من هادي الى العليمي ... إدارة البلاد بـ "مزاج" الرئيس

الخميس 05 سبتمبر 2024 - الساعة 01:39 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

 


في أحدث نشاط له وفي سابقة غير معهودة ، شهدت ندوة طبية عُقدت الأربعاء بمدينة تعز مشاركة لافتة ومطولة لرئيس مجلس القيادة الرئاسي (أعلى سلطة تنفيذية في البلاد) رشاد العليمي ، عبر تقنية الاتصال المرئي استمرت لساعات.

 

وبحسب وكالة "سبأ" الرسمية التي تطلق على العليمي لقب "فخامة الرئيس" ، فقد شارك الرجل بكلمة القاءها عبر تقنية الاتصال المرئي أمس الاربعاء في افتتاح اعمال المؤتمر العلمي الاول لأمراض القلب والاوعية الدموية، وزراعة الكلى الذي ينظمه مركز القلب والاوعية الدموية وزراعة الكلى بالشراكة مع جامعة تعز.

 

اللافت في كلمة العليمي بالمؤتمر الطبي ، اشارته الى انعقاد المؤتمر بعد أيام قليل من الزيارة التي قام بها للمدينة ، معتبراً ذلك بأنه "من حسن الطالع" ، دون ان يكشف عن حقيقة ان "حسن الطالع" كانت في أن الوقت الذي قضاه معهم أكثر من النشاط الذي قام به بالزيارة.

 

فبحسب من حضر المؤتمر الطبي ، فقد شارك العليمي طوال وقت المؤتمر الذي بدأ الساعة ٨ صباحا وحتى انتهاءه الساعة ٢ مساء ، بل انه لم يكتفي بإلقاء الكلمة وتداخل طيلة 6 ساعات معقباً على كل كلمة ومشاركة في المؤتمر.

 

ورغم ان الحدث يمكن اعتباره في الوضع الطبيعي انجازاً وتصرف غير متوقع من الرجل الأول في السلطة ، في تفريغه لكل هذا الوقت الثمين للمساهمة ودعم نشاط علمي ، الا أن مقارنة ذلك مع ما حدث في زيارته الأخيرة لمدينة ، يحول الأمر الى جانب سلبي ويقدم صورة غير جيدة بحقه.

 

حيث يثير الأمر غضب النخبة السياسية في تعز من أحزاب وقوى سياسية وقيادات مجتمعية أعدت نفسها لبرنامج حافل من اللقاءات مع أعلى مسئول في الدولة خلال زيارته الأخيرة لتطرح عليه مشاكل وأزمات المحافظة ، لتتفاجأ ان الزيارة التي لم تدم ، يوماً كاملاً، ولم يكن في جدولها أي لقاءات للرجل معها.

 

فالزيارة اقتصرت على لقاء عام لم يتجاوز الساعة ، القى فيه العليمي خطاباً قصيراً ثم اتجه لتدشين بعض المشاريع ، وما ان حل الظلام حتى كان الرجل قد وصل قريته في ريف تعز ، وانطلق منها صباحاً عائداً نحو العاصمة المؤقتة عدن ، ليلتقي بالمبعوث الأممي في اليوم التالي وبعدها ينتهي الأمر بالعودة نحو الرياض.

 

مشهد وسلوك يجعل من الرجل ، نسخة تكاد تكون متطابقة لسلفه الرئيس السابق عبدربه منصور هادي ، الذي ادار البلاد لنحو عقد من الزمن أهمها فترة الحرب وما تلاها من احداث هزت اليمن والمنطقة ، وكانت تتطلب مجهود ونشاط استثنائي ممن يتصدر مشهد الشرعية ، الا أن العكس هو ما حصل ، وتدفع اليمن اليوم والمناطق المحررة تحديداً ثمن ذلك.

 

حيث ادار هادي البلاد وهي في اخطر مراحلها خلال العقود الأخيرة ، على عكس ما كانت الأمر يتطلب منه من نشاط وتفاعل ، وليس الجمود والانعزال عن العالم الواقعي وعن مؤسسات الدولة ورجالاتها ، والاعتماد على فئة معينة من اقاربه وبعض الشخصيات التي كانت تربطه بالعالم وبالبلاد.

 

وما ضاعف من الكارثة إصرار الرجل على البقاء في الرياض عاصمة السعودية ، خارج العاصمة المؤقتة عدن ، وهو ما شدد من قبضة الدائرة الضيقة المحيطة به على القرار داخل الشرعية ، وكان من اهم ثمار ذلك الكم الهائل من القرارات العبثية التي صدرت في عهد هادي.

 

بل كان "المزاج" الشخصي له اهم عامل مؤثر في اختياراته وقراراته التي كان يتخذها هادي او تطرح عليه من قبل الدائرة المحيطة به في قصره بالرياض ، بعيداً عن مؤسسات الدولة وعن مستشاريه والمسئولين المعنين ، الذين كان البعض منهم يجد صعوبة في مقابلته ، الى حد ان يفشل محافظ لأحدى المحافظات المحررة في مقابلته طيلة 6 أشهر ظل فيها يتردد على قصره.

 

سلوك وإدارة هادي التي طبع عليها الجانب النفسي من الرغبة في الانعزال والركون الى دائرة ضيقة من المقربين مع رغبة شديدة في التفرد بالقرار ، عوامل كانت محصلتها الفشل الذريع الذي لحق بالشرعية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً ، وتدفع المناطق المحررة ثمنه اليوم ، ويبدو أن هذا الثمن سيتضاعف اذا كان الخلف يسير على نهج السلف.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس