مأزق النخبة السياسية.. من وحي أحداث السودان
الاربعاء 27 أكتوبر 2021 - الساعة 03:55 مساءً
عبدالستار الشميري
مقالات للكاتب
النخبة السياسية حالها حال الشعوب العربية تفاجئهم الأحداث غالبا وتصرعهم التحولات، فيزدادون إخفاقاً وإحباطاً، ذلك نتيجة حتمية لفقدان النخبة المصداقية والنزاهة والفاعلية السياسية، وعدم قدرتهم على تحريك الشرائح الواسعة وتنظيمها والتعبير عنها واختيار من يستطيع ترجمتها على شكل مهام وخدمات ومصالح ومكتسبات على الأرض يلمسها الناس في حياتهم ومعيشتهم.
باختصار يمكن تلخيص المشكلة كالتالي:
1- النخبة العربية في مرحلة طفولة سياسية..
2- الجيش هو الوصي الشرعي..
3- الشعوب بين حيرة وفرجة وشتات ذهني..
في كل دول العالم من يصنع الحدث في التاريخ الحديث هم فاعلون جدد آتون من خارج القطاع الثقافي والسياسي، بمعنى آخر هم نخبة جديدة واعدة طموحة متسلحة بالعلم والعمل والتقنية والرؤية، أما في الشرق الأوسط وفي قلبه الوطن العربي، فإن الفاعل القادر والوصي الشرعي الوحيد هو الجيش في ظل الفراغ الذي تتركه النخبة، لا سيما عندما تخفق عن تجاوز خلافاتها وعن تقديم برامج عملية واقعية، وتستغرق جهدها في تفاصيل فضفاضة وقضايا هامشية مما يزيد ويفاقم مشكلات الناس الذين غالبا يتراوحون ما بين الفرجة والتردد والشتات الذهني والمشاركة في الشارع دون بوصلة.
لم يخلق حتى الآن في أوطاننا فاعلون جدد من رحم الأرض والشارع ولم تتخلق قيادات شبابية تقود التغيير برؤية وقدرة، سيظل هذا الأمر لعقود زمنية ليست قصيرة على ما يبدو.
مع كل حدث سياسي، كما في السودان وتونس والجزائر، تُستدعى غالبا نظرية المؤامرة والتدخل الخارجي كشماعة تعلق عليها الإخفاقات وهو نوع من الهروب إلى الأمام، ذلك أن المعضلة أساسها انعدام شريحة متوسطة قادرة ونخبة مبادرة ونزيهة، هذا هو جوهر الإشكال ليس إلا، بعيدا عن كل البداهات الخادعة، والمراوحات الهائمة في فضاء المصالح الصغيرة والجعجعات الكلامية وطواحين الهواء غير المنتجة التي تهرب من المشكلة إلى النتائج ومن الجرح إلى الظواهر.
ما حصل في السودان وتونس صورة واضحة جلية لذلك، وكل التفسيرات التي تحمل ثقلا طوباويا فردوسيا لا معنى لها.
إن أحلام الشعوب العربية بالثورة والحرية والعدالة، تكاد تكون بعيدة المنال حتى حين ولادة هذه النخبة الجديدة الفاعلة، ولا شك أن ذلك يحتاج مخاضاََ عسيراً في ظل شعوب ودول تنتقل من صدمة إلى صدمة، وبلغة المثال اليمني الدارج: "من ضاحة إلى منذاف".