدامة والمعيقة لبناء الدولة.