الحالمة و ألغاز !!
السبت 16 أكتوبر 2021 - الساعة 07:49 مساءً
نبيل السفياني
مقالات للكاتب
للحالمة مع الغاز قصة فيها الكثير من الطلاسم والألغاز ، أبطالها عصبة من المسؤولين والقادة والفاسدين والعسكر وتجار الحروب واصحاب القرار والوكلاء وتجار السوق السوداء وصناع الازمات والسماسرة و"الشطار" ..
والمواطن انهكته الأزمات وتكالب عليه الحصار والفساد والغلاء والوباء وغياب الدولة مع الخدمات واسطوانة فارغة و ( حصة ) ضائعة..
تدور أحداث القصة في مدينة عرفت ( بالحالمة ) تحاصرها المليشيات الحوثية من الخارج والمفصعين والمتهبشين والمليشيات الصديقة من الداخل ومتهبشي االنقاط وعسكر الجبايات على ما تبقى لها من منافذ ومخارج.
حالمة كانت تحلم مع ابنائها بالدولة والمدنية وبالكرامة والمواطنة وبالقانون والعدالة وبالاستفرار وبالامن والآمان ..
وأصبح ابنائها اليوم يحلمون بإسطوانة غاز وكيس دقيق وقليل من سكر وزيت.. او ( بسلة غذائية ) تجود بها منظمة محلية أو أجنبية
وللحالمة مع حصتها من الغاز قصة تثير الألم والدهشة فمع نقص حصة الحالمة من الغاز ومع ما يترصد الحصة من نقاط وكمائن وتقطع وحصار واحتجاز .
وما يفرض على الحصة من رسوم غير قانونية وجبايات وما تتعرض له الحصة من تلاعب واحتكار واخفاء واستقطاع واقتصاص ومقصات وما يتسرب او يسرب منها إلى السوق السوداء و ما يذهب منها هبات وهدايا ومخصصات.
ومع كل ما يحيط بالحصة من علامات استفهام وألغاز ومع كل ما يعقد من اجتماعات وما نسمع من تصريحات وما يصدر من توجيهات و مذكرات و تشكيل لجان ونزول وزيارات وتفاوض ومفاوضات ووساطة ووساطات.. ومع استمرار الأزمة وعدم الالتفات للمطالب والمناشدات وزيادة احتقان الشارع والتذمر والسخط والغضب وخروج المظاهرات و الاحتجاجات والوقفات ...واللعنااااااات..
تعيش الحالمة في أزمة خانقة ، ويعيش المواطن في ضيق وضنك وفي حلقة الف غصة وغصة، وترتفع المطالب الشعبية بزيادة كمية الغاز المخصص للحالمة و زيادة الحصة.
و لكن لا حياة لمن تنادي ، وقد يكون ( للمسؤل ) رأي آخر، ولا تستغربوا إن تم رفع السعر وتخفيض الحصة ويشكو المواطن من زيادة الأسعار ومن التلاعب بسعر الاسطوانة..
ويأتي ( القائد ) ليخاطب مسؤلي ( صافر ) مطالبا برفع السعر وتسليم حصته من ثمن الحصة، والنقاط والكمائن والتقطعات تترصد للحصة، والجباة والصوص وقطاع الطرق يترقبون الحصة، والعساكر يحاصرون ويحتجزون الكمية، والقادة والمسؤولين يستقطعون حصتهم منها.
وتجار السوق السوداء لهم نصيب من الحصة والفاسدين والوكلاء والسماسرة وتجار الحروب وصناع الازمات يتلاعبون بالحصة.
و"الذئاب" يتقاسمون مع "الثعالب" الجبايات من كل حصة و مع كل حصة، والحالمة تنتظر بقلق وشوق الإفراج عن الحصة المحاصرة ووصول ما تبقى من الحصة .
والمواطن يقضي نهاره بين الطوابير والوكالات والسوق السوداء والمحطات باحثا عن اسطوانة ومتسائلا عن مصير و أخبار الحصة ، ويمضي ليله في نكد وهم واحلام مشوبة بالكوابيس، فأن جاءه خبر عن قدوم الاسطوانه مع اخواتها في الحصة فارق النوم عيونه وأمضى ليلته في شوق وسهر وكأنها ليلة عرسه ، ومع بزوغ الفجر يسابق الطير نحو ( الوكيل ) والوكالة فإذا به بطابور طويل وصراخ وعويل ومشادات وعراك وكر وفر ، ووسط الجمع شيخ أو عاقل يصيح ملوحا بعصاه ..
وهذا ضابط قد لبس الميري وعلق النجوم يصول ويجول كالغضنفر ومن أجل حفظ النظام ومنع التلاعب قد وصل فلا تسيئو به الظن فهو من أجلكم قد حضر ، وهذا سمسار يحوم بلا صياح أو غضب ويعرف جيدا كيف يصل إلى ما يريد ويرغب، وذاك مفصعا قد تأزر للركب وحمل السلاح وعلق الجعب..
وهناك في الزاوية تبدو سيارة المسؤول والقائد تنتظر تسلل الأسطوانات إليها خلسة بلا طابور وبلا حجز وبلا تعب، وهاهو المسؤل قد أقبل وبسرعة تفقد واستمع وصرح وطمأن واطمئن وغادر على عجل، ومن بعده ها هو ( الموظف ) قد وصل وشاهد و استمع ووعد وتوعد و حذر و بعد أن قام بما يجب انصرف في سلام وقد نال ما طلب ، وعلى هامش المشهد تبدو رقابة بلا رقابة وأحوج ما تكون إلى الرقابة .
وهنا وامام هذا المشهد تدب في نفس المواطن المسكين الحسرة وتنتابه شكوك اقرب إلى اليقين ، فيبدو أنه لن يلقى اليوم ( ليلاه ) وبعد طول شوق وسهر وعذاب وترقب وانتظار لاسطوانته والحصة سيعود إلى منزله بحسرة و نكسة، ومن جديد ستبدأ القصة وسيعود من جديد لأنتظار ( ليلى ) والحصة ..
وتستمر الألغاز وتستمر الأزمة ، وتستمر المهزلة وتستمر القصة ...