اليمن: صحوة مصالح

الثلاثاء 26 أكتوبر 2021 - الساعة 06:13 مساءً

 

عندما كانت المعركة على تخوم صنعاء والفرصة سانحة للقضاء على انقلاب الحوثيين وإجبارهم على الانصياع لصوت السلام، انصرفت الحكومة اليمنية إلى مشاريعها الخاصة، ودشنت القوى المناهضة للانقلاب معارك جانبية لا وطنية، تاركة ملايين اليمنيين بين نارين.

 

واليوم، وبعد أن ترعرع الانقلاب الحوثي وتحوّل إلى مارد يبتلع المدن ويهدد الجميع؛ شرقاً وجنوباً وغرباً، تذكّر رفقاء السلاح سابقاً وحدة الصف وضرورة المعركة الوطنية الواحدة، كما اكتشفوا أن المشروع الإيراني في اليمن لا يزال على قيد الحياة، وأن الخلافات داخل صفوف القوى المناهضة للحوثيين، خطأ استراتيجي.

 

هل هذه صحوة ضمير بأثر رجعي، وطلب للصفح من شعب متسامح وليّن الأفئدة، أم أنها صحوة مصالح ومخاوف مشتركة؟

 

لا تفسير للحديث المكرر عن وحدة الصف اليمني خلال الأيام الماضية، سوى إدراك الأحزاب والقوى والمكونات السياسية أن نيران الانقلاب ستحرقهم جميعاً، ولن يكون هناك أي طرف في منأى من مصير ما تعيشه أحزاب وقبائل صنعاء التي تُساق مجبرة إلى فعاليات طائفية في ميدان السبعين وتصفق لما يقوله الحوثيون.

 

المصالح الضيقة هي من جعلت "الشرعية" والأحزاب تتذكر وحدة الصف. تفقد الحكومة أسلحتها السياسية ويتضاءل موقفها التفاوضي في محادثات السلام المحتملة مع تغيّر موازين القوى. وفي اليومين الماضيين، كانت الضربة القاضية من السفير البريطاني لدى اليمن، ريتشارد أوبنهايم، الذي قال إن السلام في اليمن بحاجة إلى قرار دولي جديد بدلاً عن القرار 2216 الذي يمنح الشرعية للرئيس عبدربه منصور هادي.

 

إذاً، الشرعية مهددة بالتلاشي، والأحزاب والجماعات وأمراء الحروب، مهددون بفقدان الأرض والإمبراطوريات التي تم تشييدها خلال سنوات الاسترخاء، ولن يكون بمقدور الجميع الحصول على وطن بدل المفقود لمواصلة المعركة الوهمية ضد الانقلاب.

 

يشعر المعسكر المناهض للانقلاب، أن مأرب لو سقطت بالكامل، لن تسدّ شره الحوثيين على الرغم من الثروات التي تكتنزها، وأن مدن الجنوب النفطية من شبوة إلى حضرموت وسواحل البحر الأحمر كاملة والبحر العربي، ستكون الهدف التالي، ولذلك تنبّه المنتمون لهذا المعسكر إلى أنهم يقفون على صفّ أعوج لا بدّ من توحيده.

 

حسناً، هل ما يزال الوقت أو الأرض متاحين أمام القوى اليمنية لإعادة ترتيب الصفوف، أم أنهم يخططون لحراسة الإسطبل بعد أن سُرق الحصان؟

 

إذا صدقت نوايا توحيد الصف، ربما يتم تدارك الموقف، ولكن وحدة الصف لا تكون بوقف التراشق الإعلامي، كما تقول البيانات الغريبة، بل بالالتفاف وراء جنود يرابطون في الخطوط الأمامية منذ أشهر بدون أي مرتبات أو دعم مادي ومعنوي.

 

وحدة الصف تبدأ بالاعتذار لمن يتصدون ببسالة لنيران الحوثيين، والانخراط معهم كتفا بكتف، بدلاً من الاعتماد الكلي على مقاتلات التحالف.

 

وحدة الصف الصادقة والتخلي عن المشاريع الانتهازية وحدها من ستوقف الحرب، ليس بهزيمة الحوثي، ولكنها ستجعله يدرك جيداً أن مشروعه يواجه مقاومة صلبة، وساعتها سيفكر جدياً هو الآخر بالانضمام إلى الصف اليمني الشامل الذي لا مفر منه.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس