تقرير: كيف تموّل الصين هجمات الحوثيين في البحر الأحمر؟
الثلاثاء 02 ابريل 2024 - الساعة 12:00 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - متابعات
يقول مسؤولو استخبارات غربيون إن الصين تُساعد إيران -عن غير قصد- في منع حركة السفن في البحر الأحمر، مما يعوق تدفقات التجارة العالمية ويؤثر في مصالح بكين نفسها.
وتشتري الصين -بشكلٍ غير مشروع- النفط الإيراني، وبذلك تموّل بشكلٍ غير مباشر سلسلة الهجمات الأخيرة التي يشنها متمردو الحوثي اليمنيون في البحر الأحمر؛ ما أثر في حركة الملاحة، حيث يتدفق حوالى 15% من التجارة العالمية عبر الممر الذي يمتد من خليج عدن عبر البحر الأحمر وقناة السويس، رابطًا بين آسيا وأوروبا.
كما تشتري الصين حوالي 90% من نفط إيران، بما في ذلك النفط الخام الذي تبيعه قوات فيلق القدس، المليشيا التابعة للحرس الثوري الإسلامي المسؤولة عن العمليات العسكرية الخارجية لطهران. وتقوم قوات فيلق القدس بتدريب وتمويل وكلاء الإرهاب التابعين لإيران في منطقة الشرق الأوسط، مثل حزب الله في لبنان ومتمردي الحوثي في اليمن على سبيل المثال.
ويقول أحد المسؤولين: "الحوثيون يهاجمون الطرق الدولية، وأول بلد يتأثر بذلك هي الصين نفسها. لست متأكدًا مما إذا كانوا يدركون أنهم يقطعون الغصن الذي يجلسون عليه".
ولم يرد المتحدث باسم الحكومة الصينية على طلب التعليق.
ورغم أن الحوثيين تعهدوا بعدم مهاجمة السفن الصينية، إلا أنهم أطلقوا عدة صواريخ في وقتٍ سابق هذا الأسبوع على السفينة "هوانغ بو" التي تعود ملكيتها لشركة صينية وتحمل الجنسية البنمية. وقد تعرّضت السفينة لأضرارٍ طفيفة فقط، وليس واضحًا ما إذا كان الحوثيون يدركون أصل السفينة.
ومع ذلك، فإن الهجوم يبرز إلى أي مدى بدأت عمليات شراء النفط غير المشروعة للصين تتحول ضدها.
وفرضت العقوبات الدولية ضغوطًا مالية على النظام الإيراني. ولتمويل وكلاء الإرهاب، يخصص النظام الإيراني حصة سنوية من النفط لقوات فيلق القدس، التي تبيعه في الخارج من خلال شبكة معقدة من الشركات الواجهة، وهي ممارسة تم توثيقها بالتفصيل من قِبل وسائل الإعلام مثل "بوليتيكو".
كما تخاف معظم البلدان من لمس النفط الإيراني خشية انتهاك العقوبات، خاصة تلك المفروضة من قبل واشنطن فيما يتعلق ببرنامج إيران للأسلحة النووية. والصين، التي تستورد حوالي 10% من نفطها من إيران وتعارض العقوبات، واستفادت على مدى سنوات من عزلة إيران، مما يُتيح للشركات الصينية شراء النفط بخصم كبير.
ومع ذلك، فإن الوضع في البحر الأحمر أدى إلى تعقيد هذا الحساب.
وقامت مليشيا الحوثي بمهاجمة عديد السفن في خليج عدن والبحر الأحمر منذ أكتوبر/ تشرين الأول، مما أدى إلى انخفاض تدفق حركة المرور بنسبة تزيد عن 60%، حسب معهد كيل للاقتصاد العالمي، وهو مركز ألماني للأبحاث. وقامت الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية بتعزيز وجودها البحري في البحر الأحمر، لكن هذا لم يكن كافيًا لردع الهجمات.
وأكد المسؤولون الاستخباراتيون أن الحوثيين نفذوا الهجمات باستخدام طائرات مُسيّرة وصواريخ تم توريدها لهم من إيران.
وفي وقتٍ سابق مارس/آذار المنصرم، قتل متمردو الحوثي ثلاثة أفراد من طاقم سفينة "ترو كونفيدانس" الليبيرية، حيث استهدفوها بصاروخ بالستي مضاد للسفن على بعد حوالى 100 كيلومتر قبالة الساحل اليمني. وفي فبراير/شباط، شن الحوثيون هجومًا صاروخيًا على السفينة "روبيمار" البريطانية، والتي غرقت جنوبي البحر الأحمر وعلى متنها أكثر من 40 ألف طن من الأسمدة.
وتقول شركات الشحن الكبرى الغربية، مثل شركة "ميرسك" المسجلة في الدنمارك، إن البحر الأحمر أصبح خطرًا جدًا، ولذا غيرت مسار سفنها نحو رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا، ما يضيف 14 يومًا إلى الرحلة. ورغم أن اتخاذ المسار الأطول لا يحدث فرقًا كبيرًا في السعر، بفضل التكلفة العالية للملاحة في قناة السويس، إلا أن الوقت الإضافي يمكن أن يعرقل سلاسل التوريد التي تعتمد عليها قطاع الصادرات الصيني.
ويقول جوليان هينز، خبير تحليل السياسات التجارية في معهد "كيل" إن "التأثير الرئيسي هو الوقت الأطول في البحر. إنه أمر مهم جدًا بالنسبة للصين أن تعمل طرق التجارة العالمية دون انقطاع".
ويزعم الحوثيون أنهم نفذوا الهجمات تضامنا مع الفلسطينيين في غزة، التي اقتحمتها إسرائيل ردًا على مجزرة السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والتي أسفر عنها مقتل 1200 شخص واختطاف 250 آخرين من قبل مقاتلي حماس. ومع ذلك، فإن الأغلبية العظمى من السفن التي هاجموها ليست إسرائيلية ولا تتجه إليها.
هذا الأمر أثار غضب الدول في المحيط الهندي، بما في ذلك الهند وسريلانكا، التي تحملت عبء اضطراب البحر الأحمر. وفي مؤتمر حول التجارة عبر المنطقة في سريلانكا فبراير/شباط الماضي، واجهت إيران انتقادات حادة، وطالب بعض ممثلي المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة، التي أرسلت أيضًا مسؤولًا كبيرًا للحضور، باتخاذ إجراءات قانونية ضد طهران، وفقًا لمصادر مطلعة على الاجتماع.
كما صرح أحد هؤلاء الأشخاص: "من وجهة نظر آسيوية، لا أحد يهتم بالحرب في إسرائيل، إنها ليست ذريعة لإلحاق أضرار بالاقتصاد العالمي".