ضياع منحة القمح البولندي .. جريمة الحكومة ومزايدة الإخوان
الاثنين 02 أكتوبر 2023 - الساعة 10:30 مساءً
المصدر : الرصيف برس - خاص
جسدت قضية ضياع منحة القمح التي قدمتها الحكومة البولندية لليمن نموذجاً جديداً لمدى الفشل والعبث في الأداء الحكومي من جهة، ومن جهة أخرى جسدت ايضاً فضيحة لجماعة الإخوان وسلوكها في المزايدة السياسية بقضايا الفساد.
والأسبوع الماضي كشف البرلماني الإخواني علي عشال عن القضية، حيث اتهم الحكومة بالتفريط بمنحة القمح التي قدمتها بولندا الى اليمن بنحو 40 الف طن وبقيمة تصل الى نحو 14 مليون دولار ؛ من خلال التنازل عن نصف كمية المنحة أي نحو 20 ألف طن من القمح لصالح تاجر، مقابل نقلها إلى اليمن، بدلاً من توفير تكاليف النقل المقدرة بـ 2 مليون دولار فقط.
وسرعان ما تحول الأمر الى مادة دسمة لدى إعلام ونشطاء الإخوان للهجوم على الحكومة ورئيسها معين عبدالملك، كفرصة ذهبية لاستمرار حملة الجماعة ضد الحكومة على خلفية موافقتها على اتفاقية الاتصالات مع شركة إماراتية.
الهجوم الإخواني حول القضية طال وزارة التخطيط والتعاون ووزيرها واعد باذيب القيادي بالحزب الاشتراكي والمحسوب على الانتقالي وتحميله مسئولية التفريط بنصف المنحة لصالح أحد التجار، وهو ما دفع بالأخير الى الرد والتوضيح ، والتأكيد بان الوزارة لا تبرم أي عقود مع التجار بمثل هذه القضايا.
وعقب ذلك ، كشفت تقارير صحيفة خفايا القضية ، حيث أظهرت وثائق رسمية بان العقد الذي ابرم مع احد التجار ويدعى حسن جيد لنقل المنحة البولندي ، تم من قبل وزارة الصناعة والتجارة التي يديرها الوزير الإخواني / محمد الأشول ، والذي وجه خطاب رسمي بتفويض سفيرة اليمن في بولندا ميرفت مجلي بالتوقيع على الاتفاقية بالنيابة على الاتفاقية.
هذا الكشف ، أصاب الحملة الإخوانية ضد الحكومة في مقتل ، وسرعان ما اختفت القضية لدى اعلام ونشطاء الجماعة ، بعد ان كانت صعدت بها الى اقصى حد ، ووصلت حد قيام نائب رئيس مجلس النواب البرلماني الإخواني / محسن باصرة بتوجيه طلب الى رئيس المجلس بتوجيه سؤال رسمي الى رئيس الوزراء عندما كان ناشطيهم يشنوا حمله على رئيس الوزراء وعلى وزير التخطيط، حول القضية والتحقيق فيها.
لكن نائب رئاسة مجلس النواب الإخواني محسن باصره لم يمتلك الشجاعة بتقديم طلب لمجلس النواب باستجواب وزير الصناعة والتجارة محمد الأشول المحسوب على الإخوان بعد كشف القضية ونشر الوثائق الموقعه منه ببيع نصف كمية منحة القمح للتاجر مقابل نقل الكمية.
وبعيداً عن مزايدة الإخوان بالقضية ، الا أن تفاصيلها تعد فضيحة وجريمة أخلاقية بحق الحكومة وباعترافها واقراراها بذلك ، فالقضية لا تتلخص في تفاصيل العقد مع التاجر ، بل في طريقة تعامل الحكومة مع القضية منذ البداية وهو ما تقر به البيانات التي أصدرتها كل من وزارتي الصناعة والتخطيط خلال الساعات الماضية.
فالمنحة لم يتم الإعلان عنها الأسبوع الماضي ، بل ان الأمر يعود الى شهر فبراير الماضي ، أي نحو 8 أشهر كاملة تقاعست فيها الحكومة عن توفير حل لنقل المنحة ، لينتهي الأمر الى سحبها من قبل الحكومة البولندية بعد انتهاء الموعد الأخير في الـ 15 من سبتمبر الماضي ، بل أن الحكومة البولندية كانت قد وعدت ايضاً "بمنح اخرى اذا تم استلام ونقل هذه المنحة" ، كما تقول وزارة الصناعة والتجارة في بيانها الذي أصدرته امس الأحد.
بيان وزارة الصناعة والتجارة حاولت فيها التهرب من فضيحة الاتفاق مع التاجر حسن جيد ومنحه نصف المنحة البولندية، بالرمي مسئولية على السفيرة ميرفت مجلي وقالت بأنها من اعدت الاتفاق مع التاجر، مبررة لها ذلك بأنها "تعاني من ضغط وحرج من قبل الدولة المانحة" بعد فشل نقل المنحة منذ 6 أشهر.
وتقول الوزارة بأنها اقترحت أن تتولى المؤسسة الاقتصادية ذلك، "لكن لم يتم التفاعل" ، واتهمت بشكل غير مباشر رئيس الوزراء ورئيس مجلس القيادة الرئاسي بتجاهل الأمر ، حيث قالت بأنها ظلت تحثهما "على استمرار التعاون وتسهيل أي إجراءات بهدف أستلام المنحة".
الاستخفاف من قبل الحكومة بالمنحة ، يكشف عنه البيان الصادر عن المكتب الاعلامي لوزارة التخطيط والتعاون الدولي ،والذي قال بأن الأمر ظل في قنوات وزارتي التجارة والصناعة والخارجية عبر سفارتنا ببولندا، بعيداً عن الوزارة المعنية بالمنح والمساعدات و"كان المفترض ان تمر هذه القضية وغيرها عبرها".
الوزارة قالت بأن رئيس الوزراء خاطبها بالقضية بتاريخ 11 سبتمبر الماضي وذلك بعد رفضه اعتماد العقد المبرم بين وزارة الصناعة والتجارة والتاجر حسن جيد ، مشيرة الى أن اخر يوم كان مسموح فيه لنقل الشحنة هو 15 سبتمبر 2023 ، أي ان خطاب رئيس الوزراء جاء قبل 4 أيام فقط من انتهاء المهلة الأخيرة لنقل منحة القمح ، ما يكشف مدى العبث والاستخفاف من الوزارت المعنية بالحكومة في المنحة.