طرد واختطاف واقتحام.. قمع الحوثي للمفوضية ينتهك «الحصانات الأممية»
الثلاثاء 13 أغسطس 2024 - الساعة 09:31 مساءً
المصدر : الرصيف برس - العين الإخبارية
في تصعيد خطير، أقدمت مليشيات الحوثي على خطوة استفزازية جديدة باقتحام مكتب مفوضية حقوق الإنسان في صنعاء.
وتأتي هذه الخطوة تأتي في سياق حملة ممنهجة تستهدف تقويض العملية السياسية في اليمن، وإعاقة جهود المجتمع الدولي لحل الأزمة.
وبدأت مليشيات الحوثي قمعها للمنظمات الأممية والدولية بسلسلة من إجراءات التضييق على نشاطها الإنساني لتوظيف المساعدات عسكريا، وانتقلت منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي نحو طرد بعض المسؤولين الأمميين الذي رفضوا ابتزازها الممنهج قبل أن تلجأ لاختطاف عشرات الموظفين منذ يونيو/حزيران الماضي.
كما شرعت الأسبوع الماضي بحظر سفر جميع العاملين الأجانب في المنظمات الأممية والدولية في مناطق سيطرتها إلا بإذن مسبق منها قبل أن تقتحم وتغلق "مكتب الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ" و"مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان" بصنعاء.
المفوض الأممي يخرج عن صمته
وبعد أسبوع من الاقتحام ونهبه، خرج مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك عن صمته، وندد بشدة، الثلاثاء، باقتحام مليشيات الحوثي مكتب المفوضية بصنعاء، مجددا دعوته بإطلاق سراح الموظفين الأمميين المختطفين بشكل فوري وغير مشروط.
وفي بيان للمفوضية السامية، طالعته "العي الإخبارية"، قال تورك إن اقتحام "مكتب تابع للأمم المتحدة من دون إذن والاستيلاء بالقوة على وثائق وممتلكات يتعارضان بشكل كامل مع اتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة".
كما يشكل الاقتحام الحوثي "أيضاً اعتداءً خطيراً على قدرة الأمم المتحدة أن تمارس ولايتها، بما في ذلك ما يتعلق بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، التي يدافع عنها مكتب المفوضية"، وفقا للمسؤول الأممي رفيع المستوى.
وكشف المفوض السامي أن مليشيات الحوثي لم تكتف بالاقتحام وإنما سيطرت على مبنى المفوضية في صنعاء، وحث المليشيات على "مغادرة المبنى فوراً وإعادة جميع الأصول والممتلكات" المنهوبة.
وأضاف "في 3 أغسطس/آب الجاري، اقتحمت مليشيات الحوثي مكتب مفوضية حقوق الإنسان في صنعاء وأجبرت الموظفين المحليين على تسليم ممتلكاتهم، بما في ذلك وثائق وأثاث ومركبات، فضلاً عن مفاتيح المكتب وهي لا تزال تسيطر على المكتب حتى اليوم".
وأشار إلى أن مليشيات الحوثي اختطفت في 6 و 7 يونيو/حزيران، 13 من موظفي الأمم المتحدة، من بينهم 6 يعملون في مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالإضافة إلى أكثر من 50 عاملاً في منظمات غير حكومية مختلفة وشخص يعمل في بعثات دبلوماسية.
كما أنها اختطفت "اثنين آخرين من موظفي مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان منذ نوفمبر /تشرين الثاني 2021 وأغسطس/آب 2023، بالإضافة إلى موظفين أمميين اثنين آخرين اعتقلوا في وقت سابق.
وأوضح فولكر تورك أن جميع من اختطفتهم مليشيات الحوثي وضعوا "في الحبس الانفرادي مع منع الاتصال"، مشيرا إلى أنه ونظراً للوضع الأمني، "قرر المفوض السامي تعليق عمليات المكتب مؤقتاً في صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لمليشيات الحوثي" ردا على انتهاكاتها.
وفيما أكد أن المفوضية تواصل عملها في مناطق أخرى من اليمن، أعرب عن أسفه لعدم استجابة مليشيات الحوثي "لنداءات متعددة أطلقها المفوض السامي ومسؤولون أمميون رفيعون آخرون".
وتحدث تورك عن الجهود الأممية للإفراج الفوري وغير المشروط عن المختطفين، وحث مليشيات الحوثي على ضمان "معاملتهم باحترام كامل لحقوق الإنسان، وأن يتمكنوا من الاتصال بأسرهم وممثليهم القانونيين".
نفي تهم التجسس
ووفقا للبيان فإن أحد الموظفين الذين اختطفهم الحوثيون ظهر في وقت سابق في مقاطع فيديو نشر على الإنترنت، إذ أجبر على الإدلاء باعترافات حول مزاعم من بينها التجسس في انتهاك واضح لحقوق الإنسان الأساسية المحمية بموجب القانون الدولي".
ونفى المسؤول الأممي تهم التجسس الذي لفقها الحوثيون للمختطفين الأممين، وشدد على أنه "لا أساس من الصحة لكل هذه الادعاءات وأن مكتبه لم ينخرط في أي وقت من الأوقات في أي أنشطة أخرى غير تلك التي تصب في صالح الشعب اليمني، ووفقاً للولاية المنوطة بي".
كما شدد على ضرورة احترام الحوثيين "لاستقلال الأمم المتحدة ابتداء من إطلاق جميع الموظفين المختطفين فوراً، وتهيئة الظروف التي تمكن مكتبي ووكالات الأمم المتحدة الأخرى من مواصلة عملها الحاسم خدمة للشعب اليمني بعيد عن أي تهديدات أو عراقيل".
وكانت مليشيات الحوثي طردت في نوفمبر/تشرين الثاني، ممثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان بصنعاء سفير الدين سيد والذي انتقل للعمل من للعاصمة المؤقتة عدن وسبقه منع الممثل المقيم للمفوضية "رينو ديتال" من دخول صنعاء قبل 3 أعوام بمزاعم انخراط المفوضية في أنشطة تمس "أمن الجماعة".
والأيام الماضية، اجتمعت مليشيات الحوثي مع موظفي المنظمات وناشطي المجتمع المدني بشكل منفصل في إب وصعدة والحديدة وحجة وريمة وصنعاء ورسمت لهم "خطوط حمراء" يمنع تجاوزها، منها عدم تنفيذ أي أنشطة أو مشاريع من دون رقابتها المباشرة.
ويعد اختطاف مليشيات الحوثي عشرات الموظفين بتهمة التجسس والتخابر لصالح الولايات المتحدة و إسرائيل، حملة قمع وابتزاز وتضييق واعتداءات غير مسبوق كَسَرت أعراف المجتمع ومساحة المشاركة السياسية المعهودة في ثقافة اليمن، وفقا لخبراء.