عبث الشيباني .. فساد ممنهج يضاعف مآسي المواطنين في الشمايتين بتعز
الاربعاء 27 نوفمبر 2024 - الساعة 10:00 مساءً
المصدر : الرصيف برس - خاص
في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب اليمني جراء الحرب المستمرة، والتي خلفت آثارًا عميقة من المآسي والآلام، أصبح الفساد في بعض صفوف الحكومة الشرعية أحد أكبر التحديات التي تواجه المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
عبد العزيز الشيباني، مدير عام مديرية الشمايتين في محافظة تعز، يُعد من أبرز الأمثلة على هذه الممارسات الفاسدة التي تضاعف معاناة الشعب اليمني وتغذي الفوضى والفساد في مناطق سيطرة الشرعية.
ومنذ بداية الحرب تضررت فئات واسعة من المجتمع بشدة، حيث فقد العديد من المواطنين مصادر رزقهم، وتوقفت رواتبهم الشهرية ، وكانت محافظة تعز، واحدة من أكثر المناطق تأثراً بالحرب والحصار المفروض عليها.
يضاف لذلك ، أصبحت تحت وطأة مسؤولين فاسدين، استغلوا غياب الرقابة وحالة الانهيار الأمني لزيادة معاناة المواطنين، وفي هذا السياق، يظهر عبد العزيز الشيباني كمثال صارخ على تحالف المسؤول الحكومي والمليشيات واستغلال المنصب لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المواطنين.
دور الشيباني في نشر الفساد
تولي عبد العزيز الشيباني إدارة مديرية الشمايتين في عام 2017م كان بفضل علاقته الوثيقة مع مليشيا حزب الإصلاح، وليس بناءً على كفاءته. منذ ذلك الحين، استخدم منصبه لتوسيع دائرة الفساد والابتزاز، وتحويل المديرية إلى مستنقع من المحسوبية والظلم. كما وصفه أحد الصحفيين، لم يكن الشيباني مجرد مدير عام بل كان بمثابة "ملك مطلق الصلاحيات"، يتصرف في شؤون المديرية وكأنها ملكية خاصة.
استغل الشيباني علاقاته بمليشيا الإصلاح لفرض سيطرته على المؤسسات المحلية، وعزل كل من يعارض فساده. وكان آخر ضحاياه مدير مكتب التربية في المديرية، الذي تم عزله واستبداله بأحد المقربين من المليشيا.
لكن هذه الممارسات لم تتوقف عند هذا الحد؛ بل شملت التلاعب بالمساعدات الإنسانية، ونهب موارد الدولة، وفرض جبايات غير قانونية على المواطنين. فالشيباني استخدم سلطاته للضغط على التجار والمواطنين، وفرض عليهم أموالاً قسرية تحت تهديد القمع أو التخريب.
تجاوزات قانونية ومالية
من أبرز تجاوزات الشيباني في مديرية الشمايتين كان استحواذه على فرع مؤسسة الكهرباء، حيث قام بتأجير أدواتها ومعداتها لمستثمرين تابعين له مقابل مبالغ كبيرة من المال. ولم يتوقف فساد الشيباني عند هذا الحد؛ بل امتد إلى مكتب الأشغال العامة، حيث قام بعزل مديره وتعيين آخر من طرفه لتمرير صفقات فساد مشبوهة، تشمل منح تراخيص بناء عشوائي في مدينة التربة مقابل رشى مالية.
الشيباني لم يقتصر على سرقة الأموال العامة، بل استغل منصبه للاعتداء على لجنة نقابية فرعية لسائقي خط التربة / تعز- عدن وفروعه ومنعها من العمل، ورفضه توجيهات السلطة المحلية من وكيل المحافظة لشئون الحجرية.
بل أن "الشيباني" قام بحسب البيان بطبع دفاتر سندات مالية بشعار الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن وصناعة ختم جديد لتحصيل أموال بسندات وختم مزورين. وامتد فساده إلى مطالبة المشاريع الأهلية في المديرية بنسب غير قانونية من إيراداتها.
أبرز هذه المشاريع كان مشروع مياه دبع الأهلي ومشروع كهرباء العزاعز، الذي حاول تحويله من مشروع خدمي إلى استثماري لصالح المستثمرين الذين يساندهم.
جبايات وابتزاز التجار
يمارس الشيباني عملية ابتزاز للتجار ورجال الأعمال في المديرية، تحت حجة وذريعة توفير الحماية، يقول أحد التجار في مدينة التربة، رفض ذكر اسمه خوفا على مصالحه، "لا يوجد أي خيار أمامنا لنحافظ على مصدر دخلنا ومحلاتنا الا الرضوخ للإبتزاز المتواصل ودفع مبالغ مالية اسبوعيا" موضحا أنه يدفع اسبوعيا مالا يقل عن "150 الف ريال، بينما هناك آخرين يدفعون مبالغ أكبر." حسب قوله.
أعمال الجباية لا تتوقف على كبار التجار بل تشمل جميع البائعين من أصحاب المحلات الصغيرة ومالكي البسطات الذين يدفعون مبالغ مالية تحت مسميات مختلفة، وأغلبها بدون سندات رسمية.
قمع المعارضة واعتقال النشطاء
أما في جانب القمع السياسي، فقد استخدم الشيباني سلطته لتكوين جهاز أمني موازٍ، حيث أسس منصب "عاقل قرية" وهو منصب غير قانوني في النظام اليمني، وعين فيه موالين له من مليشيا الأمر الواقع. هؤلاء "العقال" أصبحوا أدوات للترهيب والتخويف، حيث يتم استخدامهم لاعتقال أي شخص يعارض فساد الشيباني أو يكشف ممارساته الإجرامية.
من بين أبرز الحالات التي تعرضت للترهيب والاعتقال كانت حالة الأستاذ عادل المسني، رئيس اللجنة التنموية في العزاعز، الذي اعتقل أكثر من 13 مرة بسبب معارضته لفساد الشيباني ووقوفه ضد رغابته بالسيطرة على مشروع كهرباء العزاعز.
كما تعرض العديد من الصحفيين والناشطين للملاحقة الأمنية، مثل الصحفي إبراهيم الحصيني والناشط جميل المقطري، بسبب انتقادهم لممارسات الشيباني.
اذكاء وتسعير الخلافات
من السياسات والممارسات غير الأخلاقية التي يمارسها الشيباني عبر عقال القرى، إذكاء وتغذية الخلافات بين المواطنين وإسعار نار الفتنة فيما بيهم وتعقيد المشاكل ليصبحوا عرضه للإبتزاز والتلاعب كما حدث في أكثر من قضية تدخل فيها عقال القرى فارضين مبالغ مالية كبيرة على المتخاصمين.
تقول إحدى المتضررات من هذه الممارسات، أن أحد الأشخاص المحسوبين على مدير المديرية قام بقطع الطريق الموصل إلى منزلها في قرية (يمين)، ما دفعها وأبناء القرية إلى تقديم شكوى للمديرية، وتم قبول الدعوى وأنزلت أطقم عسكرية لفتح الطريق.
وتضيف : استبشرنا خيرا بذلك وتحملنا تكاليف وأجرة الاطقم واللجنة، لنتفاجأ بعدها بقيام المعتدي بقطع الطريق مجددا بعد تواصله مع عاقل القرية والشيباني، الذي تراجع عن توجيهاته السابقة عندما اكتشف ان المعتدي من جماعته، وإلى اليوم لنا أكثر من سنة ونحن نتابع دون أي فائدة.
فساد في المساعدات الإنسانية
لم يقتصر فساد الشيباني على الموارد المحلية فقط، بل شمل أيضاً المساعدات الإنسانية الدولية. فقد قام الشيباني بالتفاوض مع إحدى المنظمات الدولية العاملة في اليمن على صفقة فساد كبرى، تمثلت في استلام 260 ألف قطعة من صابون منتهي الصلاحية و 10 آلاف دولار، مقابل توزيعها على المواطنين في المديرية.
هذه الصفقة تكشف حجم الانتهاكات التي تمارسها بعض الجهات المحلية تحت غطاء السلطة الشرعية، والتي لا تجد من يوقفها أو يحاسبها ، إضافة إلى استحواذ الشيباني على المساعدات الغذائية والتلاعب في توزيعها.
حيث كشفت تقارير صحفية عن استحواذ الشيباني على أكثر من 500 سلة غذائية وتخزينها في منزله ليوزعها على المستفيدين مقابل مبالغ مالية، إلى جانب تحكمه ومتاجرته بحصة المديرية من الغاز والمشتقات النفطية.
غياب الرقابة والمحاسبة
رغم أن شكاوى المواطنين من فساد الشيباني انتشرت على نطاق واسع، فإن السلطات المحلية والمعنية لم تتحرك بشكل جاد لمحاسبته. بل على العكس، فقد تم تجاهل هذه الشكاوى والتلاعب بها، ما عزز من ثقته في استمرار فساده دون خشية من العقاب.
هذا التساهل من قبل الجهات المعنية ساعد في تواصل الفساد وتوسعه في أرجاء المديرية، مما يضاعف معاناة المواطنين.
ضرورة التحرك الجاد لمحاسبة الفاسدين
تعتبر ممارسات عبد العزيز الشيباني في مديرية الشمايتين نموذجًا صارخًا للفساد المستشري في بعض أركان الحكومة الشرعية في اليمن. يجب أن يكون هناك تحرك جاد من قبل السلطات المعنية لمحاسبة هؤلاء المسؤولين الفاسدين، وإنصاف المواطنين الذين يعانون من ظلمهم.
كما يجب على المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الاستمرار في الضغط للكشف عن هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها، لأن استمرار الفساد يعني مزيدًا من المعاناة لشعب عانى وما زال يعاني من ويلات الحرب والظلم.