ملف المرتبات .. كيف يدعم فشل "الرئاسي" أكاذيب الحوثي ؟!
الثلاثاء 03 ديسمبر 2024 - الساعة 11:48 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي
"انقطعت الرواتب في عدن وسيبدأ صرفها بصنعاء" .. تعليق ساخر تداوله اليمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع يلخص مشهد التناقض في المشهد اليمني مؤخراً.
ففي حين يدخل الموظفين بالمناطق المحررة شهرهم الثالث من دون مرتبات ، كشفت مليشيات الحوثي عن آلية جديدة لصرف المرتبات للموظفين بمناطق سيطرتها المنقطعة منذ سنوات ، ووعدت حكومتها بانتظام الصرف شهرياً ابتداءً من مطلع العام القادم.
وعلى الرغم من الشكوك وعلامات الاستفهام التي تدور حول صحة ما تقوله المليشيا ، الا أن اللافت في الأمر كان استغلال المليشيا للأمر للسخرية من الوضع الذي يعاني منه مجلس القيادة الرئاسي وعجزه عن صرف المرتبات للموظفين بالمناطق المحررة لشهرين متتاليين.
وهو ما عبر عن القيادي بالمليشيا نصرالدين عامر في حديث له حول الآلية الجديدة التي أعلنتها حكومة المليشيا لصرف المرتبات، حيث اعتبر ذلك انجاز بان تتمكن المليشيا من صرف المرتبات من الإيرادات التي في يدها ، في حين تعجز حكومة الرئاسي عن ذلك.
ورغم إقراره بتمكن مليشيات الحوثي من وقف تصدير النفط وحرمان الحكومة من عائدات التصدير ، الا أن عامر يشير الى امتلاك الحكومة في عدن لمصادر إيراد يزعم بأنها اكبر مما لدى المليشيا ، ويستدل هنا قائلاً : اذا كان لدينا ميناء واحد ومفروض عليه قيود فلديهم (الرئاسي) موانئ بحرية ومنافذ برية .. كما أنهم ينتجون نفط وغاز للسوق المحلي ".
يُمثل حديث القيادي بالمليشيا ضربة عنيفة تنسف الرواية التي ظلت الشرعية ترددها منذ سنوات في وجه مطالب المليشيا بتقاسم إيرادات النفط والغاز تحت ذريعة صرف المرتبات بمناطق سيطرتها ، بالتأكيد بان إيرادات هذه المناطق التي تنهبها المليشيا تكفي.
رواية الشرعية هذه كانت المليشيا تواجهها بالتأكيد ان الإيرادات غير النفطية لا تكفي لصرف المرتبات وان إيرادات النفط والغاز كانت تمثل أكثر من 70% من الإيرادات الحكومية قبل الحرب.
ورغم أن ارقام اخر موازنة للحكومة اليمنية قبل الحرب وهي موازنة 2014م تكذب الرواية الحوثي وتوضح ان إيرادات النفط والغاز لم تشكل سوى 45% ، الا ان حكومة الرئاسي تأتي اليوم لتؤيد هذه الأكاذيب الحوثية ، بل وتقوم بترديدها.
فمنذ نحو عامين والحكومة الشرعية تصرح بذات الاسطوانية الحوثية لتبرير عجزها في ملف الخدمات والرواتب بوقف تصدير النفط والزعم بأن إيرادات النفط كانت تشكل 70% من إيراداتها ، وهو ما تكذبه التقارير الصادرة عن البنك المركزي في عدن.
وتقول تقارير البنك عن إيرادات عام 2021م ( قبل توقف تصدير النفط) فقد بلغت اجمالي الإيرادات 1,096 مليار ريال ، منها 397 مليار ريال فقط حجم الإيرادات النفطية أي نحو 36% فقط ، مقابل 699 مليار ريال حجم الإيرادات غير النفطية ونسبة 64%.
ولا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة لعام 2022م الذي شهد توقف تصدير النفط في الربع الأخير منه ، حيث يقول تقرير البنك عن ذاك العام بان اجمالي الإيرادات 2,054 مليار ريال منها 1,108مليار ريال إيرادات نفطية وبنسبة 53% فقط.
كما أن تقارير البنك ذاتها تؤكد قدرة الحكومة على الاستمرار في صرف المرتبات بمناطق سيطرتها من الإيرادات المتوفرة لديها حاليا، فبحسب ارقام البنك المركزي بلغت الإيرادات غير النفطية للعام الماضي 2023م نحو 809 مليار ريال ، في حين أن بند المرتبات يبلغ 780 مليار ريال فقط.
والى جانب ذلك ، فإن ارقام إيرادات التي يكشف عنها البنك المركزي لا تعكس الرقم الحقيقي للإيرادات الحكومية التي يجب تحصيلها بالمناطق المحررة جراء العجز والفساد والفشل المستمر لدى الشرعية في جانب تحصيل الإيرادات الى البنك المركزي في عدن، وباعتراف حكومي.
وعلى رأس هذه الإيرادات عائدات مبيعات الغاز المنزلي والنفط المكرر في مأرب والذي ترفض سلطات المحافظة توريدها الى البنك المركزي منذ نقل إدارته الى العاصمة المؤقتة عدن أواخر 2016م ، وتقدر مصادر ان حجم هذه الإيرادات تفوق الـ 300 مليار ريال سنوياً.
والى جانب إيرادات مأرب ، تُقر الحكومة بعجز عن الزام مؤسسات إيرادية تابعة لها عن توريدها الى البنك المركزي في عدن ، كما ان حكومات الشرعية المتعاقبة منذ 2015م لا تزال عاجزة عن إيجاد حل في أهم الموارد وهو ملف الاتصالات وانتزاعه من قبضة المليشيا الحوثي.
جملة من الأداء الفاشل الممزوج بالفساد والعبث تمارسه سلطة الشرعية في الملف الاقتصادي منذ 2015م ، اوصلتها واوصلت المناطق المحررة الى وضع بات فيه المقارنة بينها وبين المليشيا الحوثية يصب في صالح الأخيرة.