الشرعية بين (إعادة التموضع) و(إستمرار التقوقع) !
الخميس 25 نوفمبر 2021 - الساعة 07:56 مساءً
نبيل السفياني
مقالات للكاتب
خلال أكتوبر الماضي وعقب انسحاب القوات الإماراتية من أحد المعسكرات في شبوة والحديث عن انسحابات أخرى قادمة من مواقع اخرى في شبوة وما أعقب ذلك من انسحاب للقوات السعودية من بعض المواقع في عدن ثم انسحاب بعض قوات التحالف العربي من بعض المواقع في حضرموت، لتأتي التصريحات الصادرة عن التحالف مؤكدة على أن ما جرى ويجري هو مجرد ( إعادة أنتشار ) لقوات التحالف..
ومؤخرا وبعد انسحاب القوات المشتركة التي يقودها العميد طارق محمد عبد الله صالح من بعض المديريات والمواقع في الحديدة دخل الى الخدمة مصطلح جديد في إطار تبرير ما حدث وهو ما اطلق عليه ( إعادة التموضع ) ثم جاء بيان التحالف ليؤكد على أن ما حدث من إعادة للتموضع في الحديدة والساحل الغربي جاء ضمن خطة التحالف لإعادة الانتشار ..
وفي ظل ما حدث ويحدث من إعادة الانتشار وإعادة التموضع العسكري وما يدور من جدل و ما يطرح من تحليلات وتطلق من تنبؤات وتوقعات حول حقيقة وطبيعة واهداف ( إعادة التموضع ) ، وفي ظل المستجدات العسكرية في الحديدة والساحل الغربي والتي جاءات عقب ( إعادة التموضع) والحديث عن انتقال بعض القوات المشتركة والمتمثلة ببعض قوات ألوية العمالقة من الساحل الغربي إلى مأرب للمشاركة في المواجهات مع المليشيات الحوثية والدفاع عن مأرب وايضا عن شبوة..
وكذلك ما حدث من تقدم للقوات المشتركة خلال الأيام الأخيرة الماضية في بعض المناطق والمواقع في الحديدة في حيس ومحيط الجراحي والسيطرة على مفرق العدين والتوغل نحو جبل رأس وغيرها من المناطق وكذلك الحديث عن تقدم القوات المشتركة غرب تعز بأتجاه البرح ومناطق أخرى في مديرية مقبنة...
في ظل كل ذلك وكل جرى وما يجري ، وفي ظل مشاعر الشارع المتأرجحة بين الخوف والرجاء و الترقب لما سوف تسفر عنه خطة إعادة الانتشار و( إعادة التموضع ) ..
في ظل هذه الأجواء. وهذه المتغيرات والمستجدات ما تزال قيادة وحكومة ومؤسسات اواحزاب لشرعية تعيش في حالة من الجمود و( التقوقع) بداية من قمة الهرم وحتى الشارع و القاعدة العريضة ..
ففي قمة هرم الشرعية تهيمن على مؤسسة الرئاسة حالة من الجمود والتقوقع المستمر في ( قوقعة ) ثلالقية الأبعاد وثلاثة مستويات من التقوقع بعضها فوق بعض ، وتتمثل أولها بالقوقعة الذاتية والمتعلقة بذات و بشخصية الرجل الاول ونائبه والعاملين معهم ومن حولهم وطاقمهم، وبقدراتههم وطبيعة تفكيرهم وطريقه وأسلوب عملهم..
بالإضافة لفتقادهم لروح المبادرة والتفاعل الإيجابي السريع مع الأحداث والمتغيرات على الأرض واتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب ،وبقوقعة الماضي التي ما زالت تأسرهم وبجلباب الماضي الذي لم يخرجوا منه ومازال يتقمصهم ..
وتتمثل القوقعة الثانية بمراكز القوى القديمة الجديدة و الحديدة القديمة وبالقوى الحزبية المهيمنة على مؤسسة الرئاسة..
اما القوقعة الثالثة فتتمثل بقوقعةالتحالف و بالقوقعة الفاخرة في الرياض ...
وفي ظل الظروف الحالية العسكرية والأمنية والاقتصادية والمعيشية فإن مؤسسة الرئاسة بحاجة ماسة ( لإعادة التموضع ) والخروج من حالة الجمود والتقوقع الثلاثي الابعاد وإجراء إصلاحات عاجلة لمؤسسة الرئاسة وإعادة ترتيب وضعها بما يتناسب مع الظروف الحالية ومتطلبات المرحلة الراهنة وإعادة التموضع على الارض وقيادة وإدارة المعركة الوطنية العسكرية والسياسية والاقتصادية والإدارية من على الأرض ومن داخل الوطن ..
والى جانب القوقعة الرئاسية و الرئيسيه في الرياض فإن هناك قواقع أخرى فرعية في ابو ظبي والقاهرة والدوحة وتركيا ...
و كما أن للرئاسة غربتها وقوقعتها فإن للحكومة أيضا قوقعتها الخاصة وتقوقعها الخاص ، ومثلها مثل الرئاسة تحتاج الحكومة أيضا للخروج من حالة القوقعة وأعادة التموضع ، ولن أخوض في الحديث عن قوقعة وتقوقع مجلسي النواب والشورى فحالها أدهى وأمر ..
وللاحزاب والقوى السياسية أيضا قواقعها وتقوقعها و تهيمن عليها أيضا حالة من الجمود والتقوقع التي تقبع فيها متخلية عن دورها السياسي والجماهيري ومستمرة في الغياب عن الشارع وعن هموم الشارع وقضايا الناس والمجتمع ومخلفة من وراءه غيابها وغربتها فراغا سياسيا كبيرا..
مما اتاح فرصة كبيرة، لمراكز القوى وللمكونات العسكرية وشبه العسكرية وللمليشيات والجماعات المسلحة وأصحاب المشاريع الصغيرة لملء هذا الفراغ بطريقتها الخاصة ، وهو ما يمثل اهم الاسباب لإنحراف البندقية والتحرك العشوائي للعضلات في ظل غياب للعقل السياسي وللدورر والفعل السياسي وللمشروع السياسي الوطني الجامع ..
ويأتي ذلك إلى جانب غياب اغلب قيادات الأحزاب السياسية واستقرارهم خارج الوطن في قواقعهم الخاصة في الرياض وأبو ظبي والدوحة ومسقط والقاهرة وتركيا ..
والملفت للنظر أن قواعد وأنصار الاحزاب السيلسية تنادي وتناشد الرئيس ونائبه و الحكومة ومسؤولي الشرعية وتدعوهم للعودة إلى أرض الوطن بينما قيادات اغلب الأحزاب تتوقع خارج الوطن..
فهل آن الأوان القيادات السياسية و للأحزاب والقوى السياسية لأن تخرج من حالة الجمود والتقوقع وتبادر إلى إعادة التموضع في الشارع وتستعيد ددورها السياسي والجماهيري والوطني قبل فوات الاوان ؟!
ولا يختلف حال النقابات والمنظمات المدنية عن حال القوى والأحزاب السياسية فالنقابات والمنظمات والاتحادات وبالذات التي تحولت الى مجرد حدائق خلفية لبعض الأحزاب والقوى السياسية تعيش حالة من السكون والتقوقع بعيدا عن هموم ومعاناة ومطالب منتسبيها ومن يفترض أنها تمثلهم ووجدت من أجلهم ومن أجل النظال والدفاع عن حقوقهم ، وفي غياب عن هموم وقضايا الشارع والناس والمجتمع بشكل عام ..
وكمحصلة لاحوال واوضاع وقوقعات الأحزاب والقوى السياسية، يتقوقع التحالف السياسي الوطني في قوقعته الديكورية المفرغة ،بلا هيكل وبلا روح وبلا مشروع وبلا فعل حقيقي وبلا فاعلية حقيقية وبلا دور حقيقي..
وحتى المبادرات الشعبية والمدنية والتكتلات والتجمعات والجبهات والملتقيات الشعبية والجماهيرية والمدنية والاجتماعية وشبه الاجتماعية أو الحزبية والعسكرية المصبوغة بصبغة اجتماعية أو مدنية فلها أيضا قوقعتها وتقوقعها..
فبعد فترة قصيرة من تأسيس واشهار مثل هذه التكتلات والجبهات والملتفيات والمسميات وبعد بعض تنفيذ بعض المسيرات والاحتفالات و المهرجانات والخطابات والبيانات والتصريحات والوعود والامنيات، وبعضها قد يكتفي (بببضة الديك ) بفاعلية أو مظاهرة ووقفة وببيان، ويكفي ، وسرعان ما تدخل في حالة من التقوقع والسبات ..
ومرورا ببقية الجوانب والمؤسسات التي لا يختلف حالها كثيرا ولكلا منها قوقعتها وتقوقعها، وصولا إلى الشارع و والى القاعدة الشعبية العريضة والتي تقبع في قواقعها الكنتونية المحاصرة وشبه المحاصرة من الداخل ومن الخارج ، وتهيمن عليها حالة من التيه والاغتراب وفقدان الثقة بالرئيس والنائب والحكومة وبالقيادات المدنية والعسكرية وبالمستشارين والنواب وبالنقابات والتكتلات والملتقيات والقوى السياسية والأحزاب..
في ظل تشضي وانقسام الشرعية ، و تغيب المشروع وغياب القيادة وفشل الإدارة وانهيار الاقتصاد ، و وطغيان العبث والفوضى وتفشي اللصوصية والفساد ، وفي ظل الحصار والحرب والموت والدماء والوباء والغلاء .. والتجويع والتخدير .....!!