أين يقع الجنرال من هادي؟

الاربعاء 12 يوليو 2017 - الساعة 05:46 صباحاً

 

 

نشر "المصدر أونلاين" تقريراً مهماً عن حالة "الشرعية" في السعودية..
يشير التقرير إلى أن السعودية والإمارات قامتا بنقل غير معلن لصلاحيات هادي إلى الجنرال علي محسن، عملياً.

بحسب التقرير فقد استدعى الملك سلمان الرئيس هادي ليبلغه بالأمر وجهاً وجه، ويأخذ منه موافقة على هيئة استسلام.

في ظروف معينة صار الجنرال محسن هو الرئيس دي فاكتو، من خلال ترأسه للجنة الثلاثية التي قررت احتجاز صلاحيات هادي.

تشكلت لجنة ثلاثية يرأسها الجنرال محسن، وفي عضويتها كل من السعودية والإمارات، وأوكلت إليها كل المسائل المتعلقة بالحرب والإغاثة والتدابير الأخرى، وطلب من هادي أن لا يصدر أي قرار دون الرجوع إلى اللجنة، ونيل موافقتها.

تململ هادي، ومضت اللجنة في طريقها، عازلة إياه عن المشهد، حتى إن السعودية لم تتدخل لإعادته إلى اليمن، فقد تدبرت مسألة "الشرعية" على نحو ما.

قبل تشكيل اللجنة الثلاثية، بحسب التقرير، زار مسؤولون إماراتيون رفيعون الجنرال محسن، وجرى نقاش ووقعت موافقات واتفاقات. الجنرال محسن رجل ديناميكي، كما هو صالح، رأسه غير محشو بأي نوع من الإيديولوجيا، ولا يؤمن بشيء بعينه، وذلك ما يجعله قادراً على أن يفعل الشيء وضده في الوقت نفسه. حالياً هو رجل السعودية، ولا شك أنه قد تمكن من كسب ود الإمارات.

حتى مستوى ما تفضل الإمارات العمل معه، كبديل لهادي. ولأنه قبيلي بلا عمق ولا تاريخ فهو رجل جيد بالنسبة للملكية الخليجية، لكنه الآن في سنوات عمره الأخيرة، وهو محاطط بأكوام كبيرة من القصص السالبة التي تحول دون الرهان عليه جماهيرياً.

غير أنه رجل جيد للعمل عند مستويات أدنى من ذلك، وتلك خاصية منحته أفضلية لرئاسة لجنة تكون الإمارات عضواً فيها.

لا يبغض الجنرال محسن "ولده أحمد".

وكما قال الرجلان إن حرب صعدة كانت خلافاً إدارياً، الحرب التي اعتذر عنها محسن في العام ٢٠١٣! فمن المؤكد أن الرجلين سينظران للحرب الراهنة كما لو كانت شكلاً آخر للصراع الفني الإداري.

المضي في مشروع إعادة الولد الضال إلى مملكة أبيه يستلزم موافقة الجنرال، وهو رجل يعرف متى يقول نعم، وكيف يجعل من "نعم" باباً.

ــــــــ
من المهم الإشارة إلى أن موقع المصدر أونلاين، وقبله صحيفة المصدر، هو الموقع الأكثر استحقاقاً للاحترام.

وفي عام ٢٠١٦ أجرت باحثة ألمانية دراسة/استطلاعاً مركباً حول أكثر وسائل الإعلام اليمنية موثوقية لدى الجماهير، فتقدم المصدر أونلاين النتائج بفارق كبير عن القنوات الفضائية المحلية التي جاءت متأخرة.
ـــــــ

لنعُد إلى حديثنا ..

يقول التقرير إن وضع اللجنة الثلاثية حالياً غير واضح بعد قرارات هادي الأخيرة بإقالة محافظين جنوبيين أعلنوا تأييدهم للمجلس الانتقالي الجنوبي. حاول هادي تأكيد شرعيته وقدرته وتجاوز اللجنة الثلاثية.

ليس لدى هادي الكثير ليفعله.
أول مواجهة حقيقية خاضها هادي ضد اللجنة الثلاثية التي يرأسها الأحمر كانت عقب إقالته للزبيدي. بحسب التقرير فقد حاولت اللجنة الثلاثية امتصاص صدمة وغضب الزبيدي بمنحه درجة رفيعة تليق بنجوميته وتأثيره، وكمحاولة لتلافي الآثار الشعبية التي ستنجم عن قرار كذاك.

لكن هادي اعتبر فكرة مثل تلك ضربة لهيبة مؤسسة الرئاسة.

المثير في التقرير هو أن الإمارت والسعودية تعملان مع الجنرال محسن، وشكلياً تحت إمرته.. ليس فيما يخص شؤون الشمال، بل الجنوب أيضاً.

في الوقت نفسه توشوش الإمارات حلفاءها في الجنوب بحقائق بديلة، لا علاقة لها بما يجري على الأرض. ستسمع كلاماً كثيراً عن القاعدة في حضرموت، التي يديرها محسن ـ رئيس اللجنة الثلاثية، وعن القرارات التي تستهدف المجلس الانتقالي، والتي يقف خلفها محسن .. إلخ.
تخدع الإمارات حلفاءها، وتستخف بمشاعرهم على نحو مذل. كما تستخدم حماسهم، وتصنع منه طاقة صالحة للاستخدام في أمور لا علاقة لها بالمسألة الجنوبية بالمرة.
وكما وجدت إيران شعباً طيباً في الشمال، يستسلم لأي ظاهرة خداع بسيطة، فقدت وجدت الإمارات شعباً أكثر طيبة في الجنوب، وأكثر عرضة للخديعة.

وفيما يخص مشروع عودة الإبن الضال، الشهير بأحمد جحوة، فلا بد أن الجنرال محسن سيوافق على المشروع ضمن صيغة معينة، طبقاً للتدبير الإماراتي ـ السعودي. فالإمارات تستخدم نسختين من الجنرال: نسخة وهمية تبيعها جنوباً، ونسخة حقيقية تبيعها تحت العلم السعودي، وتهاجمها بهلوانياً عبر صحيفة البيان.

وعندما عرض عليها قادة الجنوب فكرة حظر حزب الإصلاح في الجنوب، طلبت منهم حظر الإخوان، لا الإصلاح.

حتى الوهم تبيعه الإمارات بتقدير معين، تقدير يراعي مشاعر الشعبويين المساكين، ولكنه لا يفسد اللعبة.

لا تملك الإمارات عقلاً سياسياً ناضجاً، ولا يمكنك الإشارة إلى مفكر سياسي إماراتي يقول أشياء صالحة للنقاش. أقصد ضمن الجماعة السياسية التي تتبنى خطاب النظام الإماراتي ومشروعه الكولونيالي.

لكن الإمارات تتحرك بحرية في المناطق القابلة للاختراق، حيث السياسة لا تزال عملية جنينية، والتدبير السياسي قبليَ الطابع.

وبدلاً عن السياسة، أو القوة الناعمة، تستخدم الإمارات الدسائس والتمويل غير القانوني.

المشهد الأخير الذي ينتجه التدخل الإماراتي في بلد ما يشبه تماماً المشهد الذي يصنعه التدخل الإيراني.

فتفخيخ بلد ما بالفساد والأموال القذرة والتشكيلات المسلحة تحت الدولتية، والحركة الدؤوبة خارج مدارات السياسة المشروعة .. لا ينتج استقراراً، ولن يفعل.

فقد هتف اليمنيون للزبيدي في عدن بنفس الطريقة التي هتف بها اليمنيون في الشمال لعبد الملك الحوثي.

ولا تملك الجملة السياسية للزبيدي نضجاً ولا عقلاً أكثر من تلك التي تملكها جملة الحوثي.

وإذا نزعت عن الرجلين الحشود ستحصل على مخلوقين يصعب الاستفادة منهما في أي شأن.

لكن اليمني المسكين لا يزال عرضة للخديعة.

ذلك ما جعل حياته بائسة كل البؤس، ودفعه إلى متتالية دانتوية من الجحيم..

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس