"الرئاسي" في مهب الريح .. حضرموت كعنوان جديد لعبث وتفرد العليمي
الاثنين 16 سبتمبر 2024 - الساعة 11:32 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي
من جديد ، يعاود الخلاف داخل مظلة مجلس القيادة الرئاسي للظهور الى العلن ، وعبر عنوان جديد ، وهو هذه المرة ملف حضرموت القابل للاشتعال كحال مادة النفط الغنية به المحافظ وحجر الزاوية في الصراع الدائر هناك.
وجاء هذا الظهور عبر تسريب صورة الرسالة الحادة في لهجتها التي وجهها عضو مجلس القيادة الرئاسي ومحافظ حضرموت السابق اللواء / فرج البحسني، الى رئيس المجلس رشاد العليمي ، معبراً فيها عن امتعاضه من تأجيل متكرر لاجتماع مجلس القيادة الرئاسي المخصص لمناقشة أوضاع محافظة حضرموت.
ويكشف البحسني في رسالته عن انتظاره لمدة أسبوعين لعقد اجتماع لأعضاء مجلس القيادة لمناقشة أوضاع محافظة حضرموت، و"خلال هذه الفترة تم التأجيل من يوم إلى آخر" ، كما يقول.
وأضاف: "كان من المقرر عقد الاجتماع يوم الخميس، ثم أُجل إلى السبت، ثم الأحد، وكان آخر اتفاق معكم على عقد الاجتماع اليوم الاثنين 16 سبتمبر، وقد تم إرسال الدعوة وجدول الاجتماع إلى جميع الأعضاء".
وتابع: "لكن مع الأسف، فوجئنا بتأجيل الاجتماع في وقت متأخر إلى يوم (الغد) الثلاثاء 17 سبتمبر، وذلك تحت أعذار غير مبررة" ، وختم البحسني مذكرته قائلاً: "لذلك نعتذر عن حضور هذا الاجتماع للمجلس".
جاء ذلك في مذكرة وجهها البحسني إلى رئيس المجلس، الدكتور رشاد العليمي، وسربها لوسائل الإعلام، حيث أبلغه فيها عن اعتزامه عدم حضور الاجتماع المقرر غدًا الثلاثاء، 17 سبتمبر الجاري.
تشير لهجة البحسني بشكل واضح – حتى وان لم يفصح عن ذلك – بانه يوجه اصبع الاتهام الى العليمي بالعمل على عرقلة عقد اجتماع لمجلس القيادة الرئاسي لبحث مشهد التوتر غير المسبوق الذي تعيشه حضرموت منذ أكثر من شهر ونصف.
مشهد فجره حلف قبائل حضرموت ورئيسه عمرو بن حبريش أواخر يوليو الماضي ، بالتزامن حينها مع زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي إلى المحافظة، والتي جاءت عقب تقارير وتسريبات عن مفاوضات سرية تجرى في عُمان بين جماعة الحوثي والسعودية لاستئناف تصدير النفط مقابل نسبة من الإيرادات تذهب لصالح الجماعة.
هذا الحديث مثل ذريعة مناسبة للحلف ورئيسه بن حبريش ليتصدر المشهد ، بطرح قائمة من المطالب باسم أبناء حضرموت تدور بشكل مختصر حول موضوعي "المشاركة السياسية وحصة المحافظة من النفط" ، والتهديد بـ "وضع اليد على الأرض والثروة" إذا لم يستجب مجلس القيادة الرئاسي للمطالب.
وسرعان ما نفذ الحلف تهديداته بإقامة نقاط تفتيش من مسلحين قبلين حول الشركات النفطية وحقول الإنتاج بالمحافظة ، وهو ما اغضب السلطة المحلية وتحديداً المحافظ مبخوت بن ماضي ضد ما قام به رئيس الحلف بن حبريش الذي يشغل ايضاً منصب وكيل المحافظة ، وهو ما جعل من الأمر اشبه بصراع بين الوكيل والمحافظ على سلطة القرار داخل المحافظة.
الا ان المشهد في حضرموت يفوق هذا التسطيح بتوصيفه كصراع بين المحافظ والوكيل ، حيث يتداخل في هذا المشهد عدد مشاريع وقوى محلية وإقليمية ، ترى في المحافظة كموقع استراتيجي وثروة وتاريخ ، ورقة رابحة ، تمنح من يسيطر عليها او على جزء منها ، التأثير في المشهد اليمني بل والإقليمي.
ومن هذا الزاوية ، فأن محاولة التعامل مع مشهد معقد بحجم حضرموت ، يتطلب مهارة وحكمة سياسية عالية من قبل كيان الشرعية المتمثل في مجلس القيادة الرئاسي ، والذي يضم بداخله تمثيلاً لأغلب هذه المشاريع والقوى المتصارعة حول حضرموت ، ما يجعل من المجلس أداة فاعلة في تهدئة وتطبيع الوضع هناك.
ما يعني ان نجاح الأمر من فشله ، بات مرتبط بقدرة ورغبة رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي في ذلك ، لا أن يتحول الرجل الى مشكلة تزيد من تعقيد الأمر ، كما عبرت عنه رسالة البحسني الذي يعد من أهم الشخصيات المؤثرة في المشهد الحضرمي.
وما يثير الأسى ، ان ذلك لم يكن المرة الأولى ، بل سبقها موقف مماثل من قبل الرجل ضد خطوة انفرادية قام بها العليمي تجاه ملف حضرموت أواخر الشهر الماضي بتشكيل لجنة رئاسية للنظر في مطالب أبناء محافظة حضرموت.
حيث سارع البحسني للتعليق على خطوة العليمي عبر منشور له في منصة "أكس" هاجم فيها ضمنياً قرار تشكيل اللجنة ، مخاطباً العليمي بشكل مباشر بأنه لا جدوى ولا فائدة من تشكيلها ، وقال بأن "الحل يكمن في اتخاذ قرارات مباشرة من قبل العليمي لتلبية مطالب حضرموت أو الدعوة لاجتماع طارئ لأعضاء مجلس القيادة الرئاسي لمناقشة الأزمة والوقوف أمامها بجدية وحزم، على أن تُصدر عن الاجتماع قرارات تحسم ما يجري في المحافظة".
ليكشف البحسني اليوم بعد 3 أسابيع من هذا الحديث ، عن عرقلة واضحة من قبل العليمي لعقد اجتماع لمجلس القيادة الرئاسي لمناقشة الوضع في حضرموت ، وهو ما يعمق الدلائل التي تؤكد استفحال الانقسام داخل مجلس القيادة الرئاسي جراء استمرار إدارة العليمي في التفرد بالقرار داخله.
ولعل ما يلفت الانتباه ، تزامن الكشف عن رسالة البحسني اليوم الاثنين مع اللقاء المشترك الذي جمع ابرز عضوين بمجلس القيادة الرئاسي وهما اللواء / عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي والعميد طارق صالح، رئيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية ، والحديث عن وتشكيل لجنة تواصل وتنسيق بين الطرفين لمتابعة المستجدات ، وهي لغة توحي بأن استمرار العليمي في إدارته لمجلس القيادة الرئاسي بعيداً عن التوافق ، قد تدفع ابرز القوى داخله للعمل بعيداً عنه ، وهو ما يجعل مصير المجلس في "مهب الريح".