ضبط أول خلية تجنيد يفتح الملف الأخطر .. تجارة الموت بأبناء تعز على جبهات الحدود
الثلاثاء 15 يناير 2019 - الساعة 03:17 صباحاً
المصدر : خاص
بعد مرور 3 أعوام على الحرب ضد مليشيات الحوثي وتبخر وهم الحسم العسكري ضد الانقلاب ودخول الشرعية الى صنعاء ، بدأت تترسخ فكرة حتمية الذهاب الى تسوية سياسية تنهي الصراع في اليمن.
هذه الحتمية دفعت بالتحالف والسعودية بالتحديد الى اعادة ترتيب أولوياتها من هذه الحرب ، ومع دخول الحرب عامها الرابع بدأ تتوضح فكرة " تأمين الحدود وانشاء منطقة عازلة " كأحد هذه الأولويات لدى صانع القرار السعودي.
وتترجمت هذه الفكرة على الواقع مطلع هذا العام الماضي بفتح اكثر من 5 جبهات قتال في صعدة انطلاقا من الحدود السعودية بالاضافة الى تفعيل جبهتي حرض وميدي في حجة.
ومع يأس السعودية من فاعلية قوات الجيش الشرعي في مأرب وهشاشته بسبب الفساد والسيطرة الإخوانية عليه ، كان لا بد من ايجاد مجاميع عسكرية جديدة تتولى جبهات الحدود.
وهو ما تم بالفعل ، بإنشاء عدد من الألوية العسكرية تحت اشراف وتدريب مباشر من قبل السعودية شكل ابناء تعز العدد الأكبر لهذه القوات.
مصادر خاصة لـ " الرصيف برس " كشفت جانبا من هذه العملية ، حيث اشارت الى ان انشاء السعودية لمعسكر تدريب خاص اقيم في منطقة الوديعة.
وبحسب المصادر فان المعسكر استقبل الالاف من المجندين للقتال في جبهات الحدود غالبيتهم من ابناء تعز يتم جلبهم عبر شبكات مخصصة من داخل المحافظة تتكفل بنقلهم وتسهيل مرورهم من كافة النقاط الأمنية الى الوديعة.
واشارت المصادر الى ان المستجدين يتلقون تدريب بإشراف مباشر من السعودية التي تتكفل برواتبهم وتغذيتهم وايضا بتوجيههم في الجبهات بعيدا عن قيادة الجيش الوطني.
واكدت المصادر بان المقاتلين في هذه الجبهات يخضعون بشكل مباشر للتحالف وغير مرقمين في إطار الجيش الشرعي ، وهو ما يجعل مهتمهم اشبة بـ" مرتزقة للدفاع عن حدود السعودية".
الاغراءات المالية التي تقدم كرواتب للملتحقين في هذه الجبهات شكلت الدافع الوحيد لتوجه المئات من ابناء تعز نحو الموت في حدود السعودية.
حيث يتلقى الجنود في هذه الجبهات راتب يبلغ 1500 ريال سعودي وهو يمثل ثلاثة اضعاف الراتب في جيش الشرعية ، في حين يصل رواتب الضباط الى 4 الالاف ريال سعودي.
هذا الاغراء مع تردي الوضع الاقتصادي دفع بالمئات وربما الالاف من أبناء تعز للالتحاق بهذه الجبهات ، بعمليات اشبة بالسمسرة لشبكات تجنيد تتحصل على مبالغ مالية ضخمة لاستقطاب الشباب في تعز.
وبحسب المصادر فان هذه الشبكات نقلت المئات من شباب تعز على دفعات دون اي اعتراض من قبل السلطات الأمنية والعسكرية ، التي لم ترى في الأمر أي مخالفة بارسال مقاتلين الى جبهات عسكرية خارج إطار المؤسسات الرسمية.
ومع تزايد ضحايا هذه الجبهات من أبناء تعز ، تعالت مؤخرا أصوات لعدد من الناشطين في المحافظة بالحديث عن هذه القضية والمطالبة بوقفها ووقف المتاجرة بأبناء تعز.
هذه الاصوات تلاقت مع غضب شعبي بدأ يتشكل لوقف هذه الظاهرة وضبط من يقف خلفها ، في ظل صمت من الجهات الرسمية ، لاقت هذه المطالب تجاوبا فرديا من قبل مجموعة من عناصر الأمن والجيش.
وبحسب مصادر خاصة في مدينة تعز ، تم يوم السبت الماضي في إحدى حارات مدينة تعز احباط عملية نقل عشرات من شباب تعز للتنجيد في جبهات القتال.
وقالت المصادر بأن مجموعة من عناصر الجيش والأمن في حي الكوثر اوقفت شبكة مكونة من 4 اشخاص كانوا يقومون بمهمة نقل 26 شاب من شباب الحي على متن باصين الى منطقة الوديعة.
واضافت المصادر بان الشبكة كانت تنوي نقل هؤلاء الشباب للقتال في جبهة البقع بمحافظة صعدة ضمن قوات اللواء 102 حرس حدود بحسب اعترافات الاشخاص المضبوطين.
المصادر كشفت بان من بين الشباب مراهقين وصغار في السن تم اغراءهم بالراتب السعودي ، وتم ضبط هذه الخلية بعد بلاغ من أهاليهم.
التحقيقات مع أعضاء الخلية كشفت عن قيام بنقل العشرات من أبناء تعز خلال الأشهر الماضية ، وأنهم يتلقون مبالغ مالية عن كل فرد يتم نقله وان بعضهم يمنحون رتبا عسكرية من هذه الألوية جراء نجاحهم في ذلك.
المصادر قالت بأن افراد الخلية تم تسليمهم إلى إدارة الأمن على وعد بالتحقيق معهم والكشف عن تفاصيل هذه العمليات.
وتعد هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها ضبط عمليات تجنيد لأبناء تعز وهو ما يثير الشكوك حول سر سكوت الأجهزة الأمنية والعسكرية وتغاضيها عن ذلك.
المصادر بأن عناصر الأمن والجيش في الحي قاموا بهذا التصرف بشكل فردي ودون اي أوامر من قياداتهم ، وانهم قاموا بذلك بعد ان تلقوا عشرات الشكاوى من أهالي الحي خلال الفترة الماضية وان قياداتهم كانت ترفض التجاوب والتحرك لضبط مثل هذه الشبكات.
مصادر سياسية ابدت استغرابها من عدم تعامل هذه الاجهزة مع هذه الظاهرة بأنها عملية تجنيد غير شرعية وخارج الأطر الرسمية.
المصادر اشارت الى ان هذه الاجهزة التي يسيطر على أغلبها حزب الاصلاح ، كانت قد تحدثت عن وجود عمليات تجنيد خارج الاطر الشرعية في ريف تعز في خضم الصراع الذي قاده الاصلاح ومحور تعز ضد قيادة اللواء 35 مدرع.
واعتبرت المصادر بان الماكينة الاعلامية للاصلاح وللمافيا ظلت طيلة الفترة الماضية تتحدث عن ذلك لاستخدامه ضد قيادة اللواء 35 مدرع ، في حين تتغاضى عن الحديث حول هذه الشبكات التي ترسل ابناء تعز بشكل يومي الى جبهات الحدود وبشكل علني .
واعتبرت المصادر بان ذلك يكشف عن وجود تواطئ رسمي بين الاجهزة الأمنية وبين هذه الشبكات وموافقتها على تجنيد ابناء تعز في محارق الحدود.
مشيرة الى أن ما حدث في حي الكوثر يكشف عن تزايد الرفض الشعبي لهذا التجنيد وقد يعمل على وقفه وكشف من يقف خلفه وملاحقتهم.