11يوماً حسمت 13 عاماً من الحرب بسوريا .. خصوم الحوثي والتقاط "اللحظة المناسبة"

الاحد 15 ديسمبر 2024 - الساعة 12:19 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

 


مع مرور أسبوع على الزلزال الذي احدثه سقوط نظام بشار الأسد في سوريا بشكل درامي فاجئ الجميع ، لا يزال الجدل دائراً حول حقيقة ما جرى ، وكيف حُسم صراعاً دموي استمر في هذا البلد لـ 13 عاماً في 11 يوماً فقط.

 

ويتركز هذا الجدل تحديداً حول الأسباب التي تقف خلف انهيار نظام الأسد ولماذا تخلى حلفاء النظام عنه ، وما إذا كان ذلك باتفاق بين حلفاء النظام من جهة(روسيا وإيران) وخصومه من جهة أخرى (تركيا وامريكا وإسرائيل) وهي نظرية المؤامرة التي تلقى رواجاً لدى الشارع العربي.

 

وما يُعزز من رواج نظرية المؤامرة كان غياب أي مقاومة من قبل قوات الجيش السوري التابع للأسد ، والتي ظلت طيلة الأيام الـ 11 تنسحب تدريجياً من المدن السورية امام تقدم قوات المعارضة ما اظهر سقوط هذه المدن بما فيها العاصمة دمشق اشبه بعملية تسليم متفق عليها.

 

وما يهم في هذا الجدل هو تأثيرات ما حصل في سوريا على المشهد اليمني لوجود العامل المشترك بين البلدين وهو الدور الإيراني المساند للأسد هناك ولجماعة الحوثي هنا.

 

ما يجعل من الجدل هو حقيقة ما حصل في سوريا عاملاً هاماً للإجابة على سؤال : هل يمكن تكراره في اليمن ؟ وان ينجح خصوم الحوثي كما نجح خصوم الأسد ؟ ، أم ان الأمر بالأخير يظل خاضعاً لاتفاقات بين الدول الكبرى والمؤثرة وهي من ترسم الأحداث على الأرض وليس اللاعبين المحلين.

 

أي أن الإجابة على هذه التساؤلات يتطلب فهم ما حصل في سوريا ، هل كان اتفاقاً مرسوماً بين اللاعبين الكبار جرى تنفيذه ؟ ام أن الأمر كان بالحقيقة لحظة انهيار لنظام متهالك اجتمعت عدة عوامل ساهمت في الوصول لهذه اللحظة.

 

ومن خلال اهم ما تم الكشف عنه خلال الأيام الماضية من تقارير لوكالات أنباء دولية ووسائل إعلام غربية وروسية وتصريحات لمسئولين في كل من تركيا وإيران وروسيا وأمريكا ، يمكن رسم ملامح لصورة ما حصل وان الأمر كان خليطاً بين التخطيط والحدث غير المتوقع.

 

فلم يعد سراً ان الهجوم الذي شنته فصائل المعارضة انطلاقاً من إدلب بشمال سوريا جرى التخطيط له منذ أشهر وربما منذ عامين كما يقول تقرير لصحيفة بريطانية ، وبإشراف تركي مباشر ودور لخصوم الأسد وحلفاءه الروس والإيرانيين كأمريكا وحتى أوكرانيا التي ظهر دورها واضحاً بالطائرات المُسيرة "شاهين" ومثلت الورقة الرابحة لحسم المعركة لصالح المعارضة.

 

الا أن اختيار المعارضة المسلحة والتي جرى توحيدها من قبل تركيا بقيادة الفصيل الأكبر "هيئة تحرير الشام" لاسم الهجوم او العملية وهو "ردع العدوان" ، يكشف بوضوح أن هدف العملية كان محدوداً بتأمين مناطقها في ادلب التي كانت تتعرض للقصف بشكل مستمر منذ 6 سنوات من مواقع قوات الأسد والمليشيا الإيرانية في ريف حلب.

 

أي أن العملية لم يكن هدفها اسقاط نظام بشار ، بل كانت اشبه بورقة ضغط من قبل تركيا لإجبار الأسد على القبول بدعوات الرئيس التركي اردوغان له منذ نحو عامين للجلوس على طاولة الحوار وانهاء الصراع في سوريا، رغبة من انقرة للخروج من المستنقع السوري وعودة اللاجئين السوريين من تركيا الى بلادهم وهو الملف الذي ظلت تركيا تسعى لإغلاقه.

 

الا أن عناد ورفض الأسد للدعوات التركية استجابة لرغبات إيران اغضب حتى حليفه الروسي الذي أوصل له رسالة واضحة لأكثر من مرة بان انشغاله في الحرب بأوكرانيا يُصعب عليه استمرار دعمه في حالة تفجر الصراع من جديد في سوريا. 

 

وهو ما يُفسر احجام روسيا عن التدخل الجوي في اليوم الأول والثاني للهجوم نحو أدلب وهو الأمر الذي لو تم لكان المشهد اختلف تماماً، وهنا اشارت تقارير غربية بوجود اتفاق ضمني بين روسيا مع تركيا بعدم التدخل لتأديب الأسد وإجباره على الجلوس مع اردوغان.

 

الا أن ما حصل بعد ذلك كانت المفاجأة التي غيرت المشهد بشكل لم يتوقعه حتى المخططين للعملية ، وكانت الحادثة المفصلية هو القصف الذي تعرض له اجتماع ضم قيادات عسكرية سورية وأخرى من الحرس الثوري الإيراني في ريف حلب في اليوم الأول للمعركة.

 

فالقصف الذي تم بطائرة مُسيرة "شاهين" واسفر عن مقتل العميد كيومرث بور هاشمي المعروف بالحاج هاشم، أحد كبار المستشارين الإيرانيين، غير مسار المعركة ، حيث شعرت معها طهران بأن العملية أكبر من كونها ورقة ضغط تركية بل عملية أمريكية تهدف الى تصفية وجودها في سوريا بعد تصفية قيادة ذراعها الأهم في المنطقة وهو حزب الله في لبنان.

 

فكان القرار الإيراني المسارعة في الانسحاب من المعركة وسحب مليشيات إيران من جبهة ريف حلب التي كانت تتولى امرها ، وترك جيش الأسد وحيداً داخل المدينة الأكبر سكانناً في سوريا.

 

ومع مشهد الانسحاب الإيراني والموقف الروسي الصامت، كانت الصدمة مضاعفة في صفوف جيش الأسد داخل حلب ، الذي يعاني جنوده وضباطه من أوضاع مزرية عسكرياً حيث انهكته المعارك الداخلية على مدى 13 عاماً واقتصادياً برواتب متدنية جراء انهيار العملة السورية.

 

والى جانب شعور جيش الأسد بان معركته في حلب فاقدة للحاضنة الشعبية، كان القرار بالانسحاب وعدم المواجهة ،  ليكون سقوط المدينة بدون قتال القشة التي قصمت ظهر النظام والمفاجأة التي لم يُخطط لها القائمون على العمل العسكري.

 

ولكن المفاجأة لم توقف تقدم المعارضة – وهذا ما يُحسب لها – حيث أدركت انها الفرصة المناسبة لطي صفحة الأسد وتقدمت صوب حماة ليكون سقوطها النقطة الفاصلة التي أجبرت روسيا على التدخل وارغام إيران وعقد اتفاق مع تركيا في قطر لخروج الأسد من المشهد مقابل عدم المقاومة في دمشق وباقي المناطق.

 

ولا نغفل بالحديث عن ما جرى في سوريا ، التوقيت الذي اختارته المعارضة المسلحة – أو من خطط لها – لشن عملية "ردع العدوان" صبيحة بدء تنفيذ وقف إطلاق النار في لبنان ، حيث مثل الاتفاق لحظة انكسار مدوية لمشروع إيران في المنطقة العربية.

 

بل يمكن الجزم بأن هذا الاختيار كان أهم عامل في حسم الأمور في سوريا لصالح المعارضة ، وهو الدرس الأهم الذي يجب أن يعيه خصوم الحوثي ومشروع إيران في اليمن.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس