الرهان على صبر المواطن لتجاهل انهيار العملة والخدمات .. مقامرة خطيرة للرئاسي والرياض
الجمعه 08 نوفمبر 2024 - الساعة 01:40 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي
لليوم الرابع على التوالي تغرق العاصمة عدن في ظلام دامس جراء انهيار خدمة الكهرباء بعد توقف أغلب محطات التوليد وعجز حكومي عن توفير الوقود، في مشهد يعكس حجم الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها الحكومة الشرعية.
وتسبب نفاد الوقود في رفع ساعات الإطفاء في العاصمة الى نحو 20 ساعة مقابل 4 ساعات تشغيل فقط منذ نحو 4 أيام ، في مشهد يؤكد ناشطون بان المدينة لم تشهده حتى اثناء المواجهات مع مليشيات الحوثي مطلع عام 2015م.
هذا الانهيار غير المسبوق في خدمة الكهرباء ترافق أيضاً مع تحذير غير مسبوق من المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بالعاصمة عدن مناشدة عاجلة للحكومة وكافة الجهات المعنية بشأن تزويدها بالوقود، محذرة من انقطاع ضخ المياه لمديريات العاصمة في حالة نفاده.
وضمن مشهد الانهيار ، كشفت وثيقة رسمية عن توجيهات من نائب محافظ عدن الى مدراء عموم المديريات بتحملهم توفير مادة الديزل لمضخات وآليات الصرف الصحي من الإيرادات المحلية لكل مديرية ، خوفاً من حدوث كارثة بيئية في حالة طفح مياه المجاري الى شوارع.
انهيار ملف الخدمات بالعاصمة عدن يأتي ضمن سياق انهيار اقتصادي مستمر تعاني منه المناطق المحررة ، تجسد في الانهيار القياسي للعملة المحلية امام العملات الصعبة خلال الأيام الماضية وتجاوز صرف الدولار الأمريكي حاجز الـ 2000 ريال، في حين تعاني الحكومة من أزمة مالية غير مسبوقة تهدد قدرتها في الاستمرار بإيفاء بالتزاماتها في ملف الخدمات والرواتب.
وتعود أسباب الأزمة الى الشح الكبير الذي تعاني منه الحكومة في خسارتها لأهم إيراداتها جراء الحرب الاقتصادية التي تواجهها من قبل مليشيات الحوثي الإرهابية التي أوقفت منذ عامين تصدير النفط من موانئ التصدير في حضرموت وشبوة ، تبعها اجبار المليشيا للمستوردين في مناطق سيطرتها على وقف عمليات الاستيراد عبر الموانئ المحررة والتوجه نحو موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرتها.
حرب اقتصادية تسبب في خسارة الحكومة اكثر من 75% من إيراداتها ، وهو ما دفع السعودية الى تقديم دعم مالي لها بـ 1.2 مليار دولار وصلت ثلاث دفع منها ، في حين تأخر وصول الدفعة المالية الرابعة وقدرها 200 مليون دولار، وهو ما فاقم الأزمة بشكل غير مسبوق.
وما يثير الاستغراب ان تأخير ومماطلة الجانب السعودي في تقديم الدعم المالي لحكومة مجلس القيادة الرئاسي يأتي على الرغم من استجابة المجلس للضغوط التي مارستها الرياض عليه للتراجع عن قرارات البنك المركزي في عدن والتي اثارت الرعب في صفوف مليشيا الحوثي ودفعتها للتهديد بضرب مصالح السعودية.
ومثلت هذه القرارات اقوى رد من الشرعية بوجه الحرب الاقتصادي التي تشنها مليشيات الحوثي الإرهابية ، وأكدت تقارير أمريكية بان تأثيرها على المليشيا كان اقوى من تأثير كل العقوبات والضربات التي شنتها واشنطن على المليشيا بالأشهر الماضية.
استجابة الرئاسي لطلب الرياض بالتراجع عن قرارات البنك جاء بعد تهديد الأخيرة له بوقف أي دعم مقدم للمجلس سياسياً واقتصادياً وعسكرياً في مواجهة مليشيا الحوثي ، الا أن مرور أكثر من 3 أشهر على رضوخ الرئاسي لمطلب الرياض وتأخرها في انقاذ حكومة من المجلس من الأزمة التي تعانيها منها يفجر الف سؤال ويضع الف علامة استفهام.
فتجاهل الرياض لمشهد الانهيار المريع للاقتصاد والخدمات بالمناطق المحررة وتخليها عن دعم المجلس الرئاسي وغياب أي ردة فعل من قبل الأخير تجاه ذلك ، يُثير التساؤل عن حقيقة عدم ادراك الطرفين لخطورة تجاهل الوضع الحالي.
سؤال لا يجد له المتابع للملف اليمني من إجابة واضحة ، باستثناء تفسير أن التجاهل الواضح من قبل الرئاسي وحليفته الرياض يعود الى رهان الطرفين على توقع عدم حدوث أي تحرك شعبي بالمناطق المحررة بوجه هذا الانهيار الغير مسبوق.
رهانٌ يمكن وصفه بمقامرة خطيرة يمارسها المجلس والرياض على صبر المواطنين بالمناطق المحررة وتحملهم للمزيد من المعاناة والألم جراء الفشل في الملف الاقتصادي ، في حين ان تجارب الشعوب والأمم تقول بان العاصفة غالباً ما يسبقها هدوء يخدع كل من يراهن على الوهم الظاهر امامه دون ان ينظر الى أبعد من مستوى سطح أنفه.