تحشيد وتحريض حوثي لاستعادة باب المندب وسط غياب وشتات "رئاسي"
الاثنين 04 نوفمبر 2024 - الساعة 01:02 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي
منذ أيام ومليشيا الحوثي الإرهابية تكشف عن نواياها المُعلنة لتفجير جولة جديدة من الحرب في اليمن ، وسط غياب أي ردة فعل من قبل الطرف الأخر المتمثل بمجلس القيادة الرئاسي وحليفته السعودية تجاه ذلك.
النوايا الحوثي التي عبرت عنها المناورات الأخيرة للمليشيا التي كشفت عنها قبل نحو أسبوع من اليوم ، بات هدفها واضحاً نحو الغرب أي نحو المناطق الخارجة عن سيطرتها من سواحل الحديدة وتعز وصولاً الى باب المندب.
وهو ما أكدته وسائل إعلام إيرانية وعلى رأسها وكالة مهر الإيرانية وصحيفة الأخبار اللبنانية بأن المليشيات الحوثية قامت مؤخراً بإرسال تعزيزات عسكرية ضخمة الى الحديدة مع تنفيذ مناورة عسكرية هي الأضخم خلال السنوات الماضية.
وتسوق المليشيات وداعميها في إيران مبررات لهذا التحشيد والتجهيز للحرب ، بذريعة مواجهة أي تصعيد مدعوم من واشنطن وان هناك نوايا "تصعيد محتمل من قبل القوات المدعومة من التحالف السعودي الإماراتي".
تستغل المليشيا بشكل واضح التقارير الإعلامية المحلية التي نُشرت مؤخراً وتناقلها ايضاً الإعلام السعودي عن وجود تهديدات أمريكية بردع هجمات مليشيات الحوثي على السفن التجارية قد تصل الى شن عملية عسكرية للسيطرة على مدينة الحديدة.
الا أن المثير للتساؤل هو ان هذه المزاعم وعلى الرغم من انتشارها الواسع خلال الأيام الماضية ، الا أن الوضع على الأرض لا يوحي بوجود أي تحركات عسكرية او لوجستية من قبل القوات التابعة للشرعية وللتحالف العربي او حتى من الجانب الأمريكي.
وما يثير الاستغراب اكثر حول هذه المزاعم ، ان مصدرها الأول جاء من أحد المواقع المحسوبة على جماعة الإخوان وتم نسبها الى "مصادر حكومية" دون وجود أي مؤشرات على الأرض تدعم صدق هذه المزاعم ، ما يثير الشكوك بوجود دوافع لإطلاق هذه المزاعم تصب بالمحصلة في مصلحة المليشيات الحوثية.
وهو ما بدأ واضحاً بتحول هذه المزاعم التي تتحدث عن تحرك عسكري امريكي ضد المليشيات الحوثية، الى ورقة رابحة تستخدمها المليشيا حالياً للتحشيد بمناطق سيطرتها لتفجير الحرب من جديد نحو جبهات الشرعية بالمناطق المحررة.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ، كثفت قيادات بارزة بجماعة الحوثي من التحريض ضد القوات التابعة للشرعية بمختلف تشكيلاتها ، والترويج لمزاعم أنها تجهز لشن هجوم ضد الجماعة بأوامر من أمريكا وإسرائيل انتقاماً للهجمات ضد السفن ونحو إسرائيل التي تشنها مليشيا الحوثي بمزاعم اسناد المقاومة الفلسطينية في غزة.
وتحت هذه المزاعم ، كثف القيادي الحوثي محمد البخيتي من منشوراته التحريضية ضد القوات التابعة للتحالف والشرعية ، وبات يُطلق عليها وصف "الخط الدفاعي الأول للكيان الصهيوني"، مكرراً المزاعم السابقة بأن هذه القوات تتجهز لمهاجمة مليشيات جماعته انتقاماً لموقفها من غزة.
بل وصل الأمر بزميله القيادي بالمليشيا حسين العزي الى نشر تغريدة على منصة "أكس" يزعم فيها عن "معلومات موثوقة بوصول ضباط من الموساد الإسرائيلي إلى مديرية المخا" ، معتبراً ان ذلك يحفز المليشيا "للقتال والجهاد والمواجهة لعشرين سنة قادمة".
خطاب تحريضي سبق وان روجت له المليشيا عبر العزي في إبريل الماضي، ما يعيد التذكير بالأحلام التي تراود مليشيا الحوثي باستعادة السيطرة على جغرافيا الساحل الغربي وصولاً الى باب المندب ، وحجم الخسارة الاستراتيجية التي تكبدتها بطردها من هذه المناطق.
فالمليشيا تدرك حجم هذه الخسارة مع الهجمات التي تشنها منذ عام ضد السفن التجارية بالبحر الأحمر وخليج عدن ، والصعوبة التي تلاقيها في إصابة أهدافها جراء البعد الجغرافي بين الهدف واقرب نقطة على الأرض لانطلاق الصاروخ او الطائرة المُسيرة وحتى الزورق المفخخ وهو السلاح الذي استخدمته مؤخراً لمهاجمة السفن.
فاقرب نقطة من الساحل للمياه الدولية لا تقل عن 50 كم اما فيما يخص الصواريخ والمسيرات فلا تقل المسافة عن 100 كم من المرتفعات الجبلية القريبة من الحديدة ، على عكس الوضع لو كانت تتواجد بالقرب من مضيق باب المندب الذي لا يتجاوز عرضه 20 كم من جزيرة ميون الى ساحل جيبوتي ، في حين لا تبعد المرتفعات المحيطة به مسافة 50كم والـ100كم جواً نحو خليج عدن.
ارقام وحقائق تلخص مدى الخسارة التي تتحسر عليها مليشيا الحوثي ومشروع إيران بانتزاع هذه الرقعة الاستراتيجية المطلة على رابع أهم مضيق مائي بالعالم بالنسبة للتجارة العالمية ، ولا شك ان استعادتها سيمثل هدفاً استراتيجياً يمكن ان تضحي المليشيا من اجله بالألاف من القتلى والجرحى تحشدهم تحت أي اكذوبة.
ويبقى رهان المليشيا في تحقيق هذا الحلم ، على بقاء حالة الشتات والتفرق السياسي والعسكري والاستراتيجي الذي لا يزال يطبع على خصمها ممثلاً بمعسكر الشرعية رغم مرور أكثر من عامين ونصف على تشكيل مجلس القيادة الرئاسي.
ولعل ابرز مثال على هذا الوضع غياب أي نتائج ملموسة حتى اليوم لأعمال اللجنة العسكرية والأمنية التي شُكلت مع تشكيل المجلس عام 2022م بأكثر من 60 شخصية عسكرية وأمنية، وبهدف رئيسي هو هيكلة وتوحيد العمل العسكري لكافة التشكيلات العسكرية والأمنية بالمناطق المحررة تحت غرفة عمليات واحدة في مواجهة مليشيا الحوثي.
اللجنة التي غاب الحديث عنها لأشهر، عاد ذكرها اعلامياً بالاجتماع الذي جرى بينها وبين رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في الـ21 من أكتوبر الماضي ، واكتفى الخبر الرسمي بالإشارة الى ان العليمي استمع "من رئيس اللجنة الامنية والعسكرية الفريق هيثم قاسم طاهر، ونائب واعضاء اللجنة الى تقرير جديد حول مسار عمل اللجنة، والاجراءات المطلوبة لإنفاذ توصياتها".
وما يثير الدهشة في هذا السياق ، ان اجتماع المجلس الرئاسي امس السبت لم يشر من قريب او بعيد حول التحشيدات العسكرية التي تقوم بها مليشيات الحوثي نحو الحديدة ، على الرغم من انه يأتي بعد شهر ونصف على آخر اجتماع له.
هذه الفترة الطويلة من انقطاع اجتماع المجلس جاءت رغم الاحداث العاصفة التي تمر بها المناطق المحررة وعلى رأسها الوضع الاقتصادي والانهيار المتسارع للعملة المحلية والخطر الكبير لتداعيات ذلك دون أي تدخل عملي من قبل الحكومة والرئاسي نحو ذلك ، بل ان غياب اجتماعاتهما يعكس استمرار الحال من فترة هادي الى خليفته "المجلس الرئاسي"، للاسف.