كيف تصدى نعمان للحوثي وهو لا يملك أجرة التاكسي؟!
الثلاثاء 21 سبتمبر 2021 - الساعة 11:32 مساءً
أحمد شوقي أحمد
مقالات للكاتب
أقسم بالله العظيم أن هذا الرجل كان يقود معركته ضد الانقلاب الحوثي وهو مفلّس، ومرت عليه أوقات كان لا يمتلك أجرة التاكسي للعودة إلى منزله, وأنا شاهد على هذا الكلام، بعيني وأذنيّ ما احد قال لي.
ورُغم أنه محامي مشهور، ودخله السنوي كبير جداً ، إلا أنه أفلس بعدما تولى قيادة التنظيم الناصري، قبل الانقلاب بشهور، وباع سيارته لسداد التزاماته الشخصية والعائلية.. ولذلك أصبح برنامجه لاحقاً، مقاومة انقلاب الحوثيين طوال النهار، والسهر على كتابة المرافعات للقضايا في مكتبه للمحاماة لتحسين دخله وتمويل نشاطه.
كانت اللطمة الأولى التي وجهها عبد الله نعمان للحوثيين وخصومهم الأذلاء ليلة 21 سبتمبر 2014 حين رفض التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الذي وقعه كل الأطراف من أقوى الأحزاب السياسية والقادة، وحتى اصغرهم واضعفهم.
وكان نعمان أول من أطلق على اجتياح صنعاء أو ما أسماه الحوثيون بالثورة، مسمى الانقلاب علناً، وتعهد بمواجهته، والتصدي له.
بعد إعلان الحوثيين البيان رقم 1، أو ما سُمي بـ "البيان الدستوري" وافقت جميع القوى الكبيرة والصغيرة برعاية المبعوث الأممي على الحوار تحت سقف سلطة الحوثيين وبيانهم المشؤوم، رفضه عبد الله نعمان، وكانت قيادة حزب الإصلاح، أكبر الأحزاب اليمنية، والخصم الأول "افتراضياً للحوثي" يوافقة كليةً على شروط الحوثيين واقتراحاتهم، بدءً من الاعتراف بالبيان الدستوري الحوثي، وحتى تشكيل مجلس رئاسي بديل للرئيس الدنبوع "الله لا سامحه ولا غفر له".
كان "محمد اليدومي" رئيس الإصلاح، الحزب المدجج بالأموال والشركات والاستثمارات وجيوش الجهاديين، حاضراً في تلك اللقاءات، وبشهادة أحد الحوثيين أنفسهم "علي البخيتي" أن اليدومي كان يتودد للحوثيين ويسعى لإرضاءهم وهم يتغطرسون عليه.
في الوقت نفسه، كان عبد الله نعمان، الأعزل، بلا جيوش، ولا أسلحة، ولا أموال ولا بنوك ولا استثمارات ولا حتى أجرة التاكسي، يتصدى وحيداً إلا من بعض أنصاره العُزل الفقراء لغطرسة الحوثي، ويفشل كل التوافقات الانقلابية التي اتفقت عليها كل القوى السياسية !.
انسحب عبد الله نعمان من حوارات الموفنبيك التي ترعاها الأمم المتحدة لشرعنة انقلاب الحوثي عدة مرات، في كل مرة كان جمال بن عُمر يتصل به، ويناشده للعودة والمشاركة في الحوار، وكان يقنعه بحجة أن صوته مُهم ولا يمكن تجاوزه، وقد شهدت بعض تلك الاتصالات بنفسي، وربما لم ينتبه نعمان لذلك.
كان عبد الله نعمان أول زعيم سياسي يقود تظاهرات سلمية ضد الانقلاب، حين كان الرئيس الدنبوع هادي، معتقلاً تحت الإقامة الجبرية، وخرج مع نعمان عشرات السياسيين والمثقفين ومئات القواعد الحزبية من الناصري والاشتراكي، وقد حاصرنا الحوثيين المدججين بالأسلحة وتغلغل عناصرهم بيننا بأسلحتهم لإسكاتنا واعتدوا على بعضنا وكل هذا موثق.
وكان نعمان أول من اسس جيشاً جديداً لمواجهة الانقلاب الحوثي، قبل عاصفة الحزم، وقبل هروب هادي من عدن، فعمل على تحشيد الرجال، وإنشاء أولى المعسكرات لمقاومة الحوثي، واستطاع نعمان بنفوذه وعلاقاته الشخصية أن يجمع عشرات الملايين، ثم مئات الملايين لاحقاً لتأسيس نواة لهذا الجيش وإمداده وتسليحه، وأقام له المعسكرات، ودعم القادة، وكان حينها الزعيم الروحي لصادق سرحان ويوسف الشراجي وعدنان الحمادي وعبد الرحمن الشمساني، وحين كانوا يطلبون منه التوجيهات والأوامر كان يرفض، ويقول لهم: هذا جيش الشرعية وأنتم قادته ، ونحن لا نتدخل ولن نتدخل في عمل الجيش,
حين كان بعض القادة ونتيجة التأثر والإعجاب يطلبون الانضمام للتنظيم الناصري كان نعمان يرفض بشدة، ويقول لا حزبية في الجيش، هذا جيش للوطن ولن أقبل بأن يكون تابعاً لأي حزب.
وربما كان مخطئاً في توجهاته الوطنية هذه فتطبيق الدستور والقانون لا يصلح في وجود أمراء الحرب وعصابات الارتزاق السياسي المسماة "قوى سياسية".
يمكنكم أن تسألوا معظم هؤلاء القادة، من هو أكثر قائد سياسي قدم لهم الدعم، والتسهيلات، وعمل لحل مشاكلهم وتوفير طلباتهم، الشخصية والعسكرية، ونجى عدّة مرات من الرصاص الغادر، أثناء المشكلات والنزاعات الحمقاء.
هذا غيضٌ من فيض..وقليلٌ من كثير,, مما قدمه عبد الله نعمان ورجاله الأشاوس من أجل حرية الشعب وكرامته واستقلاله وكبريائه.
هذا الرجل مظلوم، ظلم نفسه بإنكار الذات، وظلمه الآخرون بتواطؤهم وانحطاطهم، كونوا شجعاناً وصادقين، وابرؤوا ذممكم أمام الله، واشهدوا بالحق وبما تعرفون عنه.
▪︎ من صفحة الكاتب على الفيس_بوك