جامعة تعز: فجوة متزايدة وتأثيرات سلبية

الثلاثاء 10 سبتمبر 2024 - الساعة 11:28 مساءً
المصدر : الرصيف برس - تعز

 


 جمال الصامت

 

تعاني جامعة تعز، أحد أكبر وأهم المؤسسات التعليمية في اليمن، من تدهور وجمود في العملية التعليمية، مع غياب التحديث والتطوير في المقررات الدراسية. وتفتقر معظم الكليات إلى معامل حديثة ومجهزة، بالإضافة إلى هجرة الكوادر الأكاديمية وعزوف الطلاب عن بعض الأقسام، مما أدى إلى إغلاقها.

 

ويقول خبراء أكاديميون أن العملية التعليمية في اليمن بشكل عام تعتمد على أساليب تقليدية لم تعد فعالة في الوقت الحالي. وأوضحوا أن المقررات الدراسية قديمة ولا تتناسب مع التطورات العصرية والتقدم العالمي، حيث لم يتم تحديثها منذ عقود.

 

ويدرس غالبية طلبة التعليم العالي في اليمن، مقررات لا تتوافق مع متطلبات سوق العمل، مما يؤدي إلى بطالة الخريجين، وفي أحسن الأحوال، التحاقهم في مجالات غير مرتبطة بتخصصاتهم. 

 

شكى عدد من طلبة جامعة تعز، من اقتصار العملية التعليمية في بعض كليات الجامعة على الدراسة النظرية المكثفة مع إهمال الجانب العملي بسبب تلف الأجهزة وعدم توفر المعدات الحديثة، بالإضافة إلى نقص المواد اللازمة للمعامل وعدم وجود كادر أكاديمي مؤهل لتشغيلها.

 

دكاكين للربح السريع

 

بسبب الإهمال والفوضى التي تعاني منها الجامعات الحكومية، وانتشار الجامعات الخاصة بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، يلجأ العديد من الطلاب إلى الجامعات الخاصة بحثًا عن خدمات تعليمية أفضل. ومع ذلك، يتكبد هؤلاء الطلاب تكاليف مالية باهظة دون الحصول على الخدمات التعليمية المتوقعة، مما يزيد من معاناتهم. التعليم الخاص يعمق الفجوة بين الجامعات الحكومية والخاصة، ويساهم في تدهور مستوى الجامعات الحكومية من خلال سحب الكفاءات من هيئاتها التدريسية.

 

الدكتور عبدالقادر الخلي، عضو هيئة التدريس بجامعة تعز، يعزو ذلك إلى ظاهرة "نزيف الكفاءات"، حيث هاجر العديد من الكوادر الاكاديمية إلى خارج الوطن بسبب ظروف الحرب. فضلا عن استقطاب الجامعات الخاصة  للأكاديميين المتميزين من الجامعات الحكومية عبر إغراءات مادية لا تستطيع الجامعات الحكومية منافستها. 

 

وأضاف الخلي في حديثه لـ(الوحدوي نت): في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، يجد العديد من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الحكومية أنفسهم مجبرين على الانتقال للعمل في الجامعات الخاصة التي تقدم أجورًا أعلى وساعات تدريس أكثر مرونة.

 

وقال" إن استقطاب الأكاديميين المتميزين من قبل الجامعات الخاصة يحرم الجامعات الحكومية من كوادرها الأكاديمية الرائدة، مما ينعكس سلبًا على مستوى التعليم والبحث العلمي فيها. النزيف المستمر للكفاءات يؤدي إلى تراجع الجامعات الحكومية، مما يشكل خطرًا حقيقيًا على مستقبل التعليم العالي في البلاد على المدى البعيد.

 

وأشار إلى أنه يمكن التصدي لهذه الظاهرة من خلال تحسين الأجور والظروف الوظيفية في الجامعات الحكومية، وتعزيز التمويل الحكومي للجامعات، وفرض معايير أكاديمية صارمة على الجامعات الخاصة، وإعادة النظر في هيكلة نظام التعليم العالي.

 

وأكد أن التعليم الخاص لا يجب أن يكون على حساب التعليم الحكومي، وأن الجامعات الحكومية كانت ولا تزال العمود الفقري لتطوير المجتمعات، ومن الضروري حمايتها ودعمها لضمان استمرار تقدمها وتطورها.

 

وعن مخرجات وجودة التعليم في الجامعات الخاصة، أوضح الخلي أن الجامعات الخاصة غالبًا ما تركز على تحقيق الربح المادي على حساب الجودة. تفتقر هذه الجامعات في كثير من الأحيان إلى الالتزام بالمعايير الأكاديمية الصارمة التي يجب أن تكون حجر الأساس في أي مؤسسة تعليمية. أغلب الجامعات الخاصة لا تملك مباني مؤهلة، ولم تطبق الحد الأدنى من المعايير الأكاديمية التي وضعها مجلس الاعتماد الأكاديمي لفتح أي جامعة أو قسم جديد. بل وصل الأمر إلى أن بعض الجامعات الخاصة تقدم برامج ماجستير ودكتوراه.

 

وأضاف أن الجامعات الخاصة تقبل طلاب الثانوية العامة بمجرد إعلان النتيجة، بينما تغلق الجامعات الحكومية بوابة التنسيق لدفع الطلاب إلى الجامعات الخاصة. أغلب الجامعات الخاصة لا تشترط معدلات قبول مرتفعة في التخصصات الهامة والحساسة، ولا تجري اختبارات قبول جدية، مما يفتح المجال أمام طلاب لا يمتلكون الكفاءة اللازمة لدراسة تلك التخصصات.

 

وأشار إلى أن  نسب الرسوب في تلك الجامعات تكاد تكون منعدمة مما يؤدي إلى تخريج دفعات من الطلاب غير المؤهلين تأهيلًا كافيًا لمواجهة تحديات سوق العمل أو تحمل المسؤوليات في التخصصات الحساسة مثل الطب والهندسة. 

 

وعن تأثير الجامعات الخاصة على الجامعات الحكومية، قال الخلي إن التعليم الخاص زاد من انقسام المجتمع،  كما أن التعليم الخاص يساهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، في تدمير الجامعات الحكومية.

 

تحديث البرامج 

 

من جانبه يؤكد الدكتور ياسر الصلوي، نائب رئيس جامعة تعز للشئون الأكاديمية، على أهمية مراعاة جميع الظروف عند تقييم العملية التعليمية في جامعة تعز. وأوضح أن البرامج التعليمية في اليمن بشكل عام تفتقر إلى سياسة تعليمية واضحة تخطط للتعليم وتجعله جزءًا من سياسات الدولة العليا، وذلك بسبب انهيار الدولة ووجود مؤسسات تعليمية بالكاد تحافظ على ما هو موجود.

 

وأضاف في حديثه لـ "الوحدوي نت" أن جامعة تعز لا تستطيع تحديث جميع البرامج في وقت واحد بسبب قلة الإمكانيات، ولكن هناك بعض البرامج التي يتم تحديثها بشكل دوري وفقًا لمتطلبات مجلس الاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم العالي في العاصمة المؤقتة عدن. سنويًا، تقوم جامعة تعز بتحديث برامج سابقة أو فتح برامج جديدة لمواكبة متطلبات سوق العمل.

 

وأشار  الصلوي إلى أن ما يقوله البعض عن تردي العملية التعليمية في جامعة تعز هو حكم نظري مسبق لا يدرك طبيعة العملية التعليمية في الجامعة، حيث أن مخرجات جامعة تعز لها مكانة متميزة في الداخل والخارج، وتحظى الجامعة بمراتب متقدمة في التصنيفات المحلية والعالمية.

 

وعن قلة الإقبال على بعض الأقسام، قال الصلوي إن عدم إقبال الطلاب على بعض التخصصات يرجع لظروف البلد التي تشهد حربًا منذ نحو 10 سنوات، مما أدى إلى شبه توقف عجلة التنمية وشلل القطاع الخاص، وبالتالي عدم وجود فرص عمل. رغم وجود مخرجات عديدة من جامعة تعز وغيرها من الجامعات، إلا أن هذه المخرجات لا تجد فرص عمل، لأن سوق العمل هو من يوجه الجامعة، وعلى أساس احتياجات السوق تواكب الجامعة التطور. وأشار إلى أن فرص العمل ستظل منعدمة حتى لو واكبت جامعة تعز أحدث البرامج، لأن المسألة بحاجة إلى خلق سياسة اقتصادية لإيجاد فرص عمل.

 

وعن معامل جامعة تعز، قال الصلوي إن الجامعة تعتمد على جهودها الذاتية، والموازنة الحكومية للجامعة متوقفة منذ بداية الحرب، ولا يتم صرف سوى مبالغ تشغيلية بسيطة، لاتفي بتغطية تكاليف التجهيزات المعملية.

 

وأضاف أنه رغم الظروف التي تعاني منها جامعة تعز، إلا أنها تواكب الأحدث في التجهيزات المعملية، خاصة في كلية الطب، حيث يتم تخصيص نسبة كبيرة من موارد الجامعة الذاتية لمواكبة التطور في معامل كلية الطب.

 

بينما يختلف الوضع في كلية الهندسة بسبب التطور السريع في التقنيات والتكنولوجيا الهندسية، حيث تحتاج الأجهزة للتبديل كل سنة إلى سنتين، ومع ذلك تسعى جامعة تعز بالشراكة مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني على تحديث المعامل بشكل دوري.

 

وعن الكادر الأكاديمي، قال الصلوي إن أداء وعطاء هيئة التدريس والقيام بالأبحاث انخفض بشكل كبير بسبب قلة الرواتب.

 

ولفت الصلوي إلى أنه لا يوجد أي وجه للمقارنة بين جامعة تعز والجامعات الخاصة، وأن جزءًا من نشاط بعض الجامعات الخاصة هو تشويه سمعة جامعة تعز بغرض استقطاب الطلاب على حساب الجامعة.

 

وأبدى استغرابه من طريقة حصول بعض الجامعات الخاصة على تراخيص من وزارة التعليم العالي رغم افتقارها لأبسط المقومات والشروط القانونية لفتح مؤسسة تعليمية.

 

▪︎ نقلا عن الوحدوي نت 

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس