كما كان متوقعاً ، كثفت جماعة الإخوان من موقفها المؤيد لجماعة الحوثي الإرهابية خلال الأيام الماضية تحت لافتات وذرائع تتجدد كل يوم ، وتعزز بذلك حقيقة الأصوات التي ظلت تحذر لسنوات من دورها في خدمة الجماعة الانقلابية من داخل صفوف الشرعية.

فمن عدوان الإحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة ، مروراً بالضربات الجوية التي تشنها امريكا وبريطانيا على مواقع جماعة الحوثي في مناطق سيطرتها ، مثلت الخطوة الامريكية امس الاربعاء بتنصيف الجماعة كمجموعة إرهابية عالمية، فرصة وذريعة لتجديد المواقف الإخوانية المؤيدة لذراع إيران في اليمن.

حيث سارعت رموز في جماعة الإخوان والعشرات من ناشطيها على مواقع التواصل الاجتماعي الى مهاجمة الخطوة الامريكية ، وتجميل صورة مليشيات الحوثي الإرهابية من خلال الزعم بأنها ثمن لمواقف المليشيات مع القضية الفلسطينية.

وهو ما عبرت عنه الناشطة الإخوانية البارزة توكل كرمان على صفحتها في "الفيس بوك" ، أعلنت فيه عن رفضها وإدانتها للخطوة الامريكية ، مبررة موقفها بأن هذا التصنيف الأمريكي " لا علاقة له بإرهاب الحوثيين للحياة اليمنية".

كرمان جددت موقفها بإدانة ورفض الضربات الأمريكية والبريطانية على مواقع الحوثيين في اليمن لردع هجماتها على السفن التجارية بالبحر الأحمر وخليج عدن ، وزعمت بان ذلك " قصف بحق الجمهورية اليمنية".

اللافت في المواقف الاخوانية ، أنها لم تكتفي بإدانة الخطوة الامريكية ، بل أنها ادانة ترحيب الحكومة الشرعية بهذه الخطوة ، كما عبر بذلك محمد نجل القيادي البارز في إخوان اليمن عبدالمجيد الزنداني في تغريدة له على منصة "أكس".

الزنداني استنكر بيان الحكومة المؤيد للخطوة الامريكية ، وزعم بأنها جاءت بسبب هجمات الحوثيين على "السفن الاسرائيلية او التي لها علاقة بإسرائيل" ،  وتساءل قائلاً : لماذا هذا الانسياق والانجرار الأعمى وراء القرار الأمريكي الذي لا علاقة لحكومتنا ولا لشرعيتها فيه من قريب ولا من بعيد؟.

الزنداني الأبن نشره على حسابه مقطع فيديو مصور لوالده ، من داخل تركيا طالب فيه "جميع القوى السياسية اليمنية بالتوحد ورفض الخلاف والسعي للصلح فيما بينهم".

ظهور عبدالمجيد الزنداني الذي يعد احد مؤسسي جماعة الإخوان باليمن في الفيديو المصور بعد سنوات طويلة من التواري عن المشهد ، قال بأن دعوته هذه "ستمكن جميع القوى من مناصرة فلسطين وشعبها".

دعوة الزنداني الى "التوحد ورفض الخلاف" ، يُقصد بها بشكل واضح الدعوة لاعلان التحالف من قبل جماعته بشكل رسمي مع جماعة الحوثي الإرهابية والانضمام الى مشروعها ، بعد سنوات التحالف والتخادم السري بين الطرفين.

سنوات بدأت مع الخلاف الخليجي مع قطر عام 2017م ، ومعها حددت الجماعة في اليمن توجهها مع التوجه القطري بالتقارب مع إيران والتواطؤ مع مشروعها ومع أذرعها في المنطقة العربية ، وعلى رأسها جماعة الحوثي في اليمن.

وتجلى ذلك من خلال الدور الذي عملت عليه الجماعة داخل الشرعية بعد تحكمها بالقرار في عهد الرئيس السابق عبدربه منصور هادي ، من خلال تفجير المعارك العبثية داخل الشرعية وضد دول التحالف العربي الداعم للشرعية وعلى رأسها الامارات والقوى الوطنية المساندة لها على الأرض وفي مقدمتها المجلس الانتقالي وقوات طارق صالح، وكذا المكونات والاحزاب التي وقفت ضد عبثها تغولها بقرار الشرعية .

توجه ودور قامت به الجماعة واذرعها كانت تغلفه بشعارات رنانة وكاذبة على رأسها أسطوانة "السيادة" و"الوحدة" وغيرها ، الا ان القوى الوطنية كانت تدرك منذ البداية انها ذلك هدفه الحقيقي خدمة جماعة الحوثي من خلال حرف بوصلة المعركة الحقيقة نحوها الى هذه المعارك العبثية.

كانت القوى والأقلام الوطنية تدرك وتحذر منذ 2017م ، بان كل الصراخ الإخواني تحت لافتات "السيادة" و"الوحدة" وغيرها من الأكاذيب لم يكن صراخاً على ادراك خسارة الاخوان لنفوذها على الأرض وحتمية خروجها من مشهد السياسي في الشرعية ، وان البديل والخيار لها للبقاء على قيد الحياة هو الحوثي والتحالف معه ، فما يجمع بينهم فكرياً وسلوكاً اكثر مما يفرق بينهم.

الا ان هذه النتيجة كان لا بد لها من مقدمات وذرائع تبرر لاحقاً لمشهد الإخوان وقد باتوا في حضن جماعة الحوثي ، كان لا بد من معارك ودماء تشق لهم الطريق نحو "السائلة" في صنعاء ، وهو المكان الذي تحول الى ما يشبه "استديو التصوير" للقيادي الحوثي محمد البخيتي ، وهو يستقبل العائدين " من المغرر بهم الى حضن الوطن".

ولعل ابزر مثال وصورة تجسد ذلك ، كانت الصورة التي نشرها الإعلامي بقناة "الجزيرة القطرية" / سمير النمري ، أحد ابرز أبواق الاخوان بالسنوات الأخيرة ، من داخل مطار صنعاء الثلاثاء الماضي وهو يوجه التحية الى متابعيه "من عاصمة الحضارة والتاريخ صنعاء" ،ليظهر النمري اليوم الخميس على شاشة القناة القطرية في تغطية مباشرة من مدينة الحديدة.