حسن جعجعَ قرداحي
الاربعاء 03 نوفمبر 2021 - الساعة 08:00 مساءً
عبدالستار الشميري
مقالات للكاتب
بشاعة الهيمنة الإيرانية على لبنان دفعت سمير جعجع أن يستدعي الخطاب القومي ويتحدث عن عروبة لبنان وخطورة التواجد الفارسي.
كارثة مليشيات حزب الله كونها البذرة الأهم لثورة الخميني في المنطقة ونموذج نظرية تصدير الثورة، وما بعد تصدير الثورة، حيث أصبح أشبه باحتلال لمعظم الأرض اللبنانية وهيمنة لكامل القرار السياسي تجاوز مفهوم الثلث المعطل نيابياً، فلم يعد هناك شيء يمكن أن يمر إلا من بوابة حزب الله ورعايته ووصايته عدا تفاصيل هامشية.
والغريب أن هذا الاحتلال كائن وواقع ويدعي أنه يقاوم احتلالا مفترضا!
في تصريحه الأخير قال نصرالله، إن لديه مائة ألف مقاتل، في تلويح وتهديد للخصوم وجعجع، وأصبح واضحا أن هناك دولة أقوى من الدولة بريموت إيراني.
كل هذا العبث أو قل الاحتلال الإيراني المغلف، استدعى خطابا جديدا له دلالة في الضفة الأخرى، ضفة المعارضة، وأهمية الخطاب عندما جاء من قيادات مسيحية تاريخية لها اشتباك قديم بالحدث اللبناني منذ الحرب الأهلية.
في هذا الخطاب، تحدث سمير جعجع عن عروبة لبنان، وعن أهمية الدور المصري وضرورة استعادته وعن خطورة المشروع الإيراني في المنطقة، وعن دور السعودية، وهو خطاب يبعث على الأمل.
ففي الأمس القريب كانت نخبة التيار المسيحي يتحدثون ويدبجون الصفحات عن فينيقية الأمة اللبنانية، التي يطمسها العرب ويجتاحونها ويقتلعون جذورها، حد وصفهم.
كان المشروع القومي العربي بالنسبة لهؤلاء تهديدا للهوية الأم، لكنهم ادركوا الآن أن خطر المشروع الصفوي الخميني يتعدى كل خطر، وأنه يأخذ لبنان من أطرافها ويزحف على نخبتها وقرارها السياسي ويستقطب رجالها ليعيد تدويرهم ثانية في مشروعه الطامح الجائح، والرئيس ميشيل عون مثال لهذا الاستثمار والاستقطاب الإيراني العابر للطوائف في خدمة المشروع الإيراني، وأدواته.
على الجانب الآخر.. لم تكن تصريحات جورج قرداحي بشأن الحرب في اليمن سوى تعبير عن هذا الاستقطاب الإيراني لبعض النخب اللبنانية، وغيض من فيض هذا المضمار والاستلاب.
كما لم يكن الرد السعودي والخليجي الذي رآه البعض مبالغا، لم يكن المقصود به شخص قرداحي، فوزنه السياسي خفيف وعقله أيضا، وهو أقل من أن تتداعى كل هذه الردود لأجله، وإنما من باب المثل اليمني الشائع "اضرب الوطاف يفهم الحمار".
قرداحي وطاف بسيط والمعني هو "حزب الله"؛ وإن كان قد تحمل قرداحي أكثر مما يفهم ويعني ويطيق لكنه دور رضي أن يلعبه "فتجعجع بسببه جعجعة كبيرة".
يمكن القول: إن حسن هو من جعجع جورج قرداحي واحرقه، ويبدو أن الرجل لا يجيد السياسة وايضا لا يجد الإعلام.
وكما قال أحدهم لولا المال الخليجي لكان قرداحي موظفا يقرأ النشرة الجوية على أعلى اعتبار في قناة المنار حصرا.
رسالة الخليجيين ليست موجهة له إطلاقا، وهي مهمة في ظل حالة الاشتباك العسكري والسياسي والإعلامي مع إيران وتعطي رسائل واضحة أن هناك أوراقا كثيرة لا تزال بيد العرب يمكن أن تلعب وتؤثر وأن لبنان لم ينته بعد، كما يظن الولي الفقيه، فهناك تاريخ طويل ما زال يحمل بصمات عربية في لبنان ابتداءً من اتفاق الطائف حتى تشابك الاقتصاد اللبناني بالخليجي.
وهنا بيت القصيد و"العصيد" معا.. حيث المساحة الكبيرة للتأثير والتضييق على سطوة وشراهة حزب الله في الاجهاز على كل لبنان أرضا وقرارا، وتحريك المزاج اللبناني العام ضد هذا الوباء الداخلي.
علما أن هذا المزاج اللبناني في غالبيته عدا جزء من الطائفة الشيعية ضد حزب الله ولم يعد يراه مقاومة مقدسة كما كان في سنوات خلت.
وهذا الأمر يحتاج المزيد من التضافر العربي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مهما كلفهم ذلك ومهما كان الثمن.
لقد أصبح الحزب بلطجيا أكثر مما كان وأكثر مما ينبغي، ولا ادل على ذلك تصرفاته العلنية ضد القضاء في قضية انفجار المرفأ وتهديد نصر الله وخطابه الاستعلائي الذي أسقط ورقة التوت وكشف التهريج الممانعجي والمقاومجي وصكوك الغفران والوطنية التي كان يمنحها حسن وحزبه، باسم المقاومة.
لقد سقط التهويش والتغبيش عن أعين اللبنانيين وعن أعين العرب جميعا، وكل يوم يدركون أن المحتل "الصفويني" من الصفوية، مثله مثل الاحتلال "الصهيوني"، إن لم يكن أشد وانكى.
خلاصة القول:
أولاً.. هناك فائض غضب ومنسوب عال من الكراهية على حسن نصرالله وحزبه لدى كل الطوائف وجزء من الطائفة الشيعية.
ولعل القوى الناعمة تمثل طليعة هذا الغضب والجيش اللبناني حاضرا في هذا الغضب، وهو أمر مهم.
ثانياً.. قرداحي ليس المعني بكل هذا الرد العربي الخليجي، لكنه قشة قصمت ظهر البعير.
وحسن نصرالله هو من جعجع قرداحي كل هذه الجعجعة
وألبسه ثوب البيعة، ودفع به إلى الواجهة كما دفع بغيره ودفع لهم.
ثالثاً.. سمير جعجع وضع نفسه رأس حربة لهذا الغضب اللبناني ضد التواجد الإيراني الغاصب وحاول أن يعبر عنه بصوت مرتفع، لكن هذا الصوت وهذا الغضب مرهون نجاحه بدور عربي استراتيجي وليس وقتيا ينطلق من رؤية مساندة عربية وليس من ردود آنية، فعل يليق بلبنان ويعبر عن مشروع عربي موحد مواز للمشروع الإيراني في كل المنطقة، ولبنان في قلب ذلك كله.
وهذا أمر يحتاج إلى تفاصيل ليس مكانها هذا المقال الموجز.
لكنه مشروع تقتضيه الضرورة في كل البلاد العربية ومنها الأحواز العربية المحتلة منذ عقود.
وغداً لناطره قريب.