تقرير: إيران وطوفان الأقصى: التضحية بالجندي للحفاظ على القلعة
الاحد 21 يناير 2024 - الساعة 05:34 مساءً
المصدر : الرصيف برس - كارنيغي
إبراهيم بامطرف، عاصم الخضمي
عند النظر إلى خريطة المنطقة سنرى أن هناك كثيرا من الميليشيات والأذرع العسكرية التابعة بشكل مباشر أو غير مباشر لإيران، يجمعها معاداة إسرائيل وأمريكا، هذا التقارب الأيديولوجي من جهة، ومن جهة أخرى التشارك في ذات الممول وهو إيران، بالإضافة إلى التصريحات الرسمية من جميع الأطراف في إيران واليمن وسوريا والعراق ولبنان وغزة عن وجود ما يسمى بمحور المقاومة..
دعا قائد الجناح العسكري لحركة حماس، محمد الضيف حلفاء محور المقاومة إلى الانضمام إلى النضال: "هذا هو اليوم الذي تلتحم فيه مقاومتكم مع أهلكم في فلسطين".
وسواء كانت إيران تعرف عن العملية قبل وقوعها أم لا؛ فمن الواضح أنه كان لحماس آمال في دعم حلفائها في المنطقة، وهذا ما نجده في تصريح القيادي في حماس أبو مرزوق حينما قال "كنا ننتظر الكثير من حزب الله، ومن إخواننا في الضفة لكننا مندهشون من الموقف المخزي لإخواننا في السلطة".
لأن إيران وأذرعها لم تهاجم إسرائيل بالتزامن مع هجمات السابع من أكتوبر فقد ذهب البعض للاعتقاد بأن إيران وباقي محور المقاومة سيتدخلون في حال حدوث هجوم بري.
كما عبر عن ذلك رئيس دائرة العلاقات الوطنية لحماس في الخارج علي بركة بقوله إنه "إذا حاول العدو الصهيوني اقتحام غزة بريا، فإن المعركة ستتوسع أكثر؛ لأن حلفاء المقاومة لن يتركوها لقمة سائغة للكيان الصهيوني والإدارة الأميركية، فالحرب علينا أميركية – إسرائيلية، وليست فقط من حكومة نتنياهو".
لكن اليوم، وبعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على بداية الحرب، لا يبدو أن إيران لديها الاستعداد للتدخل بشكل مباشر في الحرب رغم العدد الضخم للضحايا.
ونشرت رويترز تقريرا مفاده أن خامنئي أخبر حماس بأن إيران لن تدخل الحرب نيابة عنهم. وعلى الرغم من أن حماس قد نفت صحة هذا الخبر إلا أنه الأقرب للواقع بناءً على يحدث على الأرض.
يمكن في هذا السياق الإشارة إلى أن الرواية الأمريكية لا تزال تربط بشدة بين إيران وحماس، بل وتعتبر أنه لولا الدعم الإيراني لم تتمكن حماس من القيام بهذه الهجمات.
لن تشارك إيران في حرب إقليمية كبرى، سواء كانت مرتبطة بشكل مباشر بهجمات السابع من أكتوبر أم لا، للأسباب التالية:
رد الفعل الامريكي القوي بإرسال حاملات الطائرات والتهديد لجميع الأطراف التي قد تنخرط في الصراع. الأمر الذي شكل عامل ردع لأي طرف يفكر في ذلك.
على الرغم من تضارب الأنباء وتعدد الروايات بشأن معرفة إيران بالعملية قبل حدوثها، فإننا نرى أنه من المؤكد أن إيران لم تكن تعلم بموعد حدوث الهجمات. إما لأن حماس أرادت أن تحافظ على سرية المعلومات وتحقيق مبدأ المفاجأة، او لأن إيران لم يكن لها أي علاقة بتلك الهجمات.
الوضع الاقتصادي لإيران، والانقسام بين النخبة السياسية الإيرانية نفسها بين معتدلين لا يريدون التدخل ومتشددين ينادون بضرورة التدخل. وهذا ما نراه واضحا في آراء محمد جواد ظريف الوزير الإيراني السابق؛ بأنه في حال اتخذت إيران موقفاً أكثر تطرفاً بشأن غزة، فقد يؤدي ذلك إلى إثارة نزاع مميت مع الولايات المتحدة، وهو ما سترحب به إسرائيل.
إدراك إيران بمآلات الحرب وأن تدخلها قد يضر بمصالحها بشكل كبير، إضافة إلى عدم توافر الظروف الدولية المناسبة: تدرك إيران بأن دخولها في فلسطين بشكل مباشر سيؤدي إلى نزاع إقليمي كبير يصعب السيطرة عليه. وستكون إيران بحاجة إلى حلفاء إقليميين أقوياء، فالصين منشغلة باستعادة تايوان، بينما لاتزال روسيا غارقة في أوكرانيا. لهذا تدرك إيران أنها ستواجه أمريكا منفردة.
ختاما، على الرغم من استخدام إيران الشعارات كثيرا، وترويجها بشكل مستمر لفكرة تحرير القدس، إلا أن الواقع يظهر أن إيران أكثر ترويا واعتدالا مما تَظهره في وسائل الإعلام. وليس مبالغة القول إن هذه الشعارات ما هي إلا وسيلة لإقناع الشعوب الإسلامية بقدرتها على مهاجمة إسرائيل وتحرير القدس.
وتؤكد جميع المؤشرات بصعوبة دخول إيران في حرب إقليمية كبرى في الوقت القريب، ما لم تهاجم إسرائيل إيران بشكل مباشر. وعلى الرغم من أن عدم تدخل إيران في حرب غزة بشكل مباشر قد يؤدي إلى خسارة كبيرة في شعبية إيران، خصوصا لدى شعوب دول المحور؛ غير أنه سيكون خيارا أفضل من الدخول في حرب قد تؤدي إلى نهاية سلطة نظام ولاية الفقيه.