رسل المناخ بالمركز اليمني للإعلام الأخضر يستطلعون مخاطر الكوارث الطبيعية في ريف تعز الجنوبي
المصدر : الرصيف برس - تعز
نفذ فريق من برنامج "رسل المناخ" التابع المركز اليمني للإعلام الأخضر (YGMC) اليوم الاثنين، زيارة استطلاعية لتقصي أضرارا كوارث السيول والانهيارات الصخرية، التي شملت عدد من القرى المشيدة على ضفتي وادي الصحي ومساقطه الجبلية ضمن النطاق الجغرافي لمديرية الشمايتين، في أقصى الريف الجنوبي لمحافظة تعز اليمنية.
وكانت الأمطار الغزيرة التي تواترت حدتها وانزاحت مواسمها، جراء التغيرات المناخية التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة، قد فاقمت من مخاطر السيول المفاجئة والانهيارات الصخرية التي تقع قرى الصحى والقريشة ضمن أعلى مستويات التعرض لها.
وأكد رئيس (YGMC) معاذ المقطري على أهمية اجراء تقييم معمق وشامل لمستويات التعرض والأضرار الفعلية والمحتملة التي عصفت بالوادي والحقت بالسكان خسائر فادح في أصولهم الزراعية ومواردهم المائية وهددت سبل معيشتهم.
لافتاً إلى أن طريق نقيل الصحى الرابط بين تعز وعدن قد أصبح تحت تعرض عالي للمخاطر التي تهدده بالإغلاق في وجه الحركة التجارية وتنقلات السكان، جراء تسلخ الصخور وتساقها المتكرر عليه، فضلا عن تآكله جراء السيول الجارفة، الأمر الذي يضعف قدرات الصمود لدى ملايين السكان في محافظة تعز.
وتظهر عملية الاستطلاع الأولى صوراً ومقاربات صادمة، فالوادي الذي كان شاهدا على جمال الطبيعة وعطاء الأرض، شهد تشوهات عميقة وظاهرة، جراء كارثة السيول التي انهالت عليه في السنوات الأخيرة. الشي الذي يتحدث عنه السكان المشاركين في عملية التقييم الأولى للأخطار هناك.
المهندس الزراعي خالد محمد حسن القرشي رئيس اللجنة التنموية في المنطقة ذكر للفريق أن مياه السيول كانت تجري بلطف في مجرى لا يتجاوز قطره 55 متراً، لتسقي الأرض وتغذي مصادر المياه (الينابيع والآبار) التي كانت وافرة قبل عشر سنوات، إلا أن زيادة حدة السيول في غير مواسمها في الكثير من الأحيان، اسفرت عن تدفق شديد وجارف للسيول وضاعفت من عرض الوادي ليصل إلى أكثر من من 100 متراً، جارفاً معه التربة الخصبة للمزارع الذي كانت تكسوا ضفتيه. الشي ء الذي تجلى على نحو كارثي اليوم.
تؤكد المصورة الصحفية عبير الأكحلي التي انضمت لفريق رسل المناخ مؤخراً، بأن عدستها قد وقعت على كارثة لم يسبق أن رصدتها من قبل.
وقالت ضمن تقرير عملها الميداني اليوم:" لم يسلم من غضب السيول شيء، فالأشجار المعمرة كالنخيل والسدر والطولق وجدت جذورها عارية، والآبار التي كانت مصدر حياة سكان القرى طمرت، والترع التي كانت تسقي الحقول توسعت بشكل هائل، وشقت في الأرض اخاديد عميقة لضرب مساكن الأهالي.
رامز السقاف المنسق الميداني للفريق يصف الوضع من جانبه قائلاً:" كان التغير كارثياً، فقد أجبر العشرات من السكان على ترك منازلهم ومزارعهم، وهذا الوضع ليس حكاية قرية ما واحدة على هذا الوادي، بل تمتد إلى المساقط الجبلية ايضاً، وتعد انعكاساً لواقع مؤلم يعيشه ملايين اليمنيين في قراهم ومدنهم "
وتتظافر عوامل التغير المناخي والصراع الدائر لتشكل أزمة إنسانية متفاقمة. فالجفاف والفيضانات المتكررة، الناتجة عن تغير أنماط الطقس، تدفع آلاف اليمنيين إلى النزوح من ديارهم بحثًا عن الأمن والماء والغذاء. وشهد اليمن نزوحًا بسبب المناخ أكثر بثلاث مرات عام 2023 مقارنة بالنزوح الذي تسبب فيه في النزاع في العام ذاته.
وما يؤكد الأمر أن تعداد النازحين داخليًّا جراء المناخ 240 ألفًا في مقابل 80 ألف نازح بسبب النزاعات والصراعات (Internal Displacement Monitoring Center, 2024). ومن الممكن لتغير المناخ أن يؤدي الى النزوح الثانوي للسكان النازحين بالفعل. هذه الزيادة المتسارعة في النزوح تشير إلى أن تغير المناخ يشكل تهديدًا وجوديًا لليمن.
ويقول البنك الدولي أن نحو 17 مليون شخص يشكلون 60% من السكان معرضين لمستوى الأزمات أو أوضاع انعدام الأمن الغذائي الحادة حتى مارس/آذار 2023. وفي الوقت الحالي، لا يوفر قطاع الزراعة في اليمن سوى 15-20% من احتياجاته الغذائية الأساسية بالرغم من أن هذا القطاع هو العمود الفقري لسبل كسب العيش.
أمام هذا الواقع المرير، يقف شباب اليمن عازمين على تغيير هذا المسار باتخاذ إجراءات ومبادرات مستدامة لمواجهة هذا التحدي. وبناء مجتمعات أكثر مرونة قادرة على الصمود أمام الكوارث الطبيعية.
وفي يناير 2024، أطلق مجموعة من الشباب المتطوعين: المركز اليمني للإعلام الأخضر (YGMC) كمنصة لتعزيز الوعي البيئي وبناء مجتمعات مستدامة. يعتمد المركز على قوة التأثير الثلاثي: الأخضر، الرقمي، والاجتماعي، لخلق حوار مجتمعي حول قضايا البيئة والتصدي لأزمة المناخ. من خلال برنامجه " رسل المناخ" الذي أطلقه في مارس الماضي يسعى (YGMC) إلى تمكين الشباب وتزويدهم بالأدوات والمهارات اللازمة لقيادة التغيير.