كشفت الأحداث الأخيرة على المشهد السياسي ، حجم الخلاف المتفاقم داخل مجلس القيادة الرئاسي والاتهامات الموجه الى رئيسه بالتفرد بالقرار ، ما يثير المخاوف حول إمكانية تفكك المجلس ، في ظل ما تشهده المناطق المحررة من تهديدات عسكرية واقتصادية متصاعدة تلوح بها مليشيات الحوثي الإرهابية.

ومثلت حادثة قيام مسلحين تابعين لعضو المجلس ابوزرعه المحرمي قبل نحو أسبوعين بإغلاق مكتب تابع لرئاسة الجمهورية جرى استحداثه مؤخراً من قبل رئيس المجلس رشاد العليمي في عدن ، اول ظهور علني لهذه الخلافات داخل المجلس.

وعزز ذلك تصريح المصدر "الرئاسي" الذي نشرته وكالة "سبا" الرسمية حول الحادثة ، حيث أشار الى أن اغلاق المكتب جرى بطريقة قانونية من قبل مندوبين تابعين للمحرمي "حتى يجتمع المجلس الرئاسي وينظر في الموضوع"، في إقرار واضح بان استحداثه جرى دون توافق داخل المجلس.

الحادثة الثانية التي أكدت غياب التوافق داخل المجلس الرئاسي ، كان الرد اللافت الذي وجهه  عضو المجلس الرئاسي ومحافظ حضرموت السابق اللواء / فرج البحسني على قرار رئيس المجلس رشاد العليمي بتشكيل لجنة رئاسية للنظر في مطالب أبناء المحافظة.

حيث نشر البحسني تغريدة على صفحته الرسمية بمنصة "أكس" خاطب فيها العليمي قائلاً : لا جدوى ولا فائدة من تشكيل لجان لحل مشاكل حضرموت بهذا الشكل يا فخامة الرئيس د. رشاد العليمي" ، معتبراً بان ذلك "تمييعًا لقضايا المحافظة وضياعًا للوقت، وأيضًا فشلًا في مواجهتها بجدية".

مؤكداً بان الحل يكمن في اتخاذ قرارات مباشرة من قبل الرئيس العليمي لتلبية مطالب حضرموت أو الدعوة لاجتماع طارئ لأعضاء مجلس القيادة الرئاسي لمناقشة الأزمة والوقوف أمامها بجدية وحزم، على أن تُصدر عن الاجتماع قرارات تحسم ما يجري في المحافظة".

تعليق البحسني كشف حقيقة الخلاف العميق داخل المجلس الرئاسي وغياب أي توافق او تشاور حول أي قضية او ملف يخص المناطق المحررة ، وسط تفرد واضح من قبل رئيس المجلس باتخاذ القرار.

اللافت في هذا السياق ما ورد في سياق خبر لقاء عضو المجلس الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء / عيدروس الزُبيدي ، مع سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى اليمن ستيفن فاجن اليوم السبت بالعاصمة الإماراتية أبوظبي.

حيث جدد الزُبيدي دعوته للدول الشقيقة والصديقة لتكثيف الدعم والمساندة لمجلس القيادة الرئاسي وتعزيز تماسكه، مشددا في السياق على أهمية إصدار اللائحة المنظمة لعمل المجلس الرئاسي وتفعيل الفريق التفاوضي المشترك لتمثيل المجلس في أي مفاوضات قادمة.

حديث الزُبيدي يعيد التذكير بواحد من أهم أسباب تراكم الخلاف داخل مجلس القيادة الرئاسي وهو استمراره وجوده من دون لائحة داخلية تنظم عمله وصلاحيات رئيسه واعضاءه بحسب ما نص عليه اعلان نقل السلطة من الرئيس السابق عبدربه منصور هادي الى المجلس.

حيث تم اعداد هذه اللائحة من قبل الفريق القانوني الذي نص عليه اعلان نقل السلطة وقُدمت لمجلس القيادة الرئاسي أواخر مايو 2022م لكنها لاقت اعتراضات وبخاصة من قبل المجلس الانتقالي الذي يملك 3 أعضاء في مجلس القيادة ، وبدلا من تعديلها واحتواء هذه الاعتراضات جرى تجاهل الأمر تماما.

قفز رئيس وأعضاء المجلس على اللائحة المنظمة لعمله انتج اليوم هذا المشهد المضطرب والملتبس في العلاقة والصلاحيات بين الرئيس والأعضاء ، وهو أمر ينسحب ايضاً على الحكومة وباقي مؤسسات الشرعية التي لا تزال تعمل بعشوائية جعلتها عاجزة في التعامل مع الأزمات والتحديات التي تعاني منها الشرعية والمناطق المحررة.