عامان على وقف تصدير النفط .. "نكبة" اقتصادية مستمرة وسط عجز "الرئاسي" وخذلان "الشقيق"

الاثنين 21 أكتوبر 2024 - الساعة 11:57 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

 


تحل علينا اليوم الذكرى الثانية على استهداف مليشيات الحوثي الإرهابية لموانئ تصدير النفط في حضرموت وشبوة ، خلفت معها تداعيات اقتصادية مستمرة حتى اللحظة وسط عجز مستفحل من قبل الشرعية تجاه ذلك.

 

وشنت مليشيات الحوثي الإرهابية في الـ 21 من أكتوبر عام 2022م أولى هجماتها نحو ميناء الضبة النفطية بمحافظة حضرموت بعد تهديدات لها بوقف تصدير النفط كورقة ابتزاز لفرض تقاسم العائدات مع الحكومة الشرعية.

 

وكررت المليشيات هجماتها بطائرات مسيرة في الـ 21 من شهر نوفمبر التالي ، واستهدفت الى جوار ميناء الضبة ميناء النشيمة في شبوة ، ليتوقف معها بشكل تام عملية تصدير النفط ، ولا يزال الأمر مستمراً حتى اليوم.

 

ورغم الفساد الذي ظل يحيط بملف عائدات تصدير النفط ورفض الحكومة الإفصاح عن الرقم الحقيقي لحجم الإنتاج منذ استئناف عملية التصدير والإنتاج عام 2017م ، الا ان تأثيرات وقف التصدير على الاقتصاد بالمناطق المحررة لا يمكن انكاره.

 

ولعل ما تشهده العملة المحلية خلال الأيام الأخيرة من تراجع قياسي ، افضل مثال على حجم تداعيات استمرار تصدير النفط ، بعد ان كسر الدولار الأمريكي حاجز الـ 2000 ريال للمرة الأولى ، مقارنة مع سعر صرف 1130 ريال قبل نحو عامين.

 

حيث تمثل عائدات النفط واحداً من أهم مصادر العملة الصعبة ، بإيرادات تتجاوز المليار دولار سنوياً، بحسب الأرقام الرسمية قبل وقف تصدير النفط ، وفي حين لا تفصح الحكومة عن حجم الإنتاج الحقيقي ، تُشير تصريحات لمسئولين بالحكومة ان الرقم يصل الى 60الف برميل.

 

ما يعني ان الحكومة خسرت خلال العامين الماضين نحو 3.2 مليار دولار بواقع 1.6مليار دولار سنوياً وفق أسعار النفط الحالية عالمياً 73دولار للبرميل ، وهو رقم يفوق المبلغ الذي كانت السعودية قد أعلنت عنه لدعم الحكومة اليمنية لمواجهة تداعيات وقف تصدير النفط في أغسطس 2023م بـ 1.2مليار دولار.

 

الدعم السعودي جاء اشبه بعملية انقاذ للحكومة من الانهيار الشامل ، نظراً لما تمثله عائدات النفط من اجمالي الإيرادات العامة حيث تصل الى نسبة 70% كما تقول الحكومة وتكرره خلال العامين الماضين ، ما يعني العجز التام عن الوفاء بالتزاماتها الأساسية كدفع مرتبات واستمرار الخدمات بالمناطق المحررة.

 

وعلى الرغم من كارثية ما احدثه وقف تصدير النفط على موازنة الحكومة والاقتصاد بالمناطق المحررة ، الا أن مرور عامين على هذا الوضع ، يكشف حجم العجز الذي يعتري مجلس القيادة الرئاسي والمكونات المنضوية في إطاره ، في مواجهة الابتزاز الحوثي ، بملف النفط.

 

حيث اكتفى المجلس بعقد اجتماع له عقب الهجمات ، والخروج بقرار تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية ، مع عبارات انشائية تدين الهجمات ، دون أي تحرك على الأرض لتحدي إرهاب الجماعة ورفض ابتزازها عبر إعادة تصدير النفط.

 

هذا العجز يأتي مع ما يشبه الخذلان من قبل الجانب السعودي الذي توقف عن تقديم أي دعم مالي للموازنة منذ نحو 6 أشهر ، حيث اعلن سفير الرياض في يونيو الماضي عن تحويل الدفعة الثالثة من الدعم المُعلن العام الماضي بـ 1.2مليار دولار ، في تجاهل يثير الاستغراب.

 

حيث يأتي هذا التجاهل من الجانب السعودي رغم الانهيار المتسارع للعملة المحلية والذي دفع الحكومة في الاجتماع الذي عقدته اليوم الأثنين الى توجيه رسالة اشبه بالاستجداء لطلب دعم من "الأشقاء" في مواجهة الازمة الاقتصادية المستفحلة الذي تعاني منها الحكومة.

 

كما ان ما يثير الأسى ، ان يأتي هذا الاستجداء الحكومي بعد ان استجابت الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي للضغوط السعودية بالتراجع عن قرارات البنك المركزي التي مثلت رداً قوياً ولأول مرة بوجه إرهاب مليشيات الحوثي ضد المناطق المحررة وعلى رأس ذلك استهداف موانئ تصدير النفط.

 

لقد مثلت قرارات البنك المركزي اقوى ورقة تحركها الشرعية في وجه مليشيات الحوثي التي أصيب بالذعر ودفعها حينها الى تسريب اقتراح باستعدادها السماح بتصدير النفط مقابل التراجع عن هذه القرارات.

 

وفي خضم هذه الحالة من الذعر والرعب ، سارعت المليشيا الى اطلاق تهديداتها بتفجير الحرب وضرب المصالح الحيوية للسعودية كي تدفع الرياض لضغط على الرئاسي بالتراجع عن هذه القرارات ، وهو ما تم لاحقاً ومثل نكسة كبيرة لكل خصوم المليشيا الحوثية واحدث شرخاً كبيراً بين مكونات الرئاسي وقواعدهم بالمناطق المحررة.

 

هذا التنازل المُذل الذي أجبرت عليه الشرعية وتحديداً المجلس الرئاسي كان تحت تهديد الرياض بالتخلي التام عن دعمه سياسياً وعسكرياً ومالياً في حالة ذهاب مليشيا الحوثي نحو الحرب.

 

 الا أن الازمة الاقتصادية التي يعاني منها اليوم الرئاسي وحكومته وخاصة انهيار العملة وما يعني ذلك من خطورة انفجار الوضع شعبياً بالمناطق المحررة ، تطرح تساؤلاً : هل ربح الرئاسي بالتخلي عن أهم أوراقه بوجه مليشيا الحوثي أم خسر؟.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس