كيان جديد لأحزاب ومكونات الشرعية برئاسة بن دغر .. إدمان العبث وإعادة تدوير للكارثة

الثلاثاء 05 نوفمبر 2024 - الساعة 01:43 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

 


"عدن.. خروج الكهرباء ودخول بن دغر" ، بهذا التعليق الساخر يلخص الكاتب الجنوبي صلاح السقلدي ، من خلال أهم حدثين شهدتهما العاصمة عدن خلال الساعات الماضية ، عنواناً للمشهد الفوضوي الذي تعاني من المناطق المحررة ، من أزمات سياسية واقتصادية وتحديات عسكرية وطريقة التعامل معها ومواجهتها.

 

ففي الوقت الذي تغرق فيه العاصمة عدن بالظلام جراء توقف أغلب محطات توليد الكهرباء مع نفاد الوقود وعجز الحكومة عن توفير كميات جديدة منه ، كان الوضع في قصر المعاشيق (مقر الحكم) مشغولاً بالترتيب لإشهار كيان سياسي جديد داخل إطار الشرعية.

 

الكيان الذي جرى "طباخته" بإشراف امريكي ويضم 23 كيان سياسي محسوب على الشرعية ، من المتوقع ان يجري اشهاره صباح اليوم الثلاثاء من قصر المعاشيق تحت عنوان "التكتل الوطني للأحزاب والقوى السياسية اليمنية" ، وقد جرى تنصيب رئيس له وهو رئيس مجلس الشورى ورئيس الوزراء الأسبق احمد عبيد بن دغر الذي اعلن وصوله الى عدن مساءً.

 

هذه الترتيبات لإشهار الكيان الجديد برئاسة بن دغر ، استمرت على الرغم من الموقف الرافض الذي يبده المجلس الانتقالي الجنوبي ابرز القوى السياسية والعسكرية ضمن إطار الشرعية المناهضة لانقلاب مليشيات الحوثي ، حيث أعلن ناطق الانتقالي عدم المشاركة في التكتل والاشارة الى انه سيتم لاحقاً تحديد الموقف منه رسمياً.

 

الاعتراض على التكتل من قبل المجلس الانتقالي عبرت عنه قيادات بالمجلس، رأت فيه التفاف على اتفاق الرياض الموقع عام 2019م بين المجلس وبين الحكومة حينها ، والذي نص على المناصفة بين الشمال والجنوب ، وايضاً التفاف على مخرجات مشاورات الرياض الذي انبثق منها مجلس القيادة الرئاسي فيما يخص الموقف من القضية الجنوبية ووضع إطار خاص بها في أي تسوية سياسية قادمة.

 

وفي حين تُشير اهداف التكتل التي تم الكشف عنها ، تضمنها هذه النقطة المتعلقة بالإطار التفاوضي الخاص للقضية الجنوبية ، الا أن المجلس يرى في التكتل محاولة للعبث بالتوازنات التي فرضها تشكيل مجلس القيادة الرئاسي ، بخلق كيان سياسي باسم الشرعية ويضم في غالبيته أحزاب وقوى لا يوجد لديها حضور على الأرض.

 

ويطرح هذا الموقف المعارض للانتقالي الذي بات رقماً صعباً حد قول الكثيرين في المعادلة السياسية للشرعية وعسكرياً في مواجهة الحوثي التساؤل حول فرص نجاح التكتل، والأسباب وراء الإصرار عليه في ظل مخاوف من احتمالية تصعيد الانتقالي لموقفه الرافض للتكتل وما قد يتسبب ذلك من احداث شرخ في صف معسكر الشرعية.

 

إصرارٌ يبدو غير منطقي بالنظر الى حقيقة ان التكتل ما هو الا نسخة من التحالف الوطني للأحزاب السياسية الداعمة للشرعية الذي جرى اشهاره في مدينة سيئون بحضرموت في ابريل 2019م ، وتم حينها فرض رشاد العليمي رئيساً له ، وهو ذاته من يرأس اليوم مجلس القيادة الرئاسي.

 

التحالف الذي كان هدفه المعلن توحيد الجهود ضمن صفوف الشرعية مع تصحيح الأخطاء والأداء السيئ الذي طبع إدارة الرئيس السابق عبدربه منصور هادي ، لم يحقق أي نجاح يُذكر،وتم اعاقة البرنامج الذي اتفق قادة التحالف عليه واتضح ان الهدف الحقيقي منه هو تحويله للافتة جديدة بيد جماعة الإخوان التي عطلت تماماً تنفيذ برنامج التحالف وخاصة فيما يتعلق بإصلاح مسار الشرعية.

 

مسار صنعه تسليم هادي لإدارة الشرعية الى يد تحالف من تجار الحرب يضم أقاربه وعلى رأسهم نجليه جلال وناصر ، بالإضافة الى جماعة الاخوان ونائبه علي محسن الأحمر وخليطاً من شخصيات وقوى سياسية انتهازية التي خدمت من جهة الجماعة وللجنرال ومن جهة أخرى استفادت مزايا وعطايا وفساداً مالياً وإدارياً بلا حسيب او رقيب.

 

وعلى رأس هذه الشخصيات ، يبرز بن دغر رئيس التكتل الوليد ، والذي يستحق بجدارة لقب مؤسسة الكارثة التي تعيشيها المناطق المحررة اقتصادياً وخدماتياً وصولاً الى الفشل العسكري لجبهات الشرعية في مواجهة الحوثي.

 

فالرجل الذي تولى رئاسة الحكومة في اهم واخطر مراحل الحرب (أبريل 2016 –أكتوبر 2018) ، مثلت فترته العصر الذهبي للفساد داخل الشرعية ، ولعل اهم واكبر كارثة صُنعت على يد الرجل وحكومته ، كانت طباعة أكثر من 2500 مليار ريال من العملة المحلية بدون غطاء نقدي ، وكان ذلك البداية لكارثة سحق قيمة العملة بالمناطق المحررة.

 

فالأمر لم يتوقف عند كارثة طباعة هذه الكميات الضخمة من العملة بدون غطاء نقدي من العملة الصعبة ، بل كان في استخدامها لشراء الولاءات وصرفها ببذخ كمنح وهبات ، بعيداً عن البنك المركزي ، حيث كانت تصل " من الميناء الى الصراف" على حد تعبير محافظ البنك المركزي الحالي احمد غالب المعبقي في مقابلة له مع قناة "اليمن" الرسمية.

 

هذا التعبير الصادم من قبل محافظ البنك يلخص حجم العبث والاستهتار الذي ادرت به الشرعية عبر حكومة بن دغر الملف الاقتصادي في ظل حرب مفتوحة مع مليشيات الحوثي التي وجهت للشرعية صفعة مدوية بحظر التعامل في مناطقها بهذه الكميات المطبوعة من العملة الجديدة التي تكدست لاحقاً بالمناطق المحررة وتنهار قيمتها يوماً بعد يوم.

 

انهيارٌ لا يزال مستمراً بعد 6 سنوات على رحيل مهندس الكارثة "بن دغر" عن رئاسة الحكومة ، لتأتي اليوم كيانات وقوى وأحزاب سياسية وتنصبه رئيساً لتحالفها ، وربما يجرى لاحقاً تنصيه على رأس الشرعية كما حدث مع العليمي ، وكأنها تكرم الرجل على صناعته لهذه الكارثة وتضع على صدره وساماً مصنوعاً من دم وألم ومعاناة أبناء المناطق المحررة.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس