دعم التنمية لإيقاف الحرب
الجمعه 29 أكتوبر 2021 - الساعة 10:28 مساءً
هشام السامعي
مقالات للكاتب
بدأ المخططون في المانيا بتجهيز مخططات المدن الكبيرة والشوارع العريضة وناطحات السحاب والمدن الصناعية بينما لازالت أصوات المدافع تدوي في شوارع برلين , ليظهروا للعالم برلين التي يراها الجميع الآن . الخروج من دائرة الحرب حتى معنوياً يخفف كثيراً من إهدار الوقت في الصراعات السياسية بعد الحرب .
انشأت ايطاليا بداية العام 2017م صندوق استثماري تحت مسمى " افريكا أكت " لزيادة استثماراتها في افريقيا التي تجاوزت حتى منتصف العام 2017م مبلغ 14.5 مليار دولار , بينما تواصل الصين نشاطها الإستثماري في القارة السمراء لتتجاوز حجم إستثماراتها المئة مليار دولار .
دول العالم تبحث عن فرص تطوير استثماراتها وتحقيق أرباح جديدة لشركاتها . ولكل دولة من الدول العظمى رؤيتها وسياساتها للتدخلات الإستثمارية في مناطق النزاعات وفق قاعدة " كلما زادت المخاطر تعاظمت الأرباح " .
كل خطوة تخطوها الحكومة الآن في مسار تطوير قدرات إستيعابها لتعهدات المانحين والمساعدات الخارجية وتوجيهها في إتجاه برامج التنمية ومشاريع البنى التحتية , ودعم مشاريع الإبداع والإبتكار وتأسيس قاعدة بيانات ومعلومات عن الفرص الإستثمارية في اليمن . كل ذلك يدعم فرص السلام وإيقاف الحرب للوصول إلى السلام الدائم والتنمية .
إيقاف الحرب يحتاج إلى تنمية , والتنمية تحتاج إستثمار , والإستثمار يحتاج أمن وسلام وبرامج حكومية إبتكارية وقادرة على خلق فرص متنوعة وإستغلالها . هذه إحدى الطرق لخروج البلد منتصراً والإنتقال إلى مرحلة التعافي وإعادة الإعمار , وبالتالي تأمين منطقة الخليج وشرق أفريقيا , إذ بدون ذلك لا يمكن ضمان متغيرات وتبدل موازين القوى , إقليمياً وعالمياً .
محاربة التنمية تؤدي إلى تنمية الحرب , ويعني ذلك إيجاد بؤر صراع ملتهبة , وبالتالي عدم ضمان قدرة السيطرة على مستوى الإحتقان الذي يمكن أن تنتجه إفرازات هذه الحرب .
عشرات المليارات اُنفقت في الحرب الدائرة الآن منذ خمس سنوات كتدخلات طارئة وإغاثية , بعيداً تماماً عن تطوير البنية التحتية ومشاريع التنمية المستدامة , بينما كانت اليمن بحاجة إلى عشرة مليار دولار في مؤتمر المانحين في العام 2012م لخلق حالة من الإستقرار الإقتصادي النسبي في البلد . كانت اليمن ولازالت بحاجة إلى تدخل عاجل إقتصادياً لدعم فرص إستقرارها تماماً كحاجة كل دولة من دول الصراعات في العالم إلى الأمن والسلام .
أعتقد أن أقصر الطرق للوصول إلى غاية تحقيق الأمن والسلام الدائم في اليمن والمنطقة هو طريق دعم الإقتصاد , وهو ما يعني كذلك تبني برامج تسويق الفرص الإستثمارية بعيداً عن مخاوف استمرار الحرب , لأن الكبار عندما يقتنعون أن فرصهم في السلام أفضل من فرصهم في إستمرار الحرب حتماً سيفرضون السلام أمراً واقعاً , لأن حرؤوس الأموال تريد ذلك .
▪︎مجلة الاستثمار العدد 56