بين عاصفة الحزم وحارس الازدهار .. هل يضيع "الرئاسي" الفرصة كما اضاعها هادي والإخوان
الثلاثاء 16 يناير 2024 - الساعة 11:56 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي
تكشف التصريحات اللافتة التي أدلى بها عيدروس قاسم الزُبيدي، عضو المجلس الرئاسي زرئيس المجلس الانتقالي، خلال الساعات الماضية عن حجم التغيير الكبير في المشهد باليمن على أثر تداعيات الرد الأمريكي البريطاني لردع هجمات مليشيات الحوثي ضد الملاحة الدولية.
الزُبيدي وعلى هامش مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي الـ 54 في دافوس في سويسرا، اعلن في تصريحات صحيفة له عن تجميد المحادثات حول خطة السلام لإنهاء الحرب في البلاد جراء الأحداث الدائرة بالبحر الأحمر.
الزُبيدي قال في حديث لصحيفة "الغارديان" البريطانية بإن وقف إطلاق النار مع مليشيا الحوثي، الذي تحاول الأمم المتحدة تثبيته بات في حكم المنتهي ، في حين قال في حديث له لصحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية والناطقة باللغة الانجليزية بأن عملية السلام التي توسطت فيها السعودية انهارت.
تكشف تصريحات الزُبيدي الذي يقود القوى الأبرز في صفوف مجلس القيادة الرئاسي بان المشهد في اليمن قبل الضربات الامريكية البريطانية على مواقع الحوثيين فجر الجمعة الـ 12 من يناير لم يعد ذاته المشهد بعد هذه الضربات ، وان عملية السلام التي كانت على موعد مع انفراجة كبيرة قبل أيام من هذه الضربات بالتوقيع على خارطة الطريق بين الرئاسي وجماعة الحوثي قد انتهت.
تفاصيل وعناوين تجعل من المشهد اليوم شبيهاً الى درجة كبيرة بالمشهد عقب الـ 26 من مارس 2015م حين شن تحالف عربي بقيادة السعودية و8 دول عربية على رأسها الامارات والبحرين ، ضربات جوية على جماعة الحوثي اعلاناً بانطلاق عملية عاصفة الحزم لاستعادة الشرعية وانهاء انقلاب الجماعة.
العملية التي جاءت بطلب من الرئيس الشرعي آنذاك عبدربه منصور هادي ، جاء كحل اجباري لمنع سقوط جغرافيا اليمن بالكامل بيد ذراع إيران في اليمن المتمثل بجماعة الحوثي وما يمثله ذلك من مخاطر على دول الأقليم والمنطقة وعلى رأسهم السعودية.
جاءت العملية بعد جهود وتحركات دبلوماسية وسياسية محلية وإقليمية ودولية لمنع انفجار الحرب في اليمن عقب سقوط العاصمة صنعاء بيد جماعة الحوثي في سبتمبر 2014م ، وتجلى ذلك بتوقيع اتفاق السلم والشراكة الذي مثل المحاولة الأخيرة ، الا أنها فشلت بإصرار الجماعة الحوثي على خيار القوة لفرض مشروعها على الرغم من الاتفاق منح مشروعية لها.
لتأتي اللحظة الحاسمة باستخفاف جماعة الحوثي للإنذار شديد اللهجة الذي وجهته السعودية الى مليشيات الجماعة بوقف زحفها نحو مدينة عدن التي أعلنها هادي عاصمة مؤقتة عقب نجاحه بالهروب من الإقامة الجبرية التي وضع فيها من قبل المليشيات في صنعاء ، ما اجبر السعودية الى قيادة تحالف عربي لردعها.
مثلت هذه الخطوة لحظة فارقة في المشهد اليمني ، وفرصة غير مسبوقة بوجود تدخل عربي مسنود برضا غربي ودولي لاستعادة وفرض مؤسسات الدولة في اليمن وضرب اكبر خطر يهدد مستقبلها ومستقبل اليمن لعقود والمتمثل بجماعة الحوثي بمشروعها الطائفي والعنصري وشعارها الموت لليمنيين وللعالم.
الا ان ما تلت تلك اللحظة وإدارتها من قبل هادي ومنظومة الشرعية ، تسبب بخسارة تلك الفرصة ، من خلال العبث والفساد بإدارة المعركة عسكرياً وسياسياً واقتصادياً ، بقرارات تعيين عبثية في مؤسسات الدولة وتحويل الجيش الوطني الى جيش من الكشوفات الوهمية.
ادارت الشرعية المعركة بعقلية "اللصوص" استغلت حاجة السعودية والتحالف الى تحقيق نصر في اليمن لتحقيق مكاسب مادية وتحويل فكرة "المقاومة" الى "مقاولة" تبحث عن الربح وليس عن النصر، مع بقاءها في الخارج تدير الأمور من فنادق الرياض وشقق القاهرة وإسطنبول.
بل كانت الكارثة بتحويل الشرعية الى ورقة بيد تنظيم الاخوان الدولي تستخدمها ضمن اجندتها ومعاركها الخاصة ، وتجسد ذلك بالخلاف الذي نشب عام 2017م بين الامارات والسعودية والبحرين من جهة وبين قطر.
عبث مهول حصد اليمنيين نتيجته بتكريس قبضة الحوثي عسكرياً بانهيار الجبهات شمالاً ، وبقاءه سياسياً وتحصينه من أي غضب شعبي بسبب الوضع الكارثي الذي تعاني منه مناطق الشرعية ، لتصل الأمور الى قناعة لدى التحالف وتحديداً السعودية بالانسحاب من المشهد في اليمن تحت أي صفقة "سلام" وان كان على حساب شرعنة الحوثي ومنحه مكاسب لم يكن ليحلم بها.
مكاسب وشرعنة عبرت عنها بنود الهدنة التي أعلنت في ابريل 2022م والتي سبقتها خطوة الرياض بطي صفحة الرئيس هادي ونائبه علي محسن الأحمر بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي الذي نص اعلان نقل السلطة بان مهمته تنحصر وتنتهي في الوصول الى "سلام" مع الحوثي.
وهو ما كان مقرر له مطلع العام الجاري ، بالتوقيع على خارطة الطريق التي مثلت خلاصة المفاوضات السرية امتدت لأكثر من عام بين الرياض والحوثي برعاية عُمانية ، وما تتضمنه من تنازلات من جانب الشرعية لصالح الجماعة الحوثي وشرعنتها ، رغم وجود اعتراضات قوية بمعسكر "الرئاسي" وتحديدا من قبل المجلس الانتقالي.
مشهد يشابه مشهد اتفاق السلم والشراكة الذي جرى فرضه لمحاولة تجنب انفجار الحرب ، وتم تجاوزه لاحقاً مع انفجارها ، وهو ما يبدو انه يتكرر اليوم مع خارطة الطريق مع الضربات الجوية التي شنتها أمريكا وبريطانيا وجسدت انقلاباً كبيراً في الموقف الغربي من جماعة الحوثي والذي ظل طيلة سنوات الحرب يتعامل معها بكل "رفق ولين" يصل حد التواطؤ ومثل احد أسباب منع هزيمة الجماعة عسكرياً.
ما يجعل من الأحداث اليوم فرصة يكررها التاريخ لاستعادة المعركة ضد جماعة الحوثي وهزيمتها عسكرياً او حتى سياسياً في حالة التقاطها من قبل مجلس القيادة الرئاسي وعدم اضاعتها بالعبث وإدارة الدولة من الخارج كما حدث من قبل هادي ومنظومة الإخوان.