أهداف تكتل "بن دغر" .. تجاهل للحوثي والأزمات وألغام بوجه الجنوب
الاربعاء 06 نوفمبر 2024 - الساعة 12:11 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي
بعبارات إنشائية تخلو من أي موقف واضح ، يُعمق بيان إشهار التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، الغموض حول الهدف الحقيقي من انشاءه والزج به على المشهد السياسي بالمناطق المحررة.
ويتضح ذلك ، من مقدمة البيان التي يُفترض ان تأتي أشبه بمبررات لأسباب تشكيل هذا التكتل عبر تشخيص موجز للمشهد وللوضع في معسكر الشرعية، الا أن التخبط في عباراتها ، توحي بحقيقة ان التكتل جرت "طباخته" على عجل.
حيث تقول مقدمة بيان اشهار التكتل بانه جاء "استشعارًا من الأحزاب والمكونات السياسية للمسؤولية الوطنية إزاء الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تعيشها بلادنا".
ويتحدث البيان بأن على رأس هذه الأوضاع هو "انسداد أفق الحل السياسي وتفاقم معاناة المواطنين في جميع المحافظات، بسبب انهيار مؤسسات الدولة واتساع تداعيات الحرب التي تسبب بها انقلاب مليشيات الحوثي، ودخلت عامها العاشر".
تخبط واضح في ترتيب أسباب الأوضاع التي تشهدها البلاد بالحديث اولاً عن "انسداد أفق الحل السياسي" دون توضيح عن طبيعة هذا الحل السياسي "المسدد" وهل يقصد بالحل السياسي هو توقف مسار السلام مع مليشيا الحوثي؟ وهل فعلاً يرى التكتل الوليد انه ذلك هو السبب الأول للأوضاع المتدهورة في اليمن وليست "تداعيات الحرب" التي اشتعلتها مليشيا الحوثي؟.
رمادية تجاه الحوثي
هذا التخبط يعود الى الموقف المُلتبس للتكتل في تحديد الموقف بالتعامل مع مليشيا الحوثي بعد أكثر من عامين على توقف الحرب بموجب اتفاق الهدنة من جانب الشرعية والتحالف فقط ، في حين نقلت المليشيا المعركة ضد المناطق المحررة من الجانب العسكري الى الجانب الاقتصادي.
وتجسد ذلك بضرب موانئ تصدير النفط ووقف تصديره بالكامل منذ نحو عامين واجبار التجار والمستوردين بالقوة على تحويل عمليات الاستيراد من الموانئ المحررة الى موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرتها ، وهو ما شكل ضربة قوية للحكومة افقدها نحو 80% من إيراداتها.
لتأتي الضربة الأعنف للحكومة في الملف الاقتصادي بإجبار الرياض مجلس القيادة الرئاسي بالتراجع عن قرارات البنك المركزي خوفاً من تهديدات مليشيا الحوثي ، وهو ما أدخل الحكومة والمناطق المحررة في ازمة اقتصادية وانهيار غير مسبوق للعملة المحلية وبات الوضع مهدداً بالانفجار شعبياً.
كل ذلك يتجاهله التكتل الجديد ، بل يتجاهل تفسير كيفية تحقيق أول أهدافه المتمثل بـ"استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب" ، مع الفشل الواضح لمسار السلام واستمرار مليشيا الحوثي بالتصعيد وقيامها مؤخراً بالتحشيد عسكرياً والتهديد بتفجير الحرب من جديد نحو المناطق المحررة.
تحديد الموقف الواضح من استمرار إرهاب مليشيا الحوثي وخاصة في الملف الاقتصادي ، يشكك بما يقوله التكتل بانه "سيعطي الأولوية في برامجه وأنشطته للجانب الاقتصادي والمعيشي للمواطنين ويدعو الحكومة للقيام بإجراءات للحد من انهيار العملة الوطنية ومعالجة التدهور الاقتصادي".
فالواضح للجميع الان ، بان معالجة الملف الاقتصادي ووقف انهيار العملة بالمناطق المحررة يتطلب معالجة الأسباب الحقيقية لها وعلى رأس ذلك استئناف تصدير النفط وفرض سلطة البنك المركزي على القطاع المصرفي بالكامل ، وهذا يفرض خوض مواجهة ضد مليشيا الحوثي بأي شكل او أدوات كانت ، سياسياً او اقتصادي او عسكرياً.
قفز على الحقائق
وضمن التشخيص الذي يقدمه بيان التكتل للأسباب التي دفعت لتشكيله حديثه حول "ما رافق عمل الشرعية والقوى السياسية الداعمة لها من قصور وأخطاء وتباينات المصالح والرؤى، التي تستدعي المعالجات الجادة".
وبالطبع لا يوضح البيان او اهداف التكتل طبيعة هذا القصور والاخطاء التي رافقت عمل الشرعية والقوى السياسية الداعمة لها منذ اندلاع الحرب عام 2015م ، والذي أوصل المحافظات المحررة الى ما تعاني منه اليوم من تدهور شامل.
حديث التكتل الذي تم تنصيب رئيس مجلس الشورى احمد عبيد بن دغر رئيساً له ، عن "القصور والاخطاء التي رافقت عمل الشرعية"، يبرز مع سؤال: هل يشمل الأمر الأداء الكارثي لحكومة الشرعية التي ترأسها الرجل ما بين عامي 2016-2018م ، وتتهم بأنها مثلت الفترة الذهبية للفساد المالي والإداري بسياسة التعيينات العبثية وسياسة العبث الاقتصادي بطباعة 2500 مليار ريال من العملة بدون غطاء نقدي من العملة الصعبة؟.
وبخصوص "المعالجات الجادة" التي يتحدث عنها تكتل "بن دغر" لهذه القصور والاخطاء ، هل تشمل انفاذ قرار الرئيس السابق عبدربه منصور هادي الصادر في أكتوبر 2018م بإقالة بن دغر من رئاسة الحكومة وإحالته للتحقيق بتهمة الفساد والإهمال؟.
اما ما يتعلق بالقصور والاخطاء التي رافقت عمل "القوى السياسية الداعمة للشرعية" ، هل يشمل الجميع ، ام القوى السياسية التي استفردت بقرار الشرعية خلال سنوات الحرب وعبثت بإدائها السياسي والاقتصادي والعسكري ومكنت عناصرها من مفاصل الدولة بمئات القرارات العبثية؟ والحديث هنا عن جماعة الاخوان.
وهل يشمل هذا العبث ، الطرف الذي افسد تجربة "التحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية الذي أعلن في مدينة سيئون عام 2019م" ، والذي تم انشاءه كمحاولة لتصحيح مسار واداء الشرعية حينها ، والذي يشير اليوم تكتل "بن دغر" بأنه امتداد له ؟ والحديث هنا طبعاً عن جماعة الاخوان.
ألغام بوجه الجنوب
ومن القضايا اللافتة في بيان اشهار تكتل "بن دغر" حديثه عن "أن باعثه الأساسي هو تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب مليشيات الحوثي واستعادة الدولة، وأنه ليس موجهًا ضد أحد من شركاء العمل السياسي"".
في حين دعا رئيسه بن دغر في كلمته الى " من ترددوا في الانضمام لهذا التكتل الوطني أن يتبوؤا مقاعدهم فيه، فهي مقاعد ومواقع شاغرة لا يملؤها غيرهم" ، وهي دعوة غير مباشرة الى ابرز الغائبين من التكتل وهو المجلس الانتقالي الجنوبي.
وعلى الرغم من التودد الذي يُبديه التكتل نحو الانتقالي ورسائل الغزل لتغيير موقفه الرافض من التكتل ، الا أن الأهداف التي وضعها التكتل تشير عكس ذلك بل وتعزز موقف المجلس الانتقالي الرافضة له.
ففي حين يتحدث التكتل عن "وضع إطار خاص للقضية الجنوبية في الحل السياسي النهائي" ، كما نصت عليه مشاورات الرياض الذي تمخض عنها مجلس القيادة الرئاسي ، الا أنه يسبق ذلك بالحديث عن "حل القضية الجنوبية كقضية رئيسية ومفتاح لمعالجة القضايا الوطنية".
وهي عبارة ظهرت قبل نحو عقدين من الزمن وابتكرتها احزاب اللقاء المشترك عقب اندلاع الحراك الجنوبي عام 2007م ، واعتبرها الحراك حينها بأنها محاولة التفاف على الأهداف القضية الجنوبية المتمثلة باستعادة الدولة الجنوبية ، في حين تصفها النخب الجنوبية بأنها مصطلح "إخواني".
ومن بين الأسباب التي ستمنع أي تفكير من قبل الانتقالي بتغيير موقفه من التكتل ، ما ورد في احد أهدافه الذي يتحدث عن "الحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية"، وهو ما يرفضه الانتقالي وقطاع عريض من الجنوبيين جملة وتفصيلاً.
فالحديث عن دولة اتحادية يعني موقفاً واضحاً من التكتل برفض المطلب الرئيسي للانتقالي المتمثل بفك الارتباط جنوباً عن الشمال واستعادة الدولة الجنوبية الى ما قبل حدود عام 90م.