تحليل: ناقلات النفط لا تزال تخاطر بالإبحار عبر باب المندب
الثلاثاء 09 يناير 2024 - الساعة 10:08 مساءً
المصدر : الرصيف برس - أندبندنت عربية
ظهر تحليل أجرته وكالة "رويترز" لبيانات تتبع السفن أن حركة ناقلات النفط والوقود في البحر الأحمر كانت مستقرة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، على رغم أن عديداً من سفن الحاويات غيَّرت مساراتها بسبب هجمات جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران.
وأدت الهجمات إلى ارتفاع كلف الشحن وأقساط التأمين ارتفاعاً حاداً، لكن تأثيرها في تدفقات النفط جاء أقل من المخاوف مع استمرار شركات الشحن في استخدام الممر الرئيس بين الشرق والغرب.
وهاجم الحوثيون، الذين قالوا إنهم يستهدفون السفن المتجهة إلى إسرائيل، شحنات البضائع غير النفطية إلى حد كبير.
ولم تحدث الكلف الإضافية فرقاً كبيراً بالنسبة إلى معظم شركات الشحن حتى الآن، لأن كلفة استخدام البحر الأحمر لا تزال في متناول الجميع مقارنة بإرسال البضائع حول أفريقيا، لكن الوضع يستحق المراقبة مع قيام بعض شركات النفط مثل "بي بي" و"إكوينور" بتحويل الشحنات إلى المسار الأطول.
لا عرقلة للملاحة
وقال خبراء، إن زيادة كلف الشحن ستزيد على الأرجح صادرات الخام الأميركي إلى بعض المشترين الأوروبيين.
وأفادت ميشيل ويز بوكمان محللة الشحن في "لويدز ليست"، "لم نشهد حقاً عرقلة حركة الناقلات التي كان يتوقعها الجميع".
وكانت هناك 76 ناقلة محملة بالنفط والوقود في المتوسط يومياً في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن في ديسمبر، وهي المنطقة القريبة من اليمن، التي شهدت الهجمات. ويقل هذا العدد بمقدار سفينتين فقط عن متوسط شهر نوفمبر (تشرين الثاني) وبواقع ثلاث سفن فقط عن المتوسط خلال أول 11 شهراً من عام 2023، وفقاً لبيانات من خدمة "ماري تريس" لتتبع السفن.
ورصدت خدمة "كبلر" المنافسة لتتبع السفن عبور 236 سفينة يومياً في المتوسط بمنطقة البحر الأحمر وخليج عدن بأكملها في ديسمبر، وهو ما يزيد قليلاً على المتوسط اليومي البالغ 230 سفينة في نوفمبر.
وذكرت ويز بوكمان أن الكلفة الإضافية للإبحار عبر طريق رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا بدلاً من المرور عبر البحر الأحمر ستجعل رحلات توصيل النفط أقل ربحية.
وتضاعفت أسعار التأجير تقريباً منذ بداية ديسمبر وفقاً لبيانات من شركة "مارهلم" لتحليل بيانات السفن.وتصل كلفة شحن النفط على متن ناقلات "سويزماكس" إلى قرابة 85 ألف دولار يومياً.
ويمكن أن تحمل هذه الناقلات ما يصل إلى مليون برميل. وتبلغ كلفة شحن النفط على متن سفن "أفراماكس"، التي يمكنها نقل 750 ألف برميل، 75 ألف دولار في اليوم.
وانخفضت حركة الناقلات في منطقة جنوب البحر الأحمر لفترة وجيزة بين 18 و22 ديسمبر عندما كثفت جماعة الحوثي هجماتها على السفن، بمتوسط 66 ناقلة، لكن الحركة استؤنفت بعد ذلك، وفقاً لخدمة "ماري تريس" لتتبع السفن.
وتراجعت حركة سفن الحاويات في المنطقة بشكل أكثر حدة بنسبة 28 في المئة في ديسمبر مقارنة بنوفمبر، مع خفوضات حادة في النصف الثاني من الشهر بسبب تصاعد الهجمات، بحسب ماري تريس.
إصرار على المخاطرة
وأوضح تحليل بيانات لمجموعة بورصات لندن، أن عديداً من شركات النفط الكبرى والمصافي وشركات خدمات الشحن واصلت استخدام طريق البحر الأحمر.
وقال كالفين فرويدج مؤسس شركة "مارهلم" لتحليل بيانات السفن، "تريد شركات الشحن وعملاؤها حقاً تجنب تعطل الجدول الزمني، لذا فهم ما زالوا يتحملون المخاطر".
وأشار إلى أن عديداً من ناقلات النفط التي تعبر البحر الأحمر كانت تحمل الخام الروسي إلى الهند، والتي ليس للحوثيين مصلحة في مهاجمتها.
ووفقاً لبيانات تتبع السفن في مجموعة بورصات لندن، عبرت السفينة "دلتا بوسيدون" التي تشغلها شركة شيفرون، قناة السويس والبحر الأحمر في نهاية ديسمبر في طريقها إلى سنغافورة.
وأظهرت البيانات أن السفينة "سانمار سارود"، التي تشغلها شركة التكرير الهندية "ريلاينس"، عبرت البحر الأحمر أيضاً في أواخر ديسمبر لتسليم مكونات البنزين إلى الولايات المتحدة.
وقال متحدث باسم "شيفرون"، "سنواصل بشكل فعال تقييم سلامة الطرق في البحر الأحمر وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط واتخاذ القرارات بناء على آخر التطورات".
وعبرت ناقلات أخرى، تستأجرها وحدة "كليرليك" التابعة لشركة "جانفور" التجارية، وشركة التكرير الهندية "بهارات بتروليوم"، وشركة "أرامكو تريدنج" السعودية، هذا الطريق في الأسابيع القليلة الماضية. ورفضت الشركات التعليق أو لم ترد على طلبات التعليق.
ويمكن لاستخدام البحر الأحمر أن يختصر نحو 3700 ميل بحري لرحلة من سنغافورة إلى جبل طارق.
تحويل المسار .
وأوقفت بعض الشركات مثل "بي بي" و"إكوينور" جميع عمليات العبور عبر البحر الأحمر موقتاً وأعادت توجيه سفنها في المنطقة.
وتشير بيانات شركة "فورتسكا" لتتبع السفن إلى أن 32 ناقلة في الأقل حوَّلت مسارها أو سلكت طريق رأس الرجاء الصالح بدلاً من استخدام قناة السويس منذ النصف الثاني من ديسمبر.
وأضافت "فورتكسا" أن الناقلات التي يتم تحويل مسارها هي في الغالب تلك التي استأجرتها الشركات التي أعلنت تعليق الإبحار في البحر الأحمر موقتاً أو تلك التي تديرها كيانات أميركية أو مرتبطة بإسرائيل.
وقال تجار زيت الوقود ومصادر تزويد السفن بالوقود في آسيا إنهم ما زالوا يراقبون التطورات في البحر الأحمر، على رغم أن شرق السويس لا تزال به إمدادات كافية في الوقت الحالي، لذا فمن غير المرجح أن تؤدي عمليات تحويل المسار الحالية إلى زيادة الأسعار.
وتشير بيانات كبلر إلى أن الاضطرابات من الشرق إلى الغرب أثرت بشكل رئيس على الواردات الأوروبية من الديزل ووقود الطائرات حتى الآن. وفي الوقت نفسه أثرت عمليات التحويل من الغرب إلى الشرق على بعض شحنات زيت الوقود والبنزين الأوروبية إلى الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ وشرق أفريقيا.
وقال مات سميث، المحلل في شركة "كبلر" لتتبع السفن، إن التوتر هناك دفع أيضاً مزيداً من مشتري النفط إلى التطلع للولايات المتحدة، ولعب دوراً على الأرجح في الزيادة القياسية لصادرات النفط الخام إلى أوروبا إلى 2.3 مليون برميل يومياً في ديسمبر.
وأضاف سميث، "حال عدم اليقين المستمرة في البحر الأحمر من المرجح أن تحفز بعض الشراء الأوروبي للخام الأميركي".